المجلس الثاني من شرح متن الغاية والتقريب | أ.د علي جمعة

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. تعلمنا أن الماء على أربعة أقسام: فهو طاهر مطهر لغيره غير مكروه الاستعمال وهو الماء المطلق، ومنه طاهر مطهر لغيره مكروه الاستعمال وهو ما كان مشمساً في المعدن، ويشترط في ذلك أن يكون في البلاد الحارة كالسودان والحجاز وليس في البلاد المعتدلة كمصر والشام
أو البلاد الباردة كأوروبا بما فيها تركيا، فلو أن في هذه البلاد وجدنا الماء دافئاً من أثر الشمس وهو كان في معدن فلا يكره عند الشافعية أن نتوضأ به وذلك لفقد الشرط، فشرط ذلك أن يكون في بلاد الحرب وبلاد. الحرب تبدأ من أسوان في مصر إلى الجنوب حتى تصل إلى خط الاستواء وهو منتصف الأرض، ثم بعد ذلك يأخذ في التغير إلى أن يشابه النصف الآخر النصف الفوقي
على ما هو محرر ومعلوم عند الناس، فينبغي أن يكون من ضوء الشمس لا من النار، وينبغي أن يكون في معدن. فإن كان في خشب أو في غير ذلك من المعادن أو في بناء وكان دافئاً فلا يكره، وأن يكون في بلاد الحر، فإذا كان الإقليم ليس حاراً فلا كراهية. والأصل في ذلك قول الإمام الشافعي في الأم: "وأنا لا أكرهه إلا أن يكون من جهة الطب"، فهو قد روى بالتمريض. عن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه قال وكان عمر يكرهه يكره الوضوء به وأنا لا أكرهه يعني
لم يأخذ بكلام سيدنا عمر على إطلاقه بل أخذه من جهة دون جهة وأنا أكره لا أكرهه إلا أن يكون من جهة الطب فتكلم العلماء أن جهة الطب تتم بهذه الشروط حتى يكون قد علا الماء ذهومه تضر بجلد الإنسان، وهناك طاهر في نفسه ليس مطهراً لغيره وهو الماء المستعمل، والذي خالطه كثير، أو والذي خالطه شيء من الطاهرات كالنبيذ. والنبيذ هنا هو الخشاف، يعني مياه وضعت فيها
تمراً ووضعت فيها تيناً ووضعت فيها كرزاً وقليلاً من الزبيب، فيسمى نبيذاً لأن بعض الجاهلون عندما رأوا حديث عائشة أن رسول الله قد شرب النبيذ ظنوه تلك الخمر والعياذ بالله تعالى، والجهل لا نهاية له ولا حد له. النبيذ هو ما نُبذ فيه تلك التمرة الطاهرة، قال: "ماء طاهر وتمرة طهور"، يعني لم يحدث أن النبيذ في لغة العرب هو الخمر أبداً، هذا. كلامٌ ترجمناهُ من كلمة "وين" يعني "أين". يعني يقولُ لك "نبيذ"، "نبيذ"، حسناً. لكن سيدنا عندما
يأتي، وهذا من خلل اللغة، شَرِبَ النبيذ، يعني ماذا فعل؟ شَرِبَ الخشاف الذي نسميه باللغة التركية "خشاف". وهناك ماء نجس إذا أصاب البدن وجب إزالته بالماء الطاهر المطهر، وإذا أصاب الثوب يجب علينا. أن نطهره أيضاً شأنه شأن النجاسة، فهناك طاهر ونجس، والطاهر والنجس بأمر الله، فالله وحده هو الذي حكم على هذا بأنه نجس وحكم على ذاك بأنه طاهر، وليس هو استقذاراً
من البشر، لأن الاستقذار لا يوجب النجاسة. النجاسة شيء جعله الله هكذا، وقد يتفق المجتهدون في فهم النصوص فيجعلون شيئاً ما نجساً وقد يختلفون فيختلفوا في نجاسة من طهارة هذا الشيء، فالخارج من مأكول اللحم نجس عند بعضهم طاهر عند الآخرين، هذا الخارج يرى من رأى أنه نجس
أنه تحول من شيء إلى شيء، من الطعام إلى هذا الخارج فهو نجس، وهذا مذهب الشافعية، فالخارج من البقر ومن الغنم ومن الإبل ومن سائر الحيوانات نجس لأنه خارج قد تحول من حال الطهارة التي كانت قائمة بالطعام إلى حال النجاسة التي تكون قائمة بالخارج، لكن الإمام مالك قال: لا، هذا مأكول اللحم وكله حي طاهر، لماذا تضيقها؟ فيكون هذا طاهر عنده. الإنسان يحاول أن
يحافظ على البيئة وأن يكون. راشدًا كما أمره الله سبحانه وتعالى في الاستهلاك والإنفاق، قال تعالى: "وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ". فمن أجل هذا تعلَّم الإنسان الرشادة، "وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا". علَّمنا الرشادة، ومن أجل هذا يتبع البشر تعليم الله لهم، واتقوا الله. ويعلمكم الله كيف يستفيدون من ذلك الخارج من الحيوان فجعلوه
سماداً للأرض لما جربوه ووجدوه نافعاً لما فيه من مواد عضوية ولما فيه من بقايا للطعام ولما فيه من تركيب، جربوه فوجدوه سماداً طبيعياً يفيد الزرع ويفيد الأرض، يعطي الأرض قوة ويعطي الزرع قوة، فاختلف فقهاء الشافعية مع المالكية في بيعه لأن من شرط المبيع أن يكون طاهراً واتفق الجميع أنه نافع. ستقول نجس؟
ستقول طاهر؟ هو نافع. الواقع هكذا أنه نافع. لا تكن مثل هؤلاء الصبية الذين يستحقون الضرب بالحذاء القديم. يعني انظروا إلى حذاء قديم، هؤلاء يتدربون. يقول لك: أليس حراماً؟ ويصنع بيده هكذا. إذاً... إذا كان نجساً فهو محرم، حرام أن تستعمله. نعم، فعندما - معذرةً - تفزع، تخلع النعل الذي في رجلك وتجري وراءه وتضربه على رأسه حتى يقول: "تبنا إلى الله، تبنا"، وهكذا. نعم، هو نجس لكنه نافع. يعني حضرتك
تستحل النجاسة؟ وسنبدأ الآن في... أهم شيء هو ما أقوله لك الآن. طيب فماذا نفعل في الخارج من الحيوان، أأبيعه أم لا بد أن يكون مباحًا متاحًا بلا ثمن؟ النجاسة لا ثمن لها ولا يجوز إيقاع البيع عليها عند الشافعية، وهذا الشيء طاهر عند المالكية. ماذا نفعل؟ هذا البلد كله هكذا، ستصبح ملكية ونحن شافعية، نقول هكذا يعني أنا شافعي. حييت، فإن مت ففي وصيتي للناس أن يتشفعوا، قال
علماء الشافعية الأبرار: يتم التبادل ليس تحت عنوان البيان وفي مقابل، ويُسمى برفع اليد عن الاختصاص. لدي حظيرة فيها حيوانات كثيرة، والخارج منها يُصنع سماداً، وأنا أعلم أنه نجس، فتأتيني وتقول لي: عندك ربع طن سماد بلدي، فأقول. له، نعم، عندي، يقول لي: "حسناً، أحضرهم لأنك شافعي ولا تأخذ مالاً مقابلها".
فنظرت إلى الأمر هكذا وأنا غير قادر. فذهبنا إلى الشيخ وقلنا له: "يا مولانا، أليس هناك مخرج من هذه الورطة؟ أنا غير قادر. إنه سيأخذه وسيوفر لنفسه مئتين وخمسين ألف جنيه، يعني هكذا أرى حاجتي وهي تفيده". ولا أقول لا لأني شافعي. قال له: لا، أنت تريد فيهم كم؟ قال له: أقول لحضرتك مائتين وخمسين ألف جنيه. قال له: اذهب وقل له أعطِ مائتين وخمسين ألف جنيه حتى أرفع يدي عن
الاختصاص بهذه الأشياء. لماذا هذه الأشياء خاصتي؟ أعطِ مائتين وخمسين وأنا أدير وجهي إلى الناحية الأخرى. فأنت خُذ الشيء وأحضر سيارتك، قمت بتربيتك وتأخذها. قلت له: طيب يا مولانا، ما الفرق بين هذه وبين البيع؟ في البيع الأموال أصبحت في جيبي والسمات أصبحت عنده، وهنا الأموال أصبحت في جيبي والسمات عنده، ما الفرق؟ قال: الفرق يا بنية في الهلاك. قلت له: ماذا تعني بالهلاك؟ هلاك. ماذا؟ قال له: هلاك هذه المادة. أنت اتفقت
معي يوم الجمعة وعلى الساعة الثانية أتحتها له. قلت له: حسناً، إليك مفتاح المخزن، تعال وخذها في أي وقت يوم الجمعة. نعم، فمر السبت ومر الأحد، وبعد غد يوم الثلاثاء. فجاءني يوم الثلاثاء فوجدها قد احترقت، وجدها قد احترقت. لو كان هذا بيعاً. أنا الذي أتحمله يا صاحبها إذا كان هذا رفع يد عن الاختصاص، أنت الذي ستتحمله يا مشترٍ، يا آخذ، يا مستفيد. لن نسميه مشترياً بعد الآن، فهو ليس بيعاً وشراءً. سنسميه مالكاً، لن
نسميه مالكاً لأن النجاسة لا تُملك، سنسميه مختصاً ومستفيداً، وما الفرق في هذه الصورة؟ ليس... فرِّق في كل شيء ولا تفرق في هذه الصورة. إذا كان هذا بعيباً فضمانه على البائع، وإذا كان هذا رفع يداً عن الاختصاص فيكون في ضمان المستفيد. والله إن لها أثراً، وما دام لها أثر فالكلام صحيح وليس احتيالاً لفظياً. نحن لا نبتدع الشريعة، نحن نحقق مصالح الناس. هل هذه فيها منفعة أم لا؟ هل هي نجسة أم ليست نجسة؟ هل أريد تبادلها أم
لا أريد تبادلها؟ فيتم التبادل تحت عنوان رفع اليد عن الاختصاص، أي أن هذا الشيء يخصني لكنني سأرفع يدي وأتنازل عنه وأتيحه لك حتى تستفيد، فتعمر الأرض ونصل إلى الرشاد. جاء خاطر في بالي فقلت. طبعاً يا رب عندما تكون نجسة، لماذا تُحرقها؟ إنك لست رشيداً لأنك تركت ما يفيد الأرض والزرع وتستفيد أنت منه أيضاً بالمال الذي أعطاك إياه. فإذا كان هذا موطن إفادة، فإن حرقها وإشعالها
ورميها في الصحراء أو دفنها يُعد عدم رشادة يأمرنا بها الشرع؟ لا، بل الشرع يأمرنا بالرشادة إذن. إذا هذا الذي معي هو نجس فعلاً ولكن يتبادل تحت عنوان رفع اليد عن الاختصار. عرفنا هذا من خلال المياه أنَّ منها طاهر مطهر غير مكروه، ومنها طاهر مطهر مكروه، ومنها طاهر دون أن يكون مطهراً لغيره، ومنها ما هو متنجس. الأدق الآن، لأنه ليس نجساً، بل هو أصابته [النجاسة]. النجاسة فهو
متنجس، التاء لها فوائد في لغة العرب من ضمنها الطلب. كان هذا الماء بعد وقوع النجاسة فيه طلبها لنفسه حتى تكون اسماً له، فأصبح الكلام: متى متنجس؟ في هذا النحو. فالتاء في لغة العرب تأتي لأمور كثيرة: تأتي لبيان المصدر، وتأتي للطلب، وتأتي لسلب الفعل، فيصير لها معنى. معنى أن نضع له تاءً، ليس أن
تطلبه بل تسلبه، أي عكس الآية. الطلب يكون تطلبه، أي إدخال، لكن تسلبه يكون إخراج. أو أنتم تعرفون الإخراج من الإدخال. فكروا يعني أن هذا يأتي هكذا وهذا يذهب هكذا. هذا هو الخاص بالسلب. سأجد فعلاً اسمه "هجد"، لا أعرف ماذا يعني "هجد" هذه، فذهبت وفتحت القاموس فوجدت. هَجَدَ يعني نام، هَجَدَ نام، ونوم الظالم أيضاً عبادة. هو نام، طيب "تَهَجَّدَ" يصبح
طلب النوم، أليس قلنا إنه للطلب؟ قال: لا، هنا ليس للطلب، لا، هذه مسألة أخرى، انتبه، هذا للسلب. فإذاً "تَهَجَّدَ" ما معناه؟ ترك، سلب، يعني ترك النوم. فأصبحت ماذا؟ أصبحت صلاة التهجد يرحمكم الله. أي لا تنم، قم وافتح عينيك لتصلي ركعتين. فالتاء هنا لماذا؟ للسلب. والتاء في الأولى للطلب. "تنجس" للطلب، "تهجد" للسلب، "تحنث"... والحنث ماذا يعني؟ يعني الإخلاف في يمينه.
هل هذا أمر جيد أم سيئ عندما تحلف وتتراجع عن يمينك؟ لا، إنه أمر سلبي، شيء سيئ. وتحنث، تحنث يعني ترك ذلك، فيكون سلبه. أي تأثم، فأخبر بها معاذ تأثماً. يعني معاذ قالها لكي يبتعد عن الإثم حتى لا يحاسبه الله يوم القيامة، وليس قالها لكي يطلب الإثم حتى يحاسبه الله يوم القيامة. فيكون لكي لا يحاسبه الله. إذن "تأثم" تعني ماذا؟ تعني ترك الإثم، ترك الإثم، ترك. الإثم
يكون هنا نسميها ماذا؟ تاء السلم. فعندما نقول "توحيد" يكون ذلك للمصدر، و"تنجسة" تكون للطلب، و"تحنث"، "تحنف". ما معنى "حنف"؟ "حنف" يعني مال هكذا، هو شيء مستقيم هكذا، "حنف" يعني مال هكذا، والأحنف رجلاه متقوستان هكذا، لا يستطيع أن يلعب كرة، أو يكون جيداً جداً في لعب الكرة. ولا مرة هؤلاء لأنه في شالة الأطفال بخفة هكذا هو طيب وتحنّف يعني استقام استقامة ليس لها حل، تحنّف
تكون هذه سلب مباشرة وهكذا. فعرفنا الأربعة هؤلاء الذين للمياه، إذن نحن سنذهب الآن قال لكي نتوضأ. قبل أن نتوضأ يريد هو أن يقول لك بعض الأشياء، فصل وساعات. أناس كهؤلاء يتشددون ويتصلبون، أي يقول لك: وصل إلى هنا وقال لا أريد، يعني شيء يُفصل من شيء آخر. لا، هو هو فصل، جملة مختصة من العلم تحتها مسائل. طيب، والباب جملة مختصة من العلم تحتها فصول. عندما نأتي لنختبرك
في الاختبار الشفوي نقول لك: عرّف الباب، فتقول: الباب هو الباب الذي هو... لماذا بابان فقط؟ نحن عندنا في المسجد ثلاثة أبواب. ثم يُسقطونك، وتقول: لقد أجبت، فلماذا أسقطوني؟ إنه أمر مغيظ. لقد أسقطوك لأنك جاهل، أنت لا تعرف. حسناً، ماذا أفعل لأخرج من هذه الجهالة؟ تحفظ. فاحفظ، فكل حافظ إمام. ما هو الباب؟ جملة مختصة من العلم، أي قدر من العلم تندرج تحته فصول. ما هو الفصل؟ هو جملة مختصة من العلم تحته مسائل. وما هي المسألة؟ مطلوب خبري يُبرهن عنه في العلم بدليل. مطلوب خبري وليس إنشائي، يُبرهن
عنه في العلم بدليل، أي جملة مفيدة، يعني: الشجرات مورقة، والنار محرقة، والشمس مشرقة، والماء مغرق. جملة مفيدة، يعني الأمر ليس صعباً. فما الذي استصعبه عقلك؟ عقلك هو الذي استصعب الأمر. أول عائق يعترضك، عقلك مصمم أن الباب هو الباب الذي تعرفه في بيتكم. أنت غير راضٍ أن تتعلم. قالوا للإمام علي: "ما أصعب شيء عليك يا إمام؟" قال: "أن تُفهِم من لا يفهم". أن تُفهِم من لا يفهم. طبعاً ليس أنتم، فأنتم تفهمون. بسرعة ها هو فصل،
وجلود الميتة تطهر بالدباغ. ذبح معزة أو خروف وبعد ذلك أصبح لدي الفروة الخاصة به، فأقوم بدباغتها. والدباغ هذا يحولها من كونها نجسة إلى كونها طاهرة، هذا عندما تموت. أما المذبوحة المذكاة، فالجلد الخاص بها طاهر. يعني أنا جئت في عيد الأضحى وذبحت وقلت بسم الله، فهذه الفروة طاهرة إذن. ما هي الفروة التي ليست طاهرة؟ عندما يموت الخروف وتخرج
روحه ويموت دون ذبحه، هل يجوز أكل الميتة؟ لا يجوز لأنها نجسة. هل يجوز استعمال هذا الجلد بعد الدباغة؟ قبل الدباغة لا. كيف ندبغه؟ بكل حرفية، نحضر بعض الفلفل الحار ونضعه عليه، فتخرج الرطوبات الخاصة به ويصبح شيئاً جميلاً جداً أو... نُودِي في عين الصيرة عند الأطفال الذين يذبحون ويشمون رائحة مُؤذية هناك في عين الصيرة، لكن نقلوهم الآن ولا أعرف أين وضعوهم. تذهب لتُسلِّم الشيء، لكن ما تُسلِّمه هذا مُذكَّى. هذا أنت من أجل النظافة فقط، لكننا نريد خروفاً
ميتاً فيكون نجساً، أما الخروف الذي سنذبحه. في عيد الأضحى هذا، طه، يعني لو لم أذهب إلى هناك ولم أدبغها فلا يحدث شيء، لا يحدث شيء، لكن رائحتها سيئة، لكنها طاهرة. فنضع الحريف، بعض الفلفل الحار، بعض الملح، بعض البهارات التي لا أعرفها، ثم يسحب هذا الشيء. إذاً جلود الميتة - ليست المذبوحة - جلود الميتة التي ماتت موتة ربانية. هذه تطهر بالدباغ، ومعنى تطهر بالدباغ أنها لم تكن طاهرة
وأنها نجسة إلا جلد الكلب والخنزير. الشافعي عنده رضي الله تعالى عنه وأرضاه أن الكلب والخنزير أنجاس أولاد أنجاس أحياءً وأمواتاً. سيدنا الإمام مالك قال كله حي طاهر، فالكلب هذا الكلب "لولو" وغيره مما لا أعرف ماهيته إذا ابتلاك الله به. إن النساء يحببن الكلب (لولو) ليكون تقليدياً معك دائماً. لا شأن لك بالشافعي، لأن عند الشافعي الكلب (لولو) والكلب (وولف) والبلدوج، كلها نجسة. جنس الكلاب
نجس، رأسه وعظمه وجلده ولحمه، كل شيء فيه نجس. هكذا هو والكلب كذلك. قلنا له: يا سيدنا الإمام الشافعي، من أين أتيت بهذا الكلام إذا كان شيخك الذي هو مالك ماذا يعني، يقول غير ذلك؟ قال إنه يستشهد بقول النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبعاً، إحداهن بالتراب". حسناً، لنفترض أنك غسلته مرة واحدة، فلن تكون قد فعلت ما طُلب منك شرعاً. حسناً، مرتين؟
كذلك أيضاً. حسناً، ستة مرات؟ كذلك. لابد من سبع غسلات وليس ست. وواحدة تراب أو سبعة وواحدة تراب، هذه رواية وهذه رواية. قال فيقول إن سيدنا قال هكذا لأن الكلب هذا يعني أنه نجس جداً، ليس نجساً فحسب بل نجس جداً. قلنا له طبعاً سيدنا الإمام الشافعي، يعني ما لسيدنا الإمام؟ هذا شيخك يعني اخترعها من عقله هكذا. قال اسألوه اذهب. اسألوه، حسناً، لماذا سأكون أنا؟ ها أنا ذا، وها هو الحديث، وأرى أن معناه هكذا. ذهبنا
وسألنا الإمام مالك: "تعال يا سيدنا الإمام مالك، لماذا تقول هكذا؟" قالوا: "ألا تتذكرون أن هذا الكلب يكون كلب صيد؟" قلنا له: "نتذكر، وكلمة 'مُكَلَّب' و'مُكَلِّبِين' هي التي في القرآن في الصيد." أصيد الحاجة وأهيج عليها الكلب كي يذهب ويحضرها حتى لا أتعب نفسي. وقد أباح الله لي وجود الكلب معي. قال: لو كان الكلب نجساً، وهو أشد الحيوانات التصاقاً بصاحبه، لكان الشرع أمرني بألا أصلي إلا بعد أن أخلع ملابس الصيد، وحذرني من
أن آخذ ما في فم الكلب. الكلب أحضر الطائر. إذاً، احذر أن تأكله إذا غسلته سبع مرات إحداهن بالتراب، لأنه يكون في اللعاب واللعاب قابض على الشيء وجاء له. فربنا لم يقل هكذا ولا الرسول أمرنا بهذا، فمن أين تأتي النجاسة؟ كل حي طاهر، فالكلب طاهر. قلنا له: حسناً يا سيدنا، اسمح لنا كي نفهم، ماذا قال سيدنا إذاً؟ هكذا لماذا؟ ها هو قال إذا ولَغَ، قال هو إذا ولَغَ. وإذا جاء بجانبك الكلب، قلت له: لا، بالقول الصريح المريح. إذا ولَغَ
قال: يوجد شيء نحن لا نعرفه في هذه القصة، الأمر تعبُّدي، سنطيع ونقول: حاضر. إذا ولَغَ الكلب في إناء أحدنا. أنا يا مالك. سأغسله سبعاً إحداهن بالتراب كما أمرني سيدنا. لماذا طاعة هكذا؟ أما لأن هناك علة أنا لا أعرف ما هي هذه العلة لأن بقية المنظومة لم تخبرني بذلك. فأصبح هناك كلب حراسة وكلب غنم وكلب زرع وكلب صيد وكلب مرافق موجود في سورة الكهف باسط ذراعيه بالوصيد.
لو اطلعت عليهم لوليت منهم فرارا ولملئت منهم رعبا، هذه قصة حظهم، وإذا كانوا ماتوا أو ناموا، نام معهم ثلاثمائة وتسع سنين، وبعد ذلك تقول لي نجس؟ كيف يكون نجساً؟ كيف يكون نجساً؟ قلت له: طيب، يعني أنت لا تنكر الحديث؟ قال لي: لا، لا أنكره. وتعمل به؟ قال: لا أعمل به. لكنني أفهمه فهماً آخر وهو أن هذا تعبُّد. مضت أيام وجاءت أيام، وزالت دول وجاءت دول، ثم اكتشفوا أن لعاب الكلب فيه ميكروب لا يمكن التخلص منه إلا بالتراب، إذ يتحوصل على نفسه ولا تستطيع القضاء عليه إلا بالتراب.
إذاً، إذا فهمنا التعبد الذي ذكره الإمام مالك على أنه يحتوي إجابة على هذا. فعند الشافعي إلا جلد الكلب والخنزير وما تولد منهما أو من أحدهما مع حيوان طاهر، وهنا يقول علماء الأحياء أنه لابد أن يكون هناك توافق بين الخنزير وبين ما سيتزاوج معه من الحيوان الطاهر في الكروموسومات الخاصة بالجينات، وإلا لن يحدث حمل أصلاً ما بين الخنزير وبين هذا الحيوان أو بين الكلب. وبين هذا الحيوان، طيب هل الخنزير يمكن أن يتزوج كلبة أو الكلب يمكن أن
يتزوج خنزيرة؟ أظن في عالم الحيوان لا يكون. إذن هنا أراد أن يضع طالب العلم يده على علة الشافعية وليس على حقيقة الواقع، فلا يوجد كلب وخنزير هذا من صنف وذاك من صنف تزوجا وأنجبا. لم يحدث، ولكن هنا يقول ماذا؟ افترض أنه حدث. أخرجوا لنا الخاصين بالأطفال المختصين بالاستنساخ، ووضعوا هذا على هذا، وفعلوا كذا. لو فعلوا كذا، فنعم، أو ما تولد منهما أو من أحدهما مع حيوان. حسناً، فهذه صور: كلب تزوج كلباً، خنزير
مع خنزير، كلب مع خنزيرة. مع كلب، كلب مع طاهر، خنزير مع طاهر، كله خطأ، كله نجاسة. إذاً هذا ماذا يسمونه؟ يسمونه في الفقه التابعة، فتكون الخلفة الجديدة هذه تابعة. الكلب والخنزير نجسان، فيكون أولادهما من أي جهة بنجاستهما. حسناً، هذا التابع طردناه. هكذا خنزير تزوج خروفة وأنجب، فلا يصح أن أضحي.
به ولا يجوز أكله لأنه تابع للخنزير. نعم، يتبع أخس الأمرين. هنا طاهر ونجس، فيتبع النجس لأنه أخس الأمرين. في الأكل يتبع أخس الأمرين. وفي النسب، أعلى الدينين. افترض أن بنتًا مسلمة تزوجت غير مسلم وأنجبت طفلين، ثم جئنا وقلنا لها: يا بنت الحلال، هذا خطأ والذي أنتِ فعلتِ ذلك وهذا غير صحيح، والدين يقول غير ذلك. المسلمة لا تتزوج إلا مسلماً. قالت لي: تبنا إلى الله. حسناً، والأطفال الذين أنجبتهم، هل يُحسبون على الإسلام؟ إذن لا يُحسبون على الأب كما ننسب الناس لأبيه، بل
يُحسبون على الإسلام. فالتابع له أحكامه وما تولَّد منهما أو... من أحدهما يعني مع حيوان، طاهر، وعظم الميتة وشعرها نجس إلا الآدمي. كل الموتى عند الشافعية نجس إلا الآدمي فهو طاهر لأنه "ولقد كرمنا بني آدم". هذا هو السبب، فربنا كرمنا أحياءً وأمواتاً. فيا رب أنزل في قلوبنا حمد تكريمك لنا، نفعنا الله سبحانه وتعالى بما علمنا، وأنزل السكينة في قلوبنا وهيا. لنا من أمرنا رشدًا
وجمعنا على الحق في الدنيا والآخرة، فاللهم يا ربنا بلغ بنا دينك لمن بعدنا بصورة لافتة للنظر تحبب الناس فيك وفي رسولك وفي دينك، واصرف عنا السوء بما شئت وأن شئت وكيف شئت، إنك على ذلك قدير وبالإجابة جدير، يا رب احشرنا تحت لواء نبيك يوم. القيامة واسقنا من يده الشريفة شربة ماء لا نظمأ بعدها أبداً ثم أدخلنا الجنة من غير حساب ولا سابقة عقاب ولا عتاب. نحن في حاجة إلى رحمتك ولست في حاجة إلى مؤاخذتنا، فاعف عنا بعفوك وارحمنا برحمتك وارض عنا برضاك وكن لنا ولا تكن علينا،
فارحم حينا وميتنا وحاضرنا وغائبنا. وارزقنا رزقًا واسعًا وعلمًا نافعًا وقلبًا خاشعًا وعينًا من خشيتك دامعةً ونفسًا قانعةً وشفاءً من كل داء.