المجلس الثاني والعشرون من شرح متن الغاية والتقريب | أ د علي جمعة

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه السلام عليكم ورحمة الله وبركاته قال المصنف رحمه الله تعالى ونفعنا الله بعلومه في الدارين آمين فصل وأركان الصلاة ثمانية عشرة ركنا فإذا عد أركان الصلاة عند الشافعية ثمانية عشر ثمانية عشر النية فلو
صلّى أحدنا بلا نيّة فصلاته باطلة، والنية تُميّز الفرضَ من النفل. يعني أنت ستصلي أربع ركعات، لكن هل هي ركعات الظهر أم نافلة لوجه الله أم ماذا؟ النية هي التي ستحدد ذلك. والوقت كذلك: هل ستصلي أربع ركعات للظهر أم للعصر؟ والنية لا بد أن يكون المنوي مثلها، يعني أنت تنوي. أربعة تصلي أربعة لا تختصرها، يعني لا تقم بتقصير الصلاة وتصلي ركعتين فقط. ونكتفي بأن نصلي الركعتين فيما بعد. هذا غير جائز، إذ
لا بد أن تتوافق النية مع المنوي، والنية محلها القلب. وقد اعتاد كثير من الناس في الشرق والغرب أن يستحضروا نية القلب التي هي الأساس بأن يتلفظوا بها، واستحسن العلماء ذلك حتى لا تتشتت. بالوسواس أو بالشك فتقول نويت صلاة الظهر مثلاً، يعني الذي في قلبي أنني سأصلي الآن صلاة الظهر، وأحياناً كان أيضاً لكي يقول أربع ركعات أداءً، يعني ليست قضاءً ولا غير ذلك. الأفضل ألا تقول ذلك لأن النية محلها القلب وصلاتك صحيحة، والركن الذي
هو ركن من أركان. الصلاة محلها القلب. قال: طيب، ولو قلت خلاف ما في القلب على سبيل الخطأ، يعني أنا أريد أن أصلي الظهر، فقلت: أصلي الظهر ثلاث ركعات لله رب العالمين، وأنا ناوٍ أربعة، لساني بدلاً من أن ينطق بكلمة أربعة نطق بكلمة ثلاثة، فلا شيء في ذلك، لأن هذا الكلام ليس هو النية. التي هي الركن الأقوى الذي في القلب. بالله، لو قلت في صلاة المغرب: نويت
صلاة الظهر، وفي قلبي أنها المغرب ثلاث ركعات، سأصلي ثلاثاً الآن ولا يحدث شيء، لأن العبرة بما في القلب. هذا يعني أنها مجرد معونة لما في القلب، فاللسان هذا معونة فقط لما في القلب. الأصل هو ما في القلب، لكن إذا جئت في الظهر والدنيا هكذا شكلها مغرب، كان هناك سحابة أو شيء يخفي الشمس، فأنا أنظر هكذا كأنني تلبست بوقت المغرب ونحن في الظهر، فقلت: نويت في قلبي صلاة المغرب ودخلت في
الصلاة على أساس أنها المغرب، وبعد ذلك اتضح أنه ماذا؟ هذا... هذا... نحن في الظهر وليس في المغرب، وأنا أسجد رأيت الساعة فقلت: الله! نحن في الظهر يا فتى. إذاً الصلاة باطلة، نخرج من الصلاة ونعيدها مرة أخرى. قال لي: لكنني أديت الثلاث ركعات، أليست خسارة؟ لا، ليست خسارة أن تؤدي الأربع ركعات التي فرضها الله عليك حتى توافق النية المنوي. لأن النية التي محلها القلب هي الأساس، فالكلام هذا لا ينفعنا. حسناً، أليس هو يصلي وحده ركعة رابعة وانتهى؟ لماذا تضيعها على المسلمين؟ لماذا يضيعونها عليك؟ لا،
هذا لا يصح لأن النية لم توافق المنوي، وبذلك نكون نخلط الأمور، والصلاة لا تحتمل الخلط. إذن، الركن الأول هو النية، وهي واجبة. أن تكون موافقة للنية والقيام مع القدرة. القيام يكون أن أقف "وقوموا لله قانتين"، يعني لابد أن يكون هذا القيام ركناً من الأركان إلا إذا كان هناك عجز. فإن كنت غير قادر على القيام، كلما وقفت أصابتني الدوخة، لماذا؟ لأن لدي مشكلة في الأذن الوسطى. الأذن الوسطى هذه تجعلك تشعر بالدوار هكذا، كأنك في دوامة. لا
أستطيع، سأجلس. لا، اجلس إذن. يجب أن تجلس وتصلي وأنت جالس، أو في حالة العجز أو المرض إلى آخر ما هنالك. المهم أن تكون هناك قدرة على القيام. ما دام هناك قدرة، فالقيام ركن من أركان الصلاة. إذن النية التي في القلب هي التي ينبغي أن توافق المنوي وبدؤها وزمانها مع... أولُ المنويِّ، أولُ المنويِّ الذي هو ماذا؟ الله أكبر. الهمزة من "الله أكبر"، ألسنا نقول: "آه، آه"؟ همزة ماذا؟ آه، "الله أكبر". هكذا. لابد أن تكون النية موجودة،
فتكون إذن النية مع أول الفعل الذي هو ماذا؟ أول الفعل: الهمزة من لفظ الجلالة "الله". حسناً، أنا شارد الذهن. "الله أكبر" وتذكرت. تذكرتُ متى إن شاء الله؟ قلتُ "بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين". وأصبحتُ أتساءل: ماذا أفعل وأنا أصلي؟ إذا كنتُ لا أعرف فهذا غير مقبول، لأن النية لا بد أن تكون مع بداية الفعل. أول رشة ماء على وجهي تكون مصحوبة بنية الوضوء في الاغتسال. معها نية الاغتسال في الصلاة، معها نية الصلاة التي تقوم بالتمييز، النية والقيام عند القدرة.
لم ندخل بعد في البداية، ما هي البداية؟ التكبير لازم، وتكبيرة الإحرام. هذا الشيخ فاهم، هذا صحيح، نعم. وتكبيرة الإحرام، وتكبيرة الإحرام "الله أكبر"، ولذلك سميت تكبيرة، وسميت بالإحرام لأنها تحرم. الكلام فيما بعدها بعد أن كان مباحاً فيما قبلها فهي تكبيرة الإحرام. يبقى إذاً القيام مع القدرة والنية ومحلها أول الفعل وهو تكبيرة الإحرام.
أصبحنا ثلاثة من ثمانية عشر لم ننتهِ بعد، وهكذا دخلنا في الصلاة. إن تكبيرة الإحرام تعني منعك من الكلام، والفاتحة وقراءة الفاتحة هذا هو الرقم أربعة، وذلك بسبب الخلاف. الذي بيننا وبين الناس قال: وبسم الله الرحمن الرحيم، آية منها تنتبه لها لأن في بعض المذاهب أخذت بحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يبدأ بالحمد لله رب العالمين، كان يبدأ بالحمد لله رب العالمين،
يعني في الصلاة يكبر وبعد ذلك يدخل في الفاتحة فيقول ماذا؟ الحمد لله رب. العالمين حديث صحيح وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان أغلب ما كان يقرأ في المدينة برواية نافع التي سميناها فيما بعد رواية نافع. نافع هذا جاء لاحقاً، يعني النبي لم يره. النبي هو الذي كان يتنزل عليه القرآن، فنزل عليه القرآن بعشر قراءات من ضمنهم واحدة الإمام. أصبح نافع إماماً كبيراً فيها، فسمينا هذه الطريقة قراءة نافع. وهناك شخص آخر اسمه عاصم، فسمينا طريقته قراءة عاصم. وهناك قراءة أبي عمرو، وقراءة ابن عامر، وقراءة الكسائي،
وقراءة حمزة. كل هؤلاء أئمة، ولكل واحد منهم طريقة في الأداء علّمها رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه. وهناك أيضاً قراءة ورش. عن نافع ورش المصري هنا الخاص بنا نحن أي الجميل، معنى ورش قراءة نافع ليس فيها بسملة، الفاتحة من غير بسملة. قراءة عاصم فيها بسملة، فإذا الإمام الشافعي اختار التي فيها بسملة التي هي خاصة بسيدنا عاصم، والإمام مالك وأبو حنيفة اختاروا التي ليست فيها بسملة التي هي قراءة نافع. فلأن النبي
كان أكثر قراءته قراءة نافع فيما بعد الذي هو إمام أهل المدينة بعد ذلك، كان نافع هذا إمام أهل المدينة، كان مع الإمام مالك في وقت واحد، ووالي المدينة اسمه يشبه فيما بعد الخليفة، اسمه أبو جعفر المنصور، فأصبح والي المدينة اسمه أبو جعفر، والخليفة اسمه أبو جعفر والناس تختلط في الاثنين، فأبو جعفر هذا قال لسيدنا الإمام مالك: "أرى أن الرجل الكبير هذا، هذا، هذا، هذا حجة الله، هذا رجل كبير جداً. نافع هذا أرى أن نجعله إماماً للمسجد، وليس هناك من سيقود
المسلمين في المسجد النبوي أفضل من نافع هذا". نافع يا أبي، ما هذا؟ أنت تتكلم. كيف أصبح إماماً؟ قال له مَلِك: "وأنا لا أرى هذا". قال له: "لماذا؟". قال له: "لعله تبدر منه بادرة وهو في المحراب، فيحملها الناس خلفه على أنها قراءة". فالإمام نافع ليس معصوماً، وقد يطرأ عليه النسيان أيضاً. وافترض أنه أخطأ، فإن الناس لن تقول إنه أخطأ، بل ستقول هذه قراءة لو أخطأ. ماذا سيفعل؟ لن يُخطّئوه، فهو نفسه مصدر القراءة، فكيف نُخطّئه؟ فأنا أقسم بالله العلي العظيم أنني سمعت نافعاً بأذني يقول الآية هكذا. وهو بشر، يعني لا يصح، لكن عندما يكون جالساً، حتى لو
أخطأ، يعود ليقول: "لا، انتظر، ما هذا؟ هذه خطأ". قولوا، قولوا. قولوا قولوا يصبح إذًا انظر عندما نوَّر الله قلوب المسلمين كيف يحافظون على كتاب الله هذا من عند الله "إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون" فواحد جاهل يقول لي ماذا كيف يعني فيها بسملة وليس فيها بسملة؟ لقد نزلت مرتين مرة بالبسملة ومرة بدون بسملة يعني أنت جئت في شأن ليس إلا عقلك والذي يفكر. نزلت الفاتحة مرتين، "بسم الله الرحمن الرحيم"، آية منها، "الحمد لله رب العالمين" أول الآيات فيها. نزلت هكذا ونزلت هكذا. سيدنا عاصم ومن وافقه بسملوا، وسيدنا نافع ومن وافقه تركوا
البسملة لأنها ليست آية في روايتهم. إذن هذا ربنا حفظ القرآن. حفظه متقناً لأنه عرَّفنا ما هذه وما تلك وكيف نحافظ عليها وكيف نحل هذه الإشكالات، فأصبح القرآن ليس محفوظاً مرة واحدة بل محفوظاً عشر مرات، أي حُفِظ في عشرة، وبسم الله الرحمن الرحيم آية منها، والركوع يكون رقم خمسة، ما هو الركوع؟ انتهت الفاتحة اللهم أين آمين؟ لا. ليس من أركانها، طيب، والسورة؟ لا، ليست ركناً. طيب، الله
أكبر؟ لا، ليس ركناً. الركوع؟ طيب، والتسبيح؟ لا، ليس ركناً. نحن نتحدث عن الأركان، فيكون الركوع رقم كم؟ رقم خمسة. والطمأنينة فيه، كون أنك تطمئن في الركوع، يعني الركوع شيء والطمأنينة الخاصة به شيء آخر. إذن خمسة أصبحنا ستة، والرفع من... الركوع والاعتدال والسجود. ننتقل الآن إلى الركن التاسع والطمأنينة فيه، فيصبح عددنا عشرة. ثم نصبح أحد عشر والجلوس
بين السجدتين. كم أصبح عددنا الآن؟ اثنا عشر، والطمأنينة فيه ثلاثة عشر، والجلوس الأخير أربعة عشر، والتشهد فيه كم؟ خمسة عشر، والصلاة على النبي فيه أصبحنا ستة عشر، والتسليمة الأولى أصبحنا. سبعة عشر ونية الخروج من الصلاة بأننا انتهينا هكذا، وترتيب الأركان على ما ذكرناه، لأنه لو لم نقل هذه الكلمة الأخيرة، سيخرج شخص من أصحاب الثلاثة أعوام ويقول: انظروا إلى الصلاة
التي سأصليها، حيث لا يوجد ترتيب، إذ ليس ركناً أن يكبر، ثم يسجد، ثم يقوم، ثم يركع، وهكذا. قائم ويأتي ساجدًا ويأتي قائمًا ويأتي، ها، فهو قد أدى الأركان الثمانية لكن كلها غير مرتبة، فتكون الصلاة باطلة لأن الترتيب نفسه ركن. والترتيب كما ذكرناه، فتكون الأركان الثمانية عشر هؤلاء كما نراهم واحدًا واحدًا هكذا، وفي النهاية الترتيب كما ذكرناه، التشهد الأخير ركن، والصلاة على النبي صلى الله. عليه وسلم وآله ركن، فإذا لم تصلِّ عليه فسدت صلاتك، يعني
هذه فريضة ليست شيئاً اختيارياً، ليست نافلة ولا سنة ولا ربما نفعل وربما لا، لا بد أن تقول التشهد بما فيه من الشهادتين، ثم تصلي على النبي صلى الله عليه وآله وسلم. ثمانية عشر ركناً تبدأ بالنية مع القيام. مع القدرة مع تكبيرة الإحرام وتنتهي بالنية مع التسليمة الأولى مع الترتيب على ما ذكرناه. لو جعلنا الطمأنينة وجعلناها ركناً واحداً، يبقى نعد كم مرة ذُكرت الطمأنينة، فيقول: الركوع والطمأنينة فيه،
هذه واحدة. الاعتدال والطمأنينة فيه، هذه اثنتان. السجود والطمأنينة فيه، هذه ثلاثة. الجلوس والطمأنينة فيه، هذه أربعة. الجلوس الأخير والسجدة الثانية، فيصبح خمسة: الجلوس الأخير والتشهد فيه والصلاة على النبي عليه الصلاة والسلام والتسليمة والنية. فيصبح خمسة، ويصبح المجموع ثلاثة عشر. ولو جعلتها هكذا ستصبح أربعة عشر. الطمأنينة كلها تقول ما هي؟ ركن واحد. فبدلاً من أن يكون المجموع ثمانية عشر سيصبح أربعة عشر عندما تقولها مع كل واحد. سيكون ثمانية عشر، هذا جيد هكذا، والله تعالى أعلى وأعلم.