المجلس الخمسون من شرح متن الغاية والتقريب | أ.د علي جمعة

المجلس الخمسون من شرح متن الغاية والتقريب | أ.د علي جمعة - الغاية والتقريب, فقه
بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. قال المصنف رحمه الله تعالى ونفعنا الله بعلومه في الدارين آمين: ومن فاته الوقوف بعرفة تحلل بعمل عمرة وعليه القضاء والهدي. يوم عرفة هو اليوم التاسع بعد صلاة الظهر.
يصلي الناس الظهر والعصر جمعاً في مسجد نمرة، ونمرة ليست من عرفة إنما على حدودها، يعني الفرق بينها وبين عرفة خط، فلو كان خارج هذا الخط فهو ليس في عرفة، وداخل هذا الخط يكون في عرفة. الوقوف بعرفة يتم ولو بقليل من الزمان، يعني بأي شيء إن شاء الله حتى خمس. دقائق أي وقت في يوم عرفة الذي ينتهي بالفجر، يكون
يوم التاسع ينتهي عندنا بالفجر، فالنهار محل وقوف والليل محل وقوف. لكن عند أذان الفجر أصبحنا في يوم العيد. نحن الآن نؤذن فجر العاشر من ذي الحجة، أي دخلنا في العيد. بعد الشروق عندما ترتفع الشمس قدر الرمح، وقدروه بخمسة وعشرين. دقيقة عشرين دقيقة خمسة وعشرين نصلي العيد لكن الفجر عندما يتبين لنا الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر، الفجر سيؤذن على الساعة الخامسة وأنا
قادم من بلاد بعيدة محرماً ملبياً بالحج ووصلت عرفات الساعة الخامسة، التي أصبحت العاشرة داخل عرفة، تم الوقوف والحج عرفة، وصلت الساعة الخامسة وخمس دقائق والفجر على الساعة الخامسة. وصلت بعد الفجر بأي بهسة، فاتني الحج لأن الحجة عرفة. أنت وقفت في عرفة أم لم تقف؟ حسناً، أنا واقف فيها الآن. نعم ولكن ليس في الموعد، الموعد هو التاسع وأنت الآن في العاشر فلا يلتفت
إليك. كفى أننا أعطيناك من صلاة الظهر حتى المغرب، وكفى أننا أعطيناك أيضاً من من المغرب حتى الفجر أعطيناك فرصتك. قال: حسنًا، ماذا أفعل؟ ما هذا الإحرام الذي ألبسه؟ أنا أرتدي إحرامًا، أنا داخل الإحرام. قلنا له: تحلل بعمرة. هذا الإحرام صعب جدًا، ليس سهلًا أن يتحلل. يقول: حسنًا، أمرنا لله، سنأتي للحج في السنة القادمة. لا، بل سيضطر إلى الذهاب. إلى بيت الله الحرام فيطوف بالبيت سبعة أشواط، ومن السنة أن يصلي ركعتين في مقام إبراهيم، ويشرب من ماء زمزم، ويدعو، ويطوف، ويسعى بين
الصفا والمروة سبعة أشواط، ذهاباً مرة وعودة مرة، ويتحلل. تحلل من ماذا؟ من الإحرام الذي لبسه. كان هذا للحج، والتلبية التي لبّى بها كانت للحج، لكن... حدث له ما منعه من استيفاء الشروط. الشرط أن تقف بعرفة قبل الفجر، لكنه لم يستطع فعل ذلك. دعنا ننظر: هل الوقوف بعرفة واجب أم ركن أم ما هي حقيقة الأمر؟ الوقوف بعرفة في الحج ركن من الأركان، أي لا يوجد حج إذا لم يكن هناك وقوف بعرفة. إذاً هذا أمر مهم من المهمات وليس شيئاً بسيطاً. واجبة يعني نستطيع
أن نتجاوز عنها نعوضها بذبيحة تخص الحج. فالحج عرفة، ومن هنا تتم له عمرة فيتحلل. فيكون هدف هذه العمرة هو التهيؤ للخروج من هذه الحالة التي حبس نفسه فيها أو التي حُبس فيها. بعد أن يصل إلى المروة يأخذ شيئاً من رأسه، فلو أخذ شيئاً من ظفره. قص أظافره وما قص الشعر لا يكفي، لابد أن يأخذ شيئاً من شعره. قال:
هذا أصلع، أي شعر هذا؟ لم أر هذا الشعر منذ ثلاثين سنة. لا، الناس لن تتركك، وستجد أشياء عجيبة غريبة، وأنا لا أقصد أن أضايق الأشخاص الصلع الموجودين هنا. ليس قصدي، وهو يعني، هل كان همك أنك أصلع يا مولانا؟ أنا أصلع، ماذا أفعل؟ قال العلماء: يمرر الموسى على رأسه، ليس هناك شعر، إنها مبلطة، ليس هناك شيء يعني. سبحان الله! نعم والله، يعني شيء غريب جداً. لنجلب الموسى
ونمررها على رأسنا هكذا، ربما يظهر زغب. أي غير مرئي بسيط وربما لا يظهر شيئاً لكنه امتثل، يعني الحلق ليس ضرورياً أن يكون للشعر. إن إمرار الموسى على الرأس هو المقصود بالآية. فالحلق يصبح إذاً لا بد أن يتحلل من هذه العمرة، وكل عمرة وكل شيء يتحلل منه بالحلق أو بالتقصير، لكن الظفر لا يكفي، ويلبس ثيابه. ويكون في ذمته حج، ماذا يعني في ذمته حج؟ هو حج قبل ذلك عشر مرات وذاهب،
قال هذه الحجة لكي يكملهم إلى إحدى عشرة، لأن إحدى عشرة (واحد واحد) تعني لا إله إلا الله، لا إله إلا الله واحد أحد، وأنه يكون فرحاً بنفسه هكذا عندما يكون قد أدى إحدى عشرة حجة. جاءت الظروف والإذن الإلهي والقدر فلم يدعوه يكمل، أصبح واجباً عليه وفي ذمته الحج، يعني أنا لم أقضِ الفريضة، فيبقى هذا واجباً عليّ لماذا؟ لأنك أخللت بركن من أركانه فتحللت بعمرة، فأصبح في ذمتك مثل النذر، كشخص
حج عشر مرات ثم قال: نذر عليّ أن أحج هذه السنة. نذر لله، أي أنه أوجب على نفسه ما لم يوجبه عليه الشرع. لم يوجب عليه أن يحج هذا العام لأنه قد أدى حج الفريضة، إنما هو الذي أوجب على نفسه. فيبقى إذاً يجب الحج في الذمة حتى لو كان في هذه الحالات التي نذكرها، حتى لو كان قد أدى حج الفريضة. لا، السؤال يقول: طيب... هو قال وهو يلبي: "واجعل محلي
حيث حبستني". نعم، "واجعل محلي حيث حبستني". إنه سيصل إلى عرفة متأخراً ولم يؤدِ وقفة عرفة، فتكون هذه الحالة مختلفة عن تلك. هو لم يمت في الطريق ولم يُختطف ويذهب إلى روما، بل جعل محله حيث حُبس. لكنه وصل فعلاً ويريد أن يكمل الحج وقال: "حسناً لماذا لا..." هي بسيطة، أذهب وأقف في عرفة يوم العيد والدنيا هادئة وأذكر ربنا كما يحلو لي. وأكمل، أهذا عمل مخدرات هكذا؟ وصلنا إلى مرحلة المخدرات؟ لا، نحن لو فعل هذا وفاته عرفة، فإننا نقول له:
ثبت في ذمتك القضاء أولاً، وثانياً تذبح هدياً. قال هذا لأجل لا أذبح هديًا. قلت لأبيك اللهم بحج مفرد. قلنا له نعم، لكن هذا الهدي ليس لأجل الإفراد، ولا لأجل التمتع، ولا لأجل القِران، بل لأجل فوات الحج. واضح؟ توضح. طيب، ومن فاته الوقوف بعرفة يتحلل بعمل عمرة وعليه القضاء والهدي. فهمنا هذه الحالة. ومن ترك
ركنًا غير عرفة أصلًا. عرفة حينما قال الحج عرفة جعل الحج هو عرفة وعرفة هو الحج وأغلقها. إنما الحج له أركان، فإن تركت أيضاً ركناً تقول لي: تركت عرفة، تحلل بعمرة. وإن تركت ركناً غير عرفة، لم تحل من إحرامك حتى تأتي به، يجب أن تأتي بهذا المتروك. أما عرفة فمؤقت مثل طواف الإفاضة. ركن اسمه طواف الركن، فأنا
ذهبت وأجلت طواف الإفاضة قليلاً حتى ما بعدها. حدثت ظروف وبعد ذلك قالوا لي: "أنت تأشيرتك فيها كلام"، "كلام ماذا؟"، "ممنوع أن تكمل الحج". قلت: "لكن لم يتبق لي سوى طواف الإفاضة". قال: "لا، اسمك مكتوب عندنا من كبار الإرهابيين". فذهبوا وقبضوا علي، وجلس المحقق يحقق وما إلى ذلك. اشتباه أسماء طلعت بعد عشرة أيام. الناس سافرت إلى بلادها، وكذلك يجب أن
أذهب. لابد أن أطوف طواف الإفاضة حتى يتم لي الحج. انظر إلى الفرق هنا؛ تركت وهنا تركت. في ترك عرفة لا أستطيع أن أُرجع الزمن كيف؟ في ترك ركن من الأركان، لا أترك تلك الأراضي حتى أفعلها، ومن ترك واجباً وليس ركناً. يعني هكذا بشكل واضح، يلزمه الدم أن يكون عليه ذبح خروف، ويتعدد هذا الدم بتعدد المخالفات. ومن ترك سُنة لم يلزمه بتركها شيء، ثم دخل
في الدماء. فسنجعلها في المرات القادمة إن شاء الله تعالى.