المجلس الرابع والستون من شرح متن الغاية والتقريب | أ.د علي جمعة

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. قال المصنف رحمه الله تعالى ونفعنا الله بعلومه في الدارين آمين: فصل، وشرائط الحوالة أربعة أشياء. وهنا يتكلم عن مسألة في ضبط الاقتصاد والتعامل ودوران المال بين الناس، وهو ما سماه الفقهاء بالحوالة وبعضهم يقول حوالة
الدين يعني أنه سيحول الدين من شخص إلى آخر، ومعلوم أن الدين مال بين طرفين، أحدهما دائن وهو صاحب المال الذي أعطى ماله للمدين، وهو الذي في ذمته الآن المال، الآخذ للمال. فالمعطي للمال هو الدائن، والآخذ للمال هو المدين، وينشأ من هذا دين تقول له: في ذمتي. دين يعني أن مالًا ما أخذته، وهذا الأخذ قد يكون نقدًا، وقد
يكون عينًا، وقد يكون ناتجًا من مقاصة في تعاملات بينكما. ذمتك مشغولة بقدر معين من المال فأنت مدين، وذمتك طالبة لهذا القدر من المال فأنت دائن. فالحاصل أن هناك دائنًا ومدينًا. المدين الذي له أموال، أما عن طريق... الميراث وإما عن طريق التعامل وإما عن طريق الربح وإما عن طريق العمل وإما عن أي طريق كان فأصبحت
ذمته مليئة بمالٍ ويسمونه المليء، رجل مليء يعني قادر غني معه أموال لكن هذا المال في الحقيقة ما زال عند غيره ورأى أن يحول المديونية التي بينه وبين الدائن إلى ذلك. الآخر فأصبحت الحوالة لها ثلاثة أركان: الدائن
الأصلي والمدين والمحال عليه، من المحيل المدين ومن المحال إليه الدائن ومن المحال عليه الطرف الجديد الثالث. فأصبحت هذه المعاملة واضحة. اذهب إلى الدائن كان اسمه سيد حسن والطرف الجديد كان اسمه حسنين. ماذا؟ ليس حسن واحد، لا يحدث شيء، هذا اسمه حسن. وهذا اسمه حسنين تبركاً بسيدنا الحسن وسيدنا الحسين وسيدنا محسن، وهذا
الكلام هو الكبير. نحن نحب آل البيت، فالدائن اسمه حسن لما قدمه من الحسن، وهذا حسنين يعني حسن مضاعف، وليس حسناً واحداً. انظر إلى القدرة! أبوه سماه ماذا؟ حسن، حسناً، كله مقبول وكله جميل، فذهبت إلى حسن وقلت... له: أنت لك مال ستستحقه في يناير القادم. فقلت له: أريدك عندما تستوفيه ألا تذهب إلى مكتبي ولا إلى محاسبي، أريدك أن تذهب إلى حسنين. قال: حسنين المعروف ذاك؟ قلت: نعم، لأنه رجل ثقة
ومليء ومعروف وأمين. قلت له: نعم، هو عم حسنين المعروف ذاك الذي أنت تعرف أنه قال: لا، أنا موافق، هذا أفضل منك، حسنين أفضل منك. كنت خائفاً وأقول: يا رب هل سيسدد أم لا؟ لكن أن تحولني إلى الرجل الكبير هذا، فأنا موافق. فهذه تسمى بحوالة الدين، أحلت الدائنة إلى مديني. فحسنين لديه عندي، وأنا مدين. لحسن دين ولحسنين دين، فأحببت أن أحول هذا لهذا. ذهبنا
وسألنا أسيادنا الفقهاء رضي الله تعالى عنهم: هل هذه المعاملة تصح؟ الدين عندما نشأ الدين بيني وبين حسن، هل يجوز أن أحولها إلى حسنين؟ فقال المصنف: وشرائط الحوالة أربعة أشياء، يجب أن ننتبه إلى أربعة أشياء قبل أن نقول نعم أو لا. شروط مثل شروط الصلاة هكذا مثل شروط الزواج مثل شروط الشهادة مثل كل شيء في الدين له شروط: رضا المحيل وقبول المحتال وكون الحق مستقراً في الذمة واتفاق ما
في ذمة المحيل والمحال عليه. فإذا قال لي أول شيء الرضا، وهو أنا موافق يا حسن، قلت له حسن. موافق، قال: طيب، وحسنين؟ لئلا يكون حسنين غير موافق. قلت له: حسنين موافق. قال: طيب، وأنت؟ قلت له: إنني أنا الذي أتيت إليك، أنا موافق. فقال لي: نعم، لابد أن توافق أنت، ويوافق هو، وأوافق أنا. الثلاثة وافقوا، إذن هذا جميل جداً. وبعد ذلك
وافقنا. قال: لا، لكن هناك جزئية فنية في الدين. مع حسن كم؟ قلت له: مائة ألف. قال: حسناً، والذي في ذمة حسنين أو الذي عند حسنين الذي سيسددونه لحسن كم؟ قلت له: في الحقيقة حدث شيء صغير. قال لي: نعم، أخاف أنا من هذا الشيء الصغير، فمعظم النار من مستصغر الشرر. لابد أن تخبروني ما هو الشيء. هذه الصغيرة قال: "والله هو أصلاً لم يكن يعني في يناير، يناير يعني. وأنا قلت لحسن: يا حسن، اترك نقوداً إلى يناير واجعل المائة مائة وعشرين، وخذهم
من حسنين". قال له: "والله فكرة جميلة. هذا لو وضعت المائة بعدما أخذتهم منك الآن في البنك، لن يجلبوا لي عشرين إلى...". أول السنة إذا هي الحكاية أنه يذهب ليأخذ المائة وعشرين التي عند حسنين التي موعدها في الأول من يناير، أما المائة التي أنا مدين بها، يا دار ما دخلك شر. قلت له: لا، كل هذا الشر لا ينفع، لابد أن المائة يكون مقابلها مائة، ونهى رسول الله صلى. نهى الله عليه وسلم عن بيع الكالئ بالكالئ أي بيع الدين بالدين. إذا أبيع ما في ذمتي الآن
وهو مائة ألف بمائة وعشرين ألفاً لكن في شهر يناير، فهذا لا يجوز. هل هذا يعتبر ربا؟ قال: لا، هذا بيع فاسد. الربا يجري في الذهب والفضة عندما يكون هناك مائة ألف من الذهب مقابل مائة وعشرين من الذهب، فيصبح هذا. ربا! طيب، والبيع الفاسد؟ ورق بنك نوت في ورق بنك نوت يكون بيعًا فاسدًا منهيًا عنه. الله! يعني أنت تقول أنه حرام وليس ربا. نعم، هناك أشياء محرمة كثيرة، وليس ضروريًا أن نسميه ربا ونخطئ. لابد أن يكون الفقيه متبعًا للتعريفات والحدود الشرعية، لأن الحدود الفقهية أحكام شرعية.
اكتبوا يا طلاب الأزهر هؤلاء، اكتبوا هذه القاعدة: الحدود الفقهية أحكام شرعية. فعندما يقول لك إن الحدث، هذا الحدث يمنع من صحة الصلاة، يقول لك: أمر اعتباري قائم بالأعضاء يمنع من صحة الصلاة حيث لا مرخص. هذا تعريف، إنه حكم فقهي سيفيدنا في أشياء كثيرة في الوضوء وفي... الصلاة وفي الاغتسال وكل ذلك يكون إذا كانت الحدود الفقهية أحكاماً شرعية، فيجب على الفقيه أن يكون منتبهاً لماهية الربا وما ليس بربا، وما ليس ربا قد يكون حراماً أيضاً لأنه أحد البيوع الفاسدة التي
نهى عنها رسول الله، واتفاق ما في ذمة المحيل هو أنا والمحال عليه الذي هو حسنين لازم الاتفاق مائة ومائة وليس مائة وعشرين في الجنس والنوع والحلول والتأجيل وتبرأ بها ذمة المحيل. الحوالة ينتج منها ماذا؟ أنا موافق وحسن موافق وحسنين موافق وهناك اتفاق، هذه مائة ألف وهذه مائة ألف، والآجال محددة، والأمور واضحة. إذن ماذا؟ تبرأ بها ذمة المحيل الذي هو حضرتي. فأنا
آتي بين الناس وأقول إنني لا يوجد في ذمتي شيء، وليس علي شيء لأحد. فنظر إليّ حسن هكذا وقال: "أنت ليس عليك شيء لأحد؟ بل أنت عليك مائة ألف لي بعدما وافقت على الحوالة". أتتذكر أنني ضامن؟ يعني أنت وافقت وقلت: "حسنين الرجل الكبير". يا سلام هذا أفضل منك وآذيتني بالكلام، خلاص ذمتي برئت. أنت وافقت، إذن كان السداد قد تم، فأحضر له الكتاب وأحضر له صورة الشيخ في الدرس وقل له: "وتبرأ بها ذمة المحيل". يا سيد حسن، نعم، ها
هو الشيخ أبو شجاع يقول ماذا؟ "وتبرأ بها ذمة المحيل"، إذن أنا ليس علي شيء. لا شيء علي والله، وأقيم الحجة عليه بهذه الكلمة التي هي كلمة بسيطة، يعني لم تكمل ربع سطر، وتبرأ بها ذمة المحيل، فلا يصح أن يعترض عليّ ويقول لي: "لكن هذا في ذمتك مائة ألف لا تنساها"، يعني نحن لم نصل إلى يناير بعد ولسنا عارفين حسنين يسدد أم لا، كل هذا الكلام لا تقله لي. أنت وافقت على الحوالة فهذه شرائط الحوالة الأربعة. والحمد لله أولاً وآخراً، ونسأل الله سبحانه وتعالى النفع، وأن يعلمنا العلم النافع، وأن يجمعنا على الخير
في الدنيا والآخرة.