المجلس السابع والستون من شرح متن الغاية والتقريب | أ.د علي جمعة

المجلس السابع والستون من شرح متن الغاية والتقريب | أ.د علي جمعة - الغاية والتقريب, فقه
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه. بعضهم بعضاً لا يكفي رأس مال واحد أو لا يكفي مجهود شخص واحد لإدارة هذا المشروع، ونتاج العمل
الربح منه. نريد أن يكون هناك دخل، فكيف يأتي الدخل؟ فالدخل أساساً يأتي كما أشار إلى ذلك الكساني. صاحب بدائع الصنائع من الأحناف يقول إن الدخل يأتي من رأس المال؛ فإذا كان معك مال ستحصل على مال، ومن العمل أيضاً؛ فعندما يعمل الشخص سيحصل على مال، وهو ما نسميه الأجر وهو دخل أيضاً، ومن
الضمان؛ فهو يقول إنك تضمن وتكون مسؤولاً فيُدفع لك أجر هذا الضمان وتلك المسؤولية. وكلمة المال التي استعملها قد يكون ذلك. نقودًا مالًا سائلًا قد يكون عقارًا قد يكون شيئًا عينيًا كالأجهزة قد يكون أرضًا وهكذا كله مال ملكية. يقول لك هذا رجل مليء أي غني، وليس بالضرورة أن يكون لديه سائل أو سيولة نقدية، بل يمكن أن يكون غنيًا لديه أراضٍ وأطيان وعمارات وفيلات وأسهم وسيارات وأسطول نقل وليس معه مليم. إذًا فالقضية...
هي المال معناها كل هذه الأنواع. تقول: "الله لم يذكر الأرض لماذا؟" لا، هو لا يتحدث عن عناصر الإنتاج. عناصر الإنتاج عندهم أربعة: الأرض، لأن الأرض يأتي منها الخشب ويأتي منها الصخر فنصنع المقبض، ويأتي منها القطن والحرير فنصنع الملابس، ويأتي منها الصوف من الغنم وهكذا، والجلد من الحيوان فنصنع. هذه الأمور كلها، الأرض عنصر من عناصر الإنتاج، وكذلك العمل عنصر من عناصر الإنتاج، ولذلك الأرض نؤجرها فيكون فيها أجر العمل. الأرض فيها إيجار،
والعمل فيه أجر، والمال فيه ربح، والإدارة سموها التنظيم. والإدارة تنظيم، المدير يأخذ أموالاً لكي يدير هذه المسألة، ويعرف كيف يقلب المال، ويُحدث الإنتاج، ويبيع الإنتاج. يكسب عندما نحضر شخصاً جاهلاً لا يعرف هذا التسلسل، هذا الترتيب يخرب البيت ويسكب الزيت، لكن المدير لديه فن، فأعطيه مالاً وأقول له: أنت تستحق أيضاً، ما مقابل مجهودك أو علمك؟ تستحق أمامه عدة عناصر. الإنتاج كم؟ أربعة: الأرض والعمل والمال والإدارة، لكن مسببات الدخل ماذا؟
ثلاثة: المال. والعمل والضمان، فمن خلال هذه الفكرة سنرى الشركة عند أخينا هذا ماذا ستجلب، وما هي القضية، وما حكمها، وما إلى ذلك، لكي نكون عادلين. كل الشرع يسعى وراء العدالة، وللشركات خمسة شروط حتى تكون هناك عدالة، وألا يكون "لا تَظلِمون ولا تُظلَمون"، فتتحقق العدالة أن تكون على أساس من. الدراهم والدنانير ونحن نؤسس الشركة ينبغي لكي لا يكون هناك غرض، ولكي
لا يكون هناك تدليس، ولكي لا يكون هناك سبب للنزاع فيما بعد أن تكون على نقد من الدراهم والدنانير. في الماضي كانوا يفعلون ماذا؟ النقد يعني ماذا؟ سيولة. والسيولة تعني ماذا؟ تعني نقوداً حاضرة، نقوداً حاضرة التي تسمونها عندكم. ليكويد ماني يعني سيولة، أي أننا نريد نقوداً حاضرة على الطاولة. نعم، هذا مدد لأنك تطلب من البنك، فهذا مدد. الآن عرفت معنى مدد. ما معنى مدد؟ أي مدد يا
بنك يا أهلي. حسناً، هكذا قد يعتبروننا مشركين. لا، مدد تعني أعطنا نقوداً يا بنك يا أهلي، البنك الأهلي. ستة تريليون وثلاثة من عشرة، الحمد لله. هو قدر قادر. فإذا أن يكون على نقد من الدراهم والدنانير، يعني من النقود. لماذا؟ لكي لا يكون هناك مشاكل، ليس هناك مشاكل. فإذا كنا ونحن ننشئ الشركة لا نريد مشاكل. يأتي ويقول لك: والله، ما رأيك أن أشترك بقطعة الأرض؟ هذه ستشترك بقطعة الأرض، فماذا فعل بها؟ هذه الأرض قطعة هكذا. هو يقول لي:
"لكي نجعلها مخزناً، وهذا المحل الذي لي سأهديه لك أيضاً ونجعله دكاناً، وأنا سأتوكل على الله ونعمل شركة". انظر ماذا ستبيع وماذا ستشتري، لكن أنا من عندي الأرض ومن عندي المحل. فقلت له: حسناً، ها قد بدأت المشاكل. هذا سيجلب مشاكل فيما بعد. يقول لي: "على فكرة، الأرض كانت بخمسة ملايين". فأقول له: "يا شيخ، لا، هذه لا تساوي إلا ثلاثة". فيقول لي: "حسناً، أقسم بالنعمة إنها بخمسة ملايين". فأقول له: "لا، أنت أقسمت بالنعمة، والقسم بغير الله
شرك، وسندخل في جدالٍ لا نهاية له". هل جلبنا مشاكل أم لم نجلب؟ أنا لم أحدد. أريد حصة من المال. يجب أن نحدد ما الذي ندخل به. أنا دخلت بقطعة الأرض وبمحل، ثم قمت وكان هذا... نعم، ستختلف. كيف ستختلف؟ عندما دخلنا كانت بثلاثة ملايين، فدفعت أنا مقابلها ثلاثة ملايين. عندما لم أحدد، قال: "لا، كنا داخلين..." بخمسة قصات ثلاثة يا أخانا هذه كانت لا تساوي ثلاثة ملايين وأنت جالس تتدلل عليها سنتين أو ثلاث وتخادعني
لكي تحتال عليها بهذه الاحتيالة، ثم تقول لي أثبت. حسناً، كيف سأثبت؟ ونبقى في خلاف لا يحله القاضي ولا غيره لأنها معماة. إذن الشريعة تدعوني إلى الصراحة والراحة، تدعوني لأنني أتفق. بما يرضي الله، لا أفعلها هكذا وأقول انتبه، فلو قال: "والله هذه تحتاج إلى توزيع الربح بعد نجاحنا"، فأقول له: "هذه بخمسة"، فيقول لي: "لا"، ونتخاصم مع بعضنا، فنجعلها بأربعة وهي في الحقيقة بثلاثة، وهكذا. إذن، هذا الشرط يجب أن يكون على أساس واضح.
من الدراهم والدنانير، كانت الدراهم والدنانير وسيط التبادل حينئذ. الدراهم كانت من الفضة ووزنها الشائع اثنين جرام وتسعة من عشرة، ووزنها عند الحنفية ثلاثة جرام ومائة وخمسة وعشرين من مائة. والدينار لم يختلف في الجاهلية ولا في الإسلام، وكان الذين يسكونه هم الرومان حتى عهد عبد الملك بن مروان الذي سكه، وكانوا سيحاربونه. وكان وزنه أربعة جرام وربع من الذهب عيار واحد وعشرين، وما زالت تلك الدنانير وهذه الدراهم موجودة إلى اليوم في متاحف الدنيا وعند الذين يجمعون العملات وأشياء مثل ذلك،
فوزناها لأنها أربعة جرام وربع فائدة، طيب يبقى شيء محدد، أعرف أنني دفعت ألف دينار، والألف دينار هذه تشتري كم. بيت، قطعة أرض، بضاعة، كذا وكذا، هل تفهم؟ هل يفهم؟ وكل شيء. الشرط الثاني يكون مثل الشرط الأول أن يكون لديه ما يكفي من الدراهم والدنانير. قال لي أحدهم: حسناً، هو فعلاً لديه قطعة أرض ومحل، ماذا نفعل؟ قلت له: يجب الموافقة،
يجب أن يوافق الجميع. على التقويم ويجب أن تكون صريحاً في التقويم، وليس رغبتك أن هذه الأرض بثلاثة ملايين. ما هو الواقع بالضبط؟ وأنا أوافق، فأصبحنا نعلم كأننا بعناها فعلاً. عرضناها في السوق فجلبت مليونين ونصف. أنا أريد أن تجلب خمسة، أنا أريد ما أريده، لكنها جلبت مليونين ونصف، فيجب أن نكتب هذين المليونين والنصف. ونوافق عليها ونُثبتها وتُصبح كأننا وفَّرنا مسألة أننا نبيعها ونحضر المواد من الدراهم والدنانير، وعلينا أن نعود ونشتريها مرة أخرى كي نستغلها فيما نريد استغلاله، لكن لا بد من العدالة ولابد من الاتفاق. حسناً، الأمر
الثاني الآن، وما معنى الشرط الثاني؟ وأن يتفق في الجنس والنوع، وأن يتفق في الجنس. والنوع فكلمة "يتفق" تعني مال كل واحد منهم أيضاً حتى لا نصل إلى النزاع، فهي شركة. ماذا تعني؟ تعني واحد وواحد. هل لا يصلح ثلاثة؟ يصلح ثلاثة وأربعة وخمسة، لكننا قلنا كلمة "شركة" فتكون أنا وشريكي فقط. هذه مبدئياً
أصغر شركة: أنا وشخص آخر. حسناً، شركة عم محمد حسن. وأولاده، لا أعرف. أهو نعم، لابد من أولاده. حسناً، وإذا لم يكن هناك أولاد فلا تكون شركة. لا تكون شركة، هذا يكون مشروعاً فردياً. عم حسن فتح بقالة، يفتح ويبيع ويشتري، وذهب وسمّى نفسه شركة الأمل. سيغني عنا، ما هي الشركة؟ لأنه لا يوجد شخص آخر، فالشركة لابد أن يكون فيها اثنان، فهو وأنا. يتفقان. ما الذي يتفق؟ هما لم يذكرا. قال: لا يمكن أن يقصد الدراهم والدنانير، يعني دراهم. لا، ما يقصد هكذا. يقصد المال: مال الشريك الأول ومال الشريك الثاني. دفعنا هنا ذهباً
وفضة، ندفع هنا ذهباً وفضة في الجنس والنوع. الجنس الذي هو ماذا؟ كلي ذاتي، مقول على كثيرين متفقين في الحقيقة. ماذا تعني؟ مثل كلمة حيوان. الحيوان هم تحتك، مثل الإنسان والبهيمة والأسد والجمل، فجميعهم يتحركون بالإرادة، فيكون هذا اسمه جنس. أما النوع فهو الإنسان، وما الذي يميز الإنسان عن البهيمة؟ هذا يتحرك وذاك يتحرك، لكنه يختلف كثيراً في أنه مفكر، فالإنسان حيوان مفكر لكن... البهيمة
لا تفكر، تضع لها الطعام فتأكل، تحلبها فتُحلب، تذبحها فتُذبح، هكذا. لكن ما الذي يفصل الإنسان عن ذلك؟ يسمونه الفصل، فيكون النوع مكوناً من الجنس والفصل. الإنسان هو النوع، "حيوان ناطق". فكلمة "حيوان" هذه واسعة وهي الجنس، و"ناطق" هي خصوصيتها، خصوصيتها في ماهية النوع، لأن الحيوان تندرج تحته أنواع. كثير إذا فينبغي أن يتفق في الجنس والنوع حتى يرفع النزاع بينهما والخصام فيما هو قادم من الأيام، وأن يخلط
المالين. الشركة انتهت، فلا يوجد شيء اسمه سنعلم على هؤلاء، أو سنضعهم في كيس هكذا ونكتب عليه، والكيس الثاني نكتب عليه حسن، لا نضعهم في كيس. واحد وأن يأذن كل واحد منهما لصاحبه في التصرف، كل واحد يقول: "خلاص، المال هذا لنا نحن الاثنين، أنت تتصرف في كله وأنت تتصرف في كله"، وأن يكون الربح والخسارة على قدر المالين. أنا أعطيت مائتي جنيه وهو وضع مائة، فيكون ثلثان لثلث، مائتان لمائة، أي خمسون في المائة وخمسون.
في المائة خمسون خمسون، طيب أعطى خمسين جنيهاً مقابل ثلاثمائة وخمسين، تحسبها وتقول: حسناً، وبعد ذلك هذه أربعمائة وخمسون على أربعمائة، فيها كم؟ فيها الثُمْن، فيكون إذا كان له الثُمْن من الربح وأنا لي سبعة أثمان، سبعة أثمان، وهكذا بنسبة كل منهم ولكل واحد منهما فاسقها متى. شاء أن يكون هذا ما يسمونه عقداً جائزاً من الطرفين. عقد الزواج عقد جائز الفسخ من طرف واحد وهو الزوج الذي أعطيناه، أي الذي أعطيناه حق التطليق. ولذلك الحنفية عندهم شيء غريب جداً، يقولون لك: لا
يجوز الفسخ في عقد الزواج. قلنا له: والله كيف ذلك؟ فنحن عندنا... الجمهور كله يقول من شافعية ومالكية وحنابلة أنه يجوز فسخ عقد الزواج للعيوب، خاصة إذا كان هناك تدليس. قال لا لأن الرجل قادر على أن يطالب، وهذا نحن لسنا معه في الرأي. رأي سيدنا أبي حنيفة يسبب مشاكل كثيرة. نحن مع أن الرد بالعيب في الزوجين من الطرفين كما يقول الجمهور. قال أسيادنا الشافعي ومالك وأحمد وآخرون، كلهم قالوا هكذا. مصر تسير على مذهب أبي حنيفة حتى الآن، وسنغيره،
سنغيره والله، لأن هذا ظلم للرجل قبل المرأة. ماذا يعني أن يُدلَّس على الرجل ثم يأتي ويقول: إن لك حق التطليق وليس لك؟ وماذا بعد ذلك؟ لقد دفع المهر. لأن الفسق يقتضي رد المهر أو واحدة. أقول: لا، لا، ليس هناك حق الفسق. كيف؟ حسناً، وأنا لا أطلق. كيف يعني لا تعطيني حق الفسق؟ فقد حدث ظلم كثير من وراء هذه النقطة. فطالبنا بتغيير تشريعي. من الذي طلب؟ القضاء. القضاة عندما وجدوا الحالات قالوا: يا... يا جماعة، هذا لا يُرضي الله. نحن نحكم لأن علينا قانوناً،
لكن القانون يجب أن يتغير. لماذا؟ لكي نُقِرَّ العدالة بين الناس. هذا ما يقول لك إنها دولة غير إسلامية. حسناً، وإن كانت غير إسلامية، فالقضاة يطالبون بالتصحيح التشريعي. هذا أمر غريب جداً. ثم مَن الذي قال سيدنا أبو... حنيفة، نعم الرجل الكبير، لكن سنقوم بتغيير التشريع إن شاء الله، ولكل واحد منهما فاسقها متى شاء. قال له: والله لقد كفى هكذا، ونريد أن نخرج، فليخرجوا ويصفوا ويعملوا بقواعدها، أليس كذلك؟ أنا أريد أن أصفي اليوم، فليكن النهار... لا، حتى لا يخسروا هما الاثنان، فمتى شاء يقول له: انتهى. نوقف العمل ونبدأ بالتصفية، وبهذا الشكل ماذا
نستخلص من كل هذا الكلام؟ نستخلص من كل هذا الكلام أن الشرع يتطلع إلى رفع الخصومة بين الناس، وأن يتعاونوا على البر والتقوى، ولا يتعاونوا على الإثم والعدوان، وأن يتفقوا فيما يحقق المصالح ويدفع المفاسد، وأن الشركة رفق من الرفق الذي شرعه الله. لنا لكي نتعاون ونعمر الأرض خالية من التدليس، خالية من الغش، خالية من الظلم، خالية من الغم، خالية من تكون انحراف المقصد. اللعب واللف والدوران وأكل أموال الناس بالباطل يكون حراماً. وأنت
عندما تفكر دائماً تقول أين مصلحة الطرفين، وعندما تدرس أي عقد من العقود المستحدثة تقول ماذا؟ أين مصلحة الطرفين؟ هل يضر أحدهما أو يكون في شرط إجحاف أو إذعان؟ يعني يُرغم أحد الطرفين بما لا يستحق ويضيع حقوق الطرف الآخر؟ ليس كذلك. هل يضر هذا العقد بالغير؟ لا يضر. هل هذا العقد نافع للطرفين؟ نعم، يحقق المصلحة. نعم، هو حلال مباشرة، لأنك لو قلت حرام فسيكون ذلك مخالفاً لمراد الله. مراد الله ماذا؟ وتعاونوا. مراد الله ماذا؟ وقل اعملوا. مراد الله ماذا؟ هو
أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها. مراد الله ماذا؟ رفع الخصومة والصدام والخصام. حسناً، أنا محقق كل هذا حلال، وإن لم أحقق فهو حرام. تكون لست في ظل كلام ربنا. ربنا قال هذا الكلام، هو وضع لنا القواعد.