المحكم والمتشابه في القرأن الكريم | أ.د علي جمعة

المحكم والمتشابه في القرأن الكريم | أ.د علي جمعة - فتاوي
ما هي المتشابهات في القرآن؟ القرآن كله محكم ولكنه على صنفين: محكم هو أم الكتاب، ومحكم متشابه مع الكتب السابقة. فتكلم كتابنا عن آدم، نذهب فنجد التوراة تتكلم عن آدم، لأنها من عند الله. تكلم عن موسى، نذهب إلى التوراة فنجدها تتكلم عن موسى. تكلم عن... وعن قضية الغرق نذهب إلى التوراة فنجدها حقاً قد حدثت هكذا، فتكون هذه آيات متشابهة لأنها ذُكرت هنا وهناك،
لكن توجد أمور في القرآن لم تُذكر. عندما نأتي إلى قوله: "كُتِبَ عليكم الصيام كما كُتِبَ على الذين من قبلكم"، وعندما يقول لك: "إن هذا لفي الصحف الأولى صحف إبراهيم". وموسى الله هذا متشابه، نعم متشابه في ماذا؟ في أنه ذُكِر في الكتب الأولى "لا تزر وازرة وزر أخرى" وأن ليس للإنسان إلا ما سعى، وأن سعيه سوف يُرى، ثم يُجزاه الجزاء الأوفى. وبعد ذلك سيقول لك إن هذا الكلام موجود في الصحف الأولى، حسناً، إذاً هو متشابه، لكن في...
صار أم الكتاب هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأُخَر متشابهات مع الكتب السابقة، فأما الذين في قلوبهم مرض الذين هم من هؤلاء المعترضون عليه فيتبعون ما تشابه منه، يتركون أم الكتاب ويقول لك الله يا محمد كلامٌ هذا عندنا وجهٌ عندنا، أتعجب منك أنت. لماذا تأتي وأنت تحضر كلاماً هو كلامنا فأنت لا فائدة منك يا محمد، تبتغي الفتنة التي
هي إنكار نبوة النبي وتبتغي تأويله. حسناً يا محمد، أنت تذكر أن آدم وموسى وهكذا، وتذكر لي أن موسى كان يملك عصا، ونحن نعرف من أين جاءت هذه العصا، من شجر الآس. يا محمد، قلتَ أنت في القرآن أنها من شجر الآس؟ قلنا لهم: لا. قال: طيب، إذاً نحن معنا تأويله. طيب، آدم كان ستين ذراعاً يعني أربعة وعشرين متراً، قلتَ أنت في القرآن أنه أربعة وعشرين متراً؟ قلنا لهم: لا، لم يقل ذلك. قال: طيب، إذاً نحن معنا تأويل ابتغاء الفتنة الذي... هي إنكار النبوة وابتغاء تأويل
الذي هو التفاصيل. قلنا لهم القرآن ليس كتاب تاريخ ولا كتاب دليل سياحي، القرآن كتاب هداية، هدى للمتقين. القرآن ذكر آدم وذكر موسى وذكر نوح من أجل العبرة التي وراء هذه القصص، لكن عندما تأتي وتقول لي ستين ذراعاً ثم يُكتشف أنه خمسون فقط، فيصبح يصبح... ستكون ورطة، ولذلك القرآن لا يستطيعون أن يوقعوه في ورطة أبداً، لأنه لم يذكر تفاصيل. عندما تأتي لتحسب الأشياء الموجودة يتبين أن البشرية مضى عليها خمسة آلاف وثمانمائة سنة، والأهرامات مضى عليها سبعة آلاف، فلا يصح أن نقع
في ورطة. فافهموا الآية كما هي يا إخواننا: هو الذي أنزل عليك الكتاب. منه آيات محكمات هن أم الكتاب، إذاً "منه" هذه تعود على أم الكتاب لأنه كله محكم. المحكم هذا جزء منه اسمه أم الكتاب، وهو ما لم يرد في الشرع من سابق، مثل ماذا؟ مثل صيام رمضان. حسناً، إن الصيام كان موجوداً عند السابقين، لكن رمضان لا. رمضان بالتحديد هو هذا. كنا ندخر هذه الجمعة، كنا ندخرها، أو قلنا أن نكون كذلك، فإذاً منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات، فأما الذين في قلوبهم مرض فيتبعون ما تشابه
منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله، وما يعلم تأويله إلا الله، والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا. وما يتذكر إلا أولو الألباب، وأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله، وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون كل من عند الله، القرآن من عند الله والتوراة من عند الله، يعني لا يدخلون في قضايا. الإنكار ليس لأن محمد نبي فيصبح عيسى ليس نبياً، وليس لأن محمد نبي فيصبح موسى ليس نبياً. لا يدخلوا في هذا الإنكار،
"وأما الراسخون في العلم فيقولون آمنا به كل من عند ربنا وما يذكر إلا أولو الألباب".