المحي المميت | من أسماء الله الحسنى | أ.د علي جمعة

المحي المميت | من أسماء الله الحسنى | أ.د علي جمعة - اسماء الله الحسنى, تصوف
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. مع اسم من أسماء الله الحسنى تدلنا عليه سبحانه وتعالى، ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها. مع اسم من الأسماء المزدوجة التي وردت في حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه: إن لله تسعة وتسعين أسماء مائة إلا واحد من أحصاها دخل الجنة، ومن أحصاها يعني من تخلق بجمالها وتعلق بجلالها فكملت له الدائرة دخل بذلك الجنة، لأن من عرف ربه فقد عرف نفسه ومن عرف نفسه فقد عرف ربه. المحيي المميت وبهما الكمال، كل الأسماء المزدوجة تدل على كماله: الأول الآخر الظاهر
الباطن المحيي المميت المعز المذل النافع الضار أسماء مزدوجة بمعنى أن له الكمال، لا يجوز أن نقول يا ضار يا ضار يا ضار لأنه أرحم في ضرره منك، وإذا أنزل بك محنة ففيها منحة لأن المصائب التي تحدث حولنا فيحيي هذا ويميت هذا إنما هي للعبرة والعظة والرجوع بنا جميعا إلى حظيرة القدس والذي أمر الله ونهيه والذي طاعة الله تحدث كوارث حولنا، هذه الكارثة في جنوب شرق آسيا حصدت وأخذت وكذا محنة لكن فيها منحة، فيها موت لكن ينطلق من بعدها ومنها حياة، فهو
الذي يميت لكن هو الذي يحيي أيضا، يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي حتى تستمر الحياة فهو سبحانه وتعالى ليس ذلك الغاضب وليس هذا المعادي المصادم لحبيبه الإنسان، فالإنسان صنعته وهو يحبه ولذلك واجهنا بسم الله الرحمن الرحيم أي يطمئن قلوبنا بسم الله الرحمن المنتقم كان يجوز بسم الله المنتقم الجبار يجوز لكنه لم يفعل وقال بسم الله الرحمن الرحيم أي الذي سيخاطبكم قد سبقت رحمته قد سبقت غضبه وحكمته قد سبقت إرادته، ولذلك إذا أراد بنا سوءا فنزلت بنا محنة جعل فيها
منحة، ونزلت بنا شدة جعل فيها فرجا، فإن مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا. الموت مصيبة ولكن فيه حياة. تخيل لو أن الأرض جميعها لم يقدر الله لها الموت ما كانت أن قد فرض عليك احترامه الكبير وتوقيره ورعايته والعناية به، ماذا كنت ستفعل في جدك؟ كان واجبا عليك أن تقوم به، وإلا تبطل الحياة لأنه كلما شاخ الإنسان كلما احتاج إلى معين وإلى من يقوم به، فإذا كنت - يعني - كلفك الله ببر الوالدين فما بال بر
الجد وجد الجد هو أولى كيف تقوم به ثم إنك قد ضعفت تحتاج إلى غيرك فكيف تقوم برعاية من فوقك إذا الموت وإن كان مصيبة وفيه فراق ولما مات إبراهيم ابن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ما كان محمد أبا أحد من رجالكم لأنه لو كان لكان نبيا ونبينا صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين والمرسلين بكى وقال وإنا لفراقك يا إبراهيم لمحزونون، بكى صلى الله عليه وسلم إن القلب ليحزن وإن العين لتدمع ولا نقول ما يغضب الرب، إذن لا نقول ما يغضب الله سبحانه
وتعالى حين الموت وكذلك الحياة فهو المحيي، يجب أن نتخذها ونرى ما فيها من تشريف ومن تكليف، فإذا رزق الله أحدنا بالابن فلا بد عليه وهو فرح به ومسرور بقدومه أن يلتفت إلى ما فيه من تكليف، شرفك الله بالولد ولكن كلفك بتربيته ابتداء من اختيار اسمه، لا بد أن تختار له الاسم الحسن وانتهاء برعايته والعناية به إلى أن يكون إنسانا صالحا محبا للخير فاعلا له، أهذا كل ما نعيشه في المحيي المميت الذي نعيش فيه؟ نعيش
فيه الجمال، نعيش فيه الجلال، نعيش فيه الكمال، نعيش فيه التخلق، نعيش فيه الصبر، نعيش فيه الاستمرار في الحياة، نعيش فيه مواجهة ما في الدهر من شدائد بصبر وحلاوة وجمال، نرجو الله سبحانه وتعالى أن يقيمنا حيث ما يرضى، إلى لقاء آخر نستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.