المصور | من أسماء الله الحسنى | أ.د علي جمعة

المصور | من أسماء الله الحسنى | أ.د علي جمعة - اسماء الله الحسنى, تصوف
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. مع اسم من أسماء الله الحسنى، ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها، مع اسمه سبحانه وتعالى المصور وهو اسم فاعل من التصوير، فالله سبحانه وتعالى هو الخالق الذي يخلق من المادة الأولى وهو البارئ الذي يقول لهذه المادة الأولى كن فتكون فيخرج الوجود من العدم بإذنه بقدرته بإرادته وهو سبحانه وتعالى الذي يصور هذه المادة كيف يشاء فنرى الله سبحانه وتعالى قد خلق الإنسان وقد
خلق الأكوان وقد خلق الجماد وقد خلق النبات وقد خلق الحيوان على أصناف متنوعة يدرسها علماء الطبيعة فإذا بهم أمام صور شتى لخلق الله سبحانه وتعالى، كل يوم هو في شأن، ما زال ربنا سبحانه وتعالى خالقا وما زال ربنا سبحانه وتعالى بارئا وما زال ربنا سبحانه وتعالى مصورا. اكتشف العلماء في مستنقعات حوض الأمازون في البرازيل عشرات الآلاف من الخلايا الأولى التي تسمى بالأميبا بأشكال مختلفة، هذه الأشكال وعند
عند غروب الشمس تزول وتختفي ويجدون عشرات الآلاف مرة أخرى في صباح اليوم التالي ويرصدونها ويسجلونها ويصورونها ويرسمونها ثم بعد ذلك يفاجؤون بأنها قد انتهت وتشكلت أشكال أخرى بهذه الأعداد الكبيرة من هذه المخلوقات وحيدة الخلية بسيطة التركيب سألني بعضهم عن الحكمة في هذا في مستنقعات لا تطؤها قدم إنسان وفي أماكن لا يعرفها جميع البشر أو يكاد جميع البشر لا يعرفونها، ما
الحكمة في أن يخلق ربكم كل هذا ثم يفنيه من دون علم أحد؟ كان يريد أن يستدل على أن هذا عبث ولا حكمة فيه، ولكنني رأيت فيه تفسيرا لقوله تعالى "كل يوم هو في شأن" وتفسيرا لاسمه. تعال المصور فهو ما زال يصور، وهذه الحقيقة الكونية فهمها الملحد وكأنها تشير إلى عدم وجود الله، وفهمها المؤمن هي نفسها بأنها دليل من أدلة وجود الله، هذه الأدلة التي لا تتناهى والتي يصرخ بها الكون ويسبح ربه، الله
سبحانه وتعالى صور فأحسن التصوير، والتين والزيتون وطور سينين وهذا البلد الأمين لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم، يبدو أن الإنسان يسير على قدميه وأن رأسه في الأعلى وأن قدميه في الأساس في الأرض في الأسفل وأنه يسير مستقيم القامة في أحسن تقويم وأحسن صورة، فصورنا ربنا سبحانه وتعالى فأحسن صورتنا ولكن لما أحسن إلينا
كان يجب علينا أن نؤمن وأن نشكره وأن نطيعه وأن نتوكل عليه وأن نرضى بقضائه وقدره، ولكن الإنسان في كثير من الأحيان يخرج عن المنهج المستقيم وعن الصراط القويم، فلا يؤمن بالله، وإذا آمن به لا يشكره، وإذا شكره لا يطيعه، وإذا أطاعه لا يرضى ويسلم بقضائه وقدره. إذن هذا الإنسان رده ربنا سبحانه وتعالى. في باطنه أسفل سافلين ثم رددناه أسفل سافلين إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات فلهم أجر غير ممنون، المصور اسم
من أسمائه تعالى فاذكره به.