المعز المذل | من أسماء الله الحسنى | أ.د علي جمعة

المعز المذل | من أسماء الله الحسنى | أ.د علي جمعة - اسماء الله الحسنى, تصوف
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. أيها الإخوة المشاهدون، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. مع اسم من أسماء الله الحسنى، ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها، نعيش هذه اللحظات مع اسمين يذكران معا: المعز المذل. يقول ربنا سبحانه وتعالى في كتابه القرآن الكريم قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شيء قدير تولج الليل في النهار وتولج النهار في الليل وتخرج الحي من الميت وتخرج
الميت من الحي وترزق من تشاء بغير حساب ذكر الله الأفعال تعز من تشاء وتذل من تشاء ويؤخذ من الفعل الصفة كما أخذنا الحبيب من قوله تعالى يحبهم ويحبونه فهو الحبيب والمحبوب، الحبيب الذي يحب عباده والمحبوب الذي يحبه عباده، مثل قوله تعالى إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم فهو الناصر، والناصر ليست من أسماء الله الحسنى التي في الحديث أبو هريرة لكنها تؤخذ من مثل هذه الأفعال
فهناك أفعال يؤخذ منها أسماء الله سبحانه وتعالى ذكرت في الكتاب وذكرت في السنة إذا لم تكن هذه الأسماء موهمة والمعز المذل يذكران معا لأن بهما تمام المعنى الذي نريد أن نصف الله به يعني أنه على كل شيء قدير من حيث أنه يهب الملك أو العزة أو المكانة لمن يشاء وينزع هذا الملك أو هذه العزة أو هذه المكانة ممن يشاء ويعطي من يشاء ويمنع من يشاء وعلى ذلك فالأمر كله لله من قبل ومن بعد من قبل ذلك ومن بعد ذلك ذكر
المعز المذل ذكر للجمال والجلال معا فإن الله سبحانه وتعالى إذا أعز إنسانا فقد رحمه، وإذا أذل إنسانا فقد نبهه، وكل محنة من المحن التي ينزلها الله سبحانه وتعالى بالعباد أي كل مصيبة تصيب الإنسان من لطف الله به، يجعل فيها شيئا من الخير، شيئا من التذكير، شيئا من التنبيه حتى يعود الإنسان إلى نفسه ويراجعها حتى يتعلق الإنسان بربه ويتوسل إليه ويتوكل عليه ويؤمن به
حتى يعتز الإنسان بالله لا بأحد من البشر حتى يعلم الإنسان الحقائق على ما هي عليه وأنه لا ينفع ولا يضر في هذا الكون إلا الله فإن الله سبحانه وتعالى يتجلى على بعضنا بالعزة ويتجلى على بعضنا بالذلة من أجل أن نتدافع في هذه الحياة الدنيا ومن أجل أن نسير سويا وجميعا في اتجاه الله وعلى طريق الله سالكين الطريق إليه سبحانه وتعالى، اذكر دائما المعز المذل معا حتى يكتمل المعنى، فإن الله سبحانه وتعالى ليس مذلا فقط بل قد يكون في الذل عز، أمرنا بالسجود له وفي هذا السجود لو
كان لغيره ذل وظاهره الانخفاض، ولكنه لما كان لله كان عزا، فهو الذي أعزنا بالسجود إليه، ولا يسجد له في الكون الآن إلا المسلمون، هم وحدهم الذين يسجدون لربهم لأنه تجلى عليهم بالعز وتجلى عليهم بالذل إليه سبحانه وتعالى، فهو المعز المذل، وكن عزيزا في الناس بعبادتك لربك وكن ذليلا لربك متوجهة