الملك | من أسماء الله الحسنى | أ.د علي جمعة

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. مع أسماء الله الحسنى، ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها. هو الله الرحمن الرحيم الملك القدوس، ونحن اليوم مع صفة من صفات ربنا سبحانه وتعالى الملك. وصفات الله وأسماؤه على نوعين: أسماء عامة يمكن أن نطلقها على البشر كرؤوف مؤمن ملك وصفات أخرى لا تطلق إلا على الله سبحانه وتعالى الله الرحمن، هذه
الصفات صفات مختصة برب العالمين فلا يجوز أن نطلق على أحد من الناس لفظ الجلالة مثلا أو نسميه الرحمن، هذا لا يجوز لأنها أسماء قد اختصت بالله تعالى أما الملك فإننا يمكن أن نطلق على واحد من البشر أنه ملك، إذا ملك وإذا حكم فنسميه ملكا. هذه اللفظة "ملك" تدل على القوة في لغة العرب، الميم واللام والكاف مهما كان ترتيبها في الكلمة فإنها تدل على القوة. ملك، الملك أقوى من العدم، فلما يكون في ملك شيء يكون ذلك أقوى. الكلمة
كلمة. أي جرح شيء فيه قوة، فالكلام أقوى من الصمت لأنه يعني الضرب باليد والمسألة فيها قوة، إذن فالميم واللام والكاف في تكوين كلام العرب مهما كان ترتيب الحروف تدل على معنى القوة، ولذلك عندما سمع العرب كلمة ملائكة شعروا بالقوة لأن الملك قوي لأنه مكون من الميم واللام والكاف لما سمع العرب أن من أسمائه تعالى أنه الملك شعروا بالقوة،
فهي لفظة تدل في مدلولها السمعي في أذن العربي على القوة، والله سبحانه وتعالى هو ملك الملوك، والنبي صلى الله عليه وسلم نهى الناس أن يسموا أحدا من البشر ملك الملوك. ملك هي من الأسماء العامة. كريم رحيم رؤوف يمكن أن نسمي الناس بهذه الأسماء ولكن ملك الملوك هذا لا يكون إلا لله رب العالمين ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن أخنع الأسماء شاه وكلمة شاه بالفارسية معناها ملك الملوك ملك القدوس السلام
المؤمن المهيمن العزيز الجبار الله سبحانه وتعالى هو الملك وهو المالك ولذلك نرى قراءتين متواترتين للفاتحة الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم ملك يوم الدين ومالك يوم الدين فهو الملك وهو المالك الملك أقوى سلطانا لأن رعيته تحت يده لأنه يستطيع بسلطانه أن ينفذ ما لا يستطيع غيره أن ينفذه ولذلك نرى الملك بيده سلطة لكن المالك أقوى من
الملك فيما يملك خاصة، فمن امتلك بيتا فإن الملك لا يستطيع أن يدخل هذا البيت ولا أن يأخذه من مالكه، فالمالك قوي من ناحية خاصة والملك قوي من ناحية عامة. الله سبحانه وتعالى قوي مطلقا سواء في المسائل الخاصة أو العامة، فإن الملك والملكية لله رب العالمين ولذلك هو فعال لما يريد ولذلك هو لا يسأل عما يفعل وهم يسألون لماذا لأنه هو صاحب هذا الكون هو الذي أخرجه من العدم هو الذي أنشأه كما أراد ولذلك
فهو قد ملكه وقد امتلكه وهو الملك والمالك لكل هذا فلا ينسب إليه ظلم لأن الظلم هو التصرف في ملك الغير أما إن الله إذا تصرف في هذا الكون فلا ينسب إليه ظلم لأنه قد تصرف فيه، كثيرا ما نرى من أصيب بالأمراض ويسأل بعضهم لماذا يصاب هذا خاصة الأطفال، لماذا خلق الله المرض؟ خلق الله سبحانه وتعالى المرض من أجل العمران، تدافع الناس حتى يبحث الإنسان عن كيفية مقاومة هذا المرض تقوم طوائف من البشر لعلاج هذا المرض حتى تخرج الرحمة من قلوب الناس
إزاء هذا المرض، حتى يعلم الإنسان عجز نفسه في هذا الكون. أما أن الله قد خلق هذا فإنه أمر قد تصرف فيه في ملكه وما يملك، ولذلك لا ينسب له سبحانه وتعالى الظلم أبدا، وما ربك بظلام للعبيد حاشاه سبحانه فلأنه هو الملك ومن تحقق بهذه الصفة فإنه يثق فيما في يد الله ويعلم أن هذه الدنيا فانية ولذلك لا يتكالب عليها تكالب العصاة الذين يسرقون ويرتشون ويحاولون أن يحصلوا على هذه الدنيا وهم لا يدركون أن من تخلق باسمه سبحانه وتعالى الملك وثق
في ما عنده ثقته فيما في يده إلى لقاء آخر، أستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.