برنامج إحياء علوم الدين | حـ 19 | الصدق | قناة اقرأ | 2011 - 08 - 19 | أ.د علي جمعة

برنامج إحياء علوم الدين | حـ 19 | الصدق | قناة اقرأ | 2011 - 08 - 19 | أ.د علي جمعة - إحياء علوم الدين, تصوف
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد، فسلام الله عليكم ورحمته وبركاته. حلقة جديدة من حلقات برنامجكم "إحياء علوم الدين" مع فضيلة الإمام العلامة الدكتور علي جمعة مفتي الديار المصرية. أهلاً ومرحباً بكم يا مولانا. أهلاً وسهلاً بكم، أهلاً بك يا سيدنا. ما زلنا نتحدث مع فضيلتك عن كتاب إحياء علوم الدين للإمام الغزالي. نعم، ونتحدث في المنجيات، واليوم إن شاء الله سنتحدث عن الصدق، فما هي حقيقة الصدق وما فضله؟ بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه. ومن والاه الإمام الغزالي بنى باب الصدق على قوله تعالى، وهي آية غريبة
عجيبة جميلة: "يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين". "وكونوا مع الصادقين" جميل في هذه الآية. "وكونوا مع الصادقين"، حيث إن "مع" تدخل على العظيم، أي تقول: "جاء الوزير مع السلطان"، مينفعش تقول جاء السلطان مع الوزير يصح أن تقول: فمع تدخل على العظيم، فأنا عندما أتقي لا أكون من المتقين، فيجب أن أكون مع الصادقين. يصبح الصادق فوق التقي، ولذلك سميت إحدى مراتب القرب من الله الصديقية، وأمه صديقة. نعم، السيدة مريم في مرتبة عالية جداً، أي أنها لا تصبح نبية مباشرة، بل تصبح بعد ذلك صديقة، وسمي أبو... بكر وهو الذي تحمل عبء الإسلام من البداية وأول من أسلم وكذلك الصديق أبو بكر، نعم،
إذ الصادق، والصدق هذا أمر عظيم جداً عند الله سبحانه وتعالى. ولذلك هذا هو أساس القضية: لماذا أكون صادقاً؟ لأن الصدق يحبه الله، ولأن الصدق من صفات أهل الجنة، ولأن الصدق يعود. على الإنسان بالخير في الدنيا والآخرة، قال تعالى: "إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله أولئك هم الصادقون"، وذلك لأن المؤمن ضحّى بكل شيء لله ورسوله، وسيدنا النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "إن الصدق يهدي إلى البر والبر يهدي إلى الجنة". وأن الرجل ليصدق حتى يكتب عند الله صديقاً، ما شاء الله. في المقابل،
وأن الكذب ليهدي إلى الفجور، والفجور يهدي إلى النار، وأن الرجل ليكذب حتى يكتب عند الله كذاباً. يا ساتر! أعوذ بالله. والعياذ بالله تعالى من كتر ما بيكدب لا يكذب، صغير على كتابة بيضاء على كتابة كذا، يصبح كذاباً. عند الله لا أكون كذاباً، نعم كذاباً. الصدق في الحقيقة هو الحقيقة، هو حكاية الواقع، حكاية الواقع، حكاية الواقع. نعم، وقال في هذا: "احكِ الواقع"، فيجب أن أدركه إدراكاً جيداً. ويقول سيدنا: "دع ما يريبك إلى ما لا يريبك، فإن الصدق طمأنينة وإن الكذب ريبة". ريبة، فإذن فلنتجنبه. تحدث بكل شيء سمعته. نعم، كفى بالمرء كذباً أن يحدث بكل ما
سمع. يقول يعني هذه نقطة مهمة يا إخواننا، هذه الإشاعات والأكاذيب والافتراءات، وهذا - والحمد لله - قد امتلأت بها الآذان وانتشرت انتشاراً عجيباً. قال صلى الله عليه وسلم: "ثم يفشو الكذب". يا ساتر! يفشو الكذب، ينتشر نعم، وهذا شيءٌ قبيح، نعم وشيءٌ مُريع، لأنه يكرّ علينا بإبطال كل شيء، بإبطال الدين كله. نعم، أي معلومة سمعتَها أو قرأتَها في الإنترنت تعتبرها كأنها حقيقة واقعة، نعم، وتتعامل معها حسب أهوائك. فهم يقولون قالوا، وورد، وأحدهم قال. لا، فالصدق طمأنينة وإن الكذب ريبة. نعم، فالكذب لا يؤدي إلى الطمأنينة، إنما الذي يؤدي إلى الطمأنينة هو الصدق. نعم، حسناً، ما هي أنواع الصدق يا سيدنا؟ تفضل مولانا. كنت أريد فقط أن
أقول أيضاً عن بعض أولياء الله هكذا، وكان بعض أولياء الله يقول: "لا يشم رائحة الصدق عبدٌ داهن نفسه أو غيره، لا يشم الصدق فضيلة جميلة وله رائحة حلوة، لا يشمها (أي) من ليس صادقاً، كالذي يداهن نفسه ويضحك عليها ويخادعها أو يداهن غيره. وكان سيدنا ذو النون المصري، كما أورد صاحب الإحياء الإمام الغزالي، قال: "الصدق سيف الله، ما وُضِعَ على شيء إلا قطعه". جميل، ولذلك كان سيدنا عمر يقول إن الصدق فيه نجاة ولو ظننت فيه هلاكك. أتذكر أن الشيخ علي الخواص كان
يعمل بالخوص، يصنع حصيراً ونحو ذلك، فجاءه رجل يجري هارباً من بعض الظلمة، وكان وراءه جنود السلطان، فقال له: "خبئني عندك"، فقال له: "ادخل والتف في". الحصيرة هذه دخلوا وتلفوه فيها، فجاء هؤلاء الناس وقالوا: "ألم تر أحداً مر من هنا؟" فقال لهم: "إنه ملفوف في هذه الحصيرة، ملفوف في الحصيرة، هو عندكم، دخل وأخذه، إذا كنتم تريدونه". فقالوا له: "إنك رجل أحمق"، وذهبوا مسرعين. فتخلص من الحصيرة وقال له: "هكذا كدت أن تُضيعني". يعني قال له: "يا بني، صِدْقُكَ نجّاك، ما شاء الله". والله لو قلت لهم: "لا، حسناً، أما أنت كنت هنا واختفيت، سيدخلون، سيدخلون". فأنا عندما نفتش ونرى، صِدْقُكَ نجّاك، ما شاء الله. فالحقيقة أن الذي نجّى هذا هو إخلاص علي الخواص، إخلاصه، لأنه كان يراقب نفسه
وكان يحاسب نفسه وكان... يعني بعض الناس يعتبر أن هذا سذاجة أو شيء من هذا القبيل، لا، إن هذا هو ما جعل هؤلاء الناس أئمة قادة سادة. ومن هنا نأتي إلى سؤالك عن أنواع الصدق السطح. المثال الذي ذكرته لنا عن سيدنا علي الخواص أنه عندما قال للناس الظلمة هؤلاء: "هو لديكم بالداخل وهو ملفوف". في الحصيرة ظنوا أنه يستهزئ أو يسخر. طبعاً لو قال لهم لا، لم تروا، لكان من الممكن أن يدخلوا ويفتشوا ويكشفوا الأمر فوراً. فصدقه هو الذي أنجاه. نود أن نعرف يا مولانا أنواع الصدق التي ذكرها الإمام الغزالي في إحياء علوم الدين، بعد إذن فضيلتك. فقد تحدث الإمام الغزالي عن خمسة أنواع للصدق، خمسة، نعم. النوع الأول أو الدرجة الأولى - لصحة التعبير - صدق اللسان. نعم، فاللسان يجب أن يكون
صادقاً. أورد عدة أحاديث تبين ما هو الصدق وما هو الكذب، منها حديث الرسول: "ليس بكذاب من أصلح بين اثنين فقال خيراً أو نمى خيراً". هذا الرجل يمدح فيك. يقول فيك شعرًا وهو لا يقول أي شيء، أو لكنه لا يوقع بين الناس. هذا ليس كذابًا، هذا نوع من أنواع الإصلاح وليس نوعًا من أنواع الكذب. جميل ما شاء الله، ففي الدرجة الثانية الصدق في النية، فيكون هناك صدق في اللسان وصدق في ماذا؟ في النية. الدرجة الثالثة أو النوع الثالث: الصدق في العزم، الصدق في العزم أي في التوجه في القصد المؤكد الذي يسمونه العزم. الدرجة الرابعة: في الوفاء بذلك بالعهد، الوفاء بالعهد
يعني نوع من أنواع الصدق، أي أنني أعد ولا أخلف وعدي. أي مدح الله هؤلاء الذين يوفون بعهدهم يقول. من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلاً. سبحانه! قال: إن في الناس من يخون أو من هو ضد الوفاء، "ومنهم من عاهد الله لئن آتانا من فضله لنصدقن ولنكونن من الصالحين، فلما آتاهم من فضله بخلوا به وتولوا وهم نفاقًا فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ قلوبهم إلى يوم يلقونه بما أخلفوا الله ما وعدوه وبما كانوا يكذبون وبما كانوا يكذبون، يعني كأنه قد كذب في العمل وفي عهده في العمل، نعم لأنه خان. هذه الدرجة الخامسة التي يتحدث عنها
الإمام الغزالي هي الصدق، يمكن أن أقول في الأعمال، أي الصدق في... الأعمال، حسناً، لكي نعرف يا مولانا الصدق في الأعمال ونأخذ الخمس درجات هذه، لكن نخرج للفاصل لأن الوقت مع فضيلتك يمضي سريعاً. إليكم بعد الفاصل الجزء الثاني من حلقة اليوم من برنامجكم إحياء علوم الدين مع فضيلة الإمام العلامة الدكتور علي جمعة. ونحن قبل أن نخرج يا مولانا، كنت فضيلتك... قلت لنا عن أنواع الصدق الخمسة التي أوردها الإمام الغزالي في كتاب إحياء علوم الدين، نعم، يمكننا أن نجعلها خمسة أو يمكن أن نجعلها اثنين. خمسة أو اثنين أو اثنين، أي أنه قسّم السر وقسّم
العلن، السر والعلن، فقد تحدث عن اللسان، وعن النية، وعن العزم، وعن الوفاء. بالعهد عن العمل، ففي أشياء أعلى من الوفاء بالعهد. الناس تعرف العمل، والناس تراها، واللسان الناس تسمعه. أما النية والعزم فهما في السر من الداخل. ولذلك فقد أورد بيتين جميلين يقول فيهما: إذا السر والإعلان في المؤمن استوى، فيكون باطنه مثل ظاهره، ويكون سرك مثل إذا السر. والإعلان في المؤمن استوى فقد عز في الدارين واستوجب الثناء ما شاء الله الثناء نعم، فإن خالف الإعلان سراً فما له على سعيه فضل سوى الكذب والعناء، الكذب
والمعاناة أي العناء، نعم العناء، يعني يكون والله الإعلان مثل السر والسر مثل الإعلان، استوجب ذلك الثناء من الله. والثناء من الناس ما شاء الله، وإذا كان الإعلان مخالفاً للسر وهو نوع من أنواع النفاق، فبهذا الشكل أنت فضلت الكذب على الصدق. إذن، الصدق قد يكون باللسان وقد يكون بالعمل، نعم بالعمل. "لِمَ تقولون ما لا تفعلون، كَبُرَ مقتاً عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون"، إذن... هذا الصدق ومعناه أنه ليس في اللسان فقط بل أيضًا في موافقة السر للعلانية. كنت فضيلتك يا سيدنا قد تحدثت في حلقة ماضية عن الكذب، وأوضحت لنا أن هناك فارقًا بين أن تكون المعلومة التي قلتها مطابقة للواقع أم لا، يعني عندما يسألني شخص: "هل معك نقود؟" فأقول له: "لا". جيبي ليس فيه نقود، وفجأة
اكتشفت أنني كنت ناسياً وأن هناك نقوداً في جيبي. في تعريف الصدق والكذب ثلاثة مذاهب عند العلماء، ونجد هذا المبحث في علم البلاغة، نعم، لأنه يقول لك إن هناك فرقاً بين الخبر والإنشاء. الخبر هو ما احتمل الصدق والكذب لذاته، نعم، والإنشاء ما لا يحتمل. الصدق والكذب لذاته، نعم. فعندما جاء في التعريف كلمة الصدق والكذب، اضطروا أن يعرفوا ما هو الصدق وما هو الكذب. المذاهب الثلاثة هي كثلاثة مداخل هكذا: واحد قال: "والله هو موافقة الواقع ومخالفة الواقع"، والثاني قال: "لا، موافقة الاعتقاد ومخالفة الاعتقاد"، والثالث قال: "لا، لنجمع بينهما". موافقة الواقع والاعتقاد معاً ومخالفة الواقع أو الاعتقاد معاً أيضاً أمر جميل. فلو أننا سلكنا الطريق الأول بأن الصدق
هو ما وافق الواقع فقط، فسيكون أي شيء يخالف الواقع يُسمى كذباً، وأي شيء يوافق الواقع حتى لو لم يكن فيه اعتقاد يُسمى صدقاً. يعني لنفترض أن شخصاً غير مسلم... نعم، وقال أن محمداً رسول الله وهو ليس مؤمناً بذلك. نعم، الواقع أن محمداً رسول الله، والكلمة التي قالها هذه تكون صدقاً لأنها وافقت الواقع. حسناً، هل هو يقولها من ورا قلبه قلبه؟ ليس لي تدخل. المذهب الثاني يقول: لا، هذا الرجل كاذب. نعم، لأنه لا يعتقد ذلك، فهو كاذب كمعتقد، أصبح أنه هو فعل رسول الله باعتقاده هو وليس بالواقع. هذا الرجل الذي قال وهو غير مؤمن بسيدنا النبي ويقول أن محمد الرسول هو رسول الله، هذا الرجل بذلك يكون كاذباً. لماذا كاذباً؟ قال لأنه غير معتقد هكذا، إنه يقول شيئاً غير معتقده، وإلا لكان
آمن لو كان. أعتقد مثلاً - صحيح - الثالث يقول أيضاً أن هذا كاذب لأنه يجب أن يوافق الواقع ويوافق معتقده، فعندما خالف معتقده وإن وافق الواقع، فهذا أيضاً كاذب. حسناً، إذاً توجد ثلاثة مذاهب في هذه المسألة. طيب، افترض أن رجلاً مؤمناً قال إن محمداً ليس برسول الله، نعم، هذا مخالف لمعتقده لهما فالرجل هذا كاذب على كل وجه، على كل الوجوه، على كل الوجوه وهكذا. يعني ما هذا الكلام الذي ما هو في البلاغة؟ وعلماء البلاغة تكلموا بتوسع كبير في هذا المجال. جميل، طيب يا سيدنا، هلّا نتكلم عن المدخل إلى الصدق أو نتكلم عن آثار الصدق على الإنسان، ما هي؟ أثر الصدق على الإنسان أو على المجتمع ككل، آثار الصدق على الإنسان
تجدها في قوله تعالى في نهاية المائدة: "هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم لهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا رضي الله عنهم ورضوا عنه ذلك الفوز العظيم". ما شاء الله "هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم"، صدقهم إذا كان ينفع يوم القيامة وهو يؤدي إلى رضا الله وهو يؤدي إلى الجنة، فهذا لو لم يكن للصدق إلا هذا لكان كافياً فضل الله، وأيضاً هناك حديث عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أربع إذا كن..." فيك فلا عليك ما فاتك من الدنيا، أي حفظُه للأمانة وصدقُه في الحديث وحسنُ خُلقه وعفة في طعامه.
يعني هذه الأربعة إذا كانت فيك فلا يهمك، نعم أن إنك تكون حافظ للأمانة تكون صادقاً في الحديث أو الصدق كما ظهر، وأن تكون أخلاقك حسنة، وأن تكون. نعم، حلال كما يقولون نعم، وخاصة في المطعم، ولذلك الإمام الغزالي يريد أشياء من هذا القبيل، وهو يشير إلى آثار الصدق على الإنسان، يقول: "من طلب الله بالصدق أعطاه مرآة يبصر فيها الحق والباطل"، ما شاء الله، يعني هذا القول قادم من شخص جرَّب الصدق، أي أنه عندما يصدق المرء. يصدق فيكتب عند الله صديقاً فينكشف له الحق والباطل، إذاً من آثار الصدق على الإنسان تمييزه بين الحق والباطل. وأيضاً
عليك بالصدق حيث تخاف أنه يضرك فإنه ينفعك، ودع الكذب حيث ترى أنه ينفعك فإنه يضر بك. والله، هذا وارد عن سيدنا عمر بن الخطاب، يعني أورده ربما هناد بن... السري في كتابه: "فإن فوائد الصدق كثيرة مع هذه الآثار. الصدق طريق الأبرار إلى الجنة. الصادقون أحباب الله المقربون. الصادقون يحبهم الناس ويأتمنونهم في كل شيء في معاملاتهم وفي حياتهم. الصدق دليل القوة وسمة الثقة بالنفس. الصدق منجاة. الصدق مؤثر في القلوب،
يقال لك: هذا خرج من القلب فوصل إلى..." القلب فما كان قد خرج من الجنان يصل إلى الجنان، والقلب وما خرج من اللسان لا يصل إلا إلى الآذان. الصادق يُحشر يوم القيامة مع النبيين والشهداء والصالحين، فالصديقون هؤلاء محشورون مع الزمرة الصالحة، مع الثلة من عباد الله السابقين. جميل، وكان يا سيدنا - أظن - الدكتور أحمد. كتب زكي باشا في كتابه "الأخلاق" أنه حتى لو لم تكن الأديان تأمر بالصدق، لكان واجباً أن نكون صادقين لأجل المعاملات. كن صادقاً بين الناس. لقد استحسنت منك عندما عبّرت وقلت لي أثر الصدق على الإنسان، ولم تقل أثر الصدق على المسلم. نعم، لهذا المعنى الذي... أشار إليه الباشا - نعم - محمد زكريا شيخ العروبة أنه،
أن الصدق هذا على فكرة مؤثر في الإنسان كإنسان وليس في المسلم فقط، وليس في المسلم فقط، فما بالك بالمسلم، جميل. فالصدق اختارته الأمم التي أرادت لنفسها العزة والحياة والمصلحة والانطلاق، حتى مع - والعياذ بالله تعالى - يعني الله سبحانه وتعالى هو صدق غير كامل هكذا، ولكنه حتى صدق الحديث جعل لهم المكان وجعل لهم التمكين، جعل لهم المكان وجعل لهم التمكين. فإذا - يعني إذا - نحن أولى بهذا، فالحكمة ضالة المؤمن أينما وجدها فهو أحق بها، فما بالك وهذه ليست حكمة نبحث عنها وإنما هو أمر وَرَدَ في القرآن الكريم وَوَرَدَ على لسان النبي الشريف صلى الله عليه وسلم، فما بالك أنه قد
حرَّم علينا الكذب وقال: "أيكذب المؤمن؟" قال: "لا" عليه الصلاة والسلام. المؤمن لا يكون كذاباً أبداً، لا أبداً ولا يمكن. الله يحفظك يا سيدنا ويبارك فيك. اسمحوا لي باسم حضراتكم. نشكر فضيلة الإمام العلامة الدكتور علي جمعة على هذا الجهد وعلى هذا العلم من فضيلته، على وعد باللقاء إن شاء الله في حلقات قادمة من برنامجكم إحياء علوم الدين. فإلى ذلك الحين، نستودع الله دينكم وأماناتكم وخواتيم أعمالكم، ونترككم في حفظ الله ورعايته، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.