برنامج إحياء علوم الدين | حـ 20 | التوكل على الله | قناة اقرأ | 2011 - 08 - 20 | أ.د علي جمعة

برنامج إحياء علوم الدين | حـ 20 | التوكل على الله | قناة اقرأ | 2011 - 08 - 20 | أ.د علي جمعة - إحياء علوم الدين, تصوف
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد، فسلام الله عليكم ورحمته وبركاته. حلقة جديدة من حلقات برنامجكم "إحياء علوم الدين" مع فضيلة الإمام العلامة الدكتور علي جمعة مفتي الديار المصرية. أهلاً ومرحباً بك يا مولانا. أهلاً وسهلاً بكم لازمنا يا مولانا مع كتاب إحياء علوم الدين للغزالي، ونتحدث عن مفاتيح النجاة. تحدثنا في الحلقة الماضية عن الصدق، واليوم إن شاء الله نريد أن نتحدث عن التوكل وحقيقة التوكل على الله. بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. عرَّف الإمام الغزالي التوكل بأنه اعتماد القلب على الوكيل وحده. نعم، فالإنسان
إذا اعتقد اعتقاداً جازماً أنه لا فاعل إلا الله، واعتقد مع ذلك تمام العلم والقدرة لله سبحانه وتعالى، وأنه هو الفاعل الحقيقي، فإن هذا هو حقيقة التوكل. توكل على الله يعني اعتمد عليه. أي لا حول ولا قوة إلا بالله. التوكل بهذه الكيفية ينشئ في القلب التسليم والرضا الجميل، فهذا مبني على أمر الله سبحانه وتعالى وعلى حب الله سبحانه وتعالى لهذا الشأن. قال تعالى: "وعلى الله فليتوكل المتوكلون" و"وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين". قال تعالى:
"ومن يتوكل على الله فهو". حسب إن الله بالغ أمره قد جعل الله لكل شيء قدرا. قال تعالى: "إن الله يحب المتوكلين". نحن نبحث عما يحب وما يكره، لأن هذه الصفات هي صفات المؤمنين، وهذه الصفات هي صفات النقص التي نبتعد عنها لأنها من المهلكات. قال تعالى: "ومن يتوكل على الله فإن". الله عزيز حكيم، قال تعالى: "إن الذين تدعون من دون الله عباد أمثالكم فادعوهم فليستجيبوا لكم إن كنتم صادقين". فإذاً لا بد علينا أن نتدبر كل هذا ونعلم أنه لله خزائن السماوات والأرض، ولكن المنافقين لا يفقهون. فلما كان ربنا عنده خزائن السماوات والأرض، فكيف نتوكل على غيره؟ إن ربكم
الله الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش يدبر الأمر ما من شفيع إلا من بعد إذنه يعني بيده كل شيء ذلكم الله ربكم فاعبدوه أفلا تذكرون، يعني إن التوكل هذا مهم جداً وله آثار طيبة في الدنيا والآخرة ولذلك قال رسول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يدخل الجنة سبعون ألفاً بغير حساب، سبعون ألفاً بغير حساب". قالوا: "من هم يا رسول الله؟" قال: "الذين لا يكتوون ولا يتطيرون ولا يسترقون وعلى ربهم يتوكلون". أي هنا المفتاح الرئيسي للكل أنهم على ربهم يتوكلون. هناك فرق بين التوكل والتواكل، الفرق بينهما هو... ترك الأسباب فإذا أنت فعلت الأسباب ثم قلت يا رب يبقى
أنت متوكل، لو تركت الأسباب فترك الأسباب جهل، لكن الاعتماد عليها شرك. ترك الأسباب لم يكن من سنة الأنبياء، يقول سيدنا: "لو توكلتم على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير، تغدو خماصاً وتروح بطاناً"، ولما خرج في أُحُد. قال فبين درعين فإذا التوكل مهم ومأمور به وهو يولد الرضا والتسليم. قال رسول الله: "من سره أن يكون أغنى الناس فليكن بما عند الله أوثق منه بما في يده". ما شاء الله، كل هذه الأمور تساعدك على قضية التوكل. والإمام الغزالي أورد أيضاً هو يريد الآية أو الآيات وبعدها. يريد الأحاديث وبعد ذلك يريد كلام أهل الله من الصحابة والتابعين
والأئمة والعلماء والأتقياء فيقول لك قال بعضهم: "لا يشغلك المضمون لك من الرزق عن المفروض عليك من العمل" جميل، فتضيع أمر آخرتك ولا تنال من الدنيا إلا ما قد كتب الله لك. هذه غفلة، فالله قد أمرك بشيء. ورزقك بشيء، فلا تجلس تخلط الأمور. لا تهتم بالرزق وتجلس تبحث عن قوت يومك. الفلاح يلقي البذور ثم يدعو قائلاً: "يا رب". الله يلقي البذور ويقول: على فكرة، إذا لم يلق البذور فلن يخرج شيء في عامه، حتى لو جلس من هنا يقول "يا رب" حتى الصباح. نعم، ولذلك... كانوا يروون بعض الأشياء لكي يجعلوها نكتة هكذا ويجعلوها مزحة لكنها لها معنى، ويذكرونها في أخبار الحمقى والمغفلين باعتبار أن لها معنى أيضاً. يقولون لك
أن أحدهم من الحمقى والمغفلين جلس يدعو الله سبحانه وتعالى أن يرزقه ولداً. كان رجلاً مخلصاً ولكنه غير منتبه. إنها غفلة لأنه أصلاً لم يتزوج بعد، فكيف سيُرزق؟ حسناً ونعم، تعال. صحيح أقول لك: فنزلت إليه الملائكة وقالت له: "يا أخي، استُجيب دعاؤك، تزوج، فقط تزوج، لأنك لن تُرزق بغير زواج، لن تُرزق". إن مَن أراد الله أن يُنشئ شيئاً من غير الزواج مثل السيدة... العالمين، مريم، هذا، هذه، ماذا، معجزة، هذه، شيء، من، عند، الله، لا، تسأل، عيسى، من، غير، أب، هذه، معجزة، فيعرف، هذا، نعم، مثل، مثل، سيدنا، آدم، من، غير، أب، ولا، أم، هذه، معجزة، هذه، شيء، لا، تسأل عنه، لا، يدعو، عليها، يا، رب، ارزقني، بولد، وأنا، غير، متزوج، لا، تأتي، واحدة غير متزوج تقول يا رب ارزقني بولد وهي مثلاً غير متزوجة، هذا لا يصح. هذه نعمة
أكرم الله بها السيدة مريم وحدها. السيدة مريم عليها السلام، السيدة مريم. إذاً لا يصح هذا السؤال. لا بد من العمل، لا بد بعد أن تلقي الحب أن تدعو وتقول يا... ربّ وأنت وما أنت فينبت النبات ويظهر. المسألة، المثال الذي فضيلتك ضربته لنا يا سيدنا، نحن نراه في نماذج كثيرة من أبنائنا وإخواننا من الطلبة، لا يذاكر طوال السنة ويأتي قبل الامتحان بيوم أو يومين، يجلس يصلي ويسجد ويقول يا رب أنجحني، فهي عاملة مثل صاحبنا الذي هو. يا ربِّ، هو ليس مجرد بماذا أو بما الذي دخل حتى يُثبِّته الله في ذهنه ليساعده على استرجاعه. لابد أن يكون هناك شيءٌ يُذاكِره حتى يكون علامة يتذكر بها، كما يقول سيدنا عمر: "إن السماء لا تُمطِرُ ذهباً ولا فضة"، والله يستر على عباده. بشرط أن يكون هذا آخر خطأ يرتكبه بعد ذلك، وليس أن تُتخذ سُنَّة للحياة. نعم، حسناً يا سيدنا، لقد أخبرتنا عن الآيات الواردة في
التوكل، فهل هناك آيات أخرى موجودة؟ أو نريد أن نعرف ما هي درجات التوكل وأركانه. كما ذكرنا أن التوكل هو اعتماد القلب على الله. وحده سبحانه وتعالى التوكل هذا له أركان، هذه الأركان عدّها الإمام الغزالي أنها ثلاثة أركان. ثلاثة أركان: رقم واحد المعرفة بالله، رقم اثنين حال المتوكل وهو أن يكل أمره إلى الله وحده ويثق به في قلبه وتطمئن نفسه إليه سبحانه وتعالى، رقم ثلاثة العمل كما قلنا هكذا إذ ليس التوكل معناه ترك العمل لأن ترك العمل يكون فسقاً، فيكون إذاً هذا الاعتماد القلبي بتوحيد الله، وحال المتوكل من الثقة
في القلب، والعمل جزء لا يتجزأ أو ركن ركين في قضية التوكل. هل نذهب إلى الفاصل يا سيدنا ونعود لنتكلم عن درجاته؟ لنرَ درجات التوكل. فاصل ونعود إليكم. فابقوا معنا. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. عدنا إليكم من الفاصل، الجزء الثاني من حلقة اليوم من حلقات برنامجكم "إحياء علوم الدين" مع فضيلة الإمام العلامة الدكتور علي جمعة مفتي الديار المصرية. وحلقة اليوم عن التوكل على الله. سيدنا، ونحن خارجون من الفاصل، فضيلتك قلت لنا أن أركان التوكل ثلاثة، نريد... نذكر مشاهدينا بهم، وبعدها نقول ما هي درجات التوكل. أركان التوكل كما ذكرنا وكما ذكرها الإمام
الغزالي هي أن يؤمن بأن هناك إلهاً، وأنه قادر حكيم قوي إلى آخره. حالته هو أمّا الأمر الثاني فهو أن يثق بهذا الإله، والأمر الثالث هو العمل، العمل، لأن هناك فرقاً كبيراً جداً بين التوكل والتواكل. هو العمل بالأسباب، وهذه العبارة الشهيرة التي ذكرناها في الجزء الأول: "ترك الأسباب جهل والاعتماد عليها شرك". ترك الأسباب جهل والاعتماد عليها شرك. كيف يعني؟ أنا معتمد على الأسباب يعني الأسباب فاعلة مع الله سبحانه وتعالى؟ أبداً. أذهب لآخذ المرتب فيُسرق مني، خلاص. أو جاء ها هو وأصبح في جيبي وبعد ذلك... لا أجده في جيبي ولا أي شيء، أليس هذا كان رزقي؟ ها قد مُنعت منه ومن صرفه إلى
آخره. الإنسان المريض إذا لم يأخذ العلاج والدواء فهو جاهل ترك الأسباب، وإذا اعتبر أن الدواء هو الذي يخففه فهو مشرك، لأن هذا يعني أن الدواء هو الذي يشفي وليس الله. هو الذي يشفي، جميل، ولكن يشفي عند الدواء. الدواء جميل يتلاءم مع بعض خلق الكون هكذا. ما شاء الله، يحدث الري عند الشرب، يحدث الشبع عند الأكل، يحدث الاحتراق عند ملامسة النار، ويحدث وهكذا ما شاء الله. لكن في نفس الوقت الله هو الفاعل. نعم، بالله حاجة سهلة تماماً ما. خلق الله تعالى خصائص في هذا الكون وجعلها تجري وجعلها سنة الله، وهو قادر على إيقافها، ولذلك أوقف خاصية الإحراق للنار عندما ألقي فيها إبراهيم عليه السلام. صحيح أن النار كانت موجودة، لكن سيدنا إبراهيم لم يحترق. نعم، لقد أوقف الله كذلك الإغراق وجعل كل فِرق
كالطود العظيم، وجعل البحر ممراً لسيدنا موسى عليه السلام. وأنقذ سيدنا يوسف من نسب الحوت مثلاً يونس وهكذا، إذاً الاعتماد على الأسباب شرك، لكن ترك الأسباب ليس من سنة الأنبياء. النبي صلى الله عليه وسلم خالف بين درعين وهو محارب، والله يقول: "والله يعصمك من الناس"، فلن يقدر أحد على قتلك، لكنه لبس درعين لكي يأخذ بأسباب الحماية وهو. لا بدَّ هكذا، نعم، جميل. وابن الخبيثة ضربه، لعنة الله عليه، لعنة الله، وجعل رباعيته تسقط. وابن الخبيثة هذا يعني كسر سنَّ النبي صلى الله عليه وسلم، ولكنه معصوم من القتل، إذ لا أحد يستطيع قتله أبداً، وإن كان قد مات شهيداً صلى الله عليه وسلم بالسم الذي دسته اليهودية. لكن بعد سنتين، أي بعد مدة، وقال إنه
قُطع أبهري (الشريان الأورطي)، يعني أتعبني السم كان شديداً جداً، وقد قارب أي أخذ شيئاً، لا بل لم يبتلعه، لكن كان سماً شديداً جداً. فأخبرته الذراع أنها مسمومة فتركها، وعانى بالمرض لأنه توفي صحابي، كذا صحابي توفي. فالمهم الحاصل أن الأركان... كما قلنا هم هكذا، لكن أيضاً التوكل له درجات، يعني كما تقول إنه مختلف في القوة والضعف حسب العلاقة. فالإمام الغزالي وهو يشبّه يقول لك: "والله، الدرجة الأولى، أضعف درجة، هي مثل العلاقة بينك وبين الوكيل عندما تذهب وتجعل شخصاً ترسله ليشتري لك شيئاً، العلاقة التي بينك وبينه". هي فيها ثقة لأنه سينزل
وسيرى وما إلى ذلك، ولكن هذا الوكيل ليس من بقية عائلتك، أي ليس من بقية أقاربك، ليس ابنك، ليس أمك، ليس كذا إلى آخره. العلاقة الحبيبة التي تحتاج إلى زمن طويل، انظر إلى العلاقة بينك وبين والدتك، هذه علاقة عجيبة غريبة. أنتَ كنتَ في بطنها، فإذا هي سَهِرَت عليك وأنتَ طفلٌ صغيرٌ في الرعاية والعناية وما إلى آخره، فهذه الدرجة الثانية التي أعلى منها، التي هي تكون في علاقةٍ بيني وبين الوكيل. هذه درجة العلاقة بيني وبين أمي، درجة ثانية. ما الفرق بين علاقتي مع وكيلي وعلاقتي مع أمي؟ العلاقة مع... الوكيل درجة واحدة فقط، لكن العلاقة مع أمي أشد. ما رأيك في الدرجة الثالثة وهي علاقة الميت مع مُغسِّله؟ علاقة الميت مع مُغسِّله تعني أن الذي يغسل الميت
- بالله عليك - يفعل فيه ما يشاء، فهو حر. صحيح أن الميت ليست له إرادة على الإطلاق، نعم. الإنسان في التوكل مع الله على هذه الدرجات الثلاثة، هذه الدرجات الثلاثة، نعم، نعم، فأنا يمكنني أن أتوكل على الله مثل ماذا؟ يا رب، أنت طبعاً أنا واثق فيك وأكرمني، أو يمكن يا رب، هذا، هذا، أنت الذي خلقتني، هذا أنا كلي لك هكذا، الثانية إذاً نفي الإرادة، مستسلم. مثل الميت بين يدي المُغسِّل، ماذا سأفعل حقاً في الأرض أو في السماء؟ لا شأن لي، سبحانك أنت كل شيء في حياتي وكل شيء. ليس لي دعوة، أنا بين يديك. كما أن ولي الله في المرتبة الأعلى مثل الميت بين يدي مُغسِّله. يضرب الإمام الغزالي هذه الأمثلة من أجل
تقريب علاقة التوكل. الأم علاقة الميت بين يدي مغسله ماذا يا سيدنا؟ الملخص الذي يفرق للناس بين التوكل والتواكل. أيضاً الآن هناك شعرة رقيقة بين التوكل والتواكل، أناس لا تستطيع استيعابها. عندما يقول الله لي: "يا أيها الذين آمنوا خذوا حذركم فانفروا ثبات أو انفروا جميعاً"، فهو يأمرني بالعمل وهو قادر على... أن يحميني صحيح، هذا سيكون توكلاً وهذا تواكلاً. عندما جاء أعرابي وقال لرسول الله: "تركت دابتي في الخارج ولم أقيدها بعقال". قال: "اعقلها وتوكل، اعقلها وتوكل". يقول له: "أنت فعلت هكذا لماذا؟" قال: "توكلت على الله". قال: "اعقلها وتوكل". تاركاً الدابة من غير رباط والتوكل على الله، من الممكن أن تُسرق. أو تتوكل على
الله فستمضي، وستمضي سؤالك وتأخذ أمتعتك وتمضي، وبعد ذلك في تلك الساعة يبحث عنها في طرقات المدينة. حقًا، فقد قال له: "اعقلها وتوكل"، اعقلها وتوكل على الله. ما المعارضة في أنك تعمل وتقول: يا رب؟ إنه أفضل شيء، المثال الذي ضربناه: الفلاح يلقي البذور ثم يدعو. يقول: يا رب، نعم، وإنه لو لم يُلقِ الحب والبذور في الأرض، ما سيطلع زرع. صحيح أنه يخرج له زرع، يخرج له زرع صحيح. ولو جلس طوال الليل يدعو الله سبحانه وتعالى بأن ينزل المطر، فنزل المطر ولم تجد بذراً في الأرض، فماذا تأمل؟ لن يُجدي الأمر شيئاً. لو نزلت حقاً، فأين الحب الذي ستنبت؟ نعم، يعني هكذا كان. وكان النبي صلى الله عليه وسلم في حديث في الصحيحين يرويه عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه، كان يبيع نخل
بني النضير ويحبس لأهله قوت سنتهم. نعم جميل، سيدنا عمر يعني النبي عليه الصلاة والسلام حاسب حساباً. خَصَّصَ لأهله ميزانية سنوية، وكما نقول مخزوناً كان يخزن لهم قوت سنة. لكن هناك حديث آخر يقول أنه في تلك السنة بعدما خزَّن، كان يتصدق منها، يتصدق كلما سُئل. كان صلى الله عليه وسلم كالريح المرسلة لا يرد يد سائل، فكان صلى الله عليه وسلم بعد... شهر بعد نصف شهر، لكن المهم أن يأخذ كل سنة المخزون، يأخذ المخزون ويضعوا اللازم، وبعد ذلك لم يكن صلى الله عليه وسلم يمنع شيئاً منها. حسناً يا سيدنا، يعني إذا كانت الخلاصة للحلقة
أو إذا قلنا التعبير الذي يقوله بعض الناس: "أنفق ما في الجيب يأتيك ما في الغيب". لماذا أنت خائف يا أخي؟ توكل على الله وأخرج كل ما معك في جيبك. سيرزقك الله. هذا ليس من الأخذ بالأسباب لأن الله قال إننا لا نسرف. الإسراف شيء ومقتضيات القيام بالمقام شيء آخر. مقتضيات القيام، نعم، يعني مثلاً عندما يأتي حاكم ويزهد في الدنيا ويزهد فيما في أيدي الناس ويحاسب. نفسه حساب الملكين كما فعل سيدنا عمر مع زوجته التي ادخرت، رضي الله تعالى عنها، شيئاً حتى تطلب منه الحلوى. قالت له: "أنا ادخرت درهماً، فاذهب واشترِ لي به حلوى أو شيئاً حلواً، شيئاً مثل الكعك أو ما شابه ذلك". ثم يقول لها: "الله! لقد ادخرتِ". يصبح هذا زيادة على الاحتجاجات، ردوا إلى
بيت المال. هذا هو المطلوب من أمثال الحكام. لو أن حكامنا استمعوا بأذن صاغية إلى هذه الدرجة، وأنهم يترفعون عن إدخال أموال الدولة في بيوتهم، ما كانت حصلت مشاكل، لكن هذا ليس مطلباً بالنسبة للمواطن العادي، يعني قد يكون... في فُسحة قليلة، فأنا أريد أن أقول إنه حيثما أقامك الله، أين أقامك؟ أقامك في مقام المسؤولية، فلتكن على قدر هذه المسؤولية. أنت حاكم مطاع، مهاب، صاحب سلطان، فتحمّل. كما أقول لك: تحمّل يا عزيزي، نعم. لكن أنت رجل عادي معتاد، فلا آتي أنا وأعمل أولاً ثم يُقال. عندما همّت زوجة سيدنا عمر أن تأكل شيئًا حلوًا، أرادت أن تأكل شيئًا ولم تجد، فظهر البخل.
أصبح لدينا خلاف في هذه الحالة. أما عندما تكون صاحب سلطة، فمن حقك الورع والتقوى لأنك تأخذها من جهة أخرى، تأخذها من جهة أخرى. فينبغي للإنسان أن يكون حكيمًا في تعامله مع الله سبحانه. وتعالى وأن يفهم هذه المسائل وكل ذلك يأتي على فكرة بذكر الله ونعم بالله، يعني عندما قال سيدنا: "لا يزال لسانك رطبًا بذكر الله"، هو أن الله سبحانه يشرح صدرك إذا ذكرت الله كثيرًا. اللهم افتح على سيدنا وانفعنا بعلمه وزده علمًا. واسمحوا لي باسمكم أن نشكر فضيلة الإمام العلامة الدكتور. على وعد باللقاء مع فضيلته في حلقات قادمة من برنامجكم "تحقيق علوم الدين"، فإلى ذلك الحين نستودع الله دينكم وأماناتكم وخواتيم أعمالكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.