برنامج إحياء علوم الدين | حـ 22 | الرجاء | قناة اقرأ | 2011 - 08 - 22 | أ.د علي جمعة

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد، فسلام الله عليكم ورحمته وبركاته. حلقة جديدة من حلقات برنامجكم "إحياء علوم الدين" مع فضيلة الإمام العلامة الدكتور علي جمعة مفتي الديار المصرية. أهلاً ومرحباً بكم يا مولانا. أهلا وسهلا بكم. في الحلقة الماضية يا مولانا، فضيلتك أوضحت لنا، كنا نتحدث عن الخوف، وأوضحت لنا قول الإمام الغزالي أن الخوف والرجاء كجناحين يطير بهما الطائر، يتقرب بهما الإنسان إلى ربه. ما حقيقة المقام المحمود؟ يبلغ بهما المقام المحمود، يطير بهما المقربون إلى المقام المحمود، ما شاء الله يطير. المقربون بهما إلى المقام المحمود، نعم طيب. الأول في بداية الحلقة يا مولانا نريد أن نعرف ما هي حقيقة الرجاء وما
أثره على أحوال العبد وأفعاله. بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. إذا كنا نتكلم عن هذين الجناحين... جناح الخوف وجناح الرجاء، فنحن عرفنا الخوف بأنه منه ما هو للأكوان ومنه ما هو للرحمن، وأنه ينبغي على العبد أن يقدم ما كان للرحمن على ما كان للأكوان حتى يطمئن قلبه، وأن الخوف في اللغة معناه تألم القلب، والرجاء في اللغة ارتياح القلب، جميل عكسه ما هو في فلسفة. الفلاسفة يتكلمون عن اللذة والألم، فإذا كان الخوف هو ألم أو فيه ألم، فإن الرجاء هو لذة أو فيه لذة. ما شاء الله، ارتياح، ارتياح القلب لانتظار ما هو محبوب. هناك تألم القلب لانتظار ما هو
مكروه، أي فهنا بالعكس، بالعكس. إذاً ففي توازن ما بين الخوف والرجاء، الخوف الرباني. من الله سبحانه وتعالى الخوف الإلهي يعني أن أخاف من الإله لا بد أن يكون كالشيء الواحد مع الرجاء. نعم، إذا فقد الخوف الرجاء فسيذهب بنا إلى الهرب والقنوط واليأس، وهذا ليس هو حق ربنا علينا. حق ربنا علينا أننا نطمع في عفوه ورضاه ونسلم لأمره وقضائه وقدره. ونحن نحبه وكل كل ذلك أساس الرحمة بسم الله الرحمن الرحيم فخرجت منها كل هذه الأشياء الجميلة إذا الرجاء هو انتظار ارتياح
القلب لانتظار ما هو محبوب نعم أو للتعلق بالمحبوب هذا المحبوب قد يكون حالاً قد يكون في الماضي قد يكون في المستقبل التي هي الأوقات الثلاثة التي الماضي والمضارع والمستقبل نعم أجل اسم الرجاء يصدق على انتظار محبوب تمهدت جميع أسبابه الداخلة تحت اختيار العبد ولم يبق إلا ما ليس يدخل تحت اختياره وهو فضل الله سبحانه وتعالى بصرف القواطع والموانع والمفسدات النبي صلى الله عليه وسلم يقول الأحمق من اتبع نفسه هواها وتمنى على الله الجنة الحديث هذا حديث ضعيف، لكن نأخذه كمعنى فقط، نعم. والله سبحانه وتعالى يقول:
"فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا". نعم. هديةُ سيدنا. الذين نسمعهم الآن في وقتنا المعاصر يقولون: "لا شأن لكم بي، أنا لا أصلي، نعم، ولكن ربك ربُّ القلوب"، ربنا. سيغفر لي، نعم، فهذا ليس رجاءً، هذا حماقة، هذا حماقة، هذا حماقة، نعم، لأنه "فخلف من بعدهم خلف ورثوا الكتاب يأخذون عرض هذا الأدنى ويقولون سيغفر لنا وإن يأتهم عرض مثله يأخذوه ألم يؤخذ عليهم ميثاق الكتاب أن لا يقولوا على الله إلا الحق ودرسوا ما فيه والدار". الآخرة خير للذين يتقون أفلا تعقلون ما شاء الله هذا يرد على هذا الصنف من الناس هذا الصنف من الناس الذي لا يريد العمل بل هو يعيش في الأمل لا يريد العمل ويعيش في الأمل ويعيش في
الأمل متواكل ليس متوكلاً نعم فيبقى هذا لا ينفع ليس هو هذا الرجاء الرجاء هو داخل في الخوف، وهذا ليس لديه خوف، هذا يريد الطائر أن يطير بجناح واحد وهو جناح الرجاء. نعم صحيح، بجناح رجاء فقط في عفو الله، وليس هناك خوف، ليس هناك عمل، لن يطير، فيصبح عاجزاً. نعم، ولذلك يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "وإن أناساً قد غرهم..." بالله الغرور يقولون نحن نحسن الظن بالله، لو أحسنوا الظن لأحسنوا العمل. نعم، يعني إذا كنت فعلاً في رجاء فلا بد عليك أن تعمل، نعم أن تعمل، أن تعمل. نعم، ترجو النجاة ولم تسلك مسالكها،
إن السفينة لا تجري على اليبس. الله، السفينة تحتاج مياهاً تسير فيها، نحتاج. ماءً نريد ماءً، والعمل هو الماء. هذا ما شاء الله. قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعها إنه هو الغفور الرحيم. إذن هناك رجاء، لا تقنطوا من رحمة الله، واعملوا إذن لا تقنطوا من رحمة الله، فاستغفروا واقلعوا عن الذنوب. وقلنا أنَّ أول خطوة في خطوات المُنجيات التوبة ثم المحاسبة، قلنا ذلك وأعددنا حلقة للتوبة وحلقة للمحاسبة وغيرها إلى آخره. فالنبي عليه الصلاة والسلام أمرنا بأن نحسن الظن بالله: "لا يموتنَّ أحدكم إلا وهو يحسن الظن بالله تعالى"، نعم، أخرجه مسلم، والنبي صلى
الله عليه وسلم كان يقول يقول... الله عز وجل قال: "أنا عند ظن عبدي بي، إن ظن بي خيراً فله، وإن ظن عبدي بي شراً فله، هو حر". نعم، "أنا عند ظن عبدي بي، فليظن بي ما شاء". أخرجه الإمام أحمد. ومرة دخل سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على رجل. وهو يموت فقال: "كيف تجدك؟" (أي كيف تجد نفسك، يعني ما حالك الآن؟) فقال: "أجدني أخاف ذنوبي وأرجو رحمة ربي"، أخاف ذنوبي وفي نفس الوقت أرجو رحمة ربي. نعم، خائف من هذه الذنوب. الله! إنه خائف كأنه قد عمل.
ذنوب أي فقال صلى الله عليه وسلم: "ما اجتمع في قلب عبد في هذا الموطن إلا أعطاه الله ما رجاه وأمنه مما يخاف". بارك الله فيكم سيدنا، يعني إذا كان الصحابي خائفاً من الذنوب ويرجو رحمة الله في نفس الوقت. نعم، وهذا أن الإيمان طائر بجناحين: الخوف والرجاء. أخرجه الترمذي، ولذلك. الحديث هذا يعني في أصل من أصول الإسلام، فهكذا كان فهم الصحابة وكان فهم الأئمة وكان فهم الأتقياء أن الخوف من الله سبحانه وتعالى هو حقيقة الرجاء، وأن الرجاء هو حقيقة الخوف، وأنه لا يتم الأمر إلا بهما، إلا بهما معًا، معًا. جميل ما شاء الله. طيب، لقد مضى الوقت معك. يا مولانا مع فضيلتك نخرج إلى فاصل ونعود لنستكمل هذا الحوار الشهير، أهلاً وسهلاً،
فاصل ونعود إليكم فابقوا معنا، فاصل ثم نواصل. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، عدنا إليكم من الفاصل، الجزء الثاني من حلقة اليوم من برنامجكم إحياء علوم الدين مع فضيلة الإمام العلامة الدكتور علي الجمعة وموضوع حلقة اليوم. عن الرجاء فضيلتك يا سيدنا، قبل أن نطلع الفاصل قلت لنا الحديث الشريف عن الرجل الذي كان يحتضر، هل في أحاديث أخرى تتكلم عن الخوف والرجاء؟ هناك أحاديث كثيرة نذكر منها مثلاً ما أخرجه ابن ماجة وابن حبان، قال صلى الله عليه وسلم: "إن الله تعالى يقول للعبد يوم القيامة". ما منعك إذا رأيت المنكر أن تنكره؟ نعم، رأيت المنكر ولم تنكره، ولم تنكره، وهذه مؤاخذة.
فإن لقّنه الله حجته قال: يا ربي، رجوتك وخفت الناس. الله يعني هنا الرجاء، أي اعتمدت على رحمة ربنا وخفت من الناس أن يؤذوني. قال: فيقول الله تعالى: "قد غفرت لك". الله أكبر! فهذا في... أمله مثلاً في أثر عن سيدنا علي رضي الله عنه أنه قال لرجل أخرجه الخوف إلى اليأس والقنوط لكثرة ذنوبه: "يا هذا، يأسك من رحمة الله أعظم من ذنوبك". الله! يأسك من رحمة الله ذنب أعظم من الذنوب نفسها. يبقى إذاً هو واعٍ للرجاء وأن هذا الخوف لا لا بد أن يشبع بالرجاء وإلا يؤدي إلى اليأس. نعم، سيدنا علي، ما شاء الله،
سيدنا سفيان الثوري. سفيان الثوري عاش في القرن الثاني، أي في عام مائة وأربعة وستين هجري. نعم، يقول: من ارتكب ذنباً فعلم أن الله تعالى قدره عليه ورجا غفرانه سبحانه، غفر الله له ذنبه. هؤلاء هم الناس الذين فهمت الدين أيضاً، وقد ورد عن السلف أن رجلاً من بني إسرائيل كان يُقنِّط الناس، أي يُيئسهم ويشدد عليهم، مثل بعض الناس في أيامنا هذه. فيقول له الله تعالى يوم القيامة: "اليوم أُيئسك من رحمتي كما كنت تُقنِّط عبادي منها". يا لطيف! كما كنت تطرد عبادي بتخويفهم الزائد عن اللزوم. أنا سأطردك من رحمتك هكذا أعوذ بالله من رضا بالله مولانا. يوجد أناس كثيرة تعرف أن الدواء رغم أنه شافٍ وناجح، إلا أنني
لو أخذته بإفراط يمكن أن يؤدي إلى ضرر أشد. فهل الرجاء يمكن أن يُستخدم كعلاج أو دواء ولكن الإفراط فيه يؤدي إلى مرض أشد؟ طبعاً لأنه عندنا. نموذج الإفراط، نعم، والتفريط. فالإفراط والتفريط دائماً، وكذلك جعلناكم أمة وسطاً لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيداً. هذا هو منهج الإسلام. فعندنا نموذج الإفراط، وعندنا نموذج غلب عليه، يعني نموذج الإفراط في الرجاء، أما الآخر فغلب عليه الخوف، فأسرف في المواظبة على العبادة حتى أضر بنفسه. وأهله وكذا ولذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "ألا إني أقوم وأنام وأصوم وأفطر وأتزوج النساء،
ومن رغب عن سنتي فليس مني". المثال هو سيدنا رسول الله، عمل مثل المنحنى الجرسي، يعلو ويعلو ويعلو حتى يصل إلى نقطة، ثم إذا استمر يبدأ بالنزول والنزول. جميل، فتلك القمة هي رسول الله. عليه الصلاة والسلام، ستزيد عليه وستنزل، ستنزل صحيح، لن تصعد. الذين قالوا لنا نتزوج النساء ولا نأكل، أي شيء تزيد عليه، لا بد أن يزيدوا قليلاً أيضاً عن النبي. "ومن يرغب عن سنتي فليس مني". فليس منه، إذاً نحن لا نعرفه. فإذاً، نعم، هناك التفريط وهناك الإفراط، لكن إذا... إذا قدرنا نحن أن نقرأ الآيات ونتتبعها، ونقرأ الأخبار ونتتبعها التي ذكرناها كلها، فإننا نرى أنه لا بد منهما، حتى أنه ورد في
صحيح مسلم في الحديث: "إذا أذنب العبد ذنباً فاستغفر الله، يقول الله عز وجل لملائكته: انظروا إلى عبدي أذنب ذنباً فعلم أن له رباً يغفر". الذنوب ويأخذ بالذنب أشهدكم أني قد غفرت له. هذا حديث صحيح أخرجه مسلم، ما شاء الله. وفي الترمذي حديث آخر: "لو أذنب العبد حتى تبلغ ذنوبه عنان السماء، غفرتها له ما استغفرني ورجاني". الرجاء جهته، ما استغفرني ورجاني، ورجاني، ما شاء الله، أنه لو جاء عبدي بتراب. الأرض ذنوبًا ثم جاءني تائبًا لغفرت له، غفرت له، ما شاء الله. هذا الحديث رحمة كبيرة جدًا. نعم، تراب
الأرض، عندما نمسك الأرض ونرى كم فيها من تراب. نعم، ذرات التراب الخاصة به، ذرات التراب هذه هائلة حقًا. وقد عددناها، عددناها ووجدنا مثلًا أنها دشليون ذرة، دشليون هذا. لا أعرف أن هذا واحد وأمامه كم صفر، نعم، ما رأيك أن عدد ثواني عمري لا يمكن أن يصل إلى هذا الرقم الصحيح مهما استغفرت، ولا يصل إلى متر مكعب من التراب، متر مكعب من التربة، من التراب، نعم، ولا متر مكعب، تخيل أنني جالس أرتكب ذنوباً بعدد هذا التراب، ما هو. يقول لي هكذا: "بقراب الأرض ذنوباً"، وفي رواية "بتراب الأرض ذنوباً". كيف يكون تراب أرض؟ أنا أصلاً متر مكعب لا أعرف كيف أفعل هذا. لو ارتكبت الذنوب باستمرار، لن تصل إلى متر مكعب من ذرات التراب. أما أنا فقد جلبت له الأرض كلها، يعني
عكّرت الدنيا، ثم جئت تائباً ليغفر لي. سبحانه وتعالى، ما هذا الكرم، ما هذه الحلاوة، ما هذا الجمال! فالرجاء مطلوب والخوف مطلوب دون إفراط أو تفريط. الأعرابي الذي جاء وقال: "يا رسول الله، من الذي سيحاسب الخلق؟" فقال: "الله تبارك وتعالى". قال: "هو بنفسه؟" يعني: "هو بنفسه؟" قال: "نعم". فتبسم الأعرابي ما شاء. الله! ماذا عند هؤلاء الأعراب من حكمة هكذا؟ نعم، قال صلى الله عليه وسلم: "ما الذي أضحكك يا أعرابي؟" فقال: "إن الكريم إذا قدر عفا، والله إذا حاسب سامح". ما شاء الله! فالنبي عليه الصلاة والسلام قال: "صدق الأعرابي، صدق الأعرابي". ربنا كريم، لو يقدر علي سيعفو عني وسيغفر لي. ابتهج،
نعم، هو سيرسل لنا شخصاً، سيرسل لنا شخصاً ملكياً، سيتركنا، أو أحداً من القضاة، أو من الملائكة، وهكذا ليحاسبنا، أم هو بنفسه؟ نعم، قالوا: لا، هو بنفسه. قال: حسناً، انتهى الأمر، انتهى الأمر. قال: نعم، حسناً، انتهى الأمر. كيف مرت؟ انتهى الأمر. نعم، إنه كريم يا صديقي، إنه شيء واسع جداً، هذا. سيسامحني هكذا الله، فقال رسول الله: "صدق الأعرابي، قال لا كريم أكرم من الله، الله هو أكرم الأكرمين سبحانه وتعالى". ما أعظم حاجتنا إلى فهم الرجاء! هذا الكلام الجميل يجب أن يكون هو الذي نقدمه للناس مع الخوف، لئلا يقول لي أحدهم: أنا لا شأن لي به. هذا نسلي قلبي أبيض وقلبي أحمر وقلبي لا يعرف ماذا، وهو غير راضٍ أن يصلي ولا يصوم ولا يعبد، وهو طويل اللسان وقليل الأدب مع الله سبحانه وتعالى ومع الناس. وليس هذا الذي
خاف فيأس أو أنه خاف فلم يدخل الإسلام. قال: لا يا عم، أنتم أناس عندكم شدة. لا أبداً، قال رسول مَن لقي الله لا يشرك به شيئاً دخل الجنة على الفور هكذا، أي وكان سيدنا علي يقول: مَن أذنب ذنباً فستره الله عليه في الدنيا فالله أكرم من أن يكشف ستره في الآخرة. ما دام ربنا سترني في الدنيا وأنا أفعل الذنب، إن شاء الله لن يكشف هذا. الستر يا من سترت نفسك عن خلقك، استرني بما سترت به نفسك عن خلقك. ما شاء الله، ومن اقترف ذنباً فعوقب عليه في الدنيا فالله أعدل من أن يكرر عقوبته على عبده في الآخرة. كان سيدنا علي يرى أن الحدود والتعزير مكفرات، إذا حوسبت في الدنيا فلن تعاقب يوم القيامة. من عُوقب
في الدنيا، فإن الله تعالى يعفو عنه يوم القيامة حتى لا يُثَنِّي عليه العقوبة، لأن من مبادئ العدل عدم تكرار العقوبة على الذنب الواحد. من الجميل في مبدأ العدل أنه لا يصح معاقبة شخص مرة ثانية على نفس الجريمة، لا، لا يصح. نعم، ما دمت طُبِّقَت العقوبة المنصوص عليها، فقد طُبِّقَت. العقوبة التي نُصَّ عليها لقومٍ لا يصح بعد ذلك أن تُعقب عليها مرة أخرى. طبقوا العقوبة مرة ثانية على رجل من الصعيد قتل وحُكم عليه بالإعدام، وكان نص القانون المصري يعاقب بالشنق من يفعل كذا وكذا بالشنق. فقد كان جثة هكذا، وبينما هم يشنقونه لم يمت، فالحبل علق في... الحبل لم يمت، وبعد ذلك أنزلوه وجلسوا لمحاكمته. نعم، فكان سعد باشا زغلول محاميه، وقال لهم: "حسناً،
لقد شُنق وانتهى الأمر"، لم يقل لهم أنه بريء، ولم يجعله بريئاً. لقد شُنق فعلاً، لقد شُنق وانتهى الأمر. حسناً، أليس هناك عقوبة أخرى؟ فقالوا له: "صحيح الكلام، صحيح الكلام"، وتركوا الرجل وتركوا. الرجل صحيح وغيّروا القانون، قالوا بالإعدام شنقاً. منذ ذلك الحين أضافوا كلمة الإعدام، وهذه ثغرة في العبارة أنه بالشنق، بالشنق. قال لهم: حسناً، الشنق حصل. قالوا له: لا، بالإعدام شنقاً حتى الموت. هذا أصبح لا، بالإعدام شنقاً حتى الموت، يعني لو جاءنا شخص آخر وفعلنا به ذلك، سنعيدها. ثانياً لأن نص قانون العقوبة يقتضي أنه يجب أن يموت. نعم، عندما تُحضر لي نصاً صريحاً هكذا، يعني أنت الذي فعلته وأخطأت، فعليك أن تتحمل خطأك يا أستاذي. فقضية عدم تكرار العقوبة التي يشير إليها سيدنا علي، هذا فكر راقٍ جداً ما شاء الله، يعني أيضاً طبقه حتى في يوم. القيامة
التي هي أن ربنا سبحانه وتعالى فعال لما يريد، لكن هذا ما علّمه لنا، هذا ما علّمه للمسلمين، أن الله أعدل - انظر أنه لم يقل أرحم أي الأعدل - أن يثني عقوبته على عبده في الآخرة. نعم، الوقت يجري مع فضيلتك يا سيدنا، ونحن طبعاً متذكرون قول سيدنا سفيان الثوري. أنه ما أحب أن يجعل حساب يوم القيامة لأبي لأنني أعلم أن الله أرحم منهما. نعم، هنا قمة الرجاء. طبعاً، ربنا يفتح عليك يا سيدنا. اسمحوا لي باسم حضراتكم أن نشكر فضيلة الإمام العلامة الدكتور علي جمعة على وعد باللقاء مع فضيلته في حلقات قادمة إن شاء الله من برنامجكم إحياء. علوم الدين، وإلى ذلك الحين نستودع الله دينكم وأماناتكم وخواتيم أعمالكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.