برنامج إحياء علوم الدين | حـ 26 | الشكر | قناة اقرأ | 2011 - 08 - 26 | أ.د علي جمعة

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد، فسلام الله عليكم ورحمته وبركاته. حلقة جديدة من حلقات برنامجكم "إحياء علوم الدين" مع فضيلة الإمام العلامة الدكتور علي جمعة مفتي الديار المصرية. أهلاً ومرحباً بكم، أهلاً بكم. اليوم يا مولانا إن شاء الله الحلقة رقم ستة وعشرين سنتحدث عن مفتاح من مفاتيح الأشياء التي نتحلى بها وهو الشكر. الناس يا مولانا من يقال لهم اشكر الله يقول لك أنا أحمد ربنا وأشكر فضله، يقصد شكر اللسان. هل الشكر باللسان فقط أم له أنواع أخرى؟ بسم الله الرحمن. الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. الشكر منه ما هو متعلق باللسان، ومنه ما
هو متعلق بالجنان، ومنه ما هو متعلق بالأركان. بالأركان جميل ما شاء الله. أما الذي هو متعلق باللسان فهو الثناء بالحمد والثناء بالجميل الاختياري على رب العالمين، وربنا علمنا في سورة الفاتحة. فقال الحمد يعني كل الحمد كل الحمد ويعني جنس الحمد لله رب العالمين فهو الشكر هو في الحقيقة كمفتاح من مفاتيح الأخلاق وكعمل من الأعمال المنجيات هو متعلق بشكر الله بالأساس الشكر لله سبحانه وتعالى يشمل هذه الأشياء الثلاث القلب واللسان
والجوارح كما يقولون أي فكلما أكثرت من شكر اللسان كلما حضر القلب وكلما شعر القلب بالمنة والنعمة كلما حرك الجوارح جميعاً. فذكر الله سبحانه وتعالى قد يكون باللسان وقد يكون بالجنان وقد يكون بالأركان. قال تعالى: ﴿إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون﴾. ما شاء الله. قال تعالى: ﴿فاذكروني أذكركم واشكروا لي﴾. ولا تكفرون. قال صلى الله عليه وسلم: "لا يزال لسانك رطباً بذكر الله". ما يفعل الله بعذابكم إن شكرتم وآمنتم وكان
الله شاكراً عليماً. وما كان لنفس أن تموت إلا بإذن الله كتاباً مؤجلاً. ومن يرد ثواب الدنيا نؤتيه منها ومن يرد ثواب الآخرة نؤتيه منها وسنجزي الشاكرين. وسنجزي الشاكرين. والنبي صلى الله عليه وسلم يعني أيضاً يربط مع شكر الله وهو قد قال: "لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي..." يعني "لئن شكرتم لأزيدنكم" هذه عملية تجعل الإنسان عاجزاً عن الشكر، عاجزاً عن الشكر. فهو سبحانه وتعالى، أنا شكرته، حسناً لكن هذا في حد ذاته نعمة. نعم، في حد ذاتها تستوجب الشكر. صحيح، يعني عندما أقول له: "الحمد لله رب العالمين"، فقد وفقني
لحمده وهذه نعمة، وهذه النعمة تقتضي أن أقول: "الحمد لله رب العالمين الذي وفقني أن قلت الحمد لله رب العالمين". الله، ما شاء الله! فإذا قلت هذه الثانية والتفت إليها، فهي نعمة تستحق الشكر. فأصبح أجلس طوال النهار وطوال الليل أشكر حقاً، وهنا ماذا سأفعل؟ فقال: لا، أي الحمد لله كما ينبغي لجلاله أن يكون وانتهى الأمر، جل جلال الله، أو الحمد لله حمداً يوافي نعمه ويكافئ مزيده. الله يوافي نعمه بما فيها، هذه نعم، نعم، ويكافئ مزيده يعني إلى يوم الدين، نعم، وأيضاً. قال النبي: "من لم يشكر الناس لا يشكر
الله". الذي لا يشكر الناس الذين قدموا له خدمة أو إحساناً فهو لا يشكر الله سبحانه وتعالى. ولذلك فإن الله سمى نفسه الشكور: "والله شكور حليم". فلأن هذه الصفة من صفات الله، يجب علينا أن نتخلق بأخلاقه سبحانه وتعالى. وأن أكون شكوراً أولاً وقبل كل شيء، وكل الحمد والشكر لله رب العالمين، "وقالوا الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله"، وقالوا "الحمد لله الذي صدقنا وعده"، وحتى في الجنة "وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين". ما شاء الله، إذاً يجب علينا أن نعرف. حقيقة الشكر أن نعرف فضل الشكر، أن نعرف عظيم قدر الشكر، أن نعرف اتساع
معنى الشكر. النبي عليه الصلاة والسلام يقول: "الطاعم الشاكر بمنزلة الصائم الصابر". الله - انتبه - الطاعم الذي يأكل ويشكر ربنا مثل الصائم الصابر. نعم، أجل. وقال: "ينادي يوم القيامة ليقم الحمادون، فتقوم زمرة فينصب لهم لواء". فيدخلون الجنة، قيل: من هم الحمّادون يا رسول الله؟ نريد أن نكون منهم. قال: الذين يشكرون الله تعالى على كل حال، على كل حال يعني في السراء وفي الضراء. جميل، ولذلك كان ابن مسعود يقول: الشكر نصف الإيمان. نعم، هنا يا سيدنا النزاع أو الحوار أو الجدال: أيهما أفضل الشكر؟ الشُّكر على النعمة أم الصبر على البلاء، أيهما أفضل؟ الشكر والصبر، فضيلتك، هكذا
بدأنا نتطرق لهذا الأمر. هل هما متساويان أم يوجد فرق بينهما؟ أيهما أفضل؟ الشكر أم الصبر؟ حيثما أقامك الله. العلماء عندما تكلموا في هذا الموضوع، يقول لك: "حسناً، الفقير الصابر أو الغني الشاكر"، نعم، أيهما أفضل؟ قال... حسب درجة إخلاصه لله، جميل حسب درجة شكره أو صبره، حسب علم الله به. فإن الغني الشاكر الله يعلم أنه لو أفقره لصبر، والفقير الصابر الله أعلم أنه لو أغناه لشكر. لكن لو أن الله يعرف ويعلم أن الغني إذا أفقره لم يصبر، فيكون الفقير الصابر أحسن منه. يعلم الله أن هذا الشخص بالذات لو أغناه الله ما شكر، فيكون الغني
الشاكر أفضل منه. ولذلك حيثما أقامك الله، يقول لك هكذا: أي أنني شخص أفضل، لا نعرف، قد يكون هذا أفضل وقد يكون ذاك هو الأفضل طبقاً للإخلاص وطبقاً لعمق الصبر والشكر في. قلب كل واحدٍ منهما طبقًا لديمومة العمل، إنَّ الله يحب العمل الدائم، وكان عمله صلى الله عليه وسلم ديمة، يعني دائمًا، أي لا ينقطع. لا تكن مثل فلان كان يقوم الليل وتركه. فإذًا المقارنة بين المعاني: الشكر أو الصبر، أو ما بين الأحوال: الغني الشاكر والفقير الصابر، هي بيد الله. ما دمت
أديت الخلق كما هو، كما أراده الله، كما أرشد إليه الله، فأنت على هذا المقام. أيضاً هناك محاورات معينة، يقول لك مثلاً: أيهما أفضل: القيام والقراءة، أم الركوع، أم السجود؟ نعم، قال الشيخ ابن تيمية: اذهب حيث تجد قلبك. حيث ما تجد قلبك، فواحدٌ يتلذذ بالقراءة ويجد قلبه وخشوعه ومناجاته في القراءة وفي القيام، يطيل في هذا الجزء. وآخر يحصل له هكذا الحال في الركوع. وثالث يكون قريباً جداً من ربه وقلبه حاضر في السجود. أيهم أحسن؟ حيث ما تجد قلبك فبه. سنقول للرجل الذي هو... قام هذا هو أنت قيامك
أحسن وسنقول للثاني ركوعك أحسن وسنقول للثالث سجودك هو الذي أحسن فيختلف باختلاف الناس وهكذا علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أتاه رجل وقال يا رسول الله أي الأعمال أفضل قوم يقول له ماذا؟ جهاد في سبيل الله فيجب على الرجل هذا كان مقصراً قليلاً في الجهاد فجعل له أفضل شيء لأنه هو الذي يقاوم نفسه فيها، وشخص آخر يقول له بر الوالدين، وشخص ثالث يقول له الصلاة في وقتها. ما شاء الله، يعني سيدنا جمال عليه الصلاة والسلام يعطي كل شخص علاجه الذي هو أفضل بالنسبة له. هذه الأحاديث ليست متكاملة يا إخواننا وليست متناقضة، الله. هذه الأحاديث راعت حال السائل، أجل ما شاء الله. هذا غير هذا، وغير هذا، وغير هذا. هذه الأحاديث ليست أن النبي عليه الصلاة والسلام غيّر رأيه، فمرة يقول إن الجهاد أفضل، ومرة يقول بر الوالدين أفضل، ومرة يقول الصلاة على وقتها أفضل، ومرة يقول... ليس كذلك، القضية
هي أن هذا السائل، وبنور النبي وبنور النبوة، النبي عليه الصلاة والسلام عرفه وفهمه وفهم احتياجاته. فاحتياجه هذا أنه يزيد قليلاً من بر الوالدين ويلتفت إليها. الاحتياج الثاني أنه لا يكسل عن الجهاد أو يتراخى. الاحتياج الثالث أنه قليلاً غير ملتفت للصلاة ومراعاة أوقاتها. الاحتياج الذي... الرابع أنه بخيل قليلاً، يريد أن يبسط يده قليلاً في الصدقة. فإذا كانت هذه ليست أشياء فيها اختلاف تضاد، وإنما هو اختلاف تنوع، اختلاف تنوع وليس اختلاف تضاد، وليس اختلاف تضاد. حسناً، الوقت مع فضيلتك يمضي سريعاً يا
مولانا، وصل لوقت الفاصل. لنذهب إلى الفاصل ونرجع لنواصل الحوار إن شاء. اللهَ إنْ شاءَ اللهُ فاصلٌ ونعودُ إليكم فابقوا معنا، فاصلٌ ثمَّ نواصلُ. السلامُ عليكم ورحمةُ اللهِ وبركاتُهُ، عُدنا إليكم من الفاصل. الجزءُ الثاني من حلقةِ اليومِ من برنامجِكم إحياءِ علومِ الدينِ مع فضيلةِ الإمامِ العلامةِ الدكتورِ علي جمعة مفتي الديارِ المصريةِ. مولانا ونحنُ خارجونَ من الفاصلِ، فضيلتُكم أوضحتْ لنا حديثَ رسول الله عليه الصلاة والسلام وأن هذا الاختلاف في الأفضلية اختلاف تنوع وليس اختلاف تضاد، نعم. حسناً، ما هي يا مولانا الطرق الموصلة لمعرفة حقيقة الشكر كما قال أبو حامد الغزالي؟ انظر، هناك نقطة دقيقة جداً يغفل عنها الناس كثيراً، وهي مصادر المعرفة، مصادر المعرفة. هي مصادر المعرفة محصورة في إما أن تكون كتاب الله المسطور وإما أن تكون كتاب الله المنظور، القرآن
أو الأكوان. المعرفة البشرية هكذا، ولذلك حرص الفقهاء جداً على أن المعلومة التي تأتينا إما أن نأخذها من الشرع الذي هو الكتاب والسنة، وإما أن نأخذها من تتبع واستقراء الوجود. جميل. يعني مثلاً المسائل المتعلقة بالحمل والولادة والحيض والنفاس وما إلى ذلك أخذوها من الواقع، نعم، وجدوا عندما رصدوا وشاهدوا هذه الحالات، فذهبوا وكتبوها واعتمدوا عليها في الفقه وفي بناء الأحكام عليها. فدائماً عندما نسأل عن المعرفة، كيف يعرف الإنسان حقيقة الشكر، يعرفه من الشرع أو يعرفه من الواقع ما شاء الله. الله على الدوام هكذا في الشرع؛ الآيات والأحاديث التي ذكرناها، والوجود والتجربة - تجربة
شخص جرّب الشكر لله فشعر بلذة في قلبه وعرف حقيقة الشكر، ما شاء الله. شخص شكر الناس فشعر أنه عندما يشكر الناس أصبح حسناً عند الله وعند الناس، فعرف حقيقة الشكر. بصيرة القلب عين. القلب له عينان وله عيون أيضاً. قلوب العارفين لها عيون ترى ما لا يراه الناظرون. فبصيرة القلب وهو النظر والاعتبار لحكمة الله من تأمل الكون والوجود. فإذا الإنسان يصل إلى حقيقة الشكر إما بتدبر الآيات وفهم الأحاديث وإما بالتجربة بالمعيشة مع هذا الخلق القوي. أي حسناً يا مولانا، هل هناك شيء آخر؟ اسمها شكر
النعمة وشيء اسمه كفران النعمة. ما الذي يجعل الناس ينصرفون عن الشكر؟ وكيف نعالج هذا الداء؟ أن لا أشكر الله سبحانه وتعالى أو لا أشكر الناس. السبب الأساسي هو الجهل بالمنعم، الجهل بالمنعم سبحانه وتعالى، هذا هو الذي يجعل المرء. في حالة نسيان، في حالة توهان، في حالة أنه ليس منتبهاً لنسبة هذه النعم إلى الله سبحانه وتعالى، فإذا انصرف الخلق عن شكر النعمة فإنما سبب ذلك الجهل بالمنعم والغفلة عن إنعامه سبحانه وتعالى. النعم كثيرة جداً، "وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا"، ما شاء الله، ولذلك... كان ينبغي علينا أن نتذكر ذلك وأن نتأمله،
أي تأمل هكذا في بصرك، في سمعك، في قوتك، في صحتك، في فكرك، في مالك، ستجد نعماً لا تُعد ولا تُحصى. والإنسان الألفة ترفع الكلفة، الألفة ترفع الكلفة، نعم لأنه متعود على هذه النعم، فنحن طوال النهار والليل في... نعمةٌ صحيحةٌ، والحمدُ لله على النِعَم. لا ندركها إلا عندما تُسلَب منا. نعم، فنحن معتادون عليها من كرمِ الله. هذا الذي نحن فيه من فضل الله، إذ نتحرك كل يوم ونخرج ونشرب ونأكل، وأنت لا تنتبه إلى أن كل هذه نِعَم. متى ستعرف قيمتها؟ عندما - والعياذ بالله - يُحتَبس البول بسبب حصاة أو شيء مشابه، حينها ستعرف قدرها. تصبح في تلك اللحظة في نعمة عظيمة حقاً، هل تعرف في أي نعمة عظيمة أنت عندما تذهب للوضوء فيحدث التهاب في جلدك؟
إنه... أما الله... أما تلك الوضوءات كلها التي كانت... نعم، لقد كانت نعمة بالفعل. حقاً، هل تعرف عندما لا تستطيع بلع رشفة ماء، هل تدرك أنك في... نعمة، فإذا العلاج هو - نستطيع أن نقول - إنه الذكرى، نستطيع أن نقول التذكر، "فذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين". إذاً العلاج هو ما يزيل الغفلة، ما يزيل الغفلة، لأنه ما دام السبب لعدم الشكر هو الغفلة، فيكون العلاج هو إزالة الغفلة. وإزالة الغفلة تتم بالنصح، وتتم بالتذكير والموعظة، وتتم بالذكر، فأكثروا من الذكر. وتتم بالتعلم، أحدٌ يسمعنا الآن فينتبه إلى النعم، وبعد ذلك يبدأ يُفعِّل روح البرنامج، ها هو ذا التعلم
والعلم الذي يُزيل الجهالة، الذي يجعل عين القلب ترى، يعني ذلك هو الأساس في هذا العلاج. متى تعظم نعمة الله وتندفع إليها دفعاً؟ إذا نظرت إلى من هو أسوأ منك. إذا نظرت إلى من هو أدنى منك المنزلة في الرزق مثلاً، انظروا إلى من هو دونكم ولا تنظروا إلى من فوقكم، فإن ذلك أحرى بألا تحقروا نعمة الله عليكم. ما هو، ما هو، لا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب، ويتوب الله على من تاب. لو أن ابن آدم له... لو أعطي ابن آدم وادياً من ذهب لطلب ثانياً، ولو أنه أُعطي الثاني لطلب ثالثاً، فلا فائدة، ليس
راضياً أن يسكت. فدائماً الإنسان وهو ينظر إلى من فوقه يحتقر نعمة الله عليه. صحيح يقول لك: أنا عندي سيارتين لكن فلان عنده ثلاث. نعم، وصاحب الثلاث يقول: فلان عنده سبع. حسناً، وعلى فكرة... لن ننتهي، هذا صحيح. قد يكون لدى شخص أسطول سيارات، لكن هناك من لديه أكثر منه، وهناك من لديه مصنع، أي أنه لا يوجد شخص متفوق بشكل مطلق بهذه الطريقة. نعم، يقول أحدهم: "لدي ثلاث غرف نوم"، فيرد عليه الآخر: "لا، أنا لدي سبعة". نعم، هذا الأمر لن ينتهي، هذا صحيح، فهناك قصر المتاهة. كان هذا الذي في الفيوم يحتوي على ألف غرفة، ألف غرفة، نعم. فالحكاية لن تنتهي هكذا صحيح، لكن عندما أكون ساكناً في شقة مساحتها مائة متر وأقول الحمد لله، فهناك غيري يسكن في ستين متراً. يا سلام! أشعر باللذة وأشعر دائماً... انظر إلى من هو أدنى مني حتى
لا أحتقر نعمة الله. عليَّ ألا أنظر إلى من يسكن في القصر، بل أنظر إلى من شقته أصغر من شقتي، ومن شقته أصغر من شقتي لم يجد شقة تأويه أصلاً مثلاً وهو في الظل هكذا. فهذا أمر مهم جداً أن يرضى الإنسان ويُسلِّم، ولعلنا نتحدث عن شيء في الرضا والتسليم أيضاً لأن الرضا هذا كنز لا يفنى، نعم، ويدفعك. دفعاً إلى الشكر، وقوله تعالى: "ولئن شكرتم لأزيدنكم". لفضيلتك أوضحت لنا سيدنا المقولة التي تقول إن الصحة تاج على رؤوس الأصحاء لا يشعر به ولا يراه إلا المرضى. طبعاً لا يحس بالنعمة إلا من فُقدت منه. ونعوذ بالله. نعم، تماماً، ولذلك يجب على المرء أن يتأمل وأن يتدبر. وأن يكون عاقلاً وأن يكون خصيماً لنفسه ويشعر بنعمة الله عليه. وهنا أيضاً شعوره بنعمة الله عليه في مسألة أخرى مهمة يجب أن نقولها للناس
أن الناس كثيراً ما تمل النعم، تمل النعم من الألفة التي ترفع الكلفة صحيح، وتشتاق إلى النقم، لا حول ولا قوة إلا بالله. يقول لك الله! يعني نحن جالسون هكذا بدون مصيبة؟ لماذا يا الله؟ يا أخي قل الحمد لله. يقول لك: لا، انتظر حتى أفكر، ما الذي ينقصني؟ أنا أريد أن أفكر ما الذي ينقصني. نعم، مثل القرية التي كانت آمنة مطمئنة وكفرت بأنعم الله، وضرب الله مثلاً قرية كانت آمنة. مطمئنةٌ يأتيها رزقها رغداً من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون. يا ساتر، اشتياق للنقم هذا منتشر بين الناس. نعم، حسناً، نحن يا مولانا نريد أن نقف عند "الاشتياق للنقم"، يمكننا تناوله بإيجاز في الحلقة القادمة لأن الوقت قد مضى مع فضيلتكم. وأصبحنا محاصرين حوالي دقيقة وهم في الفوضى، حفظك الله يا سيدنا ونفعنا بعلمك. اسمحوا لي باسم حضراتكم
أن نشكر فضيلة الإمام العلامة على هذا الجهد وعلى هذا العلم من فضيلته، على وعد باللقاء في حلقات قادمة إن شاء الله من برنامجكم "إحياء علوم الدين". فإلى ذلك الحين نستودع الله دينكم وأماناتكم وخواتيم أعمالكم. أعمالكم ونترككم في حفظ الله ورعايته والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته