برنامج إحياء علوم الدين | حـ13 | سوء الخلق | قناة اقرأ | 2011 - 08 - 13 | أ.د علي جمعة

برنامج إحياء علوم الدين | حـ13 | سوء الخلق | قناة اقرأ | 2011 - 08 - 13 | أ.د علي جمعة - إحياء علوم الدين, تصوف
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد، فسلام الله عليكم ورحمته وبركاته. حلقة جديدة من حلقات برنامجكم "إحياء علوم الدين" مع فضيلة الإمام العلامة الدكتور علي جمعة مفتي الديار المصرية. أهلاً ومرحباً بكم يا مولانا. أهلاً وسهلاً بكم اليوم يا مولانا. نستكمل مع فضيلتكم الحديث عن إحياء علوم الدين، ونريد أن نتحدث عن حسن الخلق وسوء الخلق. بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. من المهلكات سوء الخلق، ولذلك أُمرنا بأن نخلي قلوبنا وهيئاتنا وأنفسنا من سوء. الخلق، وكلمة الخلق
عرّفها العلماء ومنهم الإمام الغزالي بأنها كيفية راسخة في النفس تصدر عنها الأفعال بسهولة ويسر، ما شاء الله. كيفية، نعم، أحياناً يقولون هيئة، هيئة. كيفية وهيئة في مقولة من مقولات الوجود اسمها الكيف، أي يعدون منها الألوان مثلاً: أبيض وأسود، ويقال له هذا كيف، وهذا في الكم. الذي هو الطويل والقصير والسمين والنحيف المقاس بالوزن أو بالمتر أو بالطول هكذا، فالكيف هذا هو كيفية راسخة، تماماً مثل اللون الشراب لونه أحمر أو أخضر أو غير ذلك إلى آخره. الإنسان قد تكون بشرته بيضاء أو حمراء أو صفراء أو سوداء، هذه كيفية، فهذه كيفية
راسخة في النفس والخلق. بالنسبة للنفس فهي كاللون بالنسبة للبشر، راسخة فيها، راسخة فيها. فإذا كان هذا اللون يصدر عنه هذه الكيفية، تصدر عنها الأفعال بسهولة، أفعال جميلة محمودة، فهو خلق حسن ما شاء الله، أفعال مرضية. وإذا كانت شراً فهو خلق سيء. إذاً الخلق هو كيفية راسخة في النفس عنها تصدر الأفعال بسهولة. هذه إذا كانت خيراً تكون حسن الخلق، وإذا كانت شراً فهذا خلق سيء وهو من سوء الخلق. ربنا سبحانه وتعالى قال: "قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها". فهناك تزكية تؤدي إلى حسن الخلق، وهناك من يدسي نفسه
ويتركها على هواها وكيفيتها الباطلة، وهذا نسميه سوء الخلق. الخلق والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: "إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق" عليه الصلاة والسلام. إذن مكارم الأخلاق هذه كانت موجودة قبل الإسلام، فجاء سيدنا ليضع اللمسة الأخيرة عليها، أي ليتممها وليظهرها بأحسن حال. فكان يحب الشهامة، وكان يحب الصدق، وكان يقول: "خياركم في الجاهلية خياركم في الإسلام إذا". فقهوا وكان يحب الجميل من الأخلاق، فكان لما جاءت إليه بنت حاتم الطائي فرش لها عباءته الشريفة وأجلسها عليها عليه الصلاة والسلام، استعظم حال أبيها من الكرم لأنه كان يحب الكرم، وكان أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان
عليه الصلاة والسلام صلى الله عليه وسلم، كان إذا دخل رمضان كان كالريح المرسلة ما شاء الله عندما يلقى جبريل، فلما رأت البنت أنه يُعظِّمها وكونك تخلع العباءة وتضعها لها، فهذا عند العرب أمر عظيم جداً، وهذا في إعزاز لبنت حاتم الطائي أمام الناس وأمام الصحابة. سيدنا خلع عباءته من أجل هذه المرأة، إذاً هذه عظيمة عنده وهو يُجلسها على هذا، تفضلي. اجلسي هنا، قالت. قال لها: "إن أباك كان يحب مكارم الأخلاق، ما شاء الله". فقالت له: "أهو في الجنة يا رسول الله؟" هذه أخت عدي بن حاتم. نعم، فعدي أسلم وأخته أسلمت. دخلنا في قضية أخرى. نعم، طمعت إذن، فالنبي يفرش العباءة. لكن هذه قضية أخرى الآن. نعم، كونوا في الجنة أو كونوا في النار، هذا الأمر لله سبحانه وتعالى.
نعم، لكننا هنا في الدنيا أُمرنا باستعظام حسن الخلق وتعظيمه. وأبوك رجل كريم، يجب أن نكرمك لأن أباك -ما شاء الله- هو في الجنة يا رسول الله. قال: "بل هو في النار". لماذا تدخلين في المضايق؟ هذه هذه الخاصة بربنا يوم القيامة أنه كان يفعل ذلك لسمعة يتسمعها حتى يقال عنه أنه كريم، أنه كريم حتى ما عدا، فالكرم محمود حتى ما عدا، فإن أباك كان يحب مكارم الأخلاق وكان كريماً يحب الكرم، إذاً فنحن مأمورون بالتخلي عن سوء الخلق وبالبحث عن حسن الخلق أي حسن. الخلق له أصول وله مفاتيح وله أسس،
والغزالي رضي الله تعالى عنه يقول إن أصوله أربعة، أصوله أربعة: الحكمة والشجاعة والعفة والعدل. ما شاء الله، يا سلام! لو الناس عرفت هكذا لكانت ارتاحت حقاً. انظر إلى الأربعة: الحكمة والشجاعة والعفة والعدل. نعم، هؤلاء هم الأربعة هكذا. نعم، الحكمة أيضاً. هيئة للنفس بها تدرك النفس الخطأ من الصواب في جميع الأحوال الاختيارية، إذن نستطيع أن نعرف الحكمة بأنها حالة للنفس تدرك بها الصواب في جميع الأحوال الاختيارية أو الأفعال الاختيارية. هذه هي الحكمة. ماذا تعني الحكمة؟ تعني أن لدي ميزاناً أزن به الصحيح من الخطأ، هكذا ببساطة كما يقولون:
لدي ميزان. أزن به الصحيح من الخطأ، يؤتي الحكمة من يشاء، ومن يؤتى الحكمة فقد أوتي خيراً كثيراً، وما يتذكر إلا أولو الألباب. القضية الثانية: قضية الشجاعة، فالشجاعة هذه فيها جرأة ولكنها ليست تهوراً. جرأة تدعو الإنسان إلى العمل والإقدام، وقد يكون الإحجام مقبلين ومدبرين ولكن بشجاعة بقوة. الثالثة: العدل، العدل. أساس الملك العدل الذي إذا ما نزع من أمة وصلت هذه الأمة إلى الفتن، فالعدل بين الناس والعدل أساس الملك. الرابع العفة، العفة معناها التأدب،
معناها منع النفس عن الشهوات القبيحة، معناها يتولد منها الحياء، والحياء خير كله. فهذه هي الأصول الأربعة الكبيرة التي إذا ما سلبت من الإنسان. أو ما سُلبت من جماعة من الجماعات البشرية أو ما سُلبت من أمة من الأمم أو مجتمع من المجتمعات فكان ما حطمنا المبادئ العليا لحسن الخلق. ربنا سبحانه وتعالى يقول: "وإنك لعلى خلق عظيم" يمدح حسن الخلق، وكانت عائشة رضي الله تعالى عنها تقول: "كان رسول الله صلى الله عليه... وسلم خلقه القرآن أخرجه مسلم عليه الصلاة والسلام. حسناً يا سيدنا، هل الإنسان يمكن أن يقدر على معرفة عيوب نفسه أم يجب أن يكون هناك شخص آخر؟ يعني هل يمكن أن تكون لدي الحكمة لأعرف عيوب
نفسي أم يجب أن يدلني أحد عليها؟ لذلك هناك طرق تحدث عنها الغزالي في الإحياء، الطريق الأول أن الإنسان يجلس بين يدي معلم. بين يدي معلم بصير، نعم كما نسميه شيخ المربي، وهو بصير بعيوب النفس، ولذلك يربينا الأستاذ، يربينا الأب، يربينا، الأم تربينا، المرشد المعلم يربينا. فأول طريق هو طريق التلقي من الشيخ العارف البصير بعيوب النفس، الناصح الأمين الذي يريد أن ينقل لي تجربته، والذي أصبح الآن في عصرنا. كان الناس قديماً يُحبّون تعليم أولادهم الحِرفة ويُعلّمونهم الأدب ويُعلّمونهم كل
شيء ويُعلّمونهم الدين. أما الآن، فكل واحد يبخل بعلمه والعياذ بالله تعالى. وهنا سنُفرد حلقة خاصة عن البخل، نعم لأن البخل قد يكون مادياً وقد يكون معنوياً، نعم. حسناً سيدنا، لنذهب إلى الفاصل بإذنك ثم نعود. نستكمل الطريق الثاني، الطريق الثاني للتعرف على العيوب. فاصل، نعود إليكم فابقوا معنا. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، عدنا إليكم من الفاصل. الجزء الثاني من حلقة اليوم من حلقات برنامجكم إحياء علوم الدين مع فضيلة الإمام العلامة الدكتور علي جمعة. نتحدث عن حسن الخلق وسوء الخلق قبل أن نخرج. الفاصل يا سيدنا، حضرتك قلت لنا أن أول شيء أو أول طريقة نتعرف بها على
الخلق هي جلوس الإنسان أمام شيخ معلم. نعم، الإنسان يعرف عيوب نفسه من الشيخ ويعرف أيضاً كيف يقاومها. الطريق الثاني غير الشيخ هو الصديق. نعم، وسُمي صديقاً في اللغة العربية لأنه يصدقك، لا، يصدقك، لا. يصدقك صديقك من صدقك لا من صدّقك. الله! يعني لماذا هو صديق؟ "فعيل" يعني مصدِّق. لماذا؟ لأنه يصدقك القول، يقول لك الحكاية كما يراها. ولذلك كان سيدنا عمر يقول: "رحم الله امرأً أهدى إليّ عيوبي". ما شاء الله، يدعو له. فإن الصديق الحق من كان معك. ومن يضر نفسه لينفعك، الله واعٍ كيف؟ فالصديق صديق، إنما سُمي
بذلك لأنه يصدقك القول، لا أنه يصدقك ويتملقك وينافق. هل هذه مقولة "يا بخت من بكاني وبكى عليّ، ولا ضحكني وضحك الناس عليّ"؟ هذا نوع من أنواع العلاقة التي تأتي. في الصداقة والتي تأتي في المشيخة والتي تأتي في الأبوة والأمومة والتي تأتي في التربية والأستاذية وهكذا، يعني هو أبكاني نعم، لكن تأديباً وليس انتقاماً ولا إيذاءً ولا غير ذلك إلى آخره، لكن هذا النفاق منهي عنه. كان سيدنا عمر دائماً حريصاً أن يسأل حذيفة بن اليمان، وحذيفة بن اليمان من... من مزاياه أنه كان صاحب سر رسول الله صلى الله عليه وسلم في شأن المنافقين، فكان سيدنا عمر يمسك سيدنا
حذيفة ويختلي به هكذا ويقول له: "هل ترى عليَّ شيئاً من آثار النفاق؟ أنت خبير في مسألة النفاق هذه لأنك أنت صاحب سر سيدنا رسول الله وهو الذي علَّمك". هذا منافق وهذا كذا إلى آخره، فأنت يجب أن يكون لديك أسرار ولديك كذا. فانظر حرص سيدنا عمر على الصديق الصدوق، الذي كان يقول له حذيفة: "إن بينك وبين النفاق باباً"، فكان يقول له: "أينكسر أم يُفتح؟" قال: "بل ينكسر". فكان عمر يعرف أنه سيُغتال، سيُقتل، سيموت شهيداً. شهيد يعني يُكسر أو يُفتح يعني سيموت. أي عندما يُقال إنها تُقتل
كأنها معناها هكذا. فكان يقول: لا، سيُكسر، سيُكسر، أي سيُقتل. وقد كان وهو يصلي الفجر، وقتله اللعين الذي قتله، هذا أبو لؤلؤة المجوسي. فيعني عيوب النفس أيضاً يمكن أن ندركها بالتأمل عندما يكون الإنسان صادقاً جداً مع نفسه. مع نفسه، فهذا طريق ثالث أيضاً، أن يعرفها بالتأمل. عيوب النفس يمكن أن تُعرف عن طريق ألسنة الأعداء، ألسنة الأعداء يذمونني فأعرف أن هذا عيب فيَّ، أنه عيب فيَّ. ياه، جميل! ليس أنه عندما يذمني العدو فسأأخذ هذا على باب العداوة وحسب، لا، أولاً... شيء يتهم نفسي به، أو قد يكون فيه صحيح من الكلام الذي يقوله، فله حق فيها. من الذي له حق؟ عدوي. "ترى
القذاة في عين أخيك وتدع جذع النخلة في عينك". يجب على المرء أن ينتبه إلى جذع النخلة الذي في عينه، فعندما يسمع الأعداء يقولون عنه شيئًا، عليه أن يتهم نفسه أولاً. بنفسك ثم بمن تعول، ما شاء الله. فأيضاً من الطرق التي يمكن أن نتوصل بها إلى العيوب أن يخالط الناس، أي فالمؤمن مرآة أخيه، فلينظر أحدكم من يخالل. ما شاء الله، فدائماً المرء يرى يعني مثل أيضاً: رحم الله امرأً أهدى إليّ عيوبي، أهدى إليّ عيوبي، جميل. إذا تعرَّف الإنسان على عيوب نفسه بالطرق التي أوضحتها لنا فضيلتك، من خلال الشيخ أو مخالطة الناس أو من نصائح أعدائه، وبدأ يحاول أن يُصلح هذا الخُلق، فكيف يعرف أنه أصبح حسن الخلق؟ عندما تكون صفاته من صفات المؤمنين. انظر
إلى ما قاله الله تعالى: "قد أفلح المؤمنون" وسمَّى السورة كلها بهذا الاسم. صورة المؤمنين الذين هم في صلاتهم خاشعون والذين هم عن اللغو معرضون والذين هم للزكاة فاعلون والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون والذين هم على صلواتهم يحافظون أولئك هم الوارثون الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون. ما هو ما شاء الله، هي هكذا. نعم، عندما يقول ربنا سبحانه وتعالى: "التائبون العابدون الحامدون السائحون الراكعون الساجدون الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر والحافظون لحدود الله وبشر المؤمنين". ما شاء الله، قبلنا البشرى ونعمل، يعني عندما نقوم نعمل هكذا. "إنما المؤمنون الذين إذا ذُكر الله". وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيماناً
وعلى ربهم يتوكلون الذين يقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون أولئك هم المؤمنون حقاً ما شاء الله حقاً هذا رب العالمين يقول هكذا قد وصفهم لهم درجات عند ربهم ومغفرة ورزق كريم عندما يقول وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هوناً وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاماً، والذين يبيتون لربهم سجداً وقياماً إلى آخر الآيات. أنا عندي المعيار موجود في القرآن، فأرى نفسي إذا كنت من هؤلاء، وأفعل فعل هؤلاء، فالحمد لله الذي وفقنا لهذا. أي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وصف المؤمن بصفات كثيرة، وأشار إلى مجامعها، البؤرة التي تجتمع فيها الأشعة. فقال: "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه". ما شاء الله، أنت تريد أن ترى نفسك؟
أحبب لأخيك ما تحبه لنفسك. نعم، جميل. وقال: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت". انظر، انظر إلى الكلام، ربط الأخلاق. بالعقيدة جميلٌ عليه الصلاة والسلام ربط الأخلاق بالعقيدة. ما علاقة إكرام الضيف أو إكرام الجار أو أن يتكلم ويصمت بإيمانه بالله واليوم الآخر؟ هذا ربط مباشر هكذا، لأنه فعلاً يجب في هذه الأشياء ألا تكون من قبيل التفاخر والعُجب والرياء، وإنما تكون من قبيل أن يفعل. ذلك لله أي وأنه يفعل ذلك لأن الله يحب ذلك. فالإنسان هكذا بأحسن. انظر إلى النبي عليه الصلاة والسلام يقول: "أينما يتجالس
المتجالسان بأمانة الله عز وجل فلا يحل لأحدهما أن يفشي على أخيه ما يكرهه". هذا شيء يقول: "المجالس بالأمانات، المجالس بالأمانات". لا تنقل الكلام وتفعل وكذا. إلى آخره، فحسن الخلق في الحقيقة هو شيء عظيم جداً، وكلما قرأنا في إحياء علوم الدين وفي غيره من الكتب نرى تطبيق هذا في الواقع العملي. يعني سيدنا علي يروي عنه الإمام الغزالي في الإحياء أن علياً كرم الله وجهه دعا غلاماً فلم يجبه، نعم، كان عنده ولد خادم أو كان. عبداً أو كذا يا ولد تعالَ، لم يأتِ، فدعاه ثانياً، لا يوجد، وثالثاً فلم يُجب، فقام إليه فرآه مضطجعاً نائماً مستريحاً هكذا، قال:
ألا تسمع يا غلام وأنا أناديك؟ فنظر إليه هكذا ونعم، قال له: نعم سمعت، قال: بلى، قال: فما حملك على ترك إجابتي؟ قال: أمنت عقوبتك فتكاسلت. أعلم أنك لن تضربني ولن تصرخ في وجهي ولن تفعل شيئاً، فتكاسلت. أنا تكاسلت ولن أتجاوز شيئاً يغضبك. نعم، هذا كان مثل العقاب اليومين الماضيين، أليس كذلك؟ تموت؟ نعم، هذا شيء. وهو أيضاً الآن لم يعد هناك عبيد. نعم، هذا عبد أيضاً. نعم، كان في ملكه. نعم، أنا لا يهمني. لأنك أنت آمنت عقوبتك، فذهب سيدنا علي، ثم ماذا حدث؟ يتخيل المرء أنه ضربه، نعم، شتمه، حتى إنه غضب منه واستاء منه كما تقول قريش، استاء منه هكذا. لكنه قال له: "امضِ فأنت حر لوجه الله". ما شاء الله! وأشكر ماذا؟ ما شاء الله! ما الذي كان
يميز أولئك الناس؟ يعني هذه الناس، بعض الناس لا تصدق هذه الأمور من فرط توغلهم في الدنيا وتمسكهم بها، ليس لأن هؤلاء الناس لم يفعلوا هذا أو لأن هذه روايات ضعيفة مثلاً، لا، هذه روايات صحيحة، لكنهم كانوا مستعدين للعمل ما شاء الله، كانوا مستعدين للتلقي عن الله ورسوله وتطبيق هذا. في الواقع فعلاً هذا من داخله فارس نبيل. سيدنا علي كان فارساً نبيلاً، فلما قال الولد هذا الكلام، قال له: "أنت حر لوجه الله". حَسَبَها، نعم حَسَبَها، وقال: "لماذا أغضب وأنفعل عليه؟ لماذا أغضب؟ اذهب أنت حر لوجه الله ما دمت لديك الأمل الفسيح، وإلا فليس لديك". الأمل الفسيح مع الله، اذهب فأنت حر لوجه الله. ربنا يحفظك يا مولانا وينفعنا بعلمك ويزيدك علماً وينفع المسلمين بعلم فضيلتكم. وقت البرنامج مع فضيلتك يمر بسرعة. اسمحوا لي باسم
حضراتكم أن نشكر فضيلة الإمام العلامة الدكتور علي جمعة على وعده باللقاء مع فضيلته في حلقات قادمة إن شاء الله من برنامجكم. إحياء علوم الدين، فإلى ذلك الحين نستودع الله دينكم وأماناتكم وخواتيم أعمالكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.