برنامج إحياء علوم الدين | حـ3 | الكذب | قناة اقرأ | 2011 - 08 - 03 | أ.د علي جمعة

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد، فسلام الله عليكم ورحمته وبركاته. حلقة جديدة من حلقات برنامجكم "الحقيقة" علوم الدين مع فضيلة الإمام العلامة الدكتور علي جمعة مفتي الديار المصرية. أهلاً ومرحباً بك يا مولانا. أهلاً وسهلاً بكم، تحدثنا في اللقاء السابق يا مولانا عن الوسواس، واليوم نريد أن نستكمل الآفات فنتكلم عن آفات اللسان وأولها الكذب. نعم، بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. مما اهتم به الإمام الغزالي في إحياء علوم الدين آفة الكذب. نعم، وهي آفة من آفات اللسان، والنبي صلى الله عليه وسلم يعطينا المفتاح فيقول:
"إياكم والكذب فإنه يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار". كلمة "يهدي" معناها أن الكذب هو باب الفجور، البوابة التي تؤدي إلى - تهدي إلى - الفجور، فلذلك قال صلى الله عليه وسلم: "إن الكذب باب من". من أبواب النفاق - رضي الله - باب من أبواب النفاق، ألا وهو باب الكذب. هذا الباب - إذا حدث كذب - المنافق إذا حدث كذب عُرض على النار. فباب من أبواب النفاق، لأنه لو فتحنا هذا الكذب سنؤدي إلى الفجور، ولو فتحنا البوابة الثانية التي داخل الفجور ستذهب إلى النار. هذا هو فعلاً الذي يسرق. هذا ما يجب عليه، أن يكذب ويقول لم أسرق، والذي يختلس يجب أن يكذب، والذي يقصّر في عمله يجب أن يكذب. هذا صحيح، فالكذب
مُستخدم ليستر الفجور والإثم. أنا لن أكذب عليك وخشيت أن يطّلع الناس عليه، ولذلك كان سيدنا صلى الله عليه وسلم يقول: "كبرت خيانة أن تحدث أخاك حديثاً". هو لك به مصدق وأنت به كذب، جميل خيانة! خيانة الكذب! الكذب يجمع عدة مصائب من ضمنها أنك تفتري على الله. هو الذي أنت قلته حدث؟ لا، يبقى ما حدث في كون الله، يبقى ربنا ما خلقه. أنت تقول ربنا خلقه، هذا هو الافتراء، ويؤدي إلى الخيانة لأنك تخون صاحبك. الذي يصدق الكلام الذي أقوله، ولذلك كان دائماً هو صفة من صفات المنافقين، ولذلك كان باب آية المنافق الثلاثة: إذا حدث كذب، وإذا اؤتمن خان، وإذا عاهد غدر، أو إذا خاصم فجر في
رواية أخرى. النبي عليه الصلاة والسلام كان يوصينا هكذا ويحب أن يوصينا بالوصايا للشخص لو. مسكها وصايا رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان يقول لمعاذ: "أوصيك" أول ما تقول أوصيك، هذا يعني أن الحديث لازم تتمسك به وتعمل به، "بتقوى الله وصدق الحديث وأداء الأمانة والوفاء بالعهد وبذل الطعام وخفض الجناح". خفض الجناح، نعم، يعني كن طيباً، وكن لطيفاً هكذا، وكن ليناً في... امدد يدك لإخوانك واخفض الجناح، فانظر انظر إلى الحديث وانظر إلى هذه الصفات، وهذه الصفات كلها تجعلني أتخلى عن الكذب، عن إخلاف الوعد، عن الخيانة، أي إنها
تجعلني أرى، وبعد ذلك يربطها لي بإطعام الطعام وبعمل آخر وهو خفض الجناح. إطعام الطعام هذا يبدو أنه مهم جداً بالفعل، إطعام الطعام والتكافل الاجتماعي، فكيف هنا؟ جمعَ الحديثُ بين التخليةِ والتحليةِ. دائماً كان سيدنا يفعل معنا هكذا، يبيِّن لنا كيف تكون الأمور البسيطة وكيف تتخلى، ثم أموراً بسيطة أيضاً لا يخطر في بال الإنسان أن يلتفت إليها كيف تتحلى. نعم، فلا بد في كل فترة من أن نذكر ونحذر من أمثال هذه الأخلاق الذميمة. يُروى أن خطيباً من الخطباء من تحدث عن الصدق وألقى خطبة جميلة وجيدة جمع فيها كل ما يتعلق بالموضوع من أحاديث وما
شابه ذلك، ثم جاء في الجمعة التي تليها وألقى نفس الخطبة، فقالوا: حسناً لا بأس، ربما لم يُحضِّر شيئاً، ثم جاء في الجمعة الثالثة وألقى نفس الخطبة، وعندما جاءت الجمعة الرابعة قالوا له: اسمع، نحن سئمنا تماماً، نحن مللنا، ليس لديك سوى أنه لا يوجد إلا الصدق. قال له: ما أنتم كنتم تركتم الكذب حتى أترك أنا أيضاً التنبيه عن الصدق. هذه القصة ماذا تقول؟ تقول إننا كثيراً ما نتذكر فيما بيننا، لكن قليلاً ما نستجيب لهذا الذكر، ولذلك الكذب قبيح جداً يجب. علينا أن نتخلى عنه. سيجد الإنسان لذة في قلبه عندما يقاوم نفسه ويخرج من نطاق الافتراء على الله سبحانه وتعالى. "انظر كيف يفترون على الله الكذب وكفى به إثماً
مبيناً"، لأنك تصف أن الكون فيه أشياء خلقها الله وأشياء لم يخلقها بشكل صحيح. نعم، حسناً يا سيدنا، لقد وضحت لنا الخطيب الذي... كان يريد أن يعطيهم الدواء أربعة أسابيع متتالية، يعني هذا يكون حرصاً من العلماء على التحذير من هذه المعصية وهي الكذب. هو يريد أن يصل بهم إلى حالة الملل من سماع الموعظة حتى يلتفتوا إلى الملل من المعصية. صحيح، يعني أنت الآن مللت من الصحيح، من الصحيح، فلا تمل من الخطأ. لماذا حقاً؟ ألا تمل من الكذب وتقول إنني لن أكذب مرة أخرى؟ هذه حقيقة. نعم، ولذلك التربية، التربية الجميلة تعني أنهم تركوه في المرة الأولى والمرة الثانية سكتوا، وفي الرابعة قالوا: "لا، لقد تعبنا". كيف يمكن للعلماء يا سيدنا أن يوصلونا إلى القضاء على ضرر الكذب عند المسلمين؟ أولاً، بذكر الله عندما يكون المرء... عندما يكون ذاكراً لله وذكره
فإنه لا يكذب، ويخاف أن الله مطلع عليه. نعم، "ولمن خاف مقام ربه جنتان"، جنة للخوف وجنة لما يترتب على الخوف من التقوى. "فأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى، فإن الجنة هي المأوى"، أي أن الخوف من الله يؤدي إلى التقوى. ما شاء الله، فعلينا إذن أن نذكر الله ونكون دائماً على ذكر من الله سبحانه وتعالى. ثانياً، عادة الكذب، هذه عادة لدى أناس غير قادرين على العيش إلا بها، أي متعودون عليها. ثالثاً، قضية الاستهانة بالكذب، كقولهم هذه كذبة بيضاء، هذه كذبة بيضاء، كذبة خضراء. لا توجد ألوان في الكذب، فالكذب هو كذب.
نعم، النقطة الرابعة، وهذه تكليف على الكبار أن يكونوا مثالاً صالحاً للصغار، فلا يكذبوا أمامهم. النقطة التي تليها هي أن تتم تربية الصغار على الصدق وتعظيم شأن الصدق. يبدو أننا ليس لدينا تعظيم لشأن الصدق. النقطة التي تليها أنه يجب علينا أن نحن نستهجن الكذب استهجاناً عاماً منتشراً في المجتمع، ولا نحب الذي يكذب، نعم، لكننا في كثير جداً من ثقافتنا نفرح بالكذب، نعم، يقول له: قل له أبي غير موجود. لا، هذه هي التربية، هذه التربية للأبناء، للأبناء، لكن هذا ليس ذكياً أنه عرف كيف يحبك القصة. نعم، هذا محتال. نعم، هذا ماهر. هذا كاذب. هذا يعرف كيف يستخرج
لك الشعرة من العجين. لا، هذه ليست مهارة، ليست شيئاً مميزاً، ليست مدحاً يعني، ليست مدحاً. ولذلك هناك أمم كثيرة جداً التفتت إلى هذا وجعلت ثقافتها مبنية على الصدق. أتظن أن كلينتون عندما قصة الإفك هذه أم لا، لا، قصته مع مونيكا وليست مونيكا وهكذا، ثم ذهبوا وأحضروه وقالوا له: لا، أنت كذبت. يعني هو متهم بتهمة أخلاقية حقيقة معها أنه ليس شأننا، هذه زوجته هي التي تحاسبه عليها، لكن أنت كذبت فيريدونه أن يكون أبيض من. الكذب وكذا إلى آخره، إذا يا جماعة هذه بناء ثقافة. أنا أقول لحضرتك شيئاً: الكذب قد يكون باللسان وقد يكون بالأفعال، قد يكون باللسان وقد يكون بالأفعال. حسناً،
هذه التفاصيل يا سيدنا يمكن أن نراها في الجزء الثاني من الحلقة. نعم، ننتقل إلى فاصل، فاصل ثم نعود إليكم، فابقوا معنا. السلام عليكم ورحمة. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، عدنا إليكم من الفاصل، الجزء الثاني من حلقة اليوم من برنامجكم إحياء علوم الدين مع فضيلة الإمام العلامة الدكتور علي جمعة مفتي الديار المصرية. قبل أن نخرج إلى الفاصل يا سيدنا، حضرتك قلت لنا أن الكذب يمكن أن يكون بالأقوال أو بالأفعال. نعم، من ضمن كذب الأقوال أحب أن أذكر. عدة أحاديث عن سيدنا رسول الله في هذا المجال وهو يعلم ويقول: "أيكذب المؤمن؟" قال: "لا". الأول قال له: "أيزني المؤمن؟" قال: "نعم". "أيسرق المؤمن؟" قال: "نعم". يمكن في شيء دفعه إلى هذا إن شاء الله. "أيكذب المؤمن؟" قال: "لا". قال: "لا". حديث آخر: "ولا
يزال المرء يكذب ويتحرى الكذب". حتى يُكتب عند الله كذابًا يا حبيب الله هذا شيء سيء جدًا. حديث ثالث: "وإن أحدكم ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يظن أن تبلغ ما بلغت، فيكتب الله عليه بها سخطه إلى يوم يلقاه". يا ساتر يا ساتر. وفي رواية: "فتهوي به سبعين خريفًا في النار". يعني إذا أنا أمام كذب الأقوال هذا فهذه مصيبة كبيرة، عندما يقول الكذب الفجور، وعندما يقول إياك أن تتحراه وإياك أن تتعود عليه، وعندما يقول إنه أخو النفاق وإنه ضد الإيمان. كل هذه الأشياء كان ينبغي أن تكون في عقل المسلم على أنها كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا. كذباً
وأنه هذه كبيرة من الكبائر ينبغي أن نزول عنها. هناك كذب الأفعال أيضاً، وهذا لا يلتفت إليه كثير من الناس. ومن ضمن ما نقع فيه في عصرنا الحاضر، ونحن أحوج إليه في هذه الأيام، رفض الأحكام القضائية، رفض الأحكام القضائية، رفض تنفيذ الأحكام القضائية، نعم والمماطلة فيها، نعم هذا هو. هذا نوع من أنواع الكذب. أعرف أن هذا ليس حقي لكنني أماطل. وأنا الآن رفعت قضية وكسبتها. نعم، أنت غير راضٍ أيتها الجهة الحكومية أو يا صاحب العمل أو أيها الخصم مهما كان سواءً مؤسسة أو غيرها. أنت لا تريد أن تعطيني حقي، لماذا؟ نعم، والقضاء ينفذ حكمه ظاهراً. وباطناً في دين الإسلام ظاهراً وباطناً، ظاهراً ما بين الناس وباطناً عند الله. كحُكمٍ أصبح حُكمُ آدم القاضي، حُكمُ ما شاء الله، فإن الله سبحانه وتعالى قد أجرى ما أراده من حُكمٍ على لسان القاضي. سبحان
الله، هذا تعظيم شأن القضاء في الإسلام. عندما عرف العلماء الكذب قالوا والله. اختلفوا على ثلاثة مذاهب. نعم، المذهب الأول أنه ما خالف الواقع، والمذهب الثاني أنه ما خالف الاعتقاد، والمذهب الثالث أنه ما خالف الواقع مع الاعتقاد. نعم، الرجل الجاحظ هو الذي أتى لنا بالمذهب الثالث هذا. نعم، قال إن حقيقة الكذب هي ما خالف الواقع مع الاعتقاد. لماذا يقول هكذا؟ افترض أنني أملك في جيبي مائة جنيه، وأنا لا أعرف، كنت أظنها في الجلباب الآخر. نعم، نسيتها في الجيب. أي أنني لا أعرف. نعم، إذا سألني أحد: "هل معك نقود؟" قلت له: "لا، ليس معي". فإذا قلت لي: "معك مائة جنيه"، قلت لك: "لا، ليس معي. لا يوجد شيء في جيبي". مائة جنيه، نعم، حسناً، هذا موافق للاعتقاد لكنه مخالف للواقع، فهل هذا كذب؟ أنا رجل
سليم النية، حسن النية، فالذي قال أنه مخالف للاعتقاد قال: لا، هذا ليس كذباً. والذي قال أنه مخالف للواقع قال: هذا كذب، هذا كذب لأن فيه مائة جنيه بالفعل، فاضطر الجاحظ أن يقول لك. لا المخالف للاعتقاد والواقع الاثنين معاً، الاثنين معاً طبعاً. هم رفضوا مذهب الجاحظ هذا لأنه سيصنع لنا شيئاً غير ملموس. لا، غير الصدق والكذب. نعم، هي إما صدق أو كذب، فما سيكون هذا الثالث؟ شيء في الوسط بينهما يعني. وبعضهم قال: لا، هذا هو الخطأ. نعم، خطأ الثالث هو اسمه الخطأ صحيح. طيب يا سيدنا، بعض الناس يقولون أنني أستطيع أن أكذب لمصلحة، يعني مثلاً في الحرب يقولون الحرب خدعة. هل الشريعة الإسلامية أو الإمام أبو حامد الغزالي وضع لنا أموراً في الكذب مسموح بها لمصلحة المسلمين؟ قضية الحرب هذه قضية أخرى إذا... كان آتياً ليستحل دمي ويستحل عرضي ويستحل مالي، ولذلك فالحرب خدعة،
وهنا أنا مكلف بتكليف آخر وهو حفظ الأسرار العسكرية. فعندما أكون عسكرياً أو قائداً أو ما شابه ذلك، ووقعت في الأسر ويسألونني كم عدد الجيش أو أين يتموضع الجيش، فيجب علي أن أستر عليهم بالطبع. يجب عليّ أن أكذب الآن هنا، لا أخبرهم وأكون صادقاً وأكشف لهم هذا السر. هذا ليس كذباً، هذا جزء من الحرب، جزء من واجبك كمقاتل. نعم، لأن هذا يقين العدوان على أهلي، يعني أنا الآن منعت بهذا الكلام. الذي ليس كذباً منعت أن يُضرب هو المكان الذي فيه الناس، فأنا حميت أهلي وهكذا حتى لو مُت أنا، نعم، حتى لو قال: "أنت تكذب أم ماذا؟" وذهب وقتلني، فسيكون الأمر أنني لم أفشِ السر وتركته
حائراً أيضاً، فهذا نوع من أنواع الحرب. فالحرب يجوز فيها القتل، نعم، ولكن القتل. هذا يدخل جهنم إذا كان خارج الحرب. جميل، تشبيه جميل جداً. صحيح، إذاً إذا كان، وبعد ذلك تجوز فيه الغنيمة. نعم، إذا أخذت وسلبت أي مال خارج الحرب تكون سرقة وتعاقب وتقطع فيها اليد. صحيح، إذاً الحرب هي صد للعدوان ورفع للطغيان ومحاولة للفرار من من من من. هذا الفجور لأنه يحاربني هو، نعم، فإذا أبدا، هذا ليس كذباً، نعم. كذلك المبالغات، يعني مثلاً يقول لك أن كان كذباً ففي الحرب وفيما بين الرجل وزوجته وللصلح بين الناس ليس من الكذب ولا شيء أن أقول عندما
أجد خلافاً بينك وبين صديقك، قل يا رجل. هذا يحبك. هل هذا كذب؟ هذا ليس كذباً أصلاً. صحيح، قد يصف شخص ويقول لي: "لا، هذا لا يحبه". حسناً، يعني لا، فهو المفروض أنه يحبه. ولذلك كان سيدنا عمر عندما لاحظ الفرق الدقيق هكذا، كان يقول ماذا؟ يقول: "في التورية مندوحة عن الكذب، في التورية". مندوحة عن الكذب؛ رجل يقول لزوجته: "أنتِ أجمل واحدة في العالم". حسناً، فالجمال نسبي صحيح، وهذا تورية أيضاً. طيب، قلبها قد تسلى بهذا لأنها تحب ذلك، فقد خلقها الله هكذا. فالكلام هذا ليس كذباً. ما رأيك أنها فعلاً أجمل امرأة في العالم بالنسبة له؟ لا يجري شيءٌ صحيح، أما قلة الأدب وقلة الحياء بدعوى
أنه يقول لها: "لا، أنتِ قبيحة جداً"، أنتَ تريدني أن أكذب، أنت تريد أن يكذب، شكلكِ سيء. هذا قبح وليس صدقاً، هذا قبح في الكلام وفحش في الكلام. فإذاً هذه الثلاثة التي ضربت مثالاً: الحرب والزوجة والصلح بين الناس، هي في حقيقتها... إنها حماية، إنها شيء لا يُسمى كذباً في الحقيقة، قد يُسمى كذباً في الظاهر، في التعريف، في السطح، لكن حقيقته أن فيه شيئاً من المبالغة، فيه شيء من تطييب الخاطر. سيدنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مرة جاءت إليه امرأة عجوز، فقال لها: "لا يدخل الجنة عجوز"، فحزنت المرأة على الفور. هكذا والله، ماذا يعني؟ قال: لا، لا، أنتِ لم تنتبهي. ستكونين شابة حين تدخلين الجنة، لن تدخليها
وأنتِ عجوز. نعم، يعني لن تدخليها وأنتِ في حالة العجز والضعف وما شابه، بل ستدخلينها وأنتِ في حالة الشباب وغاية المتعة والرفاهية حتى في الصحة والجسد والأشياء من هذا القبيل. ولذلك يجب علينا أن نعرف حقيقة الكذب وأن الكذب هو الذي يترتب عليه الشر ويترتب عليه مخالفة الواقع والافتراء على الله وأنه باب الفجور بكل أنواعه. بارك الله فيك يا سيدنا. إذاً نحن الآن عرفنا صفة من الصفات التي يجب أن نتخلى عنها من الأشياء المهلكة التي حذرنا منها الإمام الغزالي. كخطوةٍ أولى، اسمحوا لي باسم حضراتكم أن نشكر فضيلة الإمام العلامة الدكتور علي جمعة على هذا الجهد من فضيلته، وعلى هذا العلم، على وعدٍ باللقاء مع فضيلته في حلقاتٍ قادمة إن شاء الله من برنامجكم "إحياء علوم الدين". فإلى ذلك الحين، نستودع الله دينكم وأماناتكم وخواتيم أعمالكم، والسلام عليكم. ورحمة الله وبركاته