برنامج إحياء علوم الدين | حـ8 | الغرور | قناة اقرأ | 2011 - 08 - 08 | أ.د علي جمعة

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد، فسلام الله عليكم ورحمته وبركاته. حلقة جديدة من حلقات برنامجكم "إحياء علوم الدين" مع فضيلة الإمام العلامة الدكتور علي جمعة مفتي الديار المصرية. أهلاً ومرحباً بك يا مولانا. أهلًا وسهلًا بكم. تحدثنا في سبع حلقات سابقة يا مولانا عن كتاب إحياء علوم الدين وعن أمور منها البعد عن الغيبة والنميمة إلى آخره. اليوم إن شاء الله سيدنا نريد أن نصل إلى موضوع الغرور. ربنا سبحانه وتعالى يقول: "فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور". ما هو الغرور وما هي مواصفاته؟ بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله
وصحبه ومن والاه. في دور التخلية - تخلية القلب من القبيح وتحليته بالصحيح - نبهنا الإمام الغزالي عن قضية الوسواس، وعن قضية الكذب، وعن قضية الغيبة والنميمة، وعن قضية السخرية والاستهزاء، وعن قضية الرياء والفحش والبذاءة. وينبهنا أيضاً فيما ينبهنا على الغرور والكبر والفخر، هذا والإنسان إذا كان عنده غرور والعياذ بالله تعالى فإنه لا يستمع إلى أحد، ولذلك الشيطان كان من أسمائه الغرور، الغرور وهي التي وردت في الآية التي تفضلتم بها "فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور"، الغرور الذي هو الشيطان الذي... هو الشيطان هنا، لأنه هنا فرق بين غُرور
بضم الغين وغَرور، وهو غَرور لأنه يَغُرّنا ويُؤدينا إلى الغُرور أيضاً. فهو غُرور الدنيا. كيف تكون تَغُرّني يعني تخدعني. يا دنيا غُرّي غيري. وفي عبارة "غُرّي غيري" نوع من أنواع المُحسّنات البديعية جميلة لأنها نفس الحروف. ترتيبها مختلف غَرِّي غَيْري غَرِّي غَيْري سَمَّوْه جناس قلب يا مولانا هذا ناقص يعني محرَّف نعم محرَّف وليس تامًا نعم طيب يا دنيا غَرِّي غَيْري يعني ابحثي لك عن شخص غيري تغرينه لأنني أعرف حقيقتك أنك إلى زوال أنك فانية أنك لا تساوين شيئًا أنك لم تبقي ولم تدومي لأحد. بل ينزعك الله من يد هذا ويضعك في يد هذا، إن أمرك
ليس بيدك يا دنيا، وإنه في النهاية سيكون موت حقيقي. فقال تعالى: "ولكنكم فتنتم أنفسكم وتربصتم وارتبتم وغرتكم الأماني". الأماني أيضاً بماذا تفعل بالمرء؟ تجعله مغروراً في نفسه. والنبي عليه الصلاة والسلام كان يقول: "الكيّس من دان نفسه وعمل". لما بعد الموت والأحمق من اتبع نفسه هواها وتمنى على الله وهو غير راضٍ أن يعمل. نعم، لكل داء دواء يُستطب به إلا الحماقة أعيت من يداويها. صحيح، وكان بعض مشايخنا يقول: حتى الحماقة وجدت من يداويها، وجدت من يداويها، لأن سيدنا صلى الله عليه وسلم داوى الحماقة، صحيح داوى. الحماقة بأن نهانا عن الغرور، فالغرور هو سكون النفس إلى ما يوافق الهوى والشهوة ويميل إليه طبع الإنسان، وبذلك
نُخدع من الشيطان. فمن اعتقد أنه على خير إما في العاجل وإما في الآجل، وكان اعتقاده هذا عن شبهة فاسدة، فهو مغرور إذاً. وأكثر الناس يظنون بأنفسهم الخير وهم مخطئون في هذا أكثر الناس إذا عندهم الغرور، فالغرور من الأمراض الشائعة المستوطنة. صحيح، أما أنواع الغرور فأشد الغرور هو غرور الكفار رضي الله عنه، وغرور العصاة والفساق الذين لا يرون فيما يفعلون أي غضبه. أما غرور الكفار فأشار إليه قوله تعالى: "أولئك الذين اشتروا الحياة الدنيا بالآخرة فلا يخفف عنهم العذاب". ولا هم ينصرون. غرور العصاة! ربنا كريم، وليس على العاصي والفاسق أن يفتخر
بمعصيته. وهكذا فلا ينبغي لأحدهم أن يتفاخر بالمعصية. كثير من الناس تتفاخر بالمعصية وترى أن المعصية إنما هي شيء محمود، وهذا ليس صحيحاً. المعصية نكد. الرجاء في وجه الله مطلوب، كل شيء، ولكن هذا الرجاء لا بد. أن يكون وجهه الثاني هو الخوف فلا بد من أن يعرف العاصي أنه مع أن الله كريم ونرجو رحمته، ولكن الله سبحانه وتعالى أيضاً له رهبة وله هيبة، ولمن خاف مقام ربه جنتان، وأنا عند ظن عبدي بي، فلا بد أن نظن فيه خيراً وأن نظن فيه المغفرة. والرجاء أيضاً أن نظن فيه أنه حكيم وأنه عزيز،
فالكيِّس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت. جميل سيدنا الحديث الذي تفضلت به فضيلتك، والذي هو "أنا عند ظن عبدي بي". في بعض الناس يقولون، وهذا ما نراه للأسف في مجتمعنا، يقول: "أنا قلبي أبيض وأنا أعلم أن ربك رب قلوب". وأنا متأكد أن الله كريم، مهما كنت أرتكب المعاصي فأنا أرجو رحمته. الله سيغفر لي، لا شأن لكم بهذا الأمر. ربي هو رب القلوب وقلبي أبيض. نرجو الله سبحانه وتعالى أن يغفر له، آمين يا رب. ولكن هذا تَمَنٍّ على الله للأماني. نعم، ما زلنا نقوله، نحن نرجو الله، ولسنا نملي عليه. لا عندما يقول لي أنا قلبي أبيض ودعني مع ربي، حاضر تفضل مع ربك وأنت قلبك أبيض وكل شيء، ولكنك هكذا تمنيت على الله الأماني على فكرة. وأنا عندما أعلِّم أولادي سأقول لهم إياكم أن تفعلوا هكذا لأن الله سبحانه وتعالى ﴿فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ﴾. فكيف
أأمن مكر الله؟ فلا بد من العمل، وربنا قرن الإيمان بالعمل: "إن الذين آمنوا والذين هاجروا وجاهدوا في سبيل الله"، ليس آمنوا فقط، صحيح أنهم هاجروا وجاهدوا، "أولئك يرجون رحمة الله". فالرجاء إنما هو في رحمة الله عند العمل، لكن إذا كان تواكلاً أو لا يعمل... يقول لك ربنا سيُوصل لك، نعم. يعني لو كان التمني، أي الفرق بين الأماني والرجاء والعمل. الفرق بين الأماني والرجاء هو العمل. العمل. أنت الآن في رجاء وفي عمل، لا يوجد مانع، والله سبحانه وتعالى يجازيك خيراً. "إنما توفون أجوركم يوم القيامة"، فإذاً سنوفى أجورنا وكل شيء، لكن الأماني التي هي... يريد أن يجلس ويستقر فيها هكذا
ويقول: إن قلبي أبيض، وأن قوماً قد غرهم بالله الغرور. النبي يقول هكذا: "وأن قوماً قد غرهم بالله الغرور، يقولون نحن نحسن الظن بالله". نعم، ها هم يقولون نحن نحسن الظن بالله. لو أحسنوا الظن لأحسنوا العمل، عليه الصلاة والسلام. هذا كلام سيدنا رسول الله، انظر. كيف جميل يعني شيء حلو جداً هكذا يا رسول الله، أنا رجل قلبي طيب وقلبي أبيض وأنا في علاقة طيبة بيني وبين الله وهكذا إلى آخره. حسناً، جميل، صحيح، ما تقوله كله حسن، وعلاقتي هذه ليست من شأنكم. حسناً، موافق، طيب وبعد ذلك؟ قالوا: وبعد ذلك؟ أنا لن أفعل إذن يعني. إنه لأجل حسن الظن ابتلاه، قالوا نعم، قالوا لو أحسنت الظن لأحسنت العمل، جميل، وضرب الناس مثلاً على ذلك المنبه الذي خلقنا الله به، هذه الساعة، نعم، عندما عقاربها
لا تعمل يكون قلبها فاسداً صحيح، يجب أن نذهب بها إلى الساعاتي ليصلحها، نعم، لأنه لو أن هذه الساعة بطاريتها قد انتهت فارغة. نعم، لا تعمل، لا يمشي، يجب أن أغير لها الحجارة. صحيح، هذا هو القلب هكذا، الإنسان الذي لا يعمل ويقول قلبي أبيض. قم، أنا لن أعمل، سنقول له قلبك أبيض، نحن نحب ذلك، قلبك أبيض والعلاقة بينك وبين الله جيدة، ولكن لا بد من العمل، نعم، لأنك لو أحسنت. الظن لأحسنت العمل، وما في عمل في الخارج يكون هناك غرور يخدعك، يوجد شيطان يخدعك لو أحسنت الظن. لا، أحسنت، نعم ما شاء الله، نثني عليك يا سيدنا. سنذهب إلى فاصل ونعود لنستكمل الحوار عن الغرور، الغرور والغرور فائت. عدنا إليكم
من الفاصل، الجزء الثاني من حلقة اليوم. من حلقات برنامجكم إحياء علوم الدين مع فضيلة الإمام العلامة الدكتور علي جمعة مفتي الديار المصرية. خرجنا للفصل يا مولانا وعدنا نريد أن نكمل الحوار المشوق مع فضيلتكم عن الغرور. ما أسباب التمني التي تجعل الناس يتمنون أو يصبحون مغرورين ويقولون أنا سأكون من الذين ينجون يوم القيامة؟ هل في... أسباب معينة ذكرها الإمام الغزالي، حيث تعرض لهذا في كتاب "إحياء علوم الدين" وقال إن المغترين أصناف كثيرة، منهم فرقة - وهو يتحدث هكذا عن عصره أيضاً، لكن ما شاء الله يعني إنه يصف حالاً مستمرة إلى عصرنا كما يتحدث عن وقتنا، يا
سلام - منهم فرقة أتقنوا العلوم الشرعية والعقلية وأهملوا النظر في أفعالهم، نعم النظر. ليس عملياً معه علم الدين لكن ليس لديه التدين، جميل، ولذلك لم يحفظوا جوارحهم عن المعاصي، فهؤلاء اغتروا بعلمهم، اغتروا بعلمهم وظنوا أنهم عند الله بمكان لا يعذب مثلهم، جميل. وهذه الحكاية ممنوعة في الدين لأنه لا بد أن يكون هذا العلم دافعاً للتدين. لدينا فجوة كبيرة جداً بين الخلط بين علم الدين والتدين؛ المتدين يظن نفسه أنه عالم من علماء الدين وهذا خطأ، وعالم الدين ليس على التدين الكافي وهذا خطأ أيضاً. العلم دين، أنا داخل الجنة، نعم نعم، سواء فعلت أو لم أفعل أنا في الجنة لأنني عالم، وهذا خطأ. صحيح فيكون إذا أنا... عندي مصيبتين: المصيبة الأولى أن أكون عالم دين
ولست متدينًا، والمصيبة الثانية أن أكون متدينًا وأظن نفسي عالم دين بمجالستي لعلماء الدين. لأنني تدينت يا سيدي، أنت لا تمتلك مؤهلات العلم. يقول لك: والله أنا أصلي كل فرض في وقته. حسنًا، وما علاقة هذا؟ هذا تدين مطلوب. يطلب الجميع أن نشكل فرقة أخرى أتقنوا العلم وعملوا به، فواظبوا على الطاعات الظاهرة وتركوا المعاصي، إلا أنهم لم يراعوا ويراقبوا قلوبهم. لا إله إلا الله، لم يبذلوا ما نذكره منذ حلقات من التخلية والتحلية. نعم، فتراهم تركوا أنفسهم فدخل الكبر، دخل الحسد، دخل الرياء، دخل طلب العلو. في الأرض إرادة السوء يعني دخلت أشياء كثيرة
جداً في القلب. لا إله إلا الله، رسول الله يقول إن الله لا ينظر إلى صوركم ولا إلى أموالكم وإنما ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم. فأمرنا أن نتعهد الأعمال والقلوب، وأن القلب هو الأصل، إذ لا ينجو إنسان إلا من أتى الله بقلب. سليم إلا من أتى الله بقلب سليم. في الفئة الثالثة اشتغلوا بالوعظ والتذكير والكلام في الأخلاق والزهد وما إلى آخره، لكنهم مغرورون أيضاً، يظنون بأنفسهم أنهم إذا تكلموا بهذه الصفات ودعوا الخلق إليها فقد صاروا موصوفين بها. نعم، مجرد أنني أدعو الناس للصدق فأنا صادق هكذا؟ لا. هذه هي الحكاية أن ابدأ بنفسك، أيْ ثم بمن تعول، فهناك فِرَق كثيرة من
الغرور، هناك من اغترَّ بعلمه، وهناك من اغترَّ بعمله، وهناك من اغترَّ بأن أخذ جانباً وترك جوانب أخرى، كل هذا يؤول بنا إلى أن نقول: يا رب، يا رب، أي يا رب وفقني لأن أكمل. الطريق يا رب وفقني لأنني لا أنسى شيئاً يا رب وفقني ألا أتكبر ولا أكون متكبراً. مناجاة الله شيء مهم جداً وهي من الأشياء التي حُرمنا منها في عصرنا الحاضر لكثرة الأحداث وما إلى ذلك. المناجاة هي أن تجلس مع الله هكذا، وهذه أوقات مباركة الآن. إن الجلوس مع ربنا والعيش معه سبحانه وتعالى والتوجه إليه بهذه
المناجاة يصنع أثرًا كبيرًا جدًا في القضاء على الغرور. هنا يا سيدنا ملاحظة مهمة جدًا أو شيء ورد على خاطري أن الإمام أبا حامد الغزالي وهو يتحدث ويصف معظمهم علماء متدينين لم يذكر سيرة. مثلاً المغرور بماله، المغرور بنفوذه، أو المغرور الذي يقول: "من أنا؟ بمن أنا؟" إلى آخره. ذكر أيضاً أن فرقة ينفقون الأموال في الصدقات على المساكين ويطلبون بذلك المحافل الجامعة، ويكرهون التصدق في السر. إنهم يتصدقون في العلن بكميات كبيرة، لكن في السر لا، نعم فهو... أحضرَ أصنافاً كثيرةً ولكن لأن البرنامج دقائق معدودة فنحن نُرشد الناس أيضاً إلى أن يرجعوا إلى الإحياء ويعيشوا مع الإحياء لأن هذا الإحياء كان العلماء قديماً يُخلّصونه ثم
يذاكرونه مرة أخرى، منهم من قرأه أربعين مرة ومنهم من قرأه ستين مرة وهكذا لأنه برنامج عمل جميل يمكن أن يعيش فيه. حسنًا في الختام، تبقى لدينا بضع دقائق، نريد أن نعرف ما علاج الأزمات؟ ذكرت لنا المناجاة يا مولانا، فهل هناك أساليب أخرى للعلاج؟ هناك أساليب كثيرة للعلاج. لدينا حوالي ثلاث أو أربع دقائق يا مولانا. نعم، الإنسان إذا فترت همته في شيء أظهر اليأس منه واستعظم الأمر واستوعر الطريق، وإذا... صحيح أنه من حبه للشيء وهواه للشيء اهتدى إلى الحيل، اهتدى إلى الحيل. الحيل، نعم، الذين يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلاً. فهو يريد الحيلة التي يذهب بها إلى المطلوب.
فالعبد ينجو من الغرور بثلاثة أمور جميلة بالعقل والعلم والمعرفة، العقل والعلم والمعرفة جميلة. العقل هذا اختلف، وما هو العقل هذا يعني؟ لكن العقل سُمي عقلاً في اللغة العربية لأنه يمنع الإنسان من فعل الأخطاء، يعقله، يعقله، نعم، العقال الذي هو الشيء الذي يربط شيئاً، ولذلك إخواننا في الخليج وغيره الغترة التي يلبسونها يضعون عليها عقالاً، عقالاً لأنها تُعقِل ماذا؟ الغترة هذه حتى لا تنزلق من هنا أو من هناك، فالعقل هو فطرة غريزية، العقل هو فطرة غريزية كأنه نور في القلب يدرك به الإنسان حقائق الأشياء. العقل لأن الأساس أن أساس السعادات كلها
هو العقل، أساس السعادات كلها هو التكليف هو العقل. جميل جداً، كنت أسير مع شيخي هكذا في القاهرة فوجدنا لوحة تقول درجاتكم في الجنة على قدر. عقولكم لوحة معلقة في الشارع هكذا! قال: يا سلام! لو كنت عرفت هذه العبارة وأنا صغير لكنت ألّفت فيها كتاباً: "درجاتكم في الجنة على قدر عقولكم". فقلت له: لماذا يا سيدنا الشيخ؟ قال: لأن العقل هو الذي يتحكم في السلوك، العقل هو الذي يتحكم في السلوك، والقلب هو الذي يتحكم. في العقل ما شاء الله، فلا بد أن يعلو العقل على القلب، والعقل يعلو على السلوك، ولو حدث ذلك يتخلص الإنسان من الغرور. جميل هو العقل والمعرفة، فمن عرف نفسه عرف ربه. لو عرفت أنني ضعيف عرفت أن الله قوي، ولو عرفت أنني فقير ومحتاج
عرفت أن الله غني. ولا يحتاج لأحد، أنا لو عرفت أنني فانٍ عرفت أن الله باقٍ، فمن عرف نفسه عرف ربه. فإذا عرف أحدنا هذه الحقائق فإنه يبتعد عن الغرور. المعرفة من عرف نفسه فقد عرف ربه، حينئذ يغلب حب الله على قلبه. إذا عرف ربه غلب حب الله على قلبه، سيأتي له. الغرور من أين يأتي حقاً إذا كان حب الله قد دخل في قلبه؟ الأمر الثالث الذي أقاوم به الغرور هو العلم، العلم، والعلم هنا، انظر في لغة القرآن، العلم هو الذي يدلك على الله. نعم، أي معرفة لا تدل على الله فهي
مجرد معلومات، معلومات وليست علماً، أما العلم فهو الذي يدلك على الله. الله ما شاء الله، فلو أنك رأيت شخصاً ألّف كتاباً من ثلاثة مجلدات اسمه "الطب محراب الإيمان". كل ما يرى هذا الرجل وهو طبيب جراح الإنسان، كلما ينبهر ويقول: "لا إله إلا الله، سبحان الله، سبحان الله". أهو هذا علم الطب؟ وهل هو علم الطب؟ نعم، هو بالطبع الطب. في معلومات كثيرة عندما نسندها إلى الله تسمى في اللغة وفي الشرع وفي القرآن علم الله. يستحقك يا سيدنا، يسمى علماً. فهناك ثلاثة أشياء: العقل والمعرفة والعلم. وهذه الأشياء الثلاثة تبعدنا عن الغرور، نتخلى عنه إن شاء الله. أتعلم ماذا سيحدث عندما يزول الغرور؟ نعم، الأنوار تدخل القلب. ما شاء الله، الأنوار تدخل القلب، ربنا يفتح عليك يا سيدنا وينفعنا بأنوار فضيلتك إن شاء الله. اسمحوا لي باسم حضراتكم أن نشكر فضيلة الإمام العلامة الدكتور علي جمعة على
وعده باللقاء مع فضيلته في حلقات قادمة إن شاء الله من برنامجكم إحياء علوم الدين. فإلى ذلك الحين، نستودع الله دينكم وأماناتكم. وخواتيم أعمالكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته