برنامج السراج المنير: التعاون على الخير

هي جامعة من الجمالات العربية التي ترتدي باستخدام سياسة. الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد، فسلام الله عليكم ورحمته وبركاته. حلقة
جديدة من حلقات برنامجكم السراج المنير مع فضيلة الإمام العلامة الدكتور علي جمعة مفتي الديار المصرية. أهلاً ومرحباً بك يا مولانا، أهلاً وسهلاً بكم. نزلنا يا مولانا مع فضيلتكم في برنامج "استراج منير" لنتحدث عن التعايش بين المسلمين وغير المسلمين. نريد أن نعرف يا مولانا القواعد الأساسية التي نبدأ بها الحديث عن التعايش. بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. علمنا رسول... صلى الله عليه وسلم، المتأمل في سيرته عليه الصلاة والسلام يجد أنه قد أرشدنا إلى نماذج أربعة في حياته الشريفة المنيفة عليه الصلاة والسلام. النموذج الأول كان وهو في مكة، أي
نموذج فيه المسلم يعيش في وسط غير المسلمين مع أن هؤلاء يكرهون الإسلام ويعملون على حربه. ولا يرقبون في مؤمن إلاً ولا ذمة، يعني انظر كيف أن شخصاً في مكان والمكان يكرهه ولا يريده. هذا إسلامي، فالنبي صلى الله عليه وسلم عندما رأى هذا واشتد بالناس العذاب واشتد بالناس الضيق واشتد بالناس الأمر وأُغلق عليهم، فإنه صلى الله عليه وسلم سمح لأصحابه
أن يذهبوا إلى الحبشة عندما... ذهبوا إلى الحبشة، قال لهم: "إن فيها ملكاً لا يُظلم عنده أحد، لا يُظلم عنده أحد". رغم أنه ليس مسلماً، بالرغم من أنه ليس مسلماً. نعم، نحن الآن أمام الملك الذي لا يُظلم عنده أحد، لأن العدل أساس الملك، فهذا ملك عادل. نعم، لكن الناس ستختلف هناك، منهم من يحب الإسلام. منهم من يكره الإسلام لكنه لا يظلم أحداً عنده، فسافر الصحابة الكرام في هجرة الحبشة الأولى وعادوا بعد حادثة وشائعة أن المشركين أسلموا، ثم عادوا مرة أخرى إلى الحبشة للملك العادل هذا وعاشوا هناك. فماذا نرى؟ نرى مسلماً
يعيش في بلاد غير المسلمين. حسناً، أليست مثل مكة؟ لا. ولكن الحكومة معه، والنظام معه، لن يظلمه، على الأقل لن يظلمه، بل ومعه أيضاً، ومعه أيضاً، إنه معه. جميل، الشعب قال: الناس على دين ملوكهم، عندما يجدون أن النظام هكذا، وأن الشرعية هكذا، فهم نازلون هنا في البلد بطريقة شرعية، ليسوا هاربين، ليسوا مختبئين، إنها بطريقة شرعية، النظام موافق. عليهم هذا نموذج ثانٍ، فيكون النموذج الأول هو نموذج مكة، والنموذج الثاني هو نموذج الحبشة. فالحبشة عندما قام سيدنا جعفر خطيباً أمام النجاشي ملك الحبشة قال له: "أيها الملك، كنا
قوماً أهل جاهلية" - انظر كيف سماها جاهلية - "نعبد الأصنام، ونأكل الميتة، نعم، ونرتكب الفواحش، ونقطع الأرحام، ونسيء إلى الجار، ويأكل القوي منا". الضعيف لكن انتهى الأمر، هذا قد أفسد الأمر، هذا ليس عدلاً. الرجل محب للعدل، إذا سمع أن هؤلاء أناس يقطعون الأرحام ويفعلون ويفعلون ويفعلون، فإنه مباشرةً ينفر من هذا. فجاءنا هذا الرجل إلى سيدنا النبي عليه الصلاة والسلام، فأمرنا بالتوحيد وأمرنا بالتنزه عن الفواحش وأمرنا بالصدق وأمرنا حتى بكى، بكى النجاشي. إذا أنا في النموذج الثاني وهو نموذج الحبشة، نموذج الحبشة فيه المسلم يقيم في وسط
غير المسلمين بطريقة شرعية، وهذا البلد عادل منصف. ضاق بالنبي المقام في مكة وجاءت العقبة الأولى والعقبة الثانية، ثم بعد ذلك سافر معهم مصعب بن عمير وغيره، وذهبوا إلى المدينة وبدأ الصحابة فرادى. يذهبون إلى المدينة وفي المدينة كان الجو أن هناك بعض المسلمين الجدد وهناك بعض مهاجرين وهناك يهود وهناك مشركون وظهرت طائفة تعارض الإسلام مع مصالحهم فأصبحوا منافقين وعلى رأسهم عبد الله بن أبي ابن سلول حتى أُذِنَ للنبي صلى الله عليه وسلم بالذهاب إلى المدينة
ومعه صاحبه الكريم أبو بكر. رضي الله تعالى، وبعد ذلك لحق بهم علي لأنه التحق بهم في قباء، وبعد ذلك جاء عبد الله بن أبي بكر ولحق بهم أيضاً الأسرة كلها بزوجة أبي بكر وبعائشة وببنات النبي صلى الله عليه وسلم رقية وأم كلثوم، وهكذا. المهم الحاصل، وبسودة بانتظام، زوج النبي، إلى آخره الحاصل. أن النبي ذهب إلى المدينة لنموذج ثالث، نعم، غير النموذجين السابقين، غير النموذجين السابقين، نعم، وهو نموذج الدولة متعددة الجنسيات متعددة الأديان والأعراق ومفهوم المواطنة، نعم، كانت
المواطنة لليهود وللمنافق وللمشرك وهكذا، ثم النبي صلى الله عليه وسلم وضع صحيفة المدينة، وصحيفة المدينة هذه قصة نقف عندها ونشرحها وكل شيء. إن شاء الله خانهم اليهود، نعم، وخرجوا عن الدستور، منهم من طُرد، ومنهم من أُجلي، ومنهم من حُكم عليه بالإعدام للخيانة العظمى في وقت الحرب، وهذا أمر عادي تماماً هكذا، لكن أصبحت المدينة خالية من قبائل اليهود في نموذج رابع، وهو أن كل البلد أصبحت مسلمة، نعم، كل البلد أصبحت مسلمة. تختلف عن بلد فيها مسلمون وغير مسلمين، مسلمون وغير مسلمين، نعم. فأصبح سيدنا
قد ترك لنا أربعة نماذج: نموذج مكة، نموذج الحبشة، نموذج المدينة الأول، ونموذج المدينة ثانياً أو أخيراً، نعم. وأصبحت هذه النماذج الأربعة معيناً نأخذ منه حيثما كان المسلم، وعلى فكرة لا يمكن أن تتخيل إلا أنك... في إحدى الدول الأربع التالية - وهذه الدول الأربع تمثل أنواعاً مختلفة من نفس الشيء - إما أنت في دولة تحارب الإسلام، وإما أنت في دولة تعترف بالإسلام مع أنها ليست مسلمة وتعاملك بعدل وتوفر لك كل شيء، وإما أنت في دولة مسلمة ولكن فيها تعددية، وإما أنت في دولة لا يوجد فيها مسلمون. ما شاء الله، وهذا ما يحدث على وجه الأرض الآن. نعم، هناك فرق كبير بين المسلم الذي يعيش في أمريكا والمسلم الذي يعيش في السعودية بالطبع، والمسلم الذي يعيش في مصر حيث التعددية، والمسلم
الذي يعيش في روسيا الشيوعية مثلاً، نعم، التي تغلق المساجد وتمنع الأذان وتمنع الذبح الشرعي. وتمنع هناك، يقول لك: "لا، ليس كل شيء يحتاج إلى ترخيص، وكل شيء لا مانع منه، أهلاً وسهلاً بك". نعم، هذا في أمريكا وأوروبا، يعني نعم في أمريكا المصحف يُطبع في ألمانيا. نعم، والآن عندهم دراسات عميقة جداً في كتابة المصحف المطبوع، ويأخذون يعني البحوث الآتية. حسناً، إذاً... النماذج الأربعة ستكون أساساً للقائنا إن شاء الله في الحلقات القادمة. هذه النماذج الأربعة هي التي يستطيع منها المسلم أن يأخذ الأسس التي يتعامل بها مع العالم، بما كان يتعامل به رسول الله صلى الله عليه وسلم من حسن الخلق، ومن مواءمة
الحال، ومن تبليغ الدعوة، ومن أن أكون كالوردة، لا أن أكون صادًا عن سبيل الله بغير علم، ولا أن أكون لست شهيدًا على الناس، والله يقول: "وكذلك جعلناكم أمة وسطًا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدًا" عليه الصلاة والسلام. حتى نقوم بواجب الشهادة، وحتى نقوم بواجب التبليغ، وحتى نقوم بواجب أن نعيش عصرنا. وأن نخدم ديننا يجب علينا أن نتأمل ونتدبر في النماذج الأربعة التي تركها لنا سيدنا صلى الله عليه وسلم. نذهب إلى فاصل يا سيدنا ونعود لنستكمل الحوار. نعم، فاصل ونعود إليكم فابقوا
معنا. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. عدنا إليكم من الفاصل، الجزء الثاني من حلقة اليوم من حلقات برنامجكم السراج. المنير مع فضيلة الإمام العلامة الدكتور علي جمعة مفتي الديار المصرية. مولانا، قبل أن نذهب إلى الفاصل، مولانا فضيلتك شرحت لنا أربعة نماذج، المسلم حتماً يكون في واحد منها. نريد أن نبدأ بالحديث عن النموذج الأول وهو حال المسلم في مكة أو في دولة يحكمها غير مسلمين ويعادون المسلمين أو يحاربونهم. كان أهل مكة لا يرضون بالإسلام لأنه
طالبهم بالمساواة وطالبهم بالزكاة وطالبهم بعبادة الله الواحد الأحد، وطالبهم بالتنزه عن شرب الدم وظلم النساء وما إلى ذلك. كان هذا ضد مصالحهم لأنه أيضاً طالبهم بالمساواة بين العبد والحر بطريقة معينة عادلة، ولا يمكن أن نصفها بغير ذلك. هكذا بدأ صراع المبادئ. والمصالح عند المشركين، ولكن المشركون كانوا أيضاً عندهم مجموعة من الأخلاق، نعم، لكن عندهم مجموعة مقابلة من المساوئ. هذه المساوئ تشبه من ألقى التراب في اللبن
بعدما حلبه، نعم، تصبح طيناً. صحيح اللبن شيء جميل، لكنه وضع عليه بعض التراب وتظاهر بأنه لا بأس به، لا، لا، ليس عليه قليل. كلما نقول له... يقول: "لا، أنا لستُ حالباً اللبن أمامك". نعم، هذا صحيح. جاء النبي صلى الله عليه وسلم من أجل أن يضرب الأمثال كيف نعيش في هذا الجو. أولاً: ندعو إلى الله. ثانياً: نتمسك بالمبادئ. ثالثاً: نوازن ما بين المبادئ والمصالح. رابعاً: نصبر على ذلك حتى نزل قوله تعالى: "والعصر إن..." الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر، أي على الحق ما شاء الله، يعني نتواصى على الحق ونصبر على هذا التواصي مستمرين مديمين، ولذلك كان دائماً يقول: "أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن
قل". إنه يربي النفسية التي ستعيش في مكة والتي يمكن لأي شخص... في أي عصر من العصور يواجهها المرء في مكة، أول شيء هو أن نتناول تربية الإنسان. سيدنا النبي نشأ يتيمًا، ماتت أمه ثم مات جده، وكان حملًا صلى الله عليه وسلم حين مات أبوه قبل أن يولد، وبعد وفاة جده عبد المطلب أخذه أبو طالب. وضمه إلى أولاده وعاش في وسطهم. أم علي
بن أبي طالب فاطمة بنت أسد، نعم أسلمت بعد ذلك وماتت، ودفنها النبي في المدينة، وكان يقول: "اللهم اغفر لأمي فاطمة". لماذا؟ لأنه تربى في بيتها، في بيتها ما شاء الله، في بيتها عند أبي طالب. الحاصل هو الشهامة والرجولة والموقف، نعم. لم يُسلم أبو طالب، أو على رأي الزيني دحلان لم يُسلم بعد. نعم، يرى الجمهور أن أبا طالب مات على غير الإسلام، بينما يرى بعض العلماء أن أبا طالب أسلم في أواخر حياته، أي في الأواخر، وذلك في رواية أن العباس
قال للنبي: "يا رسول الله، إن أبا طالب قال..." الكلمة التي طلبتها منه هي أن يقول "لا إله إلا الله" وأجادل له بها عند ربي، فالقضية هنا أنهم يقولون ماذا؟ الزيني دحلان لا بأس به، يقول إن أبا طالب رفض أن يذكر الكلمة بالرغم من إيمانه بها خوفاً على النبي. نعم، يعني لم يرضَ أن يصرح بها أمام [الناس]، لم يرضَ أن يعلي صوته [بها]. قالها للعباس فقط، وهو الوحيد الذي سمعها. نعم، خوفاً على النبي حتى يظلوا سائلين عن ذكراها. يعني لا، ذلك لأنهم سيقتلون النبي. نعم، لو عرفوا أن أبا طالب أسلم فسيسلم معه البقية، وكانوا سيقتلون النبي، فخاف عليه وقال: "الله". حسناً، أنا الآن على فراش الموت وسأقولها، فسيمسكونه ويقتلونه لأجل
ذلك. ليتخلصوا إذن من فكرة أن هناك أناساً يُسلمون بكثرة، فلو أنهم علموا أن شخصاً كبيراً أسلم سيؤدي ذلك إلى إسلام أناس كثيرين فيقتلونه، فخوفاً عليه يقول: "أنا مسلم ولكن في السر"، شيء من هذا القبيل. يعني الجمهور يقول: "لا، هذا لأن الرسول قال..." لا، لم أسمعه، لم أسمعه. المهم الموقف الذي يربينا عليه النبي. عليه كجزء من نفسية التعايش، أبو طالب لا يزال مشركاً أو هو مشرك. نعم، حسناً، قال رسول الله. العباس، وكان من أيسر بني هاشم، غنياً. سيدنا العباس كان غنياً لماذا؟ لأنه كان تاجراً. نعم، وكان يملك الملايين، وكان قد أنشأ بنكاً صغيراً هكذا. نعم، وكان يُقرض
بالربا (بالفوائد)، وكان العباس يملك أموالاً. كثيرٌ. فقال له النبي: "طيب، وقد أصاب الناس ما ترى". ما الذي لا يرى ما أصاب الناس؟ هذه الفاقة وضيق اليد وما إلى آخره. نعم، ظروف اقتصادية سيئة. وسيدنا أبو طالب، أو أبو طالب، عنده أطفال كثيرون، أولاد، أحد عشر طفلاً، أحد عشر طفلاً. فلنخفف عنه، خذه رجلاً وآخذه رجلاً. ما شاء الله، فقال العباس: نعم، حاضر، أنا آخذ رجلاً أربيه، ويصبحون بدلاً
من واحد من أبناء أبي طالب يربي النبي، وواحد يربي العباس. فأخذ النبي علياً، وأخذ العباس جعفراً. ما شاء الله، الرسول يرد له الجميل، هو رباه عندما كان يتيماً، إذ لم يقل هذا مشرك، نعم، وأولاده مثله مشركون. نعم، وما هذه النظرة التي لم تكن موجودة ما شاء الله، وهل هذا معناه أنه يرضى بالشرك؟ لا، حاشا لله. وهل هذا معناه أنه يتعاون مع الكافرين؟ هذا الكلام الثقيل الذي ملأ به عقول الناس. بعض إخواننا هؤلاء نقول لهم: أنتم تشوهون صورة سيدنا النبي عليه الصلاة والسلام وتصدون عن سبيل الله. الله بغير علم يا جماعة ليس هكذا، هذا هو هو في مكة، طبيعة الأمور هكذا، ما شاء الله واردة
له أيضاً وهكذا، طيب لو فعلت هكذا ماذا يحدث إذن؟ أتعرف من الذي جلس في مكان سيدنا النبي عند الهجرة؟ عرض نفسه للموت سيدنا علي، هذا الذي بالتأكيد صحيح، أتعرف من؟ أول من أسلم سيدنا علي صحيح. أتعرف من تزوج ابنته فكان نعم الزوج؟ سيدنا علي صحيح. يعني يا إخواننا أليس كذلك؟ أتعرف الفعل الذي أرشد إليها العباس؟ كانت هذه خيراً على العباس وجعفر. أسلم هو سيدنا جعفر الطيار واستشهد في سبيل الله وهاجر إلى الحبشة وهاجر إلى... المدينة كبيرة جداً، وسيدنا العباس، وسيدنا العباس هداه الله. نعم، "ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة
كأنه ولي حميم". ما شاء الله، هذه هي الطريقة. أما الطريقة الثانية: أن يتجهم ويخاصم في الله وهو ليس في الله ولا شيء. حقاً أنت تخاصم لشهوة نفسك وتهجر. أخاك أو تهجر قومك حتى لو كان كافراً من غير فائدة، لكن انظر ماذا فعل النبي عليه الصلاة والسلام. يمر الوقت سريعاً مع فضيلتك، إن شاء الله نستكمل الحوار في الحلقات القادمة من برنامج استراج ومنير. اسمحوا لي باسم حضراتكم أن نشكر فضيلة الإمام العلامة الدكتور علي جمعة على وعد باللقاء مع... فضيلته في حلقات قادمة من برنامج
السراج المنير لنتعلم التعايش مع الآخر. حتى ذلك الحين نستودع الله دينكم وأماناتكم وخواتيم أعمالكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. شكراً.