برنامج السراج المنير: فتح مكة ومفاتيح الكعبة

برنامج السراج المنير: فتح مكة ومفاتيح الكعبة - السراج المنير, السيرة, سيدنا محمد
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد، فسلام الله عليكم ورحمته وبركاته. حلقة جديدة
من حلقات برنامجكم "السراج المنير" مع فضيلة الإمام العلامة الدكتور علي جمعة مفتي الديار المصرية. أهلاً ومرحباً بكم يا مولانا. أهلاً. وسلا بكم في الحلقة الماضية يا مولانا من السراج المنير وصلنا إلى صلاة رسول الله عليه الصلاة والسلام بعد فتح مكة داخل الكعبة بعد أن أخذ المفاتيح. سيدنا النبي ماذا فعل في مفاتيح الكعبة وماذا فعل في أهل مكة؟ هذا ما نريد معرفته اليوم يا مولانا. بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. كانت مفاتيح الكعبة مع بني شيبة، ولذلك جعلها رسول الله صلى الله عليه وسلم فيهم وقال: "لا يسلبها منكم إلا ظالم، لا يسلبها منكم إلا ظالم". ولذلك فعبر القرون، سبحان الله، لم يأخذها أحد من الخلفاء ولا الحكام. ولا الملوك ولا كذا إلى آخره خيفة أن يدخل في هذا الحديث
عليه الصلاة والسلام، وهي ما زالت مفاتيح الكعبة في بني شيبة إلى يومنا هذا، يعني الرسول صلى الله عليه وسلم سلَّم المفاتيح لبني شيبة: "خذوها خالدة تالدة"، خالدة تالدة، قال لهم: ليس أنتم الآن فلول ولا أنتم من أهل مكة، أنا... لن يخدعوها أبداً، هي لهم من عند الله، أعطاهم الله سبحانه وتعالى إياها، فحافظ النبي صلى الله عليه وسلم عليها. وهنا أيضاً معجزة لسيدنا النبي صلى الله عليه وسلم، من الذي قال له أن بني شيبة سيظلون على الإسلام؟ صحيح، فظلوا على الإسلام ولم يرتد أحد من بني شيبة. أبدا وأن نسلهم كذكور مستمر وكذلك من الذي قال أنهم لا ينقطعون عليه الصلاة والسلام الله. محمد ليس بيده شيء، محمد مبلغ عن ربه. وهناك ألاف الجزئيات مثل هذه. من الذي قال هذا؟ الله يؤيد
هذا الرجل عليه الصلاة والسلام وينصره إلى الآن ويظهر عجائب في شأنه صلى الله. عليه وسلم النبي صلى الله عليه وسلم لما دخل من باب الكعبة قال: "لا إله إلا الله وحده لا شريك له، صدق وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده، ألا كل مأثرة أو دم أو مال يُدّعى فهو تحت قدمي هاتين، يا معشر قريش إن الله قد أذهب عنكم نخوة الجاهلية". وتعظمها بالآباء الناس من آدم وآدم من تراب، الله ثم قرأ قرآناً: "يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم"، ثم
قال: "يا معشر قريش، ما ترون أني فاعل فيكم؟" قالوا: "خيراً، أخٌ كريم وابن أخٍ كريم". قال: "اذهبوا فأنتم الطلقاء". دخل النبي صلى الله عليه وسلم الكعبة وصلى ركعتين أو ثمانية على اختلاف الروايات. وروي أنه بعدما دخل الكعبة كأنه صلى الله عليه وسلم حدث له قبض، وذلك كأنه يشير إلى أن من دخلها لا يدخلها مرة ثانية. كان هناك هكذا شيء أن من منَّ الله عليه بالدخول إلى الكعبة ومن دخلها كان آمناً، فإنه لا يكرر
مرات الدخول إلى جوف الكعبة ولا دخول الحرم نفسه. ليس في جوف الكعبة، بل دخول جوف الكعبة، نعم في جوف الكعبة. هو كأنه خشي أن الناس تُقهَر. أو تغضب من عدم الدخول، نعم فبيّن أنه يعني هذا أفضل، كنت لا تجعله كأنه تسلية للقلوب ممن لم يدخل. وكذلك عدم الإلحاح في الدخول لأن بعض الناس يريدون أن يدخلوا حتى تذهب هيبة البيت من قلبه. فعلى كل حال الذي يدخل يدخل مرة أو عدة مرات يعني. لا يجري شيء، فالنبي عليه الصلاة والسلام أيضاً قام بعمل فيه معجزة أنه كلما أخذ صنماً وقال: "جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان
زهوقاً"، سقط الصنم. هذه الأصنام كانت قوية وكانت على أسس، ولذلك لما رأى أهل مكة هذا دخلوا في دين الله أفواجاً، نعم، وبعضهم طبعاً ما زال. في قلبه شيء ولكن النبي عليه الصلاة والسلام قال: "من دخل دار أبي سفيان فهو آمن"، لأن أبا سفيان كان رجلاً يحب الفخر وكذلك هو سيد قريش الآن بعدما مات مَن مات في بدر، ومَن ألقى السلاح فهو آمن، ومَن أغلق بابه فهو آمن، ومَن دخل المسجد الحرام فهو آمن. آمنَ إذا أمَّن رسولُ اللهِ الناس، ولما جيء بسعد بن عبادة وقال: "اليوم يوم الملحمة"، قال: "كذب سعد"، وأمر بأن يُعزَل
سعد من القيادة. طيب لما يُعزَل سعد من القيادة، سعد بن عبادة الأنصاري الذي آوى رسول الله، الذي كذا إلى آخره، إنما هو يريد سيدنا رسول الله أن يُهدئ. أحضر مكانه قيس بن سعد بن عبادة، أحضر ابنه، أي أحضر ابنه. وكان ابنه على شرطة رسول الله عليه الصلاة والسلام، وكان ابنه من العماليق، كان مثل سيدنا عمر هكذا، طولاً وعرضاً، أي أن طوله مائتان وثمانون سنتيمتراً، ما شاء الله، إلى ثلاثة أمتار هكذا، كان ابن. مفرج الكرب هكذا كان قيس بن سعد بن عبادة، هكذا كان سيدنا عمر بن الخطاب. كانت هناك مجموعة طويلة إلى درجة أنك تظن أنها ركبت الفرس وهي لم تركب الفرس ولا أي شيء. نحن نرى في زماننا هذا يا مولانا لاعبي كرة السلة في فرق
أمريكا مائتين تسعة وعشرين، مائتين تسعة. ومائتان وثمانون هذا شيء ما شاء الله، اقرأ أيضاً أنه موجود في الباكستانيين وفي الجبال وإلى آخره هذه الأشياء الكبيرة، لكن على كل حال هذا الرجل هو قيس بن سعد بن عبادة كان قائد الشرطة، نعم كان مثل وزير الداخلية، نعم وكان قد عينه النبي. عليه الصلاة والسلام، ما كان أبوه قام أبوه، ولا يغضب، نعم، ولا يأخذ على خاطره كثيراً، يعني لأنه، لكن لماذا هو؟ لأنه قال هكذا، قال اليوم يوم الملاحم. النبي عليه الصلاة والسلام كان يجمع الشمل، ولذلك رأوه، عندما رأوه يفعل هذا، انظر ماذا فعل، أعطى المفتاح لعثمان بن طلحة الذي هو من بني شيبة وقال له وهو يعطيه المفتاح: "اليوم يوم بر ووفاء". النبي عليه الصلاة والسلام لما كان هكذا ورأوه هكذا، الأنصار
قالوا: "جاء وطنه فلا يغادره، إنه سيتركنا ونمضي". فالنبي عليه الصلاة والسلام سمعهم وقال لهم: "كيف والناس قد ذهبت بالنعم وتذهبون برسول الله؟". فبكوا وخلاص نعطيهم الدنيا. وأنا عائد إليكم لا أستطيع، فهو عندما كان هناك دعا في المدينة قائلاً: "اللهم حبب إلينا المدينة كما حببت إلينا مكة". دعنا نأخذ فاصلاً يا سيدي بعد إذنك، نأخذ فاصلاً ثم نعود لنتحدث عن التعايش في أبهى صورة في فتح مكة، حيث إنه ليس يوم الملحمة ولكنه يوم المرحمة. اليوم لم تزل قريش ولكن عز الله قريش بالإسلام إن شاء الله. فاصل ونعود إليكم فابقوا معنا. السلام
عليكم ورحمة الله وبركاته. عدنا إليكم من الفاصل، الجزء الثاني من حلقة اليوم من برنامجكم السراج المنير مع فضيلة الإمام العلامة الدكتور علي جمعة مفتي الديار المصرية. وصلنا يا مولانا لفتح مكة. ونريد أن نعرف يا مولانا أن هذا يُعتبر نموذجاً لقمة من قمم التعايش. نحن نرى في الثورات في أي مكان في العالم بعدما تقوم الثورة يصبح هناك صراع بين القديم والحديث، ولكن ما فعله سيدنا النبي في مكة يعطينا نوعاً من أنواع التعايش، فنريد أن نتكلم عن هذا الأمر يا. سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم لما قال ماذا أنتم وماذا أنا فاعل بكم، قالوا: أخ كريم. قال: اذهبوا فأنتم
الطلقاء. حلّ المشكلة بعفو عام، ثم أعطى المفتاح لعثمان بن طلحة. حلّ المشكلة وأبقى كل شيء على ما هو عليه، ثم مثلاً ذهب فدخل عليه أبو بكر ومعه. أبي معه أبوه أبو قحافة، نعم أبو بكر، ما هو أبو قحافة أسلم، وابنه أبو بكر أسلم الصديق، نعم، وبعد ذلك ابن أبي بكر أسلم، وحفيد أبي بكر أسلم، فأصبح عندنا الآن الجيل الرابع، الجيل الرابع محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر بن أبي قحافة، الأربعة أسلموا وليس في الصحابة مثل. هذا أبو قحافة داخل رجل كبير في السن فوق التسعين، فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "هلا تركت الشيخ في بيته يا أبا بكر حتى أكون أنا الذي آتيه". ما
شاء الله، عليه الصلاة والسلام، شفقة منه لكبر سنه صلى الله عليه وسلم، قال أبو بكر. يا رسول الله، هو أحق أن يمشي إليّ من أن تمشي إليه أنت. يعني هنا راعى مقام النبوة عليه الصلاة والسلام، فأجلسه بين يديه، ثم مسح صدره، ثم قال له: "أسلم". يعني هو كان لا يزال مشركاً، لا يزال مشركاً، فأسلم وقال: "غيروا هذا الشيء"، وأشار إلى لحيته هكذا لرفع معنوياته. تزيد لأنه عندما ينظر المرء فيجد لحيته بيضاء، فكأن معنوياته تقول: "أنا كبرت خلاص"، لا، لم تكبر، ما زلت شاباً. هذا ما نقوله في الحديث العام. يعني النبي عليه الصلاة والسلام بحث عن مكان ينزل فيه، فقالوا له: "يا رسول الله، أستنزل في بيتك أم ستذهب؟" أين أي فقال وهل ترك لنا عقيل من رباع، عقيل بن عمه باع
بيوت النبي، البيوت التي في مكة التي هي ملكه، فلم يجد مكاناً ينزل فيه عليه الصلاة والسلام. فالنبي عليه الصلاة والسلام كان لطيفاً، كان جميلاً، كان صلى الله عليه وسلم حريصاً على منفعة الناس، أنا قلت. عندما دخل الكعبة حدث له هذا، نعم، قال لها: "يا عائشة، لولا أن قومك حديثو عهد بجاهلية لأمرت بالبيت فهُدم، وأدخلت فيه ما أُخرج منه" الذي هو حجر إسماعيل، "وألصقت بابه بالأرض"، يعني جعلت الباب منخفضاً هكذا، "وجعلت له بابين، باباً شرقياً وباباً غربياً، فبلغت به أساس إبراهيم. أتدرين يا..." عندما رفع قومك الباب قالت عائشة: "لا". قال: "حتى يدخل من شاء ويمنع
من شاء". أنا رفعت الباب لكي يكون الدخول بسلم أتحكم فيه، نعم أنا أتحكم فيه وأصبح كذا. فإذا النبي عليه الصلاة والسلام، انظروا إلى تفكيره، أنا هكذا دخلت الكعبة، الناس تريد أن تدخل الكعبة، حسناً الكعبة... ماذا أفعل بهذه الآن؟ هل أعيدها إلى النمط الأول حتى يدخل الناس وما إلى ذلك ويصلي الجميع فيها؟ حسناً، لكنهم سيقولون: "هذا محمد هدم الكعبة، هذا محمد غيّر الأديان، هذا محمد غيّر شكل الكعبة وغيّر الدنيا". أم أتركها هكذا وليس ضرورياً الدخول فيها، وهو فعلاً هذا الذي كان. قُبض من هذه الناحية النبي عليه الصلاة والسلام، يعني يجب أن ندرس سيرته في نماذجها الأربعة: نموذج بقائه في مكة مسلماً
يعيش في دولة تكره الإسلام وتكره المسلمين، بل وتحاربه. نموذج الحبشة: مسلم يعيش في دولة ينتمي إليها، يحبها، يشترك في الدفاع عنها، تحميه، مصلحته فيها، لكنها ليست مسلمة. وهناك... حرية في الاعتقاد، هناك حرية في مزاولة الديانة. نموذج الحبشة كان نموذجاً رائعاً، ثم نموذج المدينة في أول أمرها حيث التعدد والتنوع، ونموذج المدينة في الأخير حيث الاستقلال، حيث الانطلاق، حيث عالمية الدعوة، حيث استقلال بلد معين جغرافي ليس فيه تقريباً إلا المسلم. كل
هذا أتانا به رسول. الله صلى الله عليه وسلم وربنا يقول: "وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا". كل هذا هو الأسوة الحسنة التي نراها في رسول الله: "لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا". كل هذا هو الذي يعطينا مقومات الشهادة وكذلك. جعلناكم أمة وسطاً لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيداً. كل هذا هو الذي يجعلنا أمة نهتم بأنفسنا ونبدأ بأنفسنا. ابدأ بنفسك ثم بمن يليك ثم بمن تعول، وكلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته. يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا
يضركم من ضل إذا اهتديتم. النماذج الأربعة هي التي تمثل فقه السيرة النماذج الأربعة هي التي نذهب إلى هذا المعين الذي لا ينضب. دعوة النسخ هي دعوة محصورة للغاية، قليلة للغاية، ولكن يجب أن نستفيد من كل لحظات حياة النبي صلى الله عليه وسلم خاصة بعد البعثة. يجب علينا أن نقرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم من خلال القرآن الكريم يجب علينا أن نقرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم من خلال السيرة الشريفة المنيفة مع الأحاديث مع أسباب ورودها وليس منفصلة بعضها عن بعض جزرًا متشرذمة. يجب علينا أن نتأكد أن التجريد
والتقعيد هو وسيلتنا للاستفادة من تحويل البرنامج النبوي المحمدي إلى حياة معيشة، ويجب علينا. أن نتأكد أن النبي صلى الله عليه وسلم قد أمرنا بالتعايش وأننا نتعامل مع أمة الإجابة ونتعامل مع أمة الدعوة، وأن هذا العالم كله هم عملاؤنا وزبائننا الذين يجب علينا أن نعرض لهم الإسلام من غير إكراه، من غير تأل على الله، من غير أن نكون حجاباً بين الله وخلقه. سبحان الله يا مولانا، لقد استعرضنا مع فضيلتك أو فضيلتك ذكرت لنا نقاطاً كثيرة من نقاط التعايش. نريد أن نصل إلى النقطة النهائية وهي أن السلام والرحمة والتعاون والتعايش يمكن أن يتم بين المسلم وغير المسلم في دقيقة تقريباً
يا سيدنا. تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم. نحن ندعو العالم كله، ندعو المسلمين وندعو غير المسلمين إلى كلمة سواء. ندعو المسلمين ونعلمهم دينهم على نمط أسوة النبي المصطفى والحبيب المجتبى صلى الله عليه وسلم، وندعو غير المسلمين بالقدر المشترك الذي بيننا وبينهم وهو عبادة الله وعمارة الأرض وتزكية النفس. وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون، إني جاعل. في الأرض خليفة هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها، طلب منكم عمارها. قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها. أمر واضح ونحن نشترك مع العالم ونشاركه في بناء الحضارة الإنسانية. ندعو الجميع مسلمين وغير مسلمين، ندعو
المسلمين إلى العلم، فمن سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهل الله له طريقاً. إلى الجنة وندعو غير المسلمين إلى التعاون وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان. بارك الله فيكم يا مولانا، نسأل الله أن يزيدكم علماً وينفعنا بعلم فضيلتكم. شكراً لكم، الله يحفظكم. اسمحوا لي باسم حضراتكم أن نشكر فضيلة الإمام العلامة الدكتور علي جمعة على وعد باللقاء إن شاء الله. قريباً... وإلى ذلك الحين نستودع الله دينكم وأماناتكم وخواتيم أعمالكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.