برنامج مصر أرض الأنبياء - الحلقة التاسعة | قصة سيدنا يوسف الجزء الثاني

برنامج مصر أرض الأنبياء - الحلقة التاسعة | قصة سيدنا يوسف الجزء الثاني - شخصيات إسلامية, مصر أرض الأنبياء
بقاء سيدنا يوسف في مصر ورحلته في مصر لم تكن مفروشة بالورود. فرغم أنه نشأ في قصر عزيز مصر بعد أن ألقى إخوته في غيابة الجب، لكن هذا البقاء سبب له الكثير من المتاعب. ربما أيضاً جمال سيدنا يوسف سبب له الكثير من المتاعب التي سنراها إن شاء الله في... هذه الحلقة بسبب أن
امرأة العزيز افتتنت به وبسبب هذا الجمال أيضًا قطع نساء مصر أيديهن بعد أن رأينه وأكبرنه، وبسبب هذا الجمال الفائق لنبي الله يوسف عليه الصلاة والسلام - أسفًا - حُبس في السجن. سنتحدث في مصر أرض الأنبياء في هذه الحلقة عن هذه الرحلة وهذه المحن التي تعرض لها. سيدنا يوسف في الأرض ولنعلمه
من تأويل الأحاديث والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون. اطمأن قلب يوسف لنعم الله فعصمه من مراودة امرأة العزيز عن نفسه وهي في غاية الجمال والمال والمنصب وغلقت الأبواب عليها وعليه وتهيأت له وتصنعت ولبست أحسن ثيابها وأفخر لباسها ويوسف شاب بديع. الجمال والبهاء إلا أنه نبي من سلالة الأنبياء فعصمه ربه عن الفحشاء وحماه عن الشهوة فهو
سيد النجباء إنه كان من المخلصين. وخلال هذه الرحلة والمسيرة لأنبياء الله الكرام والرسل الكرام الذين جاءوا إلى أرض مصر نستكمل مع فضيلة الدكتور علي جمعة قصة سيدنا يوسف عليه الصلاة والسلام وكيف أنه ألقي. في الجب وتأملنا ذلك في الحلقة السابقة، ومن ثم جاءت القافلة واشتروه بثمن بخس. فضيلة الدكتور، السلام عليكم. وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، أهلاً بفضيلتكم. أهلاً وسهلاً مولانا. توقفنا عند نقطة مشوقة في الحلقة الماضية، وحضرتك ذكرت وتفضلت بأن هؤلاء المسافرين اشتروا سيدنا يوسف عليه الصلاة والسلام بثمن بخس
من إخوته الذين عادوا إلى الجبن، نعم، مرة أخرى. حسناً، بعد أن باعوه بهذا الثمن البخس، وخصوصاً هذا الرجل الذي جاء من الحجاز مثلاً، أو من منطقة مكة، أو من قلب الجزيرة العربية. كيف ذهبوا به إلى مصر؟ ولماذا ذهبوا به أساساً إلى مصر؟ بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة. والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. كان يوسف قد أوتي شطر الحسن إن صح التعبير. كان سيدنا يوسف جميلاً جداً، وكما ورد في بعض الروايات الشعبية أن كانت عيناه كبيرتين وكانت بين حاجبيه شامة وعلى خده خال، وكانت كل هذه من علامات الحسن والجمال. أبيض الوجه وجذاب. الجمال هذا من سيدتنا سارة التي كانت قد ورثته من سيدتنا حواء حقاً،
وحواء كانت شيئاً مختلفاً تماماً من الجنة. فالمهم أنهم عندما باعوه بثمن بخس دراهم معدودة، يعني درهمين أو ثلاثة دراهم، أي ثلاث دراهم معدودة، يعني خذها: واحد اثنان ثلاثة. من الذي اشتراه؟ اشتراه إخوة يوسف عندما... رجعوا في الشرح هكذا في التفسير، فلما رجعوا وجدوه أنهم أخذوه، قالوا له: "على فكرة، هذا العبد خاصتنا". قال لهم: "حسناً، خذوا نقوداً فيه واشتروه هنا". فدفع ثلاثة دراهم، الدرهم اثنان جرام وتسعة من عشرة فضة، يعني يقول ثلاثة جرام، فيكون تسعة جرام فضة. جرام الفضة اليوم بسبعة. جنيه فتسعة في سبعة بثلاثة وستين جنيهاً، يعني باعوه بأقل من مائة جنيه، وكانوا فيه من الزاهدين، وكانوا فيه من الزاهدين. إن أصل ثلاثة وستين
جنيهاً هذه لا تكفي لوجبة غداء ولا تكفي لوجبة عشاء للشخص. طيب مولانا، بعد أن ساروا به إلى مصر، كيف بيع للعزيز؟ والسؤال أيضاً ما هو؟ هذا هو العزيز، رئيس وزراء مصر. كلمة "العزيز" هي مصطلح ومعناه رئيس وزراء مصر. كانوا يسمون الملك فرعون، ويسمون العزيز رئيس وزراء مصر. فلما ساروا به إلى مصر نزلوا بالسوق، لأن ملك بن ذعر هو الذي أخذه ودفع فيه هذه الدراهم، وهو الوالد. الذي يخصهم الذي ذهب وقال هذا الطفل وقال هذا يخصني أي لجمال يوسف وعمره اثنا عشر سنة أو ثلاثة عشر سنة وعليه ملامح تدل على أنه ابن أناس حقيقيين (من أصل طيب)، فقال سأبيعه وسأبيعه بمبلغ جيد. في هذا المجال كان عزيز
مصر نازلاً إلى السوق حينئذ. أحد الأشخاص الذين في السوق قال: لا، أنا لا. أنا قد عملوا عليهم مزاداً، فلما عملوا عليهم مزاداً قالوا: "حسناً، هذا الشخص سنزنه فضةً على سيدنا يوسف وزناً، وليس دراهم معدودة". وكانوا فيه من الزاهدين. أصبح الوزن الخاص به فضة. الثاني قال: "لا، سأزنه مسكاً، سأزنه هكذا مسكاً". انظر، هو مثلاً عنده ثلاثة عشر سنة أو عنده ستة. وخمسون كيلو، خمسون كيلو، أي خمسون كيلو فضة أو خمسون كيلو مسك، خمسون كيلو مسك. بدأنا هنا، ماذا في الزيادة بالضبط؟ في زيادة. فجاء العزيز وقال: أنا سأدفع فيه ما تتفقون عليه، أنا الذي سآخذه وبالدينار الذهبي. ودفع فيه دنانير ذهبية كثيرة، قيل إنها أربعون ديناراً، أربعون.
الدينار هو أربعة جرامٍ وربع من الذهب الخالص عيار واحد وعشرين، هل تعرف هذا الكلام؟ هكذا أربعون دينارًا يعني كم؟ يعني مائة وسبعين جرامًا من الذهب، فيصبح لدي مائة وسبعين جرامًا من الذهب، أقسمهم على ثمانية مائة وستين على ثمانية، سيكونون عشرين جنيهًا ذهبيًا. بكم سعر الجنيه الذهبي اليوم؟ بخمسة آلاف وخمس مائة جنيه. خمسة آلاف في عشرين تساوي كم؟ خمسة آلاف في عشرين تساوي مائة ألف جنيه. فهو دفع مائة ألف جنيه نقداً على الطاولة بعد أن كانوا ستين أو سبعين جنيهاً في ثلاث دنانير فارغة. نعم، الدراهم التي هي خاصة بإخوته تلك. وقال الذي اشتراه من مصر لامرأته: "أكرمي مثواه". هذا الولد ابن... انظر أيها الكريم، تأمل كلمة "أكرمي مثواه"، أي
وفر له مكاناً جيداً ينام فيه، واجعلي له مكاناً للطعام الطيب ليأكله، وهكذا إلى آخره. فهذه ليست معاملة عبد بصيغتها في هذه الفترة أبداً، ولذلك قال لها مباشرة: "عسى أن ينفعنا الله أو نتخذه ولداً"، ولماذا قال "أو نتخذه"؟ وقد تزوجها منذ عدة سنوات ولم ينجبا، يأمل أن ينجب. الناس الذين لا يأتيهم إنجاب عندهم أمل أن الله سيرزقهم. وقد حدث كثيراً أن يتزوج الشخص عشر سنوات ولا يأتيه شيء، ومن غير أن يفعل شيئاً تجد الزوجة حامل. فعنده أمل أن الله سيرزقه. حسناً، افترض أنه لم يرزقه. أو يكون هذا مكان الولد يكون جميلاً أو نتخذه ولداً، فهو مصمم منذ اليوم الأول أنه سيربيه تربية الولد. تربية الولد تعني ماذا
سيفعل؟ سيفعل حسناً، سيتربى جيداً، سيتعلم جيداً بالفعل، إذن سيعمل له الشيء الذي فيه تهيئة لأن يكون ابن العزيز. حسناً مولانا، قبل أن نستكمل في هذه... النقطة التي يمكننا ملاحظتها إذا ربطنا الأحداث أيضاً بقصة سيدنا إبراهيم عليه الصلاة والسلام، أنه عندما جاء إلى مصر كان أيضاً خارجاً من خوف فأمِن في مصر، وسيدنا يوسف جاء بعد خوف وأمِن في مصر، وسيدنا يوسف لخّص كل ما تتحدث عنه عندما أحضر أباه وأمه. وأحضر إخوته وقال لهم ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين، وهو يعرفها ويراها لأنه حدث له مثل هذا، وذاق الأحزان التي ألقي فيها. إنه يقول لك الذي حفره سام بن نوح - انتبه - من قديم الزمان، ولكن
الله بدّله وأمام عينيه، فأصبح هذا الماء المالح ماءً عذباً. عذب كما بدّل يا نار كوني برداً وسلاماً على إبراهيم، نعم فهو شعر بالأمان، نعم وكذلك مكّن الله سبحانه وتعالى لسيدنا يوسف في الأرض. نعم، حسناً القصر يا مولانا، كيف كانت المعيشة في القصر وفكرة حتى افتتان امرأة العزيز والصورة القرآنية المرسومة ببلاغة يعني ما بعدها بلاغة في وصف. هذا الحسن وافتتان امرأة العزيز ومن ثم نسوة المدينة بعد أن راودته عن نفسه امرأة العزيز، يعني كيف كانت معيشته في القصر ولماذا افتتنت به إلى هذا الحد. لدينا مراهق عمره ثلاثة عشر عاماً يتربى الآن في بيت رئيس الوزراء ونأخذه أمامنا
حتى يبلغ أشده، ولما بلغ أشده آتيناه. حكمةً وعلماً، إذن عندما بلغ أشده، كم ذلك؟ عندما نأخذ معنى "أشده" في القرآن، نجد أنه السن الذي فيه الرشادة، السن الذي فيه الفتوة، السن الذي فيه الكمال. من كم إلى كم؟ إنه من خمسة وعشرين إلى أربعين. ليس من المعقول أنه مكث كل هذا الوقت حتى بلغ الأربعين، إذن على الأقل له خمسة وعشرون. من خمسة وعشرين سنة، ولذلك هناك، عندما جاء "حتى إذا بلغ وبلغ أربعين سنة"، يعني أشده، وبعد ذلك أربعين سنة صحيح، لكن هنا ليس أشده فقط، بل يكون أشده فقط البداية، وأربعون سنة تكون النهاية صحيح، فيكون إذا كان عندي في حدود الخمسة والعشرين، فكم بقي في بيت العزيز يتربى؟ يمضي اثنا عشر عاماً على أول سنة،
ثمانية وعشرون عاماً. حسناً، ماذا حدث إذن؟ التغيرات البيولوجية التي نراها في أبنائنا من سن الثالثة عشرة إلى سن الخامسة والعشرين. أصبح رجلاً. يعني لا، إنه يغير الملابس كل سنة لأنه ينمو، ينمو، ينمو. سن الخامسة والعشرين هذا ربما... آخر النمو وقد انتهى وأصبحت عضلاته متكونة تماماً، وهذا ابن يعقوب حقاً، الذي عندما تذهب إلى هناك ستجد ابن إبراهيم، الذين كانوا يتحملون كل ذلك. أجسادهم أجساد قوية. الجانب الآخر الذي جعل بعض المفسرين يقولون لك مثل ليئة، هو في الحقيقة أنها لم تكن عاقراً أو غير قادرة على الإنجاب، لا، ذلك... كانت زليخة ترى أن العزيز لم يكن قادراً على الوصول إلى الله، فهي
امرأة شابة مفعمة بالحيوية والجمال وما إلى ذلك، وترى هذا الشاب موجوداً عندها بالفعل. وبعد ذلك أيضاً هناك جانب نفسي غريب جداً. حسناً يا مولانا، عفواً، أنا آسف جداً للمقاطعة، سنكمل لكن هذه الجوانب النفسية يمكننا أن نتحدث عنها على بُعد عشرين كيلومتراً فقط. من القاهرة تقع قرية ميت رهينة جنوب مركز البدرشين، تلك البقعة التي كانت تسمى قديماً منف وكانت
عاصمة لمصر لسنوات وسنوات، ومنها خرجت الكثير من الآثار وعلى رأسها تمثال رمسيس الثاني الذي كان يزين ميدان رمسيس. شمال ميت رهينة تقع قرية زراعية يعمل أهلها بالزراعة والسياحة أيضاً تسمى تل العزيزية. يؤمن أهلها أنها سميت هكذا نسبةً إلى عزيز مصر الذي تربى في قصره نبي الله يوسف، وإذا كان من المؤكد أن يوسف عاش وحكم مصر فيكون من المنطقي أن يحدث ذلك في العاصمة منف وفيها قصر العزيز. أرحب بحضراتكم مرة ثانية وبفضيلة الدكتور علي جمعة. فضيلة الدكتور، حضرتك شرفتنا قبل. ذكرت أن هناك أكثر من عامل في
العلاقة بين سيدنا يوسف عليه الصلاة والسلام وامرأة العزيز، فقد كان فتى أو شاباً في الخامسة والعشرين من عمره، مفتول العضلات، رجلاً بمعنى الكلمة، نبياً ابن نبي ابن نبي، وكذلك أن علاقتها الزوجية لم تكن مكتملة مع العزيز، وكان هناك... جزئية نفسية وأنا قاطعتك قبل الفاصل فأردت أن أعرفها. الجزئية النفسية التي كثير من الناس لا يلتفت إليها أنه كان حييًا خجولًا سيدنا يوسف، خجول ومستحٍ. وكما يقولون "كل ممنوع مرغوب"، فهو ليس متفلتًا، ليس مكشوف الوجه كما يقولون، أي أنه محتشم وهكذا إلى آخره، إنه خجول. عامل له حدود والحدود هذه واضحة في المحادثة التي حدثت بينه وبين راعيل. هي اسمها كان
راعيل أو زليخة. زليخة هذه هي الصفة الخاصة بها، وكانت زليخة هذه كأنها معناها الجميلة أو جميلة الجميلات أو شيء مثل ذلك في لغة من اللغات. فراعيل هذه أو زليخة تراه أنه منصرف عنها لأنه... خجول كالخسوف كما يقول البصريون فأغلقت الأبواب وقالت هيت لك، هيت لك يعني هيت لك أي أنني مدبّر هذا المجلس ولابد أن تكون معي. أناس كثيرون ممن كنت منهم في فترة قريبة نعتقد أنه "ربي أحسن مثواي" يقصد الله
سبحانه وتعالى لأنه نبي ابن نبي ابن نبي. كلمة "رب" في اللغة... تُطلق على عشرين معنى منها سيد البيت ومنها المربي ومنها الصاحب ومنها كذا وكذا واستُعملت هنا استعمالاً لغوياً يدل على هذا التعدد للفظ هذا الذي منها أنها أُطلقت على الله جل جلاله لأنه رباه وربه يعني الإنسان من الذي رباه؟ رباه وربه فهو رب العالمين نعم لكن هنا معناها أنه ربي يعني هو سيدي، أي هو الذي أنقذني من السوق وقال لها: أحسني مثواي. وأحسني مثوايَ تعني الصفحة الأمامية في المصحف، وهذا يعني أن ربي أحسن مثواي، أي استقبلني في بيته. كيف أكون خائناً؟ هذا لا يصح. فاستمرت تضغط عليه وتتلاعب
بالكلام لكي يتزحزح عن موقفه. أبداً وعندما يصف القرآن هذا الموقف، فإنه يصف يوسف ليس بعيداً عن البشرية لكنه أيضاً منزهاً عن السوء. انظر كيف أنه ليس بعيداً عن البشرية لكنه منزه عن السوء: "ولقد همت به وهم بها لولا أن رأى برهان ربه"، كما تسمع لمشايخنا الكبار الشيخ المنشاوي والشيخ مصطفى إسماعيل. والشيخ عبد الباسط كان فطناً، أتفهم؟ كان هناك قوم يقرؤونها بما يفسر معناها بشكل صحيح، فيقول لك: "ولقد همت به"، ويأتي واقفاً بالفعل. لا يقول: "ولقد همت به وهم
بها لولا أن رأى برهان ربه"، فتحصل مساواة في الهم، أي أنها همت به وهو هم بها. لا، لم يحدث هكذا إطلاقاً. هذه التركيبة، ما هذه التركيبة؟ "ولقد همت به" وقفة تامة، وحسنًا، هي التي همت به، "ولولا أن رأى برهان ربه" لهمَّ بها. صدق الله. هل انتبهت كيف أصبحت؟ "ولولا أن" همَّ، ثم "أن رأى برهان ربه". لقد أخَّرنا هذه وقدمنا "همَّ بها" لكي نفهم وجه الأمر، أي أنها همت به وهو بشر. كان سيهم بها لو لم يكن رأى برهان ربه، لكن الحمد لله أنه رأى برهان ربه. طيب ما هو هذا البرهان الذي رأى؟ قالوا إن هناك الكثير من الآراء. قالوا إنه نزل له ملك وقال له: "إياك أن تفعل هذا
وإلا متَّ كما يموت الطائر في السماء عندما الطائر..." الطائر يموت في السماء يسقط يهوي، فهو تصور هذا الموقف أن كل الذي بُني وأبوه ونبوة أبيه ونبوة جده ونبوة أبي جده ستضيع، فهو يعني أنه في القمة الآن، إنه الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم، كل هذا يضيع من أجل هذه المرأة، فقالوا إنه شهد. يعقوب على سبيل ما يُسمى بالتلبث أو ما يُسمى بالتخاطر أو غير ذلك إلى آخره، وهو يفعل له هكذا "احذر أن تفعل هذا". كانوا قديماً يفعلون لنا هكذا ونحن صغار، لا أعرف الآن هل توقفوا عن ذلك، وحسناً أنهم توقفوا
عنها بسبب فيروس كورونا وغيره. المهم أنه ارتدع وخاف، ما هذا؟ قالت له هي فعلت أيضاً. الحركة التي شجعته على هذه القصة أنها ذهبت وقالت عن قميصها وأخفت الصنم الذي كان موجوداً والذي كانوا حينئذ يقدسونه، فقال لها: "ماذا تفعلين؟" قالت له: "حتى لا يرانا". فقال لها: "يرى ماذا؟ هذا لا يرى ولا يسمع، وإذا كنتِ أنتِ خائفة من هذا، فأنا لا أخاف من رب العالمين الذي" يعلمُ السرَّ وأخفى، فدخل عليهم سيدُها فقال: فهي سيدُها فاستبق الباب. قام يجري وهي مقفلة الأبواب، فذهب يجري ليفتح الباب ويهرب، فقالت لسيدها لدى الباب: ذهبت مباشرةً كاذبةً وقالت: "ما جزاءُ من أراد بأهلك سوءاً إلا أن يُسجن أو عذابٌ أليم". قال: "هي راودتني
عن نفسي". إلى آخر القصة، حسناً مولانا، هناك فكرة أيضاً أنها دعت نساء المدينة بعد أن ذاع الأمر بأن امرأة العزيز تهوى وتعشق وقد فتنت بيوسف الذي ربته في بيتها. هل هناك حكمة؟ هل هناك دلالات في هذا المشهد القرآني البديع؟ إن قصة سيدنا يوسف مليئة بعبر اجتماعية ونفسية وتربوية وقضائية وسياسية وأمور أخرى. عجيبة الشكل ولذلك ألَّف فيها الشيخ العلمي مجلدين كبيرين وسماها "مؤتمر صورة يوسف". والله كان، يعني كان الإمام محمد عبده يجلس للتفسير ووقف عند سورة يوسف من كثرة ما ذُكِرَ فيها من أسس للعدالة وللقضاء الشرعي وكذا إلى آخره.
فسورة سيدنا يوسف شيءٌ بديع ومنه هذا الجزء وهو أنها قد دعت. أربعون امرأة قطعن أيديهن كما ورد في القرآن وفي الروايات الشعبية أنه مات منهن سبع من تقطيع الأيدي هذا من الحسن، من الحسن حيث قلن ما هذا بشر إن هذا إلا ملك كريم. اللهم صل وسلم وبارك. أشكر فضيلتك جزيل الشكر على هذه المعرفة التي تهديني إياها. إياها كل حلقة وكل لقاء مع فضيلتكم، شكراً لكم، شكراً جزيلاً لحضرتك، والشكر موصول طبعاً لحضراتكم. وإن شاء الله في اللقاءات القادمة سنستكمل هذه الرحلة والمسيرة في مصر أرض الأنبياء، وسيرة ورحلة سيدنا يوسف عليه الصلاة
والسلام في أرض مصر. إلى اللقاء.