بقاء الأمة المحمدية | المبشرات | حـ 9 | أ.د علي جمعة

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد فسلام الله عليكم ورحمته وبركاته. حلقة جديدة من حلقات برنامج المبشرات، البرنامج اليومي في رمضان مع فضيلة الإمام الدكتور علي جمعة مفتي الديار المصرية اليوم إن شاء الله. الحلقة التاسعة، أهلاً ومرحباً بك يا مولانا، أهلاً وسهلاً. كنا في ختام الحلقة السابقة ونحن نتحدث عن سنة الله في الكون، ووصلنا إلى أصول الفقه وسيدنا الإمام الشافعي والكتب التي كان يؤلفها، عليه رضوان الله. بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن. والله من مبشرات هذه الأمة أنها أمة باقية كان من الممكن أن تفنى كما فنيت كثير من الأمم، كان من الممكن أن تنحصر ولا يؤمن بهذا الدين أحد من الناس إلا قلة،
لكن من المبشرات التي فرح الله بها قلوبنا أن هذه الأمة الإسلامية أمة علم وأنها ما زالت أمة. اعلَم أنها أمة حضارة وأنها ما زالت أمة حضارة. صحيح أن نسبة العلو والانخفاض في تاريخ هذه القيادة والريادة والحضارة والعلم تختلف من عصر إلى عصر، لكنه باقٍ موجود. وهذه هي البشرى، أي بشرى، أن الله سبحانه وتعالى لم يُفنِ هذه الأمة ولم يُجهِلها ولم يجعلها عدماً، بالعكس أنا... في رأيي، وقد أختلف
في ذلك مع كثير من المفكرين أو الراصدين أو غيرهم، أن العالم ما زال يحتاج إلينا، ما زال يحتاج إلينا معشر المسلمين، معشر المسلمين. جميل هو النموذج المعرفي الإسلامي، وما تكلم عنه القرآن من السنن الإلهية والمبادئ العامة القرآنية تحتاجها البشرية. الآن في أزمة، وهذه البشرية أن تعالجها بالتي كانت هي الداء، نعم يعني تداوي بالتي كانت هي الداء. الخمر عندما يشربها الإنسان يقال إنه يصاب بصداع وألم في الرأس، هذا الألم يسميه أهل اللغة
الخمار. لأنه آتٍ من الخمر، أي صداع ناتج من الخمر. ثم يقول لك: هذا الخمار كيف يزول؟ بالشرب. مزيد تشرب مزيد من الخمر أي عندما تشرب المزيد من الخمر والعياذ بالله تعالى، لا تشعر بخمار الخمر نعم، حتى يأتيك صداع آخر فتشرب ثانية، وبعد ذلك يدمن الإنسان، وتتلف كبده، ويذهل ويفقد عقله، ويزول مناط التكليف، يعني بلا شك هذا الخمر يذهب العقل، نعم فهو يعني وهذا... ما معنى قول الشاعر عندما تكلم بهذا الشعر: "السكير وداووني بالتي كانت هي الداء"؟ هذا ليس دواءً أبداً، هذا ليس دواءً، إنه بلاءٌ وليس دواءً. "بالتي كانت هي الداء" - فهو يعلم أن هذا داءٌ وأنه ليس دواءً،
لكن لأن هذا الداء قد تمكّن منه وسبّب له الخمار. فإنه استزاد من الداء ابتغاء أن ينهي هذا الداء نفسه، وهذا هو الذي يعني أن هذا فكر ليس جديدًا على البشرية، أن البشرية تطلب كما يقول فرويد أنك لكي لا تصبح معقدًا اترك نفسك للشهوات، افعل ما شئت في الشهوات، وكما أن الحرية مطلقة في مدارس ما بعد. تقول لك الحداثة: تعال، نحن جربنا الحرية قليلاً هكذا. الحرية في ماذا؟ الحرية في العلاقة بين الرجل والمرأة مثلاً. لا، نحن نريد الآن أن نجرب الحرية في كل شيء. هذه الحرية في الحقيقة هي ترجمة
خاطئة للكلمات الأجنبية مثل "الفريدوم" أو "الليبراليزم" أو غيرها. ليست هذه حرية، بل هي تفلت ليست الحرية في لغة العرب معناها الرجل الحر أو الإنسان الحر، أي الكامل في الشهامة والنبل والفروسية وما إلى ذلك صحيح، وضد العبودية التي فيها رق وذل ومهانة تكون نفسية تسمى نفسية العبيد، يشير إليها الجاحظ في كتبه ويتحدث عن نفسية العبيد، هذه النفسية فيها ذل وفيها مهانة. التبعيةُ فيها استكانةٌ وفيها قبولٌ بالأدنى والدُّونِيَّة، وكل هذه ليست من صفات الحُرِّ. نعم، جميلةٌ هي الحرية، ففيها عزةٌ، وفيها معاني المسؤولية، ومعاني العزة، ومعاني
الكرامة، ومعاني أن يفعل الإنسان ما يشاء في حدود الالتزام. ولذلك قلنا إن الحرية والمسؤولية وجهان لعملةٍ واحدة، ولا أجور على حرية الآخرين. حريتك عند حرية الآخرين. قالوا: حريتك تنتهي حيث تبدأ حرية الآخرين أو أنفه. نعم، هذا الكلام قاله شكسبير. نعم، كان شكسبير جالساً في الحديقة، وبعد ذلك جاء شخص وأشار بيده هكذا، فأدخل إصبعه في أنفه. فقال له: "ما هذا؟ ماذا تفعل؟ لقد ضربت أنفي هكذا!" فرد عليه: "أنا حر، أنا نعم، أنا حر أتحرك. قال له: لا، حريتك تنتهي عند حدود حرية الآخرين. لا تأتِ هنا وتقول لي وتتدخل في شؤون الآخرين وتقول لي أنا حر. بعد ذلك لن تكون حراً. نعم، هذا انفلات، صحيح هذا انفلات. فنحن الآن
في حالة الانفلات التي يدعو إليها أصحاب ما بعد الحداثة، يقولون يقول لك يا سيدي أنا أريد أن أطلق سراحي وأخرج من القيود في صورها المتطرفة طبعاً، لأن بعد هذه الحداثة توجد مدارس كثيرة جداً، لكننا نتحدث عن مدرسة متطرفة قليلاً. ما هي القيود؟ قال: أنا أريد أن ألغي الأسرة، وأريد أن ألغي اللغة، وأريد أن ألغي الثقافة، وأريد أن ألغي الإنسان لا يريد أن يُبقي شيئاً، يعني يريد أن يُلغي كل شيء. طيب، وما شأن دينك به؟ الكائنات الحية الأخرى، البهائم يعني، حتى البهائم لها نظام. صحيح، نعم أنهم "إلا بل هم أضل"، يعني هو أضل حتى من الأنعام. قلت له: كيف هذا؟ مهلاً، واحدة هكذا، أنت تريد أن ما معنى أن تلغي الدولة؟ قالوا إن الجمعيات
غير الحكومية والمجتمع المدني يقوم بواجبه ويسيطر ويفعل ما تقوم به الدولة والحكومة، فلا تكون هناك حكومة، وإنما يكون هناك مجتمع مدني يسيطر على البلد ويدير شؤونها. هذا الواجب يطعن في طاعة ولي الأمر، يعني يطعن في "أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم، فكرته أنه لا توجد دولة، لأن الدولة هذه ماذا تفعل؟ إنها شيء من السلطة، وهذه السلطة تحد من الإبداع، ونحن نريد الإنسان أن يكون مبدعاً. حسناً، وماذا عن الأسرة؟ قال: إن فيها سلطة للأب والأم. قلنا له: حسناً، وكيف ستنهيها؟ بأن نبدل مفهوم الجنس والعلاقة الجنسية. جنس ذكر وأنثى، ذكر وأنثى، نجعله نوعاً اجتماعياً
(جندر). نعم، شذوذ أصبح كثيراً. فندخل فيه الشذوذ، والشذوذ حيث كل واحد يختار ما يريد. فيمكن لرجل أن يتزوج رجلاً، وامرأة أن تتزوج امرأة، ورجل يتزوج امرأة، ورجل يتزوج اثنتين، وامرأة تتزوج رجلين، كما يطلقون القيود يعني. حسناً، ثم قالوا نريد أن علينا والدين أيضاً لا يكون عبئاً علينا، وهؤلاء ماذا يعني نجحوا في القرن العشرين والتاسع عشر أن يزعزعوهم بشدة عند الناس. أما الأغرب فهو أنه يريد إلغاء اللغة، إلغاء اللغة، وكيف ستتفاهم الناس مع بعضها؟ نعم، كيف؟ قلت: الله! يا أخي، كيف تلغي اللغة؟ قال: مَن الذي قال أن... هذه زوجة وهذا زوج، أنتم يعني أنتم من جئتم بها، حسناً ولنفترض أننا لم نسمها الزوجة، فماذا سنسميها؟ ما الذي تريده
هي؟ لنفترض أنها امرأة وتريد أن تقوم بدور رجل، أو رجل ويريد أن يقوم بدور امرأة، أو رجل ورجل ويريد كل واحد منهما أن يقوم بدور ماذا؟ هذا ما هذا؟! إنهم يهذون! مكانهم أساساً في مستشفى الأمراض العقلية. لقد أصبحت هذه الأمراض العقلية لها صوت وأصبح لها أيضاً وجود في مسودات مؤتمرات الأمم المتحدة. وأصبح هذا الجنون الذي يجعلنا نرجع إلى أنفسنا ونقول: الحمد لله الذي جعلنا مسلمين. الحمد لله، يعني عندما تطلع على هذه الآراء طبعاً. أنت قلت ماذا؟ هذا الجنون صحيح، حتى وصلنا للغة لغ. دعنا لا نتحدث عن هذا، دعنا لا نتحدث عن هذا. عندما لا تصل الأمور إلى قرارات والقرارات اتُّخذت في مؤتمرات للأمم
المتحدة، لا نتحدث في هذا ونهمله. عندما يصدر من شخص منغلق، نعم، دعه يندثر هو وفكره لكن وصلنا إلى جوهر الألم في عالم وقرارات خاطئة، وأصبحت الآن دعوة الشذوذ الجنسي تُعتبر من حقوق الإنسان، لا حول ولا قوة إلا بالله. وتأتيني الوفود من أولئك المتحدثين عن حرية الأديان وما شابه ذلك، يأتون إليّ ويقولون إن هذا الشذوذ من حقوق الإنسان، نعم، حسناً سنرى يا... مولانا المتخصص بحقوق الإنسان، بعد أن ننهي هذا الفاصل ونعود للحديث في هذا الأمر. فاصل، نعود إليكم فابقوا معنا. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، عدنا إليكم من الفاصل. برنامج المبشرات، البرنامج اليومي مع فضيلة الأستاذ الدكتور علي جمعة مفتي الديار المصرية. وصلنا يا مولانا في نهاية الفاصل الماضي إلى أن هذه الخزعبلات وهذا الهراء أو هذا الجنون
وصل إلى أنه تُتخذ فيه قرارات في الأمم المتحدة، وتقول جملة لحضرتك أو لفضيلتك: الوفود عندما تأتي وتقول لي: "والله إننا نريد أن نجعل الشذوذ من حقوق الإنسان"، قلت لهم: "لا، انتبهوا، حقوق الإنسان هي الحقوق المتفق عليها، المتفق..." عليها جميل، أما الحقوق الوهمية التي تصنعونها هذه فليست حقوق إنسان أبداً، ولا يخفى عليكم أنكم ثلة قليلة أو مجموعة قليلة، لكن هؤلاء القلة كثيرون. مجموعة قليلة، قلة لا تتجاوز عدة مئات تتحكم في ستة مليارات، صحيح، ستة مليارات يرفضون الشذوذ، وخمسمائة أو ستمائة يريدون. تُحكِّمونَ هذا في هذا، أيُّ عقلٍ هذا؟ ولا أيُّ منطقٍ؟ ولا أيُّ إنسانيةٍ؟
ولا أيُّ دينٍ؟ ولا أيُّ تاريخٍ؟ ولا أيُّ طبعٍ؟ ولا أيُّ شرعٍ؟ ولا أيُّ وضعٍ؟ تعلمون أن في تراثهم سدوم، وعندنا نحن قوم لوط، لا، هم خلاص تركوا كل هذا، تركوا كل هذا، لا بل أصبح هذا تراثهم ولا هم يريدون أن يفعلوا هذا، إنهم يُنشئون "نيو إيج" (عصراً جديداً) ويريدون إنساناً جديداً لأنه لا يوجد إيمان بالله، وما دامت قضية الألوهية والإله قد نُحيت في أذهانهم، فانتظر منهم السواد وانتظر منهم كل مصيبة، فهؤلاء الناس واحد منهم قال لي: "على فكرة، أنت كلما تجلس في مكان أن الشذوذ ليس من حقوق الإنسان وهذا يُؤخذ على الإسلام. قلت له: "ماذا تعني بـ'يُؤخذ على الإسلام'؟" قال لي: "يعني ابحث لك عن شيء آخر غير الشذوذ تعترض عليه لديهم، لأنهم
يستغلون حربك ضد الشذوذ ضدك، يستغلونها ضد الإسلام، أي ضدك أنت وضد الإسلام وضد كل الناس". يقول: "انظر". انظر، هكذا المسلمون يريدون أن يقيدوا حرية الإنسان. ظَلَمة نحن، أناس ظالمون. نعم، فإذا لم تُعدّ هذه الأمور يجب ألا نسكت عليها أبداً. بل يجب أن نبشر بالمبشرات ونقول الحمد لله الذي جعلنا مسلمين. انظر لك شيئاً آخر، قلت له شيئاً آخر. أنا لن أرى شيئاً آخر وإن كانت. موجودة قال: "ما هي؟" قلت له: "الإجهاض، فهم ما زالوا مختلفين حول ما إذا كان الإجهاض من حقوق الإنسان أم لا، وكذلك الموت الرحيم، ما زالوا مختلفين في كونه من حقوق الإنسان أم لا، أن يطلب المرء من ممرضه أو طبيبه أن يميته،
أو الاتفاق على القتل. حدثت واقعة في على القتل، أن يقتل شخص الآخر، وكتبوا عقداً، فقتلوه، فقبضوا عليه وقالوا: أنت قتلت؟ قال: نعم، ولكن بموجب العقد، فنحن متفقان مع بعضنا ومسجّل في الشهر العقاري. نعم، صارت الأمور مهزلة وثقيلة على النفس، ولذلك عندما يتأمل المرء هذه الأمور ويرجع إلى نفسه، يقول: الحمد لله الذي جعلنا. مسلمون، هذه مبشرات فعلاً أنني ما زلت متمسكاً بميزة العقل الذي وهبني الله إياه، متمسك بالفطرة السليمة، متمسك بالجمال والحلاوة والطهر والطهارة. الحمد لله يا أخي الذي جعلنا مسلمين، فهذه بشرى لنا أننا ونحن ندرس هذه الأشياء وندرس هذا البلاء، وكنا نتحدث
في السنن الإلهية وما أنا له. أنا ضد هذا البلاء لأن الله سبحانه وتعالى جعل من سننه في الكون الذكر والأنثى للإنجاب، وبث منهما رجالاً كثيرين. وهذه المسائل لا جدال فيها، فإذا كان هذا ضد سنة الله في كونه، فهل يوجد إله؟ نعم، يوجد إله. وهل يوجد وحي؟ نعم، يوجد وحي. وهل توجد سنن للإله في أنا يعني مالك الكون، أنا عبد لله في هذا الكون جميل، فهذه مبشرات، كلها تبشرني بأنني على الحق، تبشرني بأن ديني وفكري وعقلي وإيماني منعني من أن أكون بهذه الدناءة والسفالة التي فيها هذا الفكر المنحل الفوضوي العبثي الذي
وصل إلى مرحلة لا يمكن السكوت عليها إنقاذاً. للبشرية وإنقاذًا للإنسان ممن أراد أن يقتل الإنسان أمام الله، ثم أراد أن يقتل الإنسان أمام الإنسان. صحيح، فلا توجد عبادة ولا عمارة ولا تزكية تحت دعوة العصر الجديد. ففي أجزاء من الأرض إباحة المخدرات، وفي أجزاء من الأرض إباحة الدعارة، وفي أجزاء من الأرض إباحة... القتل الرحيم أيضاً، حتى في بعض الدول الآن أباحوا القتل الرحيم في أجزاء من الأرض، وأباحوا الانتحار في أجزاء من الأرض، وأباحوا الشذوذ في أجزاء من الأرض، وأباحوا الإجهاض في أجزاء من الأرض. ما هذا؟ صحيح، لقد أباحوها في القوانين
نفسها، صحيح أباحوها في البنية الخاصة بمجتمعهم، إذاً هذه... من هذا من فضل الله عليَّ ومما بشرني الله به أن يعطيني دينًا يوافق الفطرة، دينًا سليمًا ينقذني، كمركب أركب فيه، طوق نجاة أتمسك به، ينقذني من هذه الترهات، من هذا البلاء وإن كثر، وإن أخذ شرعية عند بعضهم، وإن قالوا سيدنا رسول الله قال هكذا قال. أرأيت لو أن المنكر أصبح معروفاً والمعروف أصبح منكراً؟ قال: أو ذلك يكون يا رسول الله؟ قال: وأشد منه يكون. صحيح، يا الله، هذا أشد منه. وصحيح زمان نأمر
بالمنكر وننهى عن المعروف، وننهى عن المعروف ونستحقر هذا المعروف وكذا. فيأتي الدين الإسلامي ليبشرني بالنجاة، جميل بأنه لا تخف، هذا ها هو الصراط المستقيم أمامك، ها هو، ولا تخف. جميل، سيدنا النبي أعطانا - بعد إذن فضيلتك - "لا يكون أحدكم إمّعة يقول: إن أحسن الناس أحسنت، وإن أساؤوا أسأت، ولكن وطنوا أنفسكم إن أحسن الناس أن تحسنوا، وإن أساؤوا أن تجتنبوا إساءتهم". هذا الحديث نحن محتاجون إليه في زماننا هو فقط الناس الحديث الذي يُشعرك بنفسك، نعم وبما قلته في هذه الحلقة أنّ الناس في حاجة إلينا. جميلٌ البلاء الذي هم فيه، لو أننا شرحنا لهم من نحن، وشرحنا لهم نموذجنا المعرفي، لكانت في هذه بشرى للبشرية جميعها، ولكان في هذا تسلية لهم، ولكان لهذا
ملجأ. طريق ينفتح لهم لأنهم قد أصبحوا في غاية الضياع عندما يعتقدون أنهم أصبحوا الآن في فوضى وأصبحوا في شتات. ولذلك أحب أن نعمل حلقة عن كل واحدة من هذه الأمور التي تكلمنا فيها. لقد عملنا حلقة عن السنن الإلهية، فلنعمل شيئاً عن... المبادئ العامة: نعمل شيئاً عن منظومة القيم، ونعمل شيئاً عن المقاصد الكلية، ونعمل شيئاً عن القواعد الفقهية إن شاء الله. هذه الأمور هي حلقات لكي نرى ونعمل شيئاً عن النموذج المعرفي. ماذا يعني نموذج معرفي؟ وماذا يعني أن الإسلام عندما يأتي ليشرح لنا هكذا، من
هو المسلم وكيف يفكر؟ جميل، حسناً هنا يا مولانا، ووقت الحلقة تقريباً قارب على الانتهاء، لكننا نريد أن نرجع لأن هذا السؤال مهم جداً في الفتن التي حدثت في بعض الدول، الفتنة التي يسمونها الفتنة الطائفية. عندما تحدثنا عن سنة التدافع مع فضيلتكم يا مولانا في الآية التي تقول: "ولولا دفع الله الناس بعضهم". ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز. هل هذا معناه أنني كمسلم مكلف بحماية المعابد اليهودية والكنائس المسيحية أم أننا نهدمها؟ هل هذه مثل ما قال سيدنا الإمام - أضحك - أن كل الله كثيراً الواقع التاريخي الذي نفذه المسلمون أنهم حافظوا على كل هذا، حافظوا على كل هذا. وفي حادثة في التاريخ تسمى حادثة الكنيسة، حادثة الكنيسة، وحادثة الكنيسة هي أن بعض اليهود بنوا معبداً لليهود وكانوا يسمونه في ذلك
الوقت كنيسة، فاعترض بعض المسلمين وحدثت فتنة وهجموا على هذا المبنى وهدموه، مع اليهود وقف مع اليهود والقاضي وقف مع اليهود أي وضرب المسلمين المعتدين على هذا المكان وأصبحت معروفة في التاريخ بحادثة الكنيسة. أي وكان فيها أقوام كثيرون من العلماء الذين اشتركوا في الفتنة، اشتركوا في الفتنة، اشتركوا في الفتنة ظانين أن هذه الأرض ليست ملكاً لليهود وأنهم اغتصبوها من المسلمين. لم يحكم القاضي في الموضوع أبداً، بل قال: "لا، هذا ملك اليهود ولهم الحق في هذا". كثير جداً من الأحداث كانت تتم هكذا، فما الذي نتج؟ الذي نتج أنه بعد كل هذه السنين الطويلة نجد
أن المسيحيين واليهود والمسلمين يعيشون في مصر وفي المغرب وفي اليمن وما إلى ذلك، نجد معابد الهندوس ولا البوذيين ولا المجوس ولا شيء من هذا، وقال: "سنّوا بهم سنّة أهل الكتاب" لأنهم عندهم كتاب. فإذاً القضية هنا في منتهى الخطورة، ولكنها في منتهى الوضوح. عندنا سيدنا عمر أعطى مواثيق لبيت المقدس أنه سيحافظون على صلبانهم وكنائسهم. الواقع الذي عشنا فيه حتى وصلنا إلى... هذا الحال الذي نحن فيه من المواطنة يعني أن الناس موجودة، والمواطنة هذه مرت طبعاً بمراحل، مرت بمراحل الرعاية أي أنه دور رعاية. حلقة انتهت، نحن يمكننا أن نتحدث في الحلقة القادمة يا مولانا، لكننا نستنبط من حلقة اليوم من كلام فضيلتكم أن الهجوم على الكنائس مثلما يحدث في بعض... الأماكن
ومحاولة حرقها وهذا منهي عنه شرعًا طبعًا، ليس قانونًا فقط، هذا شرعًا ويؤيد الحاكم هذا، وفعل الحاكم المسلم هذا، ودفع عن هذا الوجود شرعًا وفقهًا. اسمحوا لي باسم حضراتكم أن نشكر فضيلة الإمام الدكتور علي جمعة على هذا العلم وعلى هذا الجهد، على وعد باللقاء في... حلقات قادمة إن شاء الله، وإلى ذلك الحين نستودع الله دينكم وأماناتكم وخواتيم أعمالكم، نلتقي غداً إن شاء الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.