بماذا ندعي للمتوفي؟ | أ.د علي جمعة

يسأل سائل كيف ندعو للمتوفى من زمن بعيد، أي من توفي منذ عشر أو عشرين سنة، كيف ندعو له وماذا نقول؟ إن فكرة أن اليوم عند الله بخمسين ألف سنة من سنواتنا تجعل تلك الأرواح التي صعدت إلى خالقها، كروح سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم الذي توفي منذ ألف وأربعمائة وبضع سنوات، والساعة عنده بألفي سنة. أي أن لدينا ستمائة سنة أخرى حتى
تكتمل الساعة، فالنبي انتقل منذ ثلثي ساعة، أي أربعين دقيقة. ولذلك فالأرواح في هذا العالم الذي تختلف قوانينه عن قوانيننا يصلهم الدعاء. فالشخص المتوفى منذ عشرة أو عشرين أو أربعين سنة، ما هذا؟ إنه لم يمض عليه سوى دقيقة واحدة، أي أنه قد وصل منذ دقيقة فقط. ثلاث وثلاثين سنة وثلث يكون قد وصل، أعطه دقيقة واحدة، فهو يحتاج إلى بعض الأنوار، وبعض السكينة، وبعض الرحمة. يريد أن يصنع جواً كهذا، فتصل إليه الهدايا: تقرأ له الفاتحة وتهدي ثوابها، ختمة وتهدي ثوابها، الدعاء له، أو ابن صالح يدعو له، ومن دعائك:
"اللهم هب مثل ثوابي ما فعلت لروح..." أبي وأمي وأخي وأختي وخالتي وعمي وجدي وجدتي وربنا واسع. تطلع هذه الحكاية إلى الأعلى وتتوزع في ملفاتهم. يتلقون دعوة للذهاب إلى هذه القاعدة. لا، الآن يعني دقيقة أو نصف دقيقة فيدخل عليهم هدية مكتوب عليها "ابنك فلان". قم بالدعاء له أيضاً. يعني حكاية دعائك ستأخذ جزاءه، خاصةً الأنبياء والأولياء. يحبون يعني أنا من أحد، فلما يصل هذا قال: "فيرد الله إليّ روحي فأجيبه السلام". قال: "فإن وجدت خيراً حمدت الله، وإن وجدت
غير ذلك استغفرت لكم". عليه الصلاة والسلام قال فيما أخرجه البخاري: "مررت على قبر موسى وهو يصلي في قبره عند الكثيب الأحمر". هو كلام واضح أوضح. من الواضحات أن موسى يصلي وأن النبي صلى الله عليه وسلم على حالة اتصال دائم بقلوب ضارعة لله رب العالمين، وأنه لا يترك أمته لأنه يحبها حتى يوم القيامة. يقول له الله سبحانه وتعالى: "يا محمد، أنا أرحم بهم منك، عندما يشقون علينا هكذا قليلاً، دعهم لي، أنا أرحم". منك يا أبا حمد، أنت تظن أنك أرحم مني؟ متى كنت رحيماً؟ اسكت الآن، كفى. سأفعل ما تريد. إنه هو
الرحيم سبحانه، إنه الرحمن الرحيم. نعم، فإذا كان النبي يحبنا وربنا يحبنا لأننا صنعته، فإذا آمنا به أفاض علينا من حبه سبحانه وتعالى، لأننا في نعمه المتوالية المتتالية، وإن... تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللهِ لَا تُحْصُوهَا، فَادْعُوا لِمَنْ مَاتَ قَدِيمًا أَوْ حَدِيثًا: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ، اللَّهُمَّ وَسِّعْ مُدْخَلَهُ، اللَّهُمَّ أَنْزِلْ السَّكِينَةَ عَلَى رُوحِهِ، اللَّهُمَّ أَدْخِلْهُ الْجَنَّةَ، اللَّهُمَّ شَفِّعْ فِيهِ نَبِيَّنَا، اللَّهُمَّ اللَّهُمَّ بِالَّذِي تَقْدِرُ عَلَيْنَا كَمَا لَوْ كَانَ حَيًّا، لِأَنَّ الْأَرْوَاحَ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ بَلْ
وَسَائِرِ أَهْلِ الدِّيَانَةِ حَيَّةٌ لَا تَفْنَى كُلُّ. يعتقد المسلمون أن الروح تبقى حتى عندما يأتي الأمر الإلهي بهلاك كل شيء، فإن الروح من الأشياء التي تبقى.