بمَ ترد على من يفتي ببدعية الاحتفال بالمولد النبوي؟ أ.د/ علي جمعة | أفيقوا يرحمكم الله |

بمَ  ترد على من يفتي ببدعية الاحتفال بالمولد النبوي؟ أ.د/ علي جمعة | أفيقوا يرحمكم الله | - فتاوي
السؤال: قامت الأدلة على شرعية الاحتفال بمولد النبي، وألّف فيها ابن دحية، وألّف فيها السيوطي وابن حجر. وخلاصة ذلك أن الله سبحانه وتعالى قال: "وذكّرهم بأيام الله"، فأمرنا أمراً عاماً بأن يذكر بعضنا بعضاً بالأيام التي لها أثر في التاريخ، ومولد النبي من أيام الله، وذلك أنه ولد الهدى. فالكائنات ضياء وفم الزمان تبسم وثناء وأنه أخرج الناس من الظلمات إلى النور وأن
الأمر الإلهي بالتذكير لا يعارض أصلاً ولا فرعاً في الشريعة ولذلك علينا أن نوقعه على هذا كما اتفق المسلمون ثانياً أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحتفي ويحتفل بيوم مولده وذلك أنه لما سُئل عن يوم الاثنين، لماذا تصومه هو والخميس؟ قال: هذا يوم ولدت فيه. ثالثاً، أن النبي جاء في يوم مولده فعق عن نفسه بكبشين أقرنين أملحين. ثالثاً، أن الفرح بمقدم النبي صلى الله عليه وسلم إنما هو موجب لرضا الله، وذلك كما في البخاري أن واحداً من أهل النبي
وهو العباس في... روايات أخرى تذكر أن شخصاً رأى أبا لهب في المنام فسأله: "ماذا فعل الله بك؟" فأجاب: "يُخفف عني العذاب يوم الاثنين بسبب فرحتي بمولد محمد وإعتاقي لثويبة". وكان أبو لهب قد جاءته امرأة تدعى ثويبة كانت حاضرة عند مولد النبي فبشرته، فأعتقها فرحاً بقدوم النبي. فإذا كان هذا الفرح يفيد الكافر، فما بالك [بالمؤمن]. بالمؤمنِ والنبي أيضاً علّمنا كيف نطبق أيام الله، فعندما دخل فوجد اليهود يصومون أو يحتفلون في يوم عاشوراء قال: "ما هذا؟"، قالوا:
"هذا يوم نجّى الله فيه موسى"، قال: "نحن أحق بموسى منهم"، فصامه وأمر أتباعه بصيامه إلى أن انتقل إلى الرفيق الأعلى، ولما عاكسه اليهود وأغضبوه كان يقول: "لئن..." بقيت حتى أن أصوم التاسع والعاشر، وظل النبي يصوم العاشر. كل هذه الأشياء تدل على أنه لا بأس للمسلمين إذا اتفقوا، بعدما أدوا ما كان عليهم من واجبات في أول الدعوة، أن يحتفلوا برسول الله وأن ينشروا حبه بين الناس. والمسلمون يبتكرون في كل جيل ما يحبب الناس في دينهم وفي نبيهم وفي قرآنهم، ولذلك تراهم يخدمون النبي ويخدمون قبره
الشريف ومسجده الشريف، ويخدمون الكعبة، ويخدمون المصحف، وييسرون للناس الحج، ولم يقل أحد من العقلاء أن هذه بدعة؛ لأن خدمة الدين وتحبيب الناس فيه أمر مرغوب فيه. ولما جاء البصيري، فأتى بهذا الفيض من الحب والحنان في بردته الشريفة. تلقتها الأمة بالقبول، وهذا النوع من المديح الذي ارتقى بمشاعر المسلمين وجعل بينهم وبين النبي علاقة أمر مرغوب فيه. ولمّا جاء الجزولي ووضع دلائل الخيرات وضمّنها الصلوات على سيد السداد، أو جاء الهروشي فوضع كنوز الأسرار، كل هذا
من الخدمة التي نرجو الله بها أن نكون لنا سبب مع رسول. الله صلى الله عليه وسلم فندخل في قوله كل سبب ونسب مقطوع يوم القيامة إلا سببي ونسبي. فيُرينا الله سبحانه وتعالى ذلك.