تحدثني نفسي بالذنب لكن لا أقوم به فهل عليَّ ذنب؟ | أ.د علي جمعة

كثيراً ما تحدثني نفسي بارتكاب ذنب معين، وبعد ذلك أتخيل المصائب التي ستأتي بعد هذا الذنب في الدنيا والآخرة، وبعد ذلك أرى نفسي تبتعد عن فعل هذا الذنب. فهل ما فكرت فيه أُحاسب عليه ويُحسب علي ذنب؟ أبداً، لا يُحسب لك ثواباً. مراتب القصد خمس:
هاجس، ذكر، فخاطر، فحديث النفس. فاستمع يليه هم فعزم كلها رفعت سوى الأخير ففيه الأخذ قد وقع. فالإنسان لو تأمل نفسه سيجد الفكر لديه خمس درجات، أول هم يسميه العرب هاجس. الهاجس هذا ماهو؟ شخص ما جالس يفكر فمرت مرة أمامه زجاجة خمر والعياذ بالله، مرت هكذا أمامه فهذا يكون هاجساً. زجاجة الخمر ثبتت أمامه. هكذا هو يكون ذلك خاطر، وبعدين ابتدأ يقول الله، ماذا هذه زجاجة الخمر هذه؟ يعني
ماذا أفعل بها؟ يعني ها، حسناً أنا لماذا تذكرتها الآن؟ أكون شجاعاً لأشربها يعني؟ حسناً ولكنها حرام ونجسة، حسناً لماذا هي غالية الآن؟ أليس لأشربها إذن؟ حسناً فلأجرب، ماذا سيحدث عندما أجرب؟ أليس يجب عليّ أن أجرب كل شيء، وهكذا أخذ يتحدث مع نفسه، فيصبح حديث نفس، أي أنني أجرد من نفسي شخصاً مثل الصورة التي في المرآة وأكلمه، أكلم نفسي. وبعدها درجة همّ صاحبنا لأنه يشرب - والعياذ بالله تعالى - حيث مال إلى الشرب، أي رجح الشرب بنسبة سبعين
في المائة، فأنا أريد أن أشرب بنسبة ثلاثين في المائة. في المئة ليسوا هم الأربعة هؤلاء، ولا شربت ولا اشتريت ولا فعلت أي شيء، فيكون جميعهم مرفوعين. الذي يتحدث عنه صاحبنا أصابه الذنب كهاجس، أصبح خاطراً حدّث نفسه به في هذه المرحلة، وفي النهاية قال: "لا، أنا لن أفعل"، خلاص يأخذ حسنة، والحديث هكذا. أن من هم بسيئة فلم يفعلها كتبت له حسنة فإن هم بحسنة ولم يفعلها كتبت له حسنة. هو يقول: فإن هم بسيئة فلم يفعلها كتبت له حسنة، فإن فعلها كتبت عليه سيئة، وإن
هم بحسنة فلم يفعلها كتبت له حسنة، فإن فعلها كتبت له عشرة إلى سبع مائة إلى أضعاف. كثيرة، يعني إذا عندي أربع حالات: هممت بالسيئة ولم أفعلها فتكتب حسنة، وهممت بالحسنة ولم أفعلها فتكتب حسنة، وهممت بالحسنة وفعلتها فتكتب عشر حسنات إلى سبعمائة إلى ألف إلى مراحل كثيرة، وهممت بالسيئة وفعلتها فتكتب سيئة واحدة من رحمة الله بنا. والحسنات يذهبن السيئات، يعني هذا ترتيب ما هنالك، فإذا نوى... خلاص نوى أن يشرب فنزل إلى الحانة فوجدها مغلقة، ذهب إلى الحانة فوجدها مغلقة،
أو اشترى الخمر وبعد ذلك شخص دفعه في الطريق فسقطت الزجاجة وانكسرت، أو أحضرها إلى البيت وصبها في الكأس ثم دخل عليه أبوه فأراق الخمر في المرحاض، فإذاً هو نوى لكنه لم يشرب بعد. كلها رُفعت سوى الأخير الذي هي النية، لكن يجب عليه أن يتوب. والتوبة أن يفعل ماذا؟ يذهب ويتوضأ. التوبة يفعل ماذا؟ يستغفر ربنا. التوبة يفعل ماذا؟ يتصدق بأي شيء. التوبة يفعل ماذا؟ يصلي ركعتين. هذا أنه يفعل شيئاً من الحسنات ليذهب السيئات. فإن شربها تنجس فمه،
فلا يصلح أن يصلي. إلا إذا غسل فمه، إلا إذا زال عقله بالسكر، فيجب عليه الوضوء مرة أخرى. وهكذا أحكام، إنها أحكام شرعية للمعصية التي ضربنا لها مثلاً بالخمر، لكن أي معصية ستكون بهذا الشكل. وعلى ذلك فالإجابة على السؤال: لا، أنت ستنال حسنة بامتناعك عن التنفيذ واقتناعك بأن هذه السيئة يترتب عليها. بلاء في الدنيا والآخرة