تقدم لابنتي شاب مهذب ولكنه لا يصلي واعلم أن ابنتي تحبه وتريده فماذا أفعل ؟

يسأل سائل فيقول: تقدم لابنتي شاب مهذب لكنه لا يصلي، وأعلم أن ابنتي تحبه وتريده، فماذا أفعل؟ سيدنا الرسول لما نصحنا وأوصانا وترك لنا ما نستهدي به في هذه الحياة الدنيا، ونحن لا نعرف الغيب، والذي يعرف الغيب هو الله، والرسول
عن الله يترجم عن مراد الله سبحانه وتعالى، إن هو إلا وحي يوحى علمه شديد القوى، ولذلك نلجأ إلى النصائح لأننا لا نعرف الغيب، ولو كنا نعرف الغيب كما أخبر نبيه لاستكثرنا من الخير وما مسنا السوء، لكن حجب الله عنا الغيب، ومن رحمته أرسل لنا رسوله فأحدث لنا ما نستهدي به في طريقنا
في الحياة الدنيا، فقال إذا... أتاكم من ترضون دينه وحسن خلقه فزوجوه، إن لم تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير. فشرط شرطين، فإذا اكتفيت بشرط واحد وارتضيت من له أسلوب حسن في المعاملة وله أسلوب حسن في التعامل مع الآخرين، لم تحصل الخيرة ويحدث من هذا أنواع البلاء والصدام
والشجار الذي ينتهي في النهاية. بما لا تُحمد عقباه، ولذلك يجب علينا أن نفهم مراد رسول الله "من ترضون دينه". وهذا الذي لم يصلِّ ولا يصلي ترك ذروة سنام الدين، ترك أعلى شيء في الدين، ترك عمود الدين. النبي يقول: "الصلاة عماد الدين وذروة سنامه". العماد هو الخشبة التي تقوم عليها الخيمة، إذا أزلتها تنهار الخيمة. فحضرته يأتيني مُنهكاً
ولا يملك كوباً ويقول: "أنا لدي ماء"، فأين هذا الماء؟ الماء يكون في الإناء، فأين الإناء؟ إذا كان الإناء غير موجود، نحن لا نناقش في أنه حسن الخلق أو ليس حسن الخلق لأنها أمور اعتبارية نسبية. قد يكون ليس صاحب دين ولكنه صاحب نفع وكرم وحب. ولكنه ليس صاحب دين، ولذلك عندما سألت سفانة بنت حاتم الطائي - وكان كريم العرب، والكرم أصل
الحب والعطاء وأصل المعاملة الحسنة وأصل الخلق الحسن - فلما رأت النبي صلى الله عليه وسلم بشَّ وهشَّ عند ذكر حاتم، وعرفت في عينيه تقديره لحاتم، فقالت: أهو في الجنة يا رسول الله؟ ما شأننا نحن بذلك! وما شأن الجنة الآن؟ نحن نتحدث في الخُلُق الذي عليه عمارة الدنيا. وقال لها إن أباك كان يحب مكارم الأخلاق وهو في النار. إذاً فالنبي يعلم أن حاتماً هلك بسبب وثنيته، بسبب
آخر وهو أنه لم يقل في حياته قط: "رب اغفر لي خطيئتي يوم الدين"، إنما فعل هذا لسمعة يكتسبها. صحيح أخلاق وعمل خير لكن من أجل أن يُقال: قال الناس، قال الناس، وليس فيه ربنا ولا شيء. الجنة هذه خاصة بربنا وليست خاصتنا. أما هنا فلا بد من الأخلاق وتعظيم أهل الخير منهم والانبساط بما كان يفعله ابن جدعان وما كان يفعله حاتم وغيرهم كثير كان النبي. صلى الله عليه وسلم يحبهم ويمدحهم ويعلي من شأنهم
مع أنهم على غير الإسلام، يعلمنا أن القضية والعلاقة بيننا وبين الخلق إنما هي مبناها الأخلاق. فيا أيها السائل، رسول الله يرشدك ألا تتزوج من هذا، ويقول لك: "من ترضون دينه وخلقه"، فإذا أتاك واحد من النابتة تحقر صلاتك إلى صلاته. وصيامك إلى صيامه أيضاً لا تأخذه لأن هذا ليس لديه أخلاق وإن كان يصلي جيداً جداً، وما شأنه لا يضره صيام، لا يوجد بعد ذلك صائم
الدهر، لا صائم الدهر ولا صائم الدهرين، مع ذلك لا تتزوجه، فليذهب لغيرنا. أما أنت فتسأل عن نصيحة رسول الله وتوجيهه، وهو قد نطق بمراد الله الذي انكشف له الغيب، من ترضون دينه وخلقه فزوجوه. إذا حصلت بعد ذلك مشكلات، ستجدونها مشكلات هينة لينة، مهذبة مؤدبة، وليست رفع سواطير على بعض. ستجدون فيها خلق الإسلام.