حديث الجمعة| الدكتور علي جمعة يوضح أصناف الناس يوم القيامة تحت ظل العرش الرحمن (كاملة)

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. مع المحجة البيضاء التي تركنا عليها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، نعيش في هداها وبها ولها وعلى سنته وشريعته، وهو أكرم من خلق الله سبحانه وتعالى. نمضي هذه اللحظات على هذه المحجة. البيضاء نرجو
الله سبحانه وتعالى أن ينجينا من سائر الآفات وأن ينظر الله إلينا بنظر الرحمة وأن تخلص نياتنا له سبحانه وتعالى مخلصين له الدين وأن يجازي عنا النبي المصطفى والحبيب المجتبى خير ما جازى نبياً عن أمته ورسولاً عن قومه صلى الله عليه وآله وسلم وصلنا إلى أن يوم القيامة بعد النفخة الثانية تُبَدَّل الأرض غير الأرض وتُبَدَّل السماوات غير السماوات ويُحشَر الناس وتُنشَأ الأجساد وتُنشَأ الأرواح. هذه
الأجساد التي نشأت ورد في الأحاديث أنها ستكون على هيئة آدم، وورد أن آدم في خلقه الأول كان ستين ذراعاً. الذراع يساوي اثنين وأربعين أو خمسة وأربعين سنتيمتراً تقريباً، أي نصف الإنسان حينها سيكون طوله ثلاثين متراً، نعم ثلاثين متراً، فيصبح هذا جسماً آخر لكي يتحمل شيئاً آخر. إن الله سبحانه حكيم، وسنكون جميعاً هكذا: ثلاثين
أو ثمانية وعشرين متراً حسب الطول. أنت هو أنت نفسك، ولكن جسدك أصبح ثلاثين متراً. عندما تصبح بطول ثلاثين متراً، لن تشعر أنت بنفسك، لن هكذا لأنها نسب نحن نشعر بأن شخصاً عنده ثلاثون متراً الآن ونحن فيكون هذا يعني ماذا؟ ليس سينفع، لا ولكن حينها أنت ترى الخلق كلهم هكذا فلن تستغرب بعضنا هكذا، لا إن كلنا هكذا، الكافر والمؤمن هكذا، يبدأ الحساب الذي سيطول الحساب الآن لا
تنكر أبناء تنكر فعلت. كذا لا يقول نعم هكذا بصمت وينهي، غير راضٍ أن ينهي. عندما وجد الموقف هكذا وعليه مهابة وفيه أنوار وأشياء، خاف. فلم يُرد أن يقول نعم، الموقف مهيب. فماذا ستفعل؟ لماذا لم تصلِّ؟ قال: أنا صليت. هو طبعاً يمكن أن يكون صلى يوم الجمعة فقط ولم يصلِّ الصلوات الخمس، من صلى ما هو يوجد أناس يفعلون أشياء غريبة عجيبة، فيصلي الفجر ويقول لك: أقول صباح الخير يا رب فقط، وماذا عن الظهر
والعصر والمغرب والعشاء؟ يقول لك: مشغول. فهو يقول له: لا أنا صليت. يعني هو أيضاً فيه نوع من المكر، يعني ليس كذباً محضاً. ما هو قد صلى بالفعل، لم أصلِّ الصلوات الخمس وأنت تقصد أنك صليت الفجر فقط أو الجمعة فقط. يقول: حسناً، شغلوا الفيلم، دعونا نكون عاديين. فيقوم بتشغيل الفيلم. فأقول له: ها، انظر، هذا هو الأذان يؤذن الآن وأنت لم تصلِّ. يقول له: في هذه أنت على حق، أكمل الفيلم. حسناً، والمغرب؟ قال له: في هذه أنت معك حق، فإذا كنت
بهذا الشكل، فأنت تحتاج إلى ضعف عمرك على الأرض حتى تنتهي. إذا عشت هنا سبعين سنة، فأنت تحتاج إلى مائة وأربعين سنة لكي نجري معك تحقيقاً من هذا النوع، مع إغلاق وفتح وعمل وما شابه. فهل سيعود الزمان بنفسه أم بصورته؟ هناك خلاف بين العلماء: بصورته قولان، أنا أميل إلى أنه بصورته هذه، كأن جمهور الأشاعرة يقول: "لا، هذا سيعود بنفسه"، يعني سنرجع ثانيةً إلى الزمن الذي تراه في هذا الفيلم. هذا زمن حقيقي
وأنت تشعر به. حسناً، سيستمر في التحقيق معنا هكذا: الصلاة، الصوم، الحدود الخاصة بالأرض، لماذا غيرتها؟ لماذا سرقت؟ لماذا شربت؟ لماذا كذبتَ؟ لماذا اغتبتَ؟ وفي كل شيء، وبعد ذلك عندما يكون الموضوع مشتبهاً قليلاً يقول له: أنت فهمت خطأً. يقول للملك، لسيدنا الملك: أنت فهمت خطأً. لا، ليس لنا حل، نحن هكذا ليس لنا حل. أنت فهمت خطأً، كيف؟ يقول له: حسناً انتظر، يعني أنت الآن هذا الأمر واضح. أهكذا قال: لا ينظر هكذا فتأتي يده فتنطق جلده،
وتنطق رجله، فيقول: تباً لكم! عنكم كنت أجادل. ما أنتم الذين أوصلتموني إلى هذا. أنا أقول لك يا يد، أنت حتى لا تدخلي في العذاب المقيم، فتقومين أنت بالنطق. فيردون عليه: أنطقنا الذي أنطق كل شيء، هو نحن الذين نطقنا. ما أنتَ السبب، أنت جالسٌ تلفُّ وتدورُ على الملائكة بلا فائدة. إنَّ الصورةَ الذهنيةَ عن الله خاطئة، وقد أدَّت بنا كبشرٍ إلى الوثنية. والصورةُ الذهنيةُ عن الملائكة
خاطئةٌ أيضاً، وستؤدي بنا إلى أن نظلَّ طوالَ هذا الزمانِ ونحنُ نسألُ ونقول: "الله!"، وماذا سنفعلُ بعد خمسمائةِ سنةٍ واقفين على أقدامنا يُحقَّقُ مائة سنة لماذا؟ أما ألف فقط ستحدث، وسيكون أننا سنمل، وأنا عشت سبعين أو ثمانين سنة، فأصبح محتاجاً بهذه الطريقة إلى مائة وستين سنة. حسناً، وبقيت الخمسمائة واقفاً منتظراً النتيجة على قدمي. نعم، وهل يوجد أحد يتحمل هكذا؟ هذه ستصاب بدوالي على طول الساقين. ماذا أفعل؟ قال: ولكن هو... سيذهبون إذاً للبحث عن حل له. قال: كل
واحد يتصبب عرقاً، والعرق عند بعضهم يصل إلى كعبه، وبعضهم إلى نصف ساقيه، وبعضهم إلى نصف فخذه وهو واقف هكذا، والعرق لدى بعضهم يصل إلى منتصفه، وبعضهم إلى رقبته. هنا، هذا العرق لمن هو؟ إنه له. حسناً، لماذا كل واحد هكذا؟ يعني هذا يعني لا توجد جاذبية. إن هذا الأمر حقيقي، يوم تبدو الأرض غير الأرض، هكذا لا تكون هناك جاذبية، لأنه لو كانت هناك جاذبية لكان ما هو في الأعلى انساب على الأرض كلها، لكن كل واحد منفصل هكذا، معناه أنه لا توجد جاذبية. وبعد ذلك
أنا يا فلان يعني، ونرجو نكون منه يعني كنت ماذا؟ تتصدق في الدنيا حتى لا تعلم شمالك ما تنفق يمينك، فتقوم الملائكة بأخذي هكذا إلى مكان يروي تحت العرش، تحت العرش فأستظل بظله، فأكون في ظل العرش. أول ما تدخل في منطقة ظل العرش تشعر أن روحك عادت إليك، ويتبخر العرق، والزمان يجري بحيث... أتظن أنهم ساعتان أو شيء من هذا القبيل الذي هو الخمسمائة سنة، وكم صنف سيحدث معهم هذه العبارة؟ ففي الحديث المحفوظ: "سبعة يظلهم
الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله". لكن العلماء، مما ألقى الله في صدورهم من رحمة، نتبع الأمر ونرى ذلك بعد الفاصل. بسم الله الرحمن. الرحيم. الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. تتبع العلماء من يتفضل الله عليه بأن يجعله في ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله، فوجدوهم تسعين صنفاً. الحمد لله، تسعين صنفاً. منهم الحاكم
العادل، قوم ربنا يقول له تعالى: اجلس هنا. ومنهم رجل دعته. امرأة ذات منصب وجمال إلى نفسها فقال إني أخاف الله، ومنهم من بَرَّ والديه. تعال هنا، هكذا هو. ومنهم المتحابون في الله، واحد أحب أخاً له في الله ليس لغرض في الدنيا ولا للعزوة ولا للمصالح ولا لأي شيء. يقوم ربنا ويجمعهما هكذا ويصنع لهما منبراً. من نور المتحابين في الله على منابر من نور يوم القيامة، الله في ظل العرش، والعرش هذا كبير. فلو
رأيت كيف الكون وأنه يمتد لمسافة مليون مليار سنة ضوئية، والعرش يشكل قبة هكذا على الكون كله، نعم إنه كبير يسع الخلق، أي ملايين الملايين من المليارات التي نعرفها. يسعها كحبة في فلاة، كحلقة في صحراء كبيرة، ولذلك كل هذه الأصناف التي هي التسعون صنفاً، جعلنا الله منهم ومنّ علينا، حتى لو لم نكن منهم يمنّ علينا. والناجي يأخذ بيد أخيه يوم القيامة، الناجي منا يأخذ بيد أخيه يوم القيامة، يقفون تحت ظل العرش في
التراوة وفي منطقة. فترات زمنية مختلفة في الشعور عن منطقة الحساب هذه، وسيبدأ بحسابهم وتنطق أيديهم وأرجلهم وجلودهم، "وأنطقنا الله الذي أنطق كل شيء"، وهذا سيملأ وهذا سيتعب. فيريدون أن يروا ماذا؟ حسناً، قولوا يا رب، يقولون يا رب. غير راضٍ، يعني لا يوجد. قولوا، حسناً كان هناك أناس. طيبون في الدنيا منهم سيدنا آدم، منهم سيدنا نوح، منهم سيدنا إبراهيم، ومنهم هكذا الأنبياء، وهؤلاء الناس دعونا نذهب إليهم، ربما لديهم حل، ربما يعرفون شيئاً لا نعرفه، فيذهب الخلق
إلى آدم فيقولون: توسل إلى الله، فنحن هكذا، نحن سامعون، لقد مضى علينا مئة أو مئتان من السنين، هذا... نحن نسمع أننا سنبقى هكذا ألف سنة، وإذا كنا قد تعبنا، فهذه أهوال يوم القيامة. يقولون: "اللهم أعذنا من أهوال يوم القيامة وسهلها علينا كما سهلت علينا الدنيا وما فيها". وسيأتي وقت نذهب فيه إلى آدم: "يا سيدنا آدم، أنت أبونا، ابحث عن حل، فأولادك قد تعبوا"، فيتذكر ما كان يقول: لا، أنا خجلٌ من ربنا جداً لأنني ارتكبت المخالفة وأكلتُ من الشجرة المنهي عنها.
اذهبوا إلى نوح. فيذهبون إلى نوح فيقول لهم: إنني خجلٌ جداً من ربنا لأنني طلبت أن ينجي الولد ابن الكافر هذا. اذهبوا إلى إبراهيم الذي اتخذه الرحمن خليلاً. فيذهبون إلى إبراهيم قائلين: يا إبراهيم. أنقِذْنا، ليس كذلك، فيقول: "أنا، انتبهوا، كذبت في ذات الله ثلاث كذبات"، وهو يظن أن هذه الكذبات تشوش عليَّ وأنا أتحدث مع ربنا. سأل الملك عن سارة قائلاً: "من هذه؟"، فأجابه: "هذه أختي"، يعني "أختي في الله"، لأنه لو عرف أنها زوجته لقتله لكي يتزوجها. فالملك
رأى في المنام أن هذه ليست أخته ولا شيء من هذا القبيل، بل هي زوجته، فقام بلومه وقال له: "لماذا هكذا يا إبراهيم؟ هل أنت جبار إلى هذه الدرجة؟" قال له: "أنت جبار جداً وكنت ستقتلني". يقول لهم أن الله ألهمنا بذلك: "بل فعله كبيرهم هذا". هذه كذبة ثانية سيذهبون إلى سيدنا موسى فيقول لهم: "ألستم تتذكرون؟" فقد ضرب موسى وقضى عليه. "اذهبوا إلى عيسى". سيدنا عيسى هذا شيء آخر، أي ما هو الشيء الآخر؟ فيقول: "اذهبوا إلى محمد" دون أن يذكر عن نفسه نقصاً، عليه السلام. يذهبون إلى سيدنا محمد، مخلوق لهذا الأمر، فالله
تعالى خلقه لذلك. فلذلك يقول: أنا لها، أنا لها، يقول فاذهب فاسجد تحت العرش. قبلة مثل الكعبة هكذا، فيلهمني الله بمحامد كثيرة لم يعطها أحداً من قبلي، لا نبياً مرسلاً ولا ملكاً مقرباً. أبداً ما حامد لا هو يعرفها ولا غيره يعرفها، عبادةً لله وتعظيماً من شأنه وإجلالاً لقدره سبحانه وتعالى. كما يليق بجلاله عنده سبحانه حتى يقول: "يا
محمد، ارفع رأسك، تشفع". انتهى السجود، ارفع رأسك تشفع، وقل تُسمع. انتهينا، وحينئذٍ تصيب العالمين من رحمته، مصداقاً لقوله: "وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين" عليه الصلاة والسلام. فيقوم ويطلب من ربه الشفاعة في طول الزمان، فيشفع الله له بأن قد تمت الشفاعة، مضى على هذه الحكاية خمسمائة سنة. الظهر، سيؤذن
الآن. ما الساعة الآن؟ الثانية عشرة ظهراً، يعني منتصف النهار. سنجلس ونصوم، فيُرفع عنا ببركة النبي المصطفى والحبيب المجتبى صلى الله عليه وسلم. كل واحد الآن سيعرف من يدخل الجنة أو النار. فضل النبي علينا وأنه ما أُرسل إلا رحمة. له إذا كان هو عاش في الدنيا مائة سنة أو مائتي سنة، فهو هنا (في الآخرة) خمسمائة سنة، وهي نفس الخمسمائة سنة تلك التي كانت في الدنيا، فيكون هو رحمة. ولذلك فالنبي صلى الله عليه وسلم يشفع. كم يبقى في هذه العبارة أن كل واحد كان يتسبب (أو يكون سبباً) بالحسنات
وبالسيئات الخاصة به، وهناك الميزان، هذا الميزان ورد كجزء من العقيدة، يزن الأعمال بقدرة الله. فإذا رجحت كفة السيئات فقد هلك، وإذا رجحت كفة الحسنات فإن الحسنات تذهب من السيئات، وينال درجة ويدخل، ولن يدخل الجنة أحد بعمله إنما بفضل الله. فما فائدة الأعمال إذن؟ هكذا الاستمارة التي أخذتها أنا هذه ومكتوب فيها الدرجة في الاختيار داخل الجنة. عندما ندخل الجنة سيكون هناك اختيار، أنا أريد هذا المكان وأنت تريد ذلك المكان، فيقارنون الدرجتين. إذا تنازعنا نحن الاثنان على مكان معين يعطونه لمن درجته أعلى. إذن الأعمال مهمة
ولكن داخل الجنة ولن يدخل. لن يدخل أحد الجنة بعمله. إلى لقاء آخر، أستودعكم الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. اشتركوا