حديث الجمعة| علي جمعة بتحدث عن “مكارم الأخلاق”وتفسير“إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق” (الحلقة الكاملة)

حديث الجمعة| علي جمعة بتحدث عن “مكارم الأخلاق”وتفسير“إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق” (الحلقة الكاملة) - تصوف, حديث, مجلس الجمعة
بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. مع المحجة البيضاء وسيرة سيدنا النبي المصطفى والحبيب المجتبى صلى الله عليه وآله وسلم، نعيش هذه اللحظات عسى أن ينظر الله إلينا بنظر الرحمة وأن ينزل السكينة في قلوبنا وأن يحف هذا المجلس بالملائكة. الكرام وأن يجعله الله
في ميزان حسناتنا يوم القيامة إنه على ذلك قدير وبالإجابة جدير وأن يجازي عنا النبي المصطفى والحبيب المجتبى خير ما جازى نبياً عن أمته ورسولاً عن قومه وأن يرزقه الفردوس الأعلى ويبعثه المقام المحمود الرفيع ويشفعه فينا يوم القيامة آمين بعد ما سردنا سيرة النبي صلى الله عليه وآله وسلم فيما يُسمى بالسيرة الزمنية يوماً بيوم وسنةً بعد سنة، ورأينا ما الذي تركه لنا في صورة الخلفاء الراشدين المهديين الذين اعتمدهم رسول
الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: "فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، عضوا عليها بالنواجذ". وقلنا إن الناجذ هو ضرس العقل. وهي عبارة عربية تعني شدة التمسك بما تركوه بعدما فُتحت الفتوح والبلدان وبعدما تغير الزمان، فإننا نرى في سيرة أبي بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم وجعل الجنة مثوانا ومثواهم تصرفاً، وإن كان غير معصوم كحال النبي، إلا أنه محفوظ من الله في رضا الله. لأن هؤلاء هم ممن رضي الله عنهم ورضوا عنه، هم
تلاميذ النبي وحواريُّوه صلى الله عليه وآله وسلم، وبعد ذلك دخلنا في سرد ما كان من اجتهاد المجتهدين والأئمة المتبوعين عبر الزمان، وعرفنا أن هناك خمسة وثمانين عالماً مكنهم الله من درجة الاجتهاد في الدين، وأن منهم ثمانية بقيت مذاهبهم. إلى يومنا هذا قلَّ فيها من قلَّ وكَثُرَ في أتباعهم من كَثُرَ، وهم أبو حنيفة ومالك والشافعي وأحمد بن حنبل، ومنهم جعفر الصادق
عليه السلام ورضي الله تعالى عنه، ومنهم زيد بن علي، ومنهم ابن إباض، ومنهم داوود الأصبهاني الظاهري. ظلت مذاهبهم باقية يُفتي بها المسلمون إلى عصرنا هذا. عنهم بالتواتر المستمر عبر القرون خدمت مذاهبهم وكيف أن أمثال أبي الحسن الأشعري حمى العقيدة فاتبعه أهل السنة والجماعة عبر القرون حتى ينقلوا إلينا عقيدة النبي وأصحابه خالصة نقية إلى أن وصل إلى عصرنا الحاضر وكيف خرجت الفتن والمحن والإحن والفرق منحرفة عن
الصراط المستقيم فخرجت الروافض الذين كفروا أبا بكر وعمر وعثمان، وخرج أيضاً المعتزلة الذين قدموا العقل على النقل، وخرجت الخوارج الذين حاربوا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وخرج المُلك العضود الذي انحرف بالسياسة الإسلامية لحين وفي غير مراد الله سبحانه وتعالى، وكيف تبدلت الأمور حتى وصلنا إلى الركن الرابع من حديث جبريل رضي الله تعالى. عمّا نقله جبريل، أتاكم يعلمكم أمر دينكم فيما
هو الإسلام وما هو الإيمان وما هو الإحسان، والذي قام به أهل التصوف في التخلية والتحلية والذكر والفكر والأخلاق الحميدة. وصلنا إلى الركن الرابع من علامات الساعة، وتناولناها حتى دخل أهل النار وأهل الجنة نعود مرة أخرى إلى حبيبنا المصطفى. صلى الله عليه وسلم وهو يقول إنما بُعثت لأتمم مكارم الأخلاق. نريد أن نعرف منه فيما تركه لنا من المحجة البيضاء وما مكارم الأخلاق يا رسول الله. ولقد أجاب رسول الله
تفصيلاً عن هذا، وسبق أن قلنا في كيفية حفظ القرآن والسنة والتي رزق الله بها الأمة أن رسول الله تحدّث في نحو ألفي حديث عن كل أحكام الشريعة، وفي بقية الوارد عنه في سبعة وتسعين في المائة من السنة تتحدث عن الأخلاق الكريمة، فصدق رسول الله في قوله: "إنما بُعثت لأتمم مكارم الأخلاق". لكن الناس تناسوا هذا وجعلوا قيام بعض ما ظنوه خطأ من الشريعة هو الدين، وأهملوا كل وكأنها لا وجود لها وحولوها من أخلاق المحمدية النبوية التي تشيع الرحمة والرفق
والحنان والحب بين الناس إلى أمور شكلية، حتى قالوا إن الخشوع في الصلاة هو النظر إلى موضع السجود. إلى هذا الحد من قساوة القلوب! والخشوع هو ما يحدث للقلب الضارع المتعلق بالله، يساعد في ذلك النظر إلى... موطن السجود وليس هو وهكذا يفهمون الدين فاللهم اهدهم إلى صراطك المستقيم وردهم رداً جميلاً يا أرحم الراحمين وخلِّص المسلمين من هذا البلاء المبين فرسول الله صلى الله عليه وسلم ينبهنا أنه إنما بُعث ليتمم مكارم الأخلاق فما هذه الأخلاق
فهيا بنا في رحلة مع كتاب الله ومع سنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لنرى ما هذه الأخلاق الكريمة التي تركها لنا رسول الله تفصيلاً لا إجمالاً، فإن هذا إجمال لا يغني عن تفصيل، وإليك البيان، هيا بنا نذهب إلى الآية الأولى في كتاب ربنا مما نتلوه كثيراً في صلواتنا في كل فرض وفي كل سنة وفي كل نافلة وفي كل زيادة بسم الله الرحمن الرحيم، ونرى هذا الجمال الذي هو في جمال، فإن أسماء الله التي وردت في الكتاب أكثر
من مائة وخمسين اسماً يعرفنا الله فيها نفسه، فنحن لا نعبد وهماً وإنما نعبد إلهاً نعرف صفاته، منها صفات جمال ومنها صفات كمال ومنها صفات كمال. عندما نرى أول آية تتكرر في كل سورة، نجد "بسم الله" دائماً، "بسم الله الرحمن" دائماً، "بسم الله الرحمن الرحيم" دائماً، وليس "بسم الله الرحمن الجبار المنتقم" أبداً، وليس "بسم الله المنتقم الجبار" أبداً. فالمنتقم والجبار من باب الجلال، والرحمن
والرحيم من باب الجمال. "بسم الله الجميل الجميل"، لم يقل لا أريد أن أخيفك، ففي البداية جمال في جمال "بسم الله الرحمن"، ولا يتركها حتى يبين لك أن اسماً آخر سيأتي، وإذا به في المفاجأة لم يكن للجلال وإنما كان للجمال أيضاً. فكأنه يقول: علاقتك معي يا عبدي جمال في جمال. نقف عند هذه الفاتحة، الاستفتاح، الآية الأولى من كل الآية الأولى في
هذا السياق هي الآية التي نكررها دائماً، نكررها في أكلنا، في شربنا، في تناولنا، في ذهابنا، في فتحنا للباب وفي إغلاقنا للباب: "بسم الله الرحمن الرحيم". نكررها تقليداً للكتاب المبارك في أول كل سورة. بعد الفاصل نرى ما هنالك. بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه، يقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "كل أمر
ذي بال لا يبدأ فيه ببسم الله فهو أبتر"، وفي رواية: "بحمد الله فهو أبتر"، وفي رواية: "بذكر الله فهو أبتر" أو "أجذم" أو "أقطع"، روايات متعددة، وهذا حديث واضح الدلالة على أن البدء جعله رسول الله صلى الله عليه وسلم لكل أمر ذي بال من أكل، من شرب، من سفر، من رجوع، من افتتاح مشروع، من خطبة، من كلام، من عقود. نقول "بسم الله الرحمن الرحيم" فنقتدي ببدء الكتاب الكريم، ومن
آداب الكتابة أن تبدأ بالبسملة وأن تثني بحمد الله، والشارحون يقولون. تقليداً للكتاب العزيز كتاب القرآن ثم تصلي على النبي المصطفى ثم تتشهد الشهادتين، وكانت هذه الفواتح تعلن للعالمين الرسالة التي أرادها الله لهم، وأنها بسم الله الرحمن الرحيم تعلن للعالمين من نحن، تحيتنا السلام عليكم وليس الحرب لكم أيها الكفار الزنادقة، لم نكن هكذا يا عائشة إن الرفق ما. دخل في
شيء إلا زانه وما نزع من شيء إلا شانه، هكذا أمرنا ربنا أن نتعامل برفق. يقول ربنا لأولئك الذين يعتدون علينا ويترصدون بنا ويجعلون بيننا وبينهم حرباً يريدون أن يشعلوها: "ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفاراً حسداً من عند أنفسهم من بعد تبيَّن لهم الحقَّ ها، يعني عَرَفْنا أنهم من المغضوب عليهم، ويريدون أن نكفر وأن نُفْسِد في الأرض، وتأكدنا
من هذا. نقاتلهم إذَنْ، نجعلها دماءً ما دامت القضية هكذا. دافِعْ عن نفسك يا أخي إذَنْ، ولكن الله يقول: ﴿فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا﴾. يا صَبُور يا رب، يا صَبُور، وآخر الأسماء الحُسْنى التي عدَّها. أبو هريرة فيما أخرجه الترمذي: "الصبور يا صبور، أرادوا أن نخرج من ديننا وإلا يأتينا خير وأن وأن..." ثم تقول: "يا ربنا فاعفوا واصفحوا". يربينا ربنا، يربينا رب العالمين. اضبط نفسك، لا تجعل هذه الشهوة تسيطر عليك،
ومن هنا يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تغضب". ولك الجنةُ، يقولُ ربُّنا: ﴿وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾. هذه الأخلاقُ النبويةُ المصطفويةُ، نسيرُ معها من خلالِ بسمِ اللهِ الرحمنِ الرحيمِ. دَعْهَا إلى اللهِ، اترُكْهَا هكذا للهِ، دَعْهَا إلى اللهِ. كيفَ ولماذا؟ هل أنا ليسَ لي حولٌ وقوةٌ؟ يعني ليسَ لي حولٌ وقوةٌ؟ فيقولُ رسولُ اللهِ... صلى الله عليه وسلم فيما تركه لنا من أخلاقه الكريمة. لا حول ولا قوة إلا بالله كنز من كنوز العرش. إنك
تملك كنزاً لا يعلم به إلا ربنا. إنه تحت العرش مخبأ هكذا في صندوق من اللؤلؤ والمرجان أو أشياء ثمينة أخرى. إنه تحت العرش تفتحه فتجد. لا حول ولا قوة إلا بالله، إما أن تؤمن بها، وإما أن تصدقها بعمق، وإما أن تعيش فيها. فعش فيها، عش فيها، تعيش فيها. أي أن تحولها إلى برنامج عمل، تعيش فيها أي تحولها إلى برامج تربوية تُعلِّم الأطفال الذين في الروضة الأولى والروضة الثانية والحضانة،
لأجل أن يقول لك لماذا تقول "إنجليزي" مثل "كيجي وان" و"كيجي تو" و"كيدز وان" و"كيدز"؟ لا، قل يعني روضة وحضانة. أليست الروضة والحضانة نعلمهم معنى "لا حول ولا قوة إلا بالله" وكيف نستعملها فيما لا يجعلنا نترك الأسباب وإنما القلوب تتعلق ضارعة بالله؟ كيف نفعل هذا؟ يجب أن تكتب واحد اثنين ثلاثة في... الكتاب لكي نُعلِّم المدرس الذي سيُعلِّم الأولاد، وينشأ الأطفال ويكبرون ويترعرعون، ولا يجدون إلا أن الحياة تصرخ بأنه لا حول ولا قوة إلا بالله، وأننا إذا فعلنا فعلاً فبسم الله توكلنا
على الله، لا حول ولا قوة إلا بالله، وأن إتياننا للأسباب يكون اندراجاً تحت مراد الله من خلقه، نندرج. تحت مراد الله من خلقه، أرادنا الله أن نأكل وأن نشرب وأن ننام، خلقنا هكذا فلا بد علينا من تحصيل ذلك. أما الأخلاق والقيم فاعفوا واصفحوا حتى يأتي الله بأمره، إن الله على كل شيء قدير. وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة، انشغل بما أنت فيه، انشغل بما أنت فيه بالصلاة والصيام. هذا الذي أُمِرتَ به: أَقِمِ الصلاةَ لدلوكِ الشمسِ
إلى غَسَقِ الليلِ وقرآنَ الفجرِ، إنَّ قرآنَ الفجرِ كان مشهوداً. أمرَكَ بالصلاةِ وأمرَكَ بالزكاةِ، وآتوا الزكاةَ. فإذاً بهجومٍ كاسحٍ على العبادِ وعلى العبادةِ. لِمَ لَمْ نتكلم بهذه الطريقةِ عن العباداتِ؟ لأنه يرى لنفسِهِ حَوْلاً وقوةً. لا حولَ ولا قوةَ إلا بالله. إنما... أُمِرنا أن نلين في أيدي إخواننا، فقال صلى الله عليه وسلم فيما تركه: "لينوا في أيدي إخوانكم". هل
نترك الأسباب لأنه لا حول ولا قوة إلا بالله؟ لم يأمرنا بهذا. لو أمرنا لفعلنا، لكنه لم يأمرنا بهذا، بل إنه قال: "لو توكلتم على الله حق توكله لرزقكم كما ترزق الطير". تغدو خماصاً وتروح بطاناً، أي أن الطير تذهب وتعود وتتحرك. فلو جلست في عشها ولم تذهب ولم تأتِ، والله يرزقها في سمائها، لكنها لابد أن تذهب وتأتي، لأن الله هو الذي أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها، أي طلب منكم عمارتها. وإلى لقاء
آخر، نستودعكم الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. في القناة