حديث الجمعة | أخلاق الرسول صلى الله عليه وسلم

حديث الجمعة | أخلاق الرسول صلى الله عليه وسلم - سيدنا محمد, مجلس الجمعة
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في المحجة البيضاء التي تركها لنا والتي وصفها بأن ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك نعيش هذه اللحظات عسى أن تتنزل على قلوبنا السكينة وأن تحيط بنا رحمة الله سبحانه وتعالى برحمة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأن
يجعل هذا المجلس مع كل السامعين له مما تحفه الملائكة الكرام ويكون نظراً لله سبحانه وتعالى لنا فيه البركة ولنا فيه هدوء البال ولنا فيه الصلاح في الدنيا والآخرة فاللهم يا ربنا نسألك بحبيبك المصطفى ونبيك المجتبى صلى الله عليه وآله وسلم أن تنظر إلينا بنظر الرضا والرحمة وأن تجعلنا من المتوكلين ومن الصادقين ومع القوم المتقين يا رب العالمين. رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ترك لنا مجموعة من الأخلاق العظيمة، فترك لنا صلى الله عليه وآله وسلم أن نبر الوالدين،
وتكاثرت الآيات والأحاديث. في بر الوالدين وبر الوالدين إنما يكون للأحياء منهم والأموات وعلمنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن بر الوالدين من أعظم الأعمال الصالحة وعلمنا أنه المكافئ العملي للتوحيد فإذا كنت مؤمناً حقاً بالله الواحد الأحد الفرد الصمد فلتبر والديك تتبع قوله صلى الله عليه وآله وسلم في سنته. من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليبر والديه، وليكرم ضيفه. من كان منكم
يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل حقًا أو ليصمت. من كان منكم يؤمن بالله واليوم الآخر، وهكذا ربط هذا بذاك، أخلاق منبعثة ومنبثقة من الإيمان بالله والنبي صلى الله عليه وآله وسلم. يجعل برَّ الوالدين أحياءً وأمواتاً، وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تُطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفاً. شيءٌ غريبٌ عجيبٌ، فلا الأب ولا الأم من المؤمنين، بل من المشركين الوثنيين، ومع ذلك يجب عليّ أن أبرهما. إذاً فالبر
لذاتهما وليس لعقيدتهما، فكيف إذا كان من المسلمين؟ فالأمر أخطر وأعظم لأن الله أمرنا ببر الوالدين في ذاتهما، وورد في القصص أن أحدهم كان يحمل أمه على كتفيه يطوف بها، فرأى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أمامه فقال: "يا رسول الله، أتراني فيما أصنع قد وفيت حقها؟ أحملها وهي عجوز لا تستطيع السير". فقال: "لا". قال:
وكيف هذا يا رسول الله؟ قال: لقد فعلت بك ذلك من الرضاع ومن النظافة ومن التربية ومن الأكل والشرب ومن كذا إلى آخره، وهو يفعله معها الآن وهي ترغب في حياتك وهي ترغب في حياتك وأنت ترغب في الراحة منها، يعني لن نوفي، لا توجد فائدة، أُغلقت، فسيبقى فضلهم. علينا أبد الآبدين أحياءً وأمواتاً، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبين لنا البر وصلة الرحم بعد الوفاة بأن نبر وأن نصل من كانوا يحبونهم،
فصِلوا أهل بر أبي وأهل بر أمي وأهل أبي وأهل أمي براً بهما حتى بعد الانتقال، ورأى المسلمون بأعينهم هذا الخلق الكريم له أثر. من عند رب العالمين بأن من مات ووالداه في رضا عنه فإنه ميسر الحال، ومن مات وأبوه أو أمه أو هما قد غضبا عليه فهو مغلق عليه في الدنيا والآخرة. رأوا هذا بأعينهم في التجربة الإنسانية التي عاشوها. خُلُقٌ كريم شكا منه رؤساء أمريكا أنه قد فُقِدَ عند أبنائهم وهم.
يعلمون أبناءهم الانتماء ويعلمونهم العمل ويعلمونهم حرية الفكر ويعلمونهم عمارة الدنيا ويعلمونهم تماسك المجتمع، إلا أنهم فشلوا في تعليمهم بر الوالدين. فعرفنا أن المحجة البيضاء التي تركها لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قد التفتت إلى مفاصل الأمر وإلى مهام الأمور، فنبهنا إليها أمرنا رسول الله صلى الله عليه. وسلم في محجته البيضاء بحسن الجوار وقال كلمته: "والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، والله لا يؤمن من بات شبعان وجاره
جوعان وهو يدري وهو يعلم" يعني أمرنا بالجار ليس فقط برًّا بل تكافلًا اجتماعيًّا وحلًّا لمشكلاته، فما بالك أن يلقي أحدهم القاذورات أمام جاره والنبي صلى الله عليه. وسلم يجعل إماطة الأذى عن الطريق، وليس عن جاره فقط، عن الطريق، عن عموم الناس ممن يعرف ومن لا يعرف، من شُعَب الإيمان، فقال: "الإيمان بضع وسبعون شعبة، أعلاها لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن طريق الناس، والحياء شعبة من شُعَب الإيمان". يهتم المسلمون بالحديث ويذهبون
يبحثون عن السبعين شعبة فيؤلف الإمام البيهقي شعب الإيمان ويؤلف الحليمي الشافعي شعب الإيمان ويتتبعون ما استطاعوا من هذه الشعب التي انبثقت من الإيمان وعادت إليه وقامت بخدمته وبترجمته ترجمة عملية في واقع الناس وبتحويل ذلك إلى مناهج حياة وإلى نظم سائرة ولتحويل ذلك إلى ملكات قد ملكت على الناس قلوبهم كلها. المعاصي من شعب الكفر وكل الطاعات من شعب الإيمان ويريدون في ذلك أحاديث بتفاصيلها
من أجل أن يبيِّنوا هذه المحجة البيضاء التي تركها لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم والتي كلها من منطلق الإيمان ومن العودة إليه فإذا اختل أحدهم واختل تفكيره ومنهجه ورؤيته للكون والإنسان والحياة وما قبل ذلك وما بعد ذلك، ومن نحى الإله من تلك الحياة ونحى اليوم الآخر من تلك الحياة، وأصبح داخلاً في مناهج المقارنة والمقاربة والمفارقة، فإنه ضال مضل، وسيظل ذلك حيراناً إلى يوم الدين. فإذا أنكر الإله
فما معنى الحياة؟ الحياة أصبحت شيئاً قذراً لا معنى له، فكيف يصل إلى الانطلاق في الشهوات؟ بالرغبات بأن يفعل ما يشاء متى شاء، وهذا الذي تفلت كل متفلت كان يسميه القدماء بالزنديق، يعمل ما يريده، فتراه يصلي ثم يخرج إلى الخمارة. أنت بالنسبة لنا لا نعرف حقيقتك أصلاً هكذا، هل أنت تصلي أم تشرب الخمر أم تزني أم تسرق أم ترتشي؟ قال: أنا أفعل ما أنا. أريد أنا أرتاح هنا وأرتاح هنا، فكانوا
يسمونه الزنديق، يصلي الفرض وينقب الأرض، وتطور الحال فلم يعد يصلي، وتطور الحال حتى نحى الإله من الحياة، فأصبحت الحياة لا معنى لها. كان بعض مشايخنا يقولون بالمصري هكذا: "والله تصبح خازوقاً مغرياً"، الحياة أصبحت خازوقاً مغرياً بهذا الشكل. بعد الفاصل نواصل بسم. بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. أمرنا رسول الله بمجموعة من الأخلاق ولكنها
كلها تدور من الإيمان، تنطلق منه وتعود إليه وتقوم به وتخدم الإيمان حتى يكون واقعاً في حياة الناس. منظومة الأخلاق التي تركها لنا رسول الله صلى الله عليه. وسلم تتعلق بما أسماه العلماء بالتخلق والتعلق وذلك أن محور هذا أسماء الله الحسنى، وأسماء الله الحسنى كما ذكرنا مراراً مائتان وعشرون اسماً في الشريعة، منها مائة وخمسون أو ما فوق المائة وخمسين في الكتاب، ومنها مائة وستون أو ما فوق المائة وستين في السنة، فإذا حذفنا المكررات أصبح معنا مائتان وعشرون اسماً سمّى الله بها نفسه، فأبان الله عن صفاته، فهو ليس
مجهولاً، بل نعرف الله سبحانه وتعالى من خلال ما وصف به نفسه. فإذا تأملنا هذه الصفات وجدنا منها صفات الجمال، ووجدنا منها صفات جلال، ووجدنا منها صفات كمال. وواجب المؤمن أن يتخلق بصفات الجمال: الرحمن، الرحيم، العفو. الغفور وأن يتعلق بصفات الجلال لا يكون هو هكذا المنتقم. إياك أن تكون منتقماً. أنت تتعلق بالمنتقم الجبار، تقول: حسبنا الله ونعم الوكيل، يا رب أنصفني، يا رب انصرني، يا رب
وفقني. المنتقم الجبار المتكبر: "الكبرياء ردائي والعظمة إزاري، فمن نازعني واحداً منهما أخذته ولا أبالي". إذاً فهناك صفات للتخلق وهذا. النظام الأخلاقي هكذا وصفات للتعلق أما صفات الكمال وهي التي عادة ما تكون مركبة من صفتين: الضار النافع، المانع المعطي، السميع البصير، المذل المعز أو المعز المذل، وهكذا من اثنتين هكذا: القابض الباسط، الخافض الرافع. فهذه صفات كمال لأن معناها
أن الله على كل شيء قدير وأنه متصف بصفات. العلوم موقفك منها التصديق وأن الله هكذا على كل شيء قدير وأنه سبحانه وتعالى واسع وأنه سبحانه وتعالى قوي وأنه متين وأنه إلى آخره فصفات أسماء الله الحسنى هي التي تشكل محور الأخلاق التي تركها لنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تنطلق من الإيمان وتعود إليه وتقوم به. وتخدمه أربع أمور لكي يصبح محوراً، ماذا يعني محور؟ المحور يعني أن هذه الأربعة هي الأساس
الذي به التقويم، ومنه الانطلاق، وإليه العودة، وبه الخدمة، هذا هو المحور. نظام الأخلاق يصبح ماذا؟ أسماء الله الحسنى. انظر إلى هذا الكم الكبير "إنما بُعثت لأتمم مكارم الأخلاق". انظر إلى خُلق الصمت ألف. ابن أبي الدنيا كتاباً ضخماً كبيراً جمع فيه الأحاديث التي وردت في الصمت. نهى ربنا عن اللغو وأمرنا أن نستعمل ألسنتنا فيما أقامنا الله فيه من أمر بمعروف أو نهي عن منكر أو ذكر أو تلاوة أو علم أو بناء أو نحو ذلك مما نعبد
به الله أو نعمر به. الأرض أو نزكي به النفس وما فوق ذلك نهانا فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا رأيتم الرجل قد أوتي صمتاً فإنه يلقن الحكمة". يبقى يفكر قبل أن يتكلم. هكذا كانت حضارة المسلمين، أن النشاط يكون بعد التفكير. ننشط ونعمل ولكن بعد ماذا؟ بعد أن نفكر. أمرنا الله بالتفكر "أفلا يتدبرون". القرآن قال: "سيروا في الأرض فانظروا"، يعني أمرنا بالتفكر في كتاب الله المسطور وفي كتاب الله المنظور. نفكر ونتفكر
في ماذا؟ في كل شيء بحرية مطلقة لا نهاية لها. فإذا فعلنا ذلك وصلنا إلى القرار الصواب الحكيم المناسب. وما هو القرار المناسب؟ من يصل إلى القرار المناسب؟ فهو الحكمة يؤتي الحكمة من يشاء ومن يؤتى الحكمة فقد أوتي خيراً كثيراً وما يتذكر إلا أولو الألباب العقول النصح الواعية التي تنظر في كتابين صدر عن الله هذا من عالم الخلق الكون وهذا من عالم الأمر القرآن القرآن غير مخلوق لكنه صدر عن الله ألا له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين، كلاهما صدر
عن الله فلا تناقض بينهما. فكِّر، تدبَّر هنا وتدبَّر هناك، وتفكَّر هنا وتفكَّر هناك في نظام أخلاقي رائق تحت الظل. لا إله إلا الله محمد رسول الله. احذر أن تنساها وإلا قلت أشياء من المضحكات المهلكات، وأصبحت سخرية في العالمين. أغلب ضلال البشر جاء من هذا. من نسوا الله فنسيهم من يعلمون ظاهراً من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون. لا تنسَ ربنا ولا تنسَ يوم القيامة، إذا كان هذا أمامك هكذا يوم القيامة، أصلاً ستُحاسب، هذا يؤثر في سلوكك. ولذلك
تكلم علماء الإسلام على أن القلب يعلو العقل وأن العقل يعلو السلوك فإذا انعكاس. ارتكس فإذا علا السلوك العقل وأسكته وعلا العقل القلب فأسكته وصلنا إلى الحضارة الغربية. وهل وصلت الحضارة الغربية إلى ما وصلت إليه من عمارة الكون بهذا المنهج المختل؟ لو وصل المسلمون إلى هذه الحضارة وقاموا بواجبهم الذي كان، لم نؤذِ الناس بفساد البيئة ولا باختلال
المناخ. كان علماء المسلمين سيعملون. لدينا سيارة ليس فيها عادم، ولكنهم كسلوا فظلوا وأضلوا. واحدٌ وضعه الله في القمة وقال له: "وكذلك جعلناكم أمة وسطًا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدًا". فنزل من الجبل، تذكرون الرماة في أُحد نزلوا من الجبل فانهزمنا مباشرة. إلى لقاء آخر، أستودعكم الله، والسلام عليكم ورحمة الله. وبركاته