حديث الجمعة | إرث الرسول عليه الصلاة والسلام " القرآن "

حديث الجمعة | إرث الرسول عليه الصلاة والسلام " القرآن " - مجلس الجمعة
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه مع سيدنا النبي صلى الله عليه وآله وسلم ومع ما ترك من المحجة البيضاء التي ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك، نعيش هذه اللحظات عسى أن ينزل الله علينا السكينة والرحمات وأن يجمعنا. على الخير في الدنيا والآخرة وأن يثيبنا بهذه
الجلسة في الدنيا والآخرة وأن يحمي ديارنا وأوطاننا وأن يحشرنا تحت لواء نبيه يوم القيامة وأن يكرمنا من يده الشريفة بشربة ماء لا نظمأ بعدها أبداً. تركنا سيدنا على المحجة البيضاء فترك لنا القرآن والسنة ونحن نسعى للقرآن والقرآن عندما تركه لنا. كان صلى الله عليه وآله وسلم، وقد آمنا أنه نبي لأن هناك أناساً غير مؤمنين بأنه نبي، فسيكون هناك فرق. لكننا آمنا أنه نبي، يا أخي أليست هناك حرية عقيدة؟ دعني في حريتي يا أخي. أنا مؤمن أنه نبي
وأحبه، أحب النبي، أنا أحبه لأنني عرفته. سألوا أحد العلماء. يقول له أبو لهب: "يا إخواننا، كيف لم أؤمن بسيدنا النبي؟" قال: "لم يرَ فيه إلا يتيم أبي طالب، هو لم يرَ النبوة، ولو كان رآها لآمن، لكنه رأى الطفل الصغير الذي جاءت ثويبة تبشره به وهو عند الكعبة". لا، اختلفت الحكاية، هذا سيد الخلق أجمعين صلى الله عليه. وسلم النبي صلى الله عليه وسلم ترك لنا القرآن والقرآن كان يحفظه كثير من الناس وكان النبي يحب أن يسمع القرآن من غيره
فكان يستمع لعبد الله بن مسعود وكان يتمتع بسماع القرآن صلى الله عليه وسلم ويقول إذا أردتم أن تسمعوا القرآن كما أُنزل فاسمعوه بقراءة ابن أم عبد وعبد الله بن مسعود من الأولين المهاجرين الذين أسلموا قديماً، كان ثامن ثمانية في مكة. وعبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه أُوتي حفظاً وأُوتي فهماً، فكان من العبادلة. والعبادلة كلهم عبد الله، اختلفت مشاربهم في التأويل والتفسير، إلا أنهم جميعاً كانوا فقهاء أتقياء علماء. عبد الله بن
مسعود. وعبد الله بن عمر وعبد الله بن عمر وعبد الله بن عباس وعبد الله بن الزبير وهكذا العبادلة، العبادلة جمع عبد الله. العبادلة ومنهم عبد الله بن مسعود. أوصانا رسول الله أن نستمع إلى القرآن كما أُنزل. وكان جبريل يقرأ على أُبيّ بن كعب وزيد بن ثابت وغيرهم كثير. كم عدد الصحابة؟ الذين أسلموا ورسول الله حي بينهم مائة وأربعة عشر ألفاً أو مائة وأربعة وعشرين ألفاً. الذين رأوه بأعينهم فصحت
لهم الصحبة نعرف منهم تسعة آلاف وخمس مائة فقط. المتصدرون منهم متصدرون لماذا؟ للقراءة ولحمل الأحاديث ولكلام الفقه لا يزيدون عن مائة وخمسين، أسماؤهم موجودة عندنا، والباقي لا يتكلم. ليس له شأن ولا يؤم الناس ولا يتكبر، وهو سيدنا الصحابي الذي لو أنفق نفقة تقدر بنصف مُدّ، تُحسب عند الله بجبل أحد ذهباً. والله لو
أنفق أحدكم - الذي هو من غير الصحابة - مثل جبل أحد ذهباً، ما ساوى ما ينفقه أصحابي من مُدّ أو نصفه، يا مُدّ يا نصف المُدّ. يا سلام الله ولكن ما نعرفه، ما هو اسمه؟ عاش. حسناً، ماذا يعني صحابي؟ يعني تحدث مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بما أوجب عدالته. بماذا؟ بالنظر إليه، التربية بالنظرة. نظر إليه هكذا، خلاص انتهى الأمر. الناس ليست منتبهة أم ماذا؟ كيف آمن الناس برسول الله؟
على فكرة نحن أمامنا مشوار طويل لتعليم المسلمين، وليس لتعليم غير المسلمين. فالمسلمون أنفسهم لا يعرفون هذه الأمور. ما معنى صحابي؟ هل الصحابي هو من أسلم وانتهى الأمر؟ لا، بل نُظِر إليه فأُحدِثت له عدالة في الرواية وليست في الشهادة. منهم من ارتكب المعصية، ومنهم من شرب الخمر، ولكنه يظل صحابياً. وعندما قال له: "يا رسول الله، اتركني أقتل هذا المنافق الذي يشرب الخمر كل فترة"، قال: "إنه يحب الله ورسوله عليه الصلاة والسلام. لا تيأس من رحمة الله". ولكن اعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم شأنه عظيم، ترك لنا القرآن،
وأبو بكر مباشرة. القرآن موجود لكنه يريد. أن يصنع مصحفاً فجمع القرآن في مصحف وشكّل لجنة علمية وجمع القرآن وجعل زيد بن ثابت يطلب شهيدين على كل آية هم يعرفونها، لكن كل آية يشهد عليها شهيدان حتى لا يكون فيها حرف زائد ولا حرف ناقص ولا أي شيء، ليقرأها صحيحة مائة في المائة، فذهب زيد بن ثبتت عملية
جمع القرآن على الشهادة، والشهادة معناها أن يأتي الشاهد وكأنه أمام محكمة القضاء فيحلف بالله أنه سمع هذه الآية من فم رسول الله مباشرة وأنها هكذا وأنه تلاها أمامه وهكذا. كان لكل آية بيان، فكل آية في القرآن هكذا. ألم يقل له تعالى من الذي... يشهد عليها اثنان يرفعون أيديهم ويأتون ليشهدوا فيضعها في ذلك الكتاب "لا ريب فيه هدى للمتقين". من يشهد عليها؟ اثنان يضعونها ويضعونها، وهكذا أكملوا بهذه الطريقة وهم يحفظون المصحف، وكل شيء في أمان
الله. وبعد ذلك "لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم فإن تولوا فقل". حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم. من هما هذان الآيتان في آخر سورة التوبة؟ معروف أن اللجنة كلها تقول هكذا. من الذي حضر وسمع هاتين الآيتين من رسول الله وأنهما في آخر سورة التوبة كما نعلم جميعاً؟ فقام خزيمة بن ثابت وقال: أنا أشهد، وفعل كذا، وفعلاً كان الأمر كذلك. مَن ثانٍ لم يرفع يده؟ كلهم يعرفونها أن هذا هنا الله. وبعد ذلك ماذا سنفعل؟ هكذا تكون الشروط التي وضعناها قد
اختلت هنا في هذا الموضع. ماذا نفعل؟ فأبو بكر جاء وقال: "ما الأمر يا خليفة؟" قالوا له: "هذه شروطنا سارت تماماً تماماً، ستة آلاف ومائتان وستة وثلاثون". نعم، هذا صحيح، ولكنَّ هاتين الآيتين لم يجدوهما. الذي عند خزيمة قال: سبحان الله، لا إله إلا الله، لقد سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول: "من شهد له خزيمة فهو حسبه"، شهادة خزيمة بشهادة رجلين. وبعد الفاصل نواصل: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله
والصلاة والسلام على سيدنا. رسول الله وآله وصحبه ومن والاه، قال أبو بكر: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من شهد له خزيمة فهو حسبه"، شهادة خزيمة بشهادة رجلين، وذلك معجزة. لماذا نقول معجزة؟ لأننا مؤمنون مصدقون، ليس عندنا لف ولا دوران ولا الشك المنهجي ولا الشك غير المنهجي ولا الحيرة ولا التيه. ومردود الفعل لديكم عندما نذكر هذا: واحد قال "الله أكبر" والآخر قال "اللهم صلِّ على سيدنا النبي"، وهكذا. هذه الأشياء تُغيظ بعض الناس، فيقول
لك: "ما تفكر؟" أنا أفكر في ماذا؟ حسناً، قل لي: أفكر في ماذا؟ هل من المستحيل أن رسول الله يخبر بالغيب عن رجل سوف نجده ونحتاج إليه؟ وهكذا، أما أنت فتريد الحيرة وتريد الشك، أنت حر، فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر، لكن ما الذي سيجعلني أتشكك هنا؟ هذه أمور حسنة، فما في أمانة الله تتماشى مع عقلي ولا يوجد فيها شيء مستحيل لا عقلاً ولا واقعاً. ماذا تريد أنت؟ لماذا أنت محتار؟ لماذا أنت محتار إذن؟ ما هو غير معقول، وما الذي هو غير معقول؟ أن يُخبر رجلٌ يوحى إليه بما سوف يكون، فيهيئ الله الذي نؤمن أنه الله الذي
أنزل القرآن، يهيئ خزيمة من أجل أن يحافظ على الآيتين. والله قد توعّد بحفظ القرآن، فما هي المشكلة لكي نحلها؟ هذا الأمر لا يدخل عقلي لأنه ضد المنطق. أي عقل، أي عقل، أهذا عقل يعني؟ هذا ليس عقلي والله! أهذا عقل؟ يعني أنت عقلك الذي لا يستطيع استيعاب هذا؟ ليس عقلك بل نفسك الحائرة. هل أنا مسؤول عن حيرة نفسك أو شيء ما؟ ربنا يهديك. ليس هناك شيء غير هذا. يا رب اهدني، يا رب اهدئ باله. أصلح حاله لأنه حائر مسكين وهو في عذاب الله الأليم، وسيظل حائراً هكذا. ما شأن خزيمة
بن ثابت؟ لقد فعل ما عليه. وماذا حدث؟ الذي حدث أن سيدنا النبي عليه الصلاة والسلام كان داخلاً المدينة ذاهباً في مشوار أو شيء ما، وبعد ذلك عندما دخل المدينة وجد أعرابياً معه جمل والناس تنظر إلى الجمل. هذا جمل جميل تبيعه لنا بدرهم، تبيعه لنا بدرهمين، يريدون أن يتفاوضوا على الآية على الأعراض. النبي يعرف قيمته لأنه هذا مثلاً أربعة دراهم. قال: أنقذ الرجل من أن يتورط ويبيع الشيء ذا الأربعة، يبيعه بدينارين أو بدرهمين أو شيء مماثل. تبيع يا أخا العرب؟ قال لهم: بكم؟ قال له: بأربعة، بأربع دراهم. قال
له: أنا موافق، هات الأربعة دراهم وخذ الجبل. قال له: حسناً، جره إلى المدينة. قال له: طيب، لأن الجمل يكون ليناً مع صاحبه ماسكاً خطامه ويمشي، والنبي يمشي أمامه. فعندما يمرون على قوم هكذا، يقولون له: أتبيعه يا أخا العرب؟ فيقول لهم: لا، بِع يا أخي. العرب لا تبيع يا أخا العرب، لا. وبعد ذلك بدأ الرجل عقله يدفعه دفعاً: "حسناً، أنا أبيع، وإذا كان هذا قد جلب في البداية أربعة، فسأبيع بخمسة أو بستة، وسأرى ما هذه القصة في البيع يا أخا العرب". قال لهم: "بكم؟" وبدأ يفكر في البيع، فالتفت
إليه النبي صلى الله عليه وسلم. يا حبيب يا رسول الله، وقال له: يا رجل، أنت لأجل أنك مشترٍ أخذتَ الأربعة دراهم وبعتَ واشتريتَ ونفذتَ ما تريد وانتهى الأمر؟ قال له: أمعك شاهد؟ قال له: لا، عندما اشتريناه كنتُ أنا وأنت وحدنا، والشاهد هو ربنا. يعني أمعك يا شاهد؟ قال: لا، ليس معي شاهد. طيب، خزيمة واقف على مسافة. هكذا قال: أشهد معك يا رسول الله أنك قد أعطيت هذا الأعرابي أربعة دراهم وأن هذا الجمل في ملكك. فقال له: أو رأيت أنت؟ هل كنت حاضراً معنا يا خزيمة حتى تشهد؟ قال:
يا رسول الله، أصدقك بأن الخبر ينزل من السماء من فوق سبعة أرقع، سبع سماوات، ولا أصدقك في ذلك؟ الأعرابي استحسن النبي إيمانه أن هذا رجل مؤمن وكذا، فقال: "من شهد له خزيمة فهو حسبه، شهادة خزيمة بشهادة رجلين عدلين"، فقال الرجل: "خلاص، أنا تبت إلى الله". قال: "هذا هو أنت؟ من أنت؟" قال له: "هذا رسول الله". قال له: "يا أخي، أصبح ربي! أنا ما جئت ومعي المقلب الخاص بي هذا إلا..." في سيدنا رسول الله واستسمحه وسلَّم له الجمل، وأخذ بعضه ومشى.
حدث حصل، من شاهدها أيضاً؟ أبو بكر. أبو بكر رأى كيف يتعامل الناس مع سيدنا، وكيف يحب الناس سيدنا، وكيف لا يتعامل الناس مع ظواهر الحياة الدنيا. حسناً، ماذا في هذه القصة؟ جائز عقلاً أنها حدثت، ولكن هل... هناك شيء فيها مثلاً كذب لا يوجد أبداً. يقول له: أنا أشهد، ولكن طريقة الشهادة مختلفة لأنها طريقة ليست بالبصر ولكن طريقة بالبصيرة. وكل هذه القصة مصنوعة من الإله الذي أنزل ومن الإله الذي حفظ ومن الإله الذي قال، ومن هذا الإله، ما الذي سيجعلني...
كمؤمن أتشكك في القصة بأكملها وأقول إذا كان القرآن قد زيدت فيه هاتان الآيتان، فأنا كمؤمن ليس لدي هذا التصور. القرآن ليس فيه زيادة، وكل هؤلاء الناس كانوا يعرفونه جيداً ويعرفون هاتين الآيتين. الآيتان جميلتان جداً، وهما تتحدثان عن سيدنا - هل تدرك كيف؟ - وتصفانه وصفاً جميلاً. والقرآن لم يُحرّف بهذه السهولة، لا. بالعلم، ها أنتم الذين بالذراع، أنتم الذين تنكرون، تنكرون بالذراع، أنتم ليس لديكم حجة إلا أن عقلك مغلق. افتح عقلك، افتح قلبك. عماد الدين
واضح جلي، فعلاً محجة بيضاء. هيا نذهب إذاً ونترك هذا العماد كله والشاهدين والكتابة، أخذتموها من اللحاف ومن الورق ومن الكاغد ومن كذا وأصله. روى أبو داود في كتاب المصاحف رواية بأن بريرة قالت إن صحيفة من المصحف أكلتها معزة، وبالتالي يكون القرآن ناقصاً. حسناً، لم يحدث أن أكلت المعزة الصحيفة، إذ أن مصاحفهم في صدورهم وليست في
الورق، فهم حافظون له. فقام أحدهم وقال: في العلم لدينا أن الشخص إذا كان يحفظ شيئاً ثم مرت عليه فترة... مضى عليها ثلاثة أشهر أو أربعة أشهر وقلنا له أن يقولها مرة أخرى، فقام بقولها بطريقة مختلفة. نعم، هذا عندما يكون قد حفظ حادثة أو واقعة أو شيئاً ما. والسادة وكلاء النيابة يعرفون هذه المسألة جيداً، لذلك في كل مرة يحققون فيها يحاولون أن يسألوا الأسئلة بمهارة لكي يعرفوا ما الذي حدث فعلاً. أما هؤلاء الناس فهم يحفظون الكلام حفظاً. مثلما يُحفظ الشعر هكذا، وعندما يُحفظ الشعر، فنحن نحفظه منذ المرحلة الابتدائية والإعدادية وما إلى ذلك. إن الشعر الذي نحفظه حتى الآن: "إن الذي سمك
السماء بنى لنا بيتًا دعائمه أعز وأطول، بيتًا بناه لنا المليك، وما بنى رب السماء فإنه لينقلب". هذا من شعر حافظ إبراهيم. هاك أربعون سنة أو خمسون سنة، ما الأمر؟ عندما نرجع، إن الذي رفع السماء بيتاً بناه لنا المليك. وما بنى حكم السماء ولا حكم السماء ولا رب السماء. انظر إلى الوزن، "حكم السماء" سيكون الحكم هنا مجازاً، يعني "حكم السماء" سيكون ربنا، يعني "حكم السماء" هو ربنا، إلى آخره. هناك ما أنت حافظه وهو يعني لا يتغير، ونحن حافظون للقرآن، نعم، من الممكن أن
يتفلت منا، فنذهب ونفتح المصحف فنجده كما هو حقاً، هكذا، هل انتبهت؟ ونحن جالسون طوال النهار. وماذا فعل المسلمون إذن؟ يقولون لك: القرآن غالب، القرآن غالب، فالقارئ حالب والسامع شارب، يعني القارئ مسكين يبذل جهداً. مجهود والمستمع يشرب على ماذا؟ على الشيء! فالمستمع يكتشف الخطأ أكثر من القارئ، لأن القارئ بداخله هكذا كل هذا الكلام نقول: نعم موجود، ولكنه لا علاقة له بنقاء نقل
القرآن بهذه الكيفية العجيبة الغريبة. إلى لقاء آخر، أستودعكم الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.