حديث الجمعة | الدكتور علي جمعة يتحدث عن النص وتفسيره وتطبيقه والفارق بينهم | كاملة

حديث الجمعة | الدكتور علي جمعة يتحدث عن النص وتفسيره وتطبيقه والفارق بينهم | كاملة - تفسير, مجلس الجمعة
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه مع المحجة البيضاء التي تركنا عليها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ونحن نتأمل فيها وفي ما وفق الله علماء الأمة وأتقياءها وأولياءها ومفكريها لبناء هذا الصرح العجيب الذي أيد به رسول الله صلى الله عليه وآله
وسلم فكان رسولاً مؤيداً من عند ربه صلى الله عليه وآله وسلم. نعيش هذه اللحظات. تكلمنا على أنه يجب عليك وأنت تقرأ نتاج الأمة بمصادرها من كتاب ومن سنة ومن علوم ومن تاريخ ومن مواقف ومن حضارة أن تلتفت إلى أنها مكونة من ثلاثة من العقل. ومن العقل ومن النقل ومن الذوق ولا تنسَ واحدة منها وإلا فإنك
ستفهم فهماً ناقصاً. كل من أنتجوا وأعطوا شيئاً للأمة كانوا يلتزمون بالعقل ويلتزمون بالنقل ويلتزمون بالذوق بدرجات متفاوتة واهتمامات مختلفة ونِسَبٍ قد تختلف من شخص إلى آخر، ولكن في النهاية لا يمكن إنكار ولا يمكن إغفال شيء من الأمة في خير حتى جاء بعضهم ليقدم النقل على العقل أو أن يلغي
النقل أو أن يلغي العقل أو أن يسلط الضوء فعرفنا بضلالة تكتشف الضلال من هؤلاء إذا رأيته يريد أن يهدم واحدة من هذه الثلاث. أحدهم يريد أن يقول لك بلا نقل وبلا غيره، هذه مسألة زمنية تعرّف طالما أنها ضلالة لأن العقل يحكم بغير ذلك. العقل يحكم بتجريد النقل، تجريده من ماذا؟ من الزمان ومن المكان ومن الأشخاص ومن الأحوال، فيرى فيه المطلقة، ثم يعيده مرة أخرى على
ما قام فيه من عصر، فيعرف كيف يطبقه في عالم الأشياء والأشخاص والنظم والأفكار. إذن كيف يكون ذلك بهذه لا يمكن إنكار النقل لأن هناك فارقاً بين النص وبين تفسير النص وبين تطبيق النص. فالعقل هذا نعمة، لكنه إذا أردت أن يعمل في الفراغ فقد هدمته. إذاً أنت تحكم على دعواك بالبطلان قضايا وبطلانها معها. يعني كامرأة
تحيك التريكو، فانفلتت الإبرة من الحياكة فانفرط الكل. بعد يا عيني، بعد التسع شهور تبنيه، نقضت غزلها فصار أنكاثًا. إنه مثل هذا تمامًا، أي إنه يدعو إلى العقل بطريقة تهجم على العقل بالمطلق. هذا ما نحن فيه من تناقض. استعمل فيه كلمات رنانة، هي أساس وجودنا: العقل. لكن
ماذا يريد من هذا العقل؟ يريد منه الانفراد. حسنًا، ولكن لا يكون العقل [منفرداً] على الدوام، فالعقل المنفرد لم يعد عقلاً. إذاً ما اسمه؟ إنه الهوى، إنه الفوضى الخلاقة. حسناً، هل تدعو إلى عدم استخدام العقل؟ لا، أنا أقول إن العقل أساس ديننا وأساس حضارتنا وأساس حياتنا. أقول هذا، أنا أؤكد على أهمية العقل أيضاً. نعم، كلمة حق أريد. بها باطل، انظر إلى كلام سيدنا العالي المنير سيدنا علي، كان منيراً. فعندما سمع الخوارج وهم يقولون: "لا حاكم إلا الله"، ماذا نريد أن نقول؟ يعني أأقول
لا، ربنا ليس حاكماً؟ بل ربنا حاكم، ولكن أنت قلتها لماذا؟ لكي تهدم الدنيا على من فيها، لكي تقول إن البشر ليست لهم والقيادة والتنظيم والرعاية والعناية تصبح بلاءً، يصبح فوضى، يعني كل شخص يفهم ما يريده. إن الخوارج كانت تريد ذلك، كل شخص يفهم ما يريده. قال له: لا، يصلح يا بني، أنت تريد أن تنشئ من كل شخص رسولاً، ونحن نقول خاتم النبيين. لذلك، أنت لو... فعلت ما تفعله هكذا، ستجد كل شخص يصلي وهو جالس. ما بك؟ قال: لا شيء، لكن مزاجي هكذا. أرى أنه لماذا التعب فقط؟ هكذا الإنسان يقوم وتجده يصلي بدون
وضوء. أنا أفهم أن الوضوء هذا يعني سنة، يعني ليس فرضاً. وتجده متزوج بثمانية عشر، لماذا كفالة الشر؟ قال اثنين وثلاثة وأربعة، جمعناهم فكانوا تسعة. قال: لا، فمثنى تعني اثنين فيصبحون ثمانية عشر. قُل يا رب الله! حسناً، أخوك يقول إنهم ستة وثلاثون. قال: لماذا؟ قال: لأنه يقول إنها اثنان أربع مرات، يعني لن ننتهي من كلام يؤدي إلى اختلال الأمن. المجتمعي واختلال العقل يعني أنه لا يوجد عقل، بل هذا هوى. "أفرأيت من اتخذ إلهه هواه" أو هو
هكذا هوى وليس عقله، هذا اسمه هوى. إذاً ما هي المشكلة؟ المشكلة هي اللغة، أن تسمي الشيء بغير اسمه. وإذا سميت الشيء بغير اسمه ستعطيه حكماً آخر، وستتعامل معه تعاملاً آخر، وهذا عبارة عن ضلالة يدعو إليها المدارس المتطرفة فيما بعد الحداثة ممن يدعون إلى الحكومة العالمية وإلى التحكم التام في البشر وإلى يقول لك: "اللغة غيروها"، من الذي قال لك أن هذا ذكر وهذا أنثى؟ قلت له: "اللغة نسميها هذا ذكر وهذه أنثى"، قال: "لا، اجعلها جندر (نوع) لأجل..." لا يكون هناك تحيز.
ماذا؟ هذا ليس تحيزاً، هذا وصف. التحيز يكون في المعياري وليس في الوصفي. فحضرتك، هذا ليس تحيزاً أن أسمي الأمور بأسمائها، أن هذه سماء وهذه أرض، أن هذا كتاب وهذه كراسة، الكتاب ممتلئ والكراسة فارغة لنكتب فيها، أن هذا قلم وهذا حبره. إذن هذا ليس تحيزاً، بل هو وصف. أما التحيز فهو أن أعطيه حكماً مخالفاً للحكم الخاص به عند آخر. نختلف في الحكم لكن لا نختلف في الوصف. فرويد يصف لي النفس اللوامة الأمارة بالسوء، قلت له: صحيح. قال لي: أنا أريدها الآن أن تنطلق، وأن تفعل ما تريد أن تفعله.
قلتُ له: لا، هذا خطأ، لأن هذا وصف، لكن هذا معيار. والنفس كالطفل، إن تهمله شبَّ على حب الرضاع، وإن تفطمه ينفطم. هذه هي الحكاية. إذاً، دعواهم لاستقلال العقل ترجع على دعواهم هم أنفسهم بالبطلان. من الذي لاحظ هذه الحكاية أن بعض الدعاوى ترجع على بعضها بالبطلان؟ أرسطو لاحظها، وماركس كلهم لاحظوها واضحة، الحكاية يعني أنت تقول: "أقول بقول ماركس"، إن كان حقاً، الله هو. عندما يقول أحدهم صدقاً هكذا ويخرج
إنجلز أو ماركس أو نيتشه أو أي شخص، سأقول به لأنني أقول بالحق، لا أقول بكلام فلان وعلان. إنني أقول إنه عرف هكذا الحق جزءاً. صورة من صوره، هذه هي الحكاية. فنقول له: نعم، ولكنني أوافقك في الوصف لكنني لا أوافقك في المعيار. فإذا استقل العقل، كرَّ على نفسه بالبطلان وتحول من هذا الاسم في اللغة إلى اسم آخر وهو الهوى. والهوى نؤمر أن يكون تابعاً وليس متبوعاً. انتبهوا، الهوى لا... بد
أن يكون تابعاً وإلا يكون متبوعاً، وبعد الفاصل نفصل هذا: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. إذا استقل العقل بنفسه كان هوى، هذا الهوى يقول فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه عندما جئت
به سيعود العقل مرة أخرى، والهوى مرة أخرى، متبوعًا أو تابعًا لا متبوعًا. انظر إلى كلام سيدنا: "لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه..." أي هوى هذا؟ الهوى يعني العقل والمعلومات السابقة والكلمات هذه، تابعًا يعني تابعًا لما جئت به. "لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة". لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيراً، يصبح هواه موافقاً، يسير وراء ويتبع سيدنا
النبي، فيعود مقيداً وليس مستقلاً. وأين سيدنا النبي؟ إنه في النقل، فيعود مرة ثانية مقيداً، فعاد مرة أخرى إلى العقل. لم يعد هوى منهياً عنه، بل أصبح عقلك المستقل قد جعلته غير مستقل، فخرج. من دور الاستقلال إلى دور التبعية، قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله، فهذا الذي تدعونا إليه من استقلال العقل، هذا الاستقلال الذي يعود على العقل بالبطلان لغةً
ويخرجه من إطار العقل الذي يعقل صاحبه ويؤدي به إلى الحكمة، إلى الهوى. يعني تقول لنا تعالوا اتبعوا الهوى، حسنًا، لماذا ما الأمر إذاً؟ فكل واحد منا قال: لا، هذا هو الهدف البعيد أن نختلف ولا تكون هناك قواعد، كل شخص وهواه، كل ما يريده، ويعيش كما يحلو له. كيف تكون المسألة لعبة؟ إن هذا الأمر دين، فانظروا ممن تأخذون دينكم. دينكم. أنت تريد الآن أن تجعلنا نسير بلا
ضابط ولا رابط، فما الذي سيكون في أمر الدين؟ الدين علم. قال: لا، الدين ليس علماً. انظر، يا أبناء، هي كلها واحدة. إياكم أن تعتبروا الدين علماً، هذا ليس علماً. العلم هو الكاميرا، الفيزياء، الطب، الرياضة، الأشياء مثل ذلك. لكن الدين "علم إنما يخشى الله من عباده العلماء فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون وقل رب زدني علماً وفوق كل ذي علم عليم. نعم، العلم! أجل! فماذا غير ذلك؟ إنه العلم. يعني قال الله. هذا أنا بصلاح سمانك تراه. ما به؟ أنت أفضل مني عند الله في السلوك ولكنك أعلمُ أنه لا
يَحدثُ شيءٌ إن كنتَ عابداً فتدخلُ الجنةَ قبلي وفي مرتبةٍ أعلى مني، لكنَّ العلمَ له قواعدٌ ومناهجُ ومفرداتٌ واصطلاحاتٌ وكتبٌ وطريقُ تلقٍّ وصياغاتٌ وطرقُ استنباطٍ وهكذا، وله شروطٌ في باحثه، إنه منهجٌ علميٌّ. فالدينُ علمٌ والتدينُ سلوكٌ. سلوكٌ. فلا نخلط بين الدين والتدين، حيث نذهب دائماً لنسأل فيقال لنا: "لا، الدين ليس علماً" وهذه مسألة أساسية. إذاً ما هو الدين؟ كل شخص يعيش مع نفسه، وبماذا سيعيش مع نفسه؟ قال: بالعقل، الذي هو المستقل عن النقل، وبالذوق أيضاً. فأصبح لا يوجد ضابط
ولا... في رابط وكرّت الدعوة في نهايتها على بدايتها بالبطلان أصبح كلاماً باطلاً، هذا ما نستفيده من التأمل في هذا الخضم الهائل مما تركه لنا الآباء والأجداد رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم، وأقامنا الله لنقل هذا الدين بصورة لافتة للنظر إلى من بعدنا من العالمين، هذا الدين الذي لم يُترك. لنا هذا الموروث فيه أشياء مهمة جداً للغاية، من ضمنها التجربة الإيمانية الذوقية في أن
تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك. وهذا يُحدِث في القلب أذواقاً، ويكشف في القلب أسراراً، ويتنزل في القلب أنواراً، وتحدث به فهوم ومعانٍ وإشراقات وإرشادات وإشارات. في الجسد وما حوله كرامات. من قال أن الذوق ليس مكوناً من مكونات الإنسان حتى يصير هذا الإنسان الربان الذي هو جسد وروح ونفس ناطقة؟ كيف
تجعلونه بهيمة لم تُخلق إلا من التراب كما خُلقت البهائم والبقر والإبل، وتريدون التساوي؟ لا، التساوي ليس في خلق الله، إنما المساواة مساواة الذي... جعلت النبي عندما يرى جنازة يهودي يقف، فقالوا له: "هذا يهودي يا رسول الله"، قال: "أليست نفساً؟ لقد كرمنا بني آدم". فوجب دفن الموتى، سواء كان مسلماً أو غير مسلم، لا يضر. حتى المشركون الذين جاؤوا ليستأصلوا شأفتنا ويقضوا علينا، كان دفنهم في القليب في بدر واجباً
إكراماً لبني آدم نحن أمام ثلاثة أمور نحفظها، ولا يدخل أي أحد علينا بدجل وتلفيق كلام: العقل، والنقل، والذوق. وبعد ذلك نواصل إن شاء الله. فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. اشتركوا في