حديث الجمعة | الدكتور علي جمعة يوضح علامات الساعة الكبرى وكيفية الاستعداد لها

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه مع المحجة البيضاء التي تركنا عليها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نعيش هذه اللحظات عسى أن تتنزل على قلوبنا السكينة وأن تحفنا الرحمة وأن تحيط بنا الملائكة الكرام وأن يستجيب الله سبحانه وتعالى دعائنا وأن
يقبل أعمالنا وأن يستر عيوبنا وأن ينور قلوبنا وأن يغفر ذنوبنا إنه على ذلك قدير وبالإجابة جدير وأن يجازي عنا النبي صلى الله عليه وآله وسلم خير ما جازى نبيا عن أمته ورسولا عن قومه فاللهم يا ربنا صل وسلم عليه صلاة وسلاما ترضى بها عنا وترضيه عنا صلى الله عليه وآله وسلم تكلمنا عن علامات الساعة وأن منها علامات صغرى بدأت بمبعث النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهو الخاتم لما سبق
بدأت وكان يقول بعثت والساعة كهاتين في القرب بدأت وهو الذي يقول أنه بعث بعد صلاة العصر يعني الشمس مائلة للغروب وعرفنا أن اليوم عند الله سبحانه وتعالى في الملأ الأعلى منهما يساوي خمسين ألف سنة في حياة الأرض، فإذا مضت خمسون ألف سنة وكأنه قد مضت أربع وعشرون ساعة في السماء. يوم تعرج الملائكة والروح إليه في يوم
كان مقداره خمسين ألف سنة. فاصبر صبراً جميلاً، إنهم يرونه بعيداً ونراه قريباً. فلو سُئلت كم لبثت ورأيت أن الحقيقة وقد عشت مائة عام إنك قد مكثت ثلاث دقائق لا أكثر. تعجبت من قلة ما مكثت وتعجبت من نفسك كيف لم تصبر على العبادة وعلى الخير وعلى الذكر وعلى الفكر. كيف لم تصبر لمدة ثلاث دقائق بالرغم من أن الرحمن الرحيم يدخلك جنات النعيم بهذه الدقائق الثلاث، تتعجب.
أنهم يرونه بعيداً مائة سنة ونراه قريباً، كم لبثتم؟ قالوا لبثنا يوماً أو بعض يوم، حتى أنهم عندما يكتشفون الفرق بين اليوم وبعض اليوم وبين الحقيقة يقولون: فاسأل العادين، هم أعلم. لو عرفت هذه الحقيقة لهانت عليك الدنيا ولهان عليك بلاؤها ولأواؤها، ولعرفت أنك مهما عشت فيها فإنها لا تساوي. عند الله جناح بعوضة، ولعرفت أن صبرك ليس هو بالمكان الأجل، فإن
أحدكم لا يدخل الجنة بعمله لأن عمله لا يساوي شيئاً في مقابل دخول الجنة. دخول الجنة سيكون بالرحمة. قالوا: حتى أنت يا رسول الله؟ قال: حتى أنا. ما وصلنا إليه، لا توجد مسافة قطعناها. هذا النبي جلس دقيقتين أو أربعة. وستون سنة بالقمر تعني دقيقتين فقط، صلى الله عليه وسلم قال: "حتى أنا إلا أن يتغمدني الله برحمته". فما فائدة هذا العمل إذن؟ قالوا: في اختيار بيوت الجنة. فيكون ذلك بعد دخول الجنة، أما قبل دخول الجنة فلن يدخل الجنة
أحد بعمله، وإنما برحمة الله. دخلنا الجنة، أعجبتني. قطعةٌ ما في الجنة، فيقولون لي: "نعم، خُذها" أو يقولون لي: "لا، هذا شخصٌ نظَر إليها وتطلَّع إليها، وكان يصلي أكثر منك، أو يذكر الله أفضل منك، أو يعمل الخير أكثر منك". فما دام هناك نزاع بيني وبينه على هذه القطعة، فسيُرجِّحون صاحبَ العمل الراجح الصحيح. أما دخول الجنة، فسندخلها. برحمة الله دخلنا كلنا برحمة الله وفضله ومنته سبحانه وتعالى. التخاير في الأماكن والبيوت داخل الجنة
هو الذي سنرى فيه كيف سيكون شكل عملك. النبي صلى الله عليه وسلم تكلم عن العلامات التي أسميناها بالصغرى وعن علامات أخرى أسميناها بالوسطى، أغلبها انحراف عن العمل الصالح وأغلبها أنواع من الفساد. كشيوع الرشوة أو شيوع الربا أو شيوع ترك الصلاة أو شيوع أمثال هذه المعاصي أو المفاسد التي تكتنف الناس وفعلها لم ينقطع، فقد
شُرِبت الخمر في عهده صلى الله عليه وسلم وانحرف الناس بكل أنواع الانحراف الذي لا يخرج عن الملة في عهده، ولكن الشيوع أمر آخر، أرأيت لو أن المعروف صار منكرًا والمنكر معروفًا. قال: "أوكائن ذلك يا رسول الله؟" قال: "هو أشد من ذلك". يكون - أي يبقى - إذا هناك شيوع للمعصية أو لعدم المعونة على الطاعة. يعني نحن مازلنا والحمد لله في عصر نجد المعونة فيه على الطاعة. في رمضان مثلاً، نجد المساجد مهيأة
للتراويح، ونجد التلفزيون والراديو. وكذا إلى آخره يتهيأ إلى المغرب ومدفع الإفطار نجد الناس وهي تكلمك تأخذ مواعيد يقول لك حسناً بعد الإفطار إن شاء الله أو بعد العشاء بعد التراويح طيب وهكذا نجد أنه ما زال هناك معونة على الخير الحمد لله لكن هذا يا عيني نراه واضحاً في رمضان وليس في غيره. في رجب أو شعبان، هل تلاحظ أن الدنيا مليئة بالملاهي التي تركوها كما هي؟ لكن رمضان ما زال فيه معونة، وما زالت فيه معونة في بلادنا. لكن إذا ذهبت
إلى بلاد أخرى، تجد أن هذه المعونة غير موجودة، وتشعر بهذا الشعور وتقول: "سبحان الله، نحن في رمضان في مصر يا..." أخي ما أجمل هذا المذاق! إنه ذلك المذاق الذي تجد فيه معونة على الخير وتشجيعاً، فنقوم لنصلي التراويح وهكذا. أي تشجيع وأي معونة هذه! تخيل أنها كانت موجودة في السنة كلها، حتى أن البرنامج اليومي للناس كان مبنياً على هذه المعونة، فالفجر كل الناس مستيقظون يعملون. فعندما تخرج تجد الحياة، فإذا أردت
أن تفطر، ستجد كل محلات الطعام تعمل، وإذا أردت أن تصلي، فالمساجد مفتوحة. قبل الفجر بوقت قصير، المساجد مفتوحة وعامرة بالمصلين. وإذا أردت أن تدرس أو تفعل أي شيء آخر. بعد الفاصل نرى البرنامج. صلى الله على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. كانت هناك معونة على الخير، فإنكم تجدون عونًا على الخير وهم لا يجدون. هكذا قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم، فكان البرنامج اليومي للمسلم أنه يستيقظ قبل صلاة الفجر فيتوضأ ويذهب للصلاة فيصلي. كان عندنا في الأزهر يدرسون السيرة بعد الفجر، بعد أن ينتهوا من صلاة الفجر يجلسون ليدرسوا السيرة النبوية الشريفة، وبعد ذلك عندما يأتي وقت الشروق يقومون ليصلوا ركعتي الإشراق. الإشراق هذه التي هي مقدمة الضحى، هو جالس في مصلاه يستمع إلى الدرس حتى الإشراق، حُسبت له عمرة. انظر، انظر، انظر! ها، عائش طوال النهار بهذا البرنامج، هو
يقوم ليصلي ركعة الإشراق، يكون في درس، ينتقل من هنا إلى هناك، وبعد ذلك يدرس الأصول، أصول الفقه، فيكون ذهنه حاضراً هكذا ومتيقظاً تماماً، قم. أصول الفقه صعبة قليلاً وتحتاج إلى تركيز، فليقرأ هكذا بعد الإشراق بعد ركعتي الإشراق، وبعد ذلك عندما ينتهون من أصول الفقه يبدؤون في الفقه، ويستمر الفقه حتى الساعة الحادية عشرة فينتهي الأستاذ. بعد الفقه كانوا يدرسون مباشرة المنطق، فيذهب إلى أستاذ آخر، هو لا يريد أن يدرس المنطق بل يريد أن يدرس الفقه. فيقوم من الأستاذ هذا فقه، ويذهب إلى الأستاذ الثاني الذي هناك فقه، وينتهون
عند الساعة الحادية عشرة. الساعة الحادية عشرة استراحة، التي سمّيناها في المدارس فسحة. هل انتبهت؟ يذهبون إلى البيت، يذهب إلى البيت وينام. ماذا تُسمى هذه النومة؟ القيلولة، وهذه القيلولة تساعد على قيام الليل. الساعة الحادية عشرة والربع. الحادية عشرة والنصف فينام له أربعين دقيقة، ثم يقوم ليؤذن لصلاة الظهر. وعندما يؤذن لصلاة الظهر، لا يقيم المسجد الصلاة مباشرة بل يقيمها في الساعة الواحدة حتى أتمكن من الاستيقاظ. أنا تناولت فطوري متى؟ في الساعة الثالثة صباحاً، والآن أصبحت الساعة
الثانية عشرة والنصف، فقد حان وقت الغداء. فأتغدى وأتوضأ وأذهب إلى المسجد لأصلي. الظهر وبعد الظهر نبدأ الدروس مرة ثانية، فكأننا عشنا اليوم يومين، فكان فيه بركة. نعمل كل هذا من متى؟ نأخذ الإجازة في الخامس عشر من شعبان وأمامنا رمضان، والخامس عشر من شوال ثم نعود. إذاً، كم شهراً ندرس؟ سبعين علماً كان يُدرَّس في الأزهر الشريف. كيف كان النمط؟ كان الساعة... غروبية عربية وليست إفرنجية، وهي تعني أن الساعة الثانية عشرة منتصف الليل التي نسير عليها الآن. فكيف كان الأمر قديماً؟ كانت
الساعة تُضبط على الثانية عشرة عند غروب الشمس. عند غروب الشمس تُضبط على الثانية عشرة، فيصبح لزاماً عليك أن تضبط ساعتك كل يوم يا عزيزي. لماذا تضبطها إذن؟ لأنها معونة لتقسيم الليل: الساعة الأولى من الليل، الساعة الثانية من الليل، الساعة الثالثة من الليل. وبذلك تعرف فوراً أين منتصف الليل، وتعرف فوراً أين ثلث الليل الذي ينزل ربنا في ثلث الليل الآخر، وتعرف فوراً أي ساعة هي الساعة الأولى من اليوم حتى. تذهب صلاة الجمعة في الساعة الأولى فكأنما قرَّب بَدَنًا، كأنهم يعيشون الدين ويعيشون المكان. إذا
كان هناك معونة، معونة تعيد الناس، لا تذهب إلى الديوان في الوظيفة الساعة الحادية عشرة فتجد الموظف لم يأتِ بعد. لماذا؟ غلبه النوم. لماذا؟ لأنه جالس يشاهد برنامج حواري يشتم فيه الأزهر وأخذ... انتبه لكلامٍ تضحك منه الثكلى وتُسقِط منه الحُبلى ويشيب منه الأقرع. والله، إلى أي مدى؟ إلى الساعة الثانية ليلاً وهم جالسون يشتمون الأزهر، يسبحون على المسبحة شتيمة الأزهر! يا للخيبة! هل يوجد أحد
يفعل هكذا بعلمائه؟ إنه من علامات الساعة، إنه من قلة الدين. من تصدر الرويبضة يقول لك وتتصدر من ضمن علامات الساعة وتتصدر، وينطق الرويبضة كلمة غريبة على بعض الصحابة، قالوا له: ما الرويبضة يا رسول الله؟ هذه الكلمة غريبة قليلاً، ما هي الرويبضة؟ قال: الرجل التافه يتكلم في الأمر الجليل. الله الله، ولذلك تجد جماعة الأزهر يعرفون. هذه الأمور يحفظونها ثم ينطق الرويبضة كلما شاهدوا برنامج الحوار هذا فيقول: "صدق رسول الله"، مع
أن المذيع لا يفهم شيئاً، ولا الضيف يفهم شيئاً، ولا الذي يتدخل يفهم شيئاً، ولا الذي يدافع يفهم شيئاً، ولا الذي يشتم يفهم شيئاً. إنا لله وإنا إليه راجعون. وبعد ذلك يقول لك: الله أعلم. هو يا أخي الأزهر غير راضٍ أن يستجيب لنا لماذا؟ كلامكم يا إخواننا مضحك، من دون أسس، من دون علم، مخالف للواقع. كلامكم لا علاقة له بالواقع. إنه ليصعب علينا أن الله قد أضلكم وأعمى بصائركم إلى هذا الحد. ولكن هذا من علامات الساعة وأن ينطق الرويبضة. لطيف جداً واحد. قال:
"يا إخواننا انظروا في كتاب هنا عليه اسم أسامة بن زيد وهو ماسك - والعياذ بالله - سيفاً، والعياذ بالله سيفاً. وها هو عقبة بن نافع." وأحضر كتاباً آخر وأخذ يفعل هكذا. إنه يشبه الساحر الذي كان عندنا في الحي في البلد، شخص يُسمى الساحر، يقوم بألعاب الخفة والشعوذة. ويعمل بعض الألاعيب هكذا ثم قال هذا يمسك سيفاً وهذا يمسك سيفاً لماذا؟ من درس مخترع البنسلين فالمرء يضحك حتى يستلقي على قفاه. لماذا؟ من هو مخترع البنسلين؟ ألكسندر فلمنج. ألكسندر فلمنج حصل من ملك إنجلترا وكان
مشاركاً في الحرب العالمية الأولى، حصل على رتبة فارس لأنه قاتل مع إنجلترا، والوسام. الذي أخذ من الملك مرسوماً عليه سيف، حسناً، وماذا بعد؟ بعد أن ندرس ألكسندر فلمنج ولا ندرس أسامة بن زيد؟ حسناً، فهذا في يده سيف يا عزيزي، هذا في يده سيف. ماذا نفعل إذاً في تلك اللحظة؟ سيادتك ستشعر بالقهر، سلامتك سلامتك، إنك ستشعر بالقهر هكذا، إذاً سيادتك... لا، أنت تعلم. البنسيلين، أتعرف مَن الذي اخترعه؟ أتعرف متى
توفي؟ أتعرف أين كان؟ أتعرف ما قصته؟ هل رأيت الفرق بينك وبين الأزهر؟ الأزهر يعرف وأنت لا تعرف. ويعرف أن أليكسندر فليمنج عندما أخذ جائزته من الماء كان معه سيف. حسنًا، هذا هو سيف نشر الحق. ظلاله عمرنا ما اعتدينا إنما دخلنا بقوة، قلنا لهم احذروا واتركوا الناس حرة. قالوا: لن نتركهم، سنقتلكم ونقاتلكم. الذين هم الآن يسمونها أمريكا شرطة العالم. شرطة العالم لأي شيء؟ قال: في الحق. حسناً، لقد كنا نحن شرطة العالم في الحق لأننا وظفنا القوة للحق. حسناً
يا جماعة هذا... قدرنا وينطق الرويبضة من علامات الساعة، إلى لقاء آخر، أستودعكم الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.