حديث الجمعة | حكم صلاة وصيام المرأة الحائض…الشيخ علي جمعة يشرح الاسباب ورد السيدة عائشة

حديث الجمعة | حكم صلاة وصيام المرأة الحائض…الشيخ علي جمعة يشرح الاسباب ورد السيدة عائشة - مجلس الجمعة
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه، مع المحجة البيضاء التي تركنا عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم، ليلها كنهارها، لا يزيغ عنها إلا هالك. نعيش هذه اللحظات عسى أن يغفر الله لنا ذنوبنا وأن يستر عيوبنا وأن ينور قلوبنا. وأن ييسر غيوبنا إنه على ذلك قدير وبالإجابة جدير، وندعو الله سبحانه
وتعالى ونسأله أن يؤتي سيدنا محمداً الوسيلة والفضيلة والدرجة الرفيعة، وأن يبعثه المقام المحمود الذي وعده، فقد بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح للأمة وجاهد في سبيل الله حتى أتاه اليقين، فاللهم جازه عنا خير ما جازيت نبياً عن. أمته ورسولاً عن قومه، تكلمنا في المحجة البيضاء هذه عن حديث جبريل، وفي هذا الحديث هناك كلام عن الإيمان وعن الإسلام وعن الإحسان، وكيف أن الأمة حفظت
إيمانها بعلوم، وإسلامها بعلوم، وإحسانها لربها بعلوم. وفي شأن الإسلام والإحسان تكلمنا عن علم التصوف، وأنه كان منه تصوفاً سلفياً وتصوفاً سنياً وتصوفاً. فلسفياً وكان لكل مدرسة روادها ومشايخها الذين أرادوا أن يواجهوا العالَمين في تجربتهم الروحية بعدما دخل الإسلام من الأندلس إلى الصين. أرادوا أن
يجيبوا عن كل سؤال خطر في بال أي أحد من العباد، ولذلك دخل الناس في دين الله أفواجاً ورأيناهم خاصة في شرق آسيا يدخلون ويؤمنون ويلتزمون بالكتاب والسنة. ووجدوا إجابة عن كل سؤال خطر في قلوبهم فاطمأنت قلوبهم بذكر الله واستلذوا الإسلام، ولما سمعوا القرآن تعلقوا به. وإلى يوم الناس هذا، في التصادف السلفي،
كان هناك الأئمة الأربعة، وكان هناك الفضيل بن عياض، وكان هناك إبراهيم بن أدهم وأمثالهم من الأكابر الذين كانت الدنيا في أيديهم ولم تكن. في قلوبهم والذين أكرمهم الله سبحانه وتعالى بحسن العبادة والذين علموا الناس معنى الأخلاق الكريمة التي بعث بها رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله: "إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق". ومن هذه التجربة في السلف الصالح بدأ
الحال للتحول إلى علم له مصطلحاته وله مفاهيمه وله قواعده وله أحكامه. ولهُ تَراتيبُه، فرأينا الإمامَ القُشَيري وهو يُؤلِّف "الرسالة"، والإمامَ الغزالي وهو يُؤلِّف "إحياء علوم الدين"، ومكي ابن أبي طالب وهو يُؤلِّف "قوت القلوب". رأينا أمثالَ هؤلاء الأئمة الذين كانوا فقهاءَ علماءَ يُؤلِّفون في حماية هذا الجانب من الدين، ويُعظِّمون أمرَهُ، ويجعلونه هو المُراد
لله سبحانه وتعالى أن نُزكِّي أنفسنا من. كل قبيح وأن نحلي قلوبنا بكل صحيح وسجلوا تجاربهم في عبادتهم وعرضوها على الكتاب والسنة وقرأوا الكتاب والسنة بعين أخرى غير العين التي تقف عند النص دون أن تغوص فيما يفتح الله سبحانه وتعالى به على عبادة المؤمنين، عاشوا مع القرآن الكريم وأخذوا يدونون هذا الحال ولكن أعينهم لم تكن. غائبة عن واقع الناس وعن فساد الزمان وعن تكاثر البشر وتكاثر
الفتن وعن بُعد الناس عن كتاب الله وعن سنة رسول الله وعن اللغة التي نزل بها الكتاب والسنة، وكانوا في كل وقت وابتغاءً إلى أن يصلوا إلى المقصد يطورون ويغيرون بالزيادة على نفس القواعد للوصول إلى مرادهم ومقصودهم وهو... الله، ولذلك حفظوا سند التصوف، يروونه عن اثنين من كبار الصحابة الكرام. السند الأول عن الحسن البصري، والحسن كانت أمه تخدم أم سلمة أم المؤمنين عليها
السلام، فتربى في بيتها وأخذ العلم صغيراً ممن قال فيه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "أنا مدينة العلم وعلي بابها"، فأخذ العلم. عن علي بن أبي طالب الفتى الغالب إمام الأئمة، وكان سيدنا علي أول من أسلم مطلقًا، وكان ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، وقد أنزله النبي منزلة الأخ عندما آخى بين المهاجرين والأنصار،
وأغلب ما ورد في مناقب الصحابة ورد في علي، ألَّف أحمد بن حنبل كتاب مناقب الصحابة. يتألف من نحو ستمائة صفحة تقريباً، أربعمائة صفحة في علي ومائتا صفحة في سائر الصحابة الكرام رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم. وهذا يبين عدل أهل السنة والجماعة، فأحمد إمامهم لكنه يذكر ما رُوي، لا ينحرف انحراف الروافض الذين رفضوا أبا بكر وعمر، والذين انحرفوا عن الصحابة الكرام وكأنهم. لا يعلمون أن
هؤلاء من تربية سيدنا وما كان لهم أن يقدحوا في الصحابة فيقدح الناس في السيد المحترم الأجل. وهكذا نقول دائماً: الذي بيننا وبين العالمين هو رسول الله، آمن به من آمن وكفر من كفر، فهم عنه من فهم وأغلق عليه من أغلق. ولذلك ترانا لأن الواقع والنفس... الأمر والحق هو كذلك، نُعظّم شأن الزوجات الكريمات، ونُعظّم شأن الصحابة الأماجد، ونُعظّم أهل البيت لأننا نُعظّم
رسول الله صلى الله عليه وسلم. كان رسول الله قد أذن الله له وأعلى رتبته في التربية، فربّى أصحابه وهدى زوجاته، وإكراماً له فقد بارك الله في أهله. "إنا أعطيناك الكوثر فصلّ لربك". وانحر إن شانئك هو الأبتر. على كل حال، قام أهل السنة لحماية درجة الإحسان، وتراكمت عندهم التجربة البشرية من خلال الكتاب والسنة، فتحولوا إلى مراعاة حال
الناس من بُعدهم عن المصادر وعن اللغة، فأنشؤوا الطريق إلى الله. بعد الفاصل نبين ذلك: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على... سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه، بدأنا نرى طرقًا تأخذ أسماءً كلما تشعبت الأمور وكثر الناس واختلفت المشارب. كان المسلمون يضعون شيئًا يوافق الواقع. الواقع
لم يغب أبدًا عن أذهان المسلمين، ولم يكن الإسلام أبدًا في يوم من الأيام بعيدًا عن معيشة الناس، ولذلك كل ما كان عليه الصحابة. الكرام من عقيدة، وبعدما أخذ بعضهم بالهوى ينحرفون عما كان، ظهر أبو الحسن الأشعري وأبو منصور الماتريدي. ولما ظهروا سمّوا هذا الحق الذي كان عليه الصحابة بمذهب الأشعرية. الكرام، مشرب أبي الحسن يختلف قليلاً
عن مشرب أبي منصور الماتريدي، فأسموا المشرب الصحيح الذي يقبل الخلاف، ولكنه اختلاف تنوع، الماتريدية وأصبح. أهل السنة ما بين الأشعرية والماتريدية يختلفون في الصياغة لكنهم لا يختلفون في المفاهيم، يختلفون في مسائل لكنها ليست في أصول العلم وإنما في تفريعاته. واجهوا بها الخوارج وواجهوا بها المعتزلة وواجهوا بها القدرية وواجهوا بها المجسمة والمشبهة وواجهوا بها سائر الطوائف
المنحرفة عما كان عليه الصحابة الكرام وفي الفقه. اختلف الناس وكانت هناك مدن كحروراء ينطق أهلها بكلام لم تسمعه الصحابة، ولما سمعته الصحابة أنكروه. كان بعضهم يقولون أن المرأة إذا حاضت تصلي وتصوم. فلما سُئلت عائشة من تابعية لا تعرف الحكم: "أتصوم المرأة وتصلي زمن حيضها؟" فقالت:
"أحرورية أنت؟ أأنت من حروراء هذه؟" فكانت هناك مدن بها. البدعة وتأخّرت فيها الحق والسنة والعلم، ولذلك اتجهوا إلى الأئمة الكرام في المدينة، حيث كان فيها علماء كُثُر. قال الإمام مالك: "ما تصدّرت إلا بعد أن شهد لي سبعون من علماء أهل المدينة". كان فيها سبعون عالماً، وذلك لأنه قد عرف الحديث وعرف اللغة وعرف القرآن وتعلّم أصول العلم، فقالوا لا يُفتي مالك في... المدينة
أمام مَلِك موجود فلا نذهب لغيره خلاصاً، ومن اتبعه سُمي بالمالكية. وقبلهم كان أبو حنيفة في العراق، والذي قال فيه الشافعي: "الناس عيال في الفقه على أبي حنيفة". وبعد الإمام مالك، ومن تلامذته الإمام محمد بن إدريس الشافعي، ذهب يتعلم في مكة والمدينة، وذهب إلى اليمن، وذهب إلى العراق. ثم جاء إلى مصر مبتغياً أن يحصل على علم الليث وهو كان على درجة الاجتهاد فاتبعه تلاميذ الليث رضي الله تعالى عنه وأرضاه
والإمام أحمد بن حنبل وهناك أئمة ظهروا أكثر من ثمانين إماماً ولكن كما قيل في الليث كان أعلم من مالك إلا أن أصحابه ضيعوه فعلم الليث لم يُجد. من يخدمه كما وجد الشافعي من يخدم مذهبه فسموا شافعية، مالكية، حنبلية، حنفية، وهكذا. وفي القراءات نسبوا كل قراءة إلى قارئها فقالوا هذه قراءة نافع من أهل المدينة، وهذه قراءة عاصم من
أهل الكوفة، وهذه قراءة حمزة الزيات، وهذه قراءة الكسائي، وهذه قراءة ابن عامر أو قراءة أبي عمرو، وهكذا. نسبوا القراءات وهي عن رسول الله إلى أئمتها الذين نقلوها فأحسنوها وفسّروها فحفظوها وأدّوها كما تلقّوها، فسُمِّيَت كل طريق باسم إمامها. وهنا تدخل أهل علم التصوف أهل الله وسمّوا كل طريقة ومشرب بالإمام الذي نسبت إليه، فرأينا في
العراق يظهر عبد القادر البغدادي، عبد القادر الجيلاني، وعبد القادر نُسِبَت إليه. القادرية وتظهر في أبي عبيدة الإمام الرفاعي وتُنسب إليه الرفاعية، أحمد الرفاعي أبو العباس، وتظهر في مصر أحمد البدوي فتُنسب إليه الأحمدية، وتظهر في المغرب عبد السلام بن بشيش فتُنسب إليه البشيشية، وهكذا تعددت الطرق في أسمائها وطريق الله واحد، والخلاف من جهلة المريدين، كلهم مقصودهم الله وكلهم
على الكتاب. والسنة وكلهم يسعون للتربية وتهذيب النفس وتخلية القلب من القبيح وتحلية القلب بالصحيح واشتغال اللسان بالذكر والعقل والروح والقلب بالفكر، كلهم يدعون إلى الخير ويفعلونه، وافعلوا الخير لعلكم تفلحون. أئمة كُثُر، وأخذ من ابن بشيش نور الدين علي أبي الحسن الشاذلي، وجاء إلى مصر وكان سلطان العلماء العز بن عبد. السلام منحرفاً عن هذه الطائفة، لم يدرسها
ولم يتفهمها، فكان يرى مصطلحاتها غريبة لم يسمعها من قبل، حتى التقى بأبي الحسن الشاذلي، فبحث معه في هذا الأمر، فوجده بحراً، ووجده مقيداً بالكتاب والسنة، ووجد ما معه هو المبتغى والمراد والمنتهى من طريق إلى الله، فاتبعه وألف الزبدة في التصوف بعد أن... كان لا يعرف عنه شيئاً رضي الله عن الجميع. في حلقة قادمة نتحدث عن تلك الطرق أو
عن بعضها، وقد بلغت ألف طريق وكلها من رسول الله، ملتمساً غرفاً من البحر أو رشفاً من الديمة. نستودعكم الله.