حديث الجمعة | علوم اللغة العربية وأصولها | الجزء 2

بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. مع الحبيب المصطفى والنبي المجتبى صلى الله عليه وآله وسلم نعيش هذه اللحظات مع محجته البيضاء التي تركها لأمته، ومع تأييد الله له، ومع توفيق الله لأمته أن يحفظوا هذا الدين وأن يبلغوه للعالمين. ومع هداية الله سبحانه وتعالى للقلوب
{إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء} حتى انتشر الإسلام في ربوع الأرض في الشرق والغرب كما زُوِيَ لرسول الله صلى الله عليه وسلم العالم، ولما زُوِيَ له العالم صلى الله عليه وآله وسلم رأى كل بيت يدخله الإسلام من طنجة. إلى جاكارتا ومن غانا إلى فرغانا، فالحمد لله الذي جعلنا من أتباع النبي المؤيد صلى الله عليه وآله وسلم. تحدثنا كيف وفق الله الأمة الإسلامية لحفظ اللغة العربية التي بها فهم النص الشريف الذي هو محور الحضارة. وقلنا
إن محور الحضارة أنه منه المنطلق وإليه العودة وبه التقويم وله الخدمة. فهذا معنى أنه محور للحضارة ومحور حضارة المسلمين النص بخلاف محور حضارة السابقين. عاش الفراعنة ومحور حضارتهم الموت، ولذلك بنوا الأهرامات قبوراً ليضعوا فيها كل علومهم وأسرارهم. ولكن محور حضارة المسلمين كان هو ذلك النص الشريف من الكتاب والسنة. بدأ
الصحابة في الاهتمام بهذا وفي حفظ الشعر لمن بعدهم، حفظوا. القرآن والسنة وألهمهم الله بعلوم كثيرة حول القرآن والسنة حتى جاء القرن الثاني الهجري ورأينا الله قد وفق الخليل بن أحمد الذي نوّر الله بصيرته في أن يحفظ العربية وأن يوجد لها معياراً ومقياساً تقيس به الأمور، فجمع أول ما جمع معاني الألفاظ، ومعاني الألفاظ شعر فيها بما أسماه بالاشتقاق. الكبير وأدرك
فيها خصائص للغة العربية عجيبة غريبة بضم الشبيه إلى شبيهه والنظير إلى نظيره، ضم الشبيه إلى شبيهه والنظير إلى نظيره، فتبين له هيكل ما بُنيت عليه العربية. أولاً وجد أن تلك الحروف الثمانية والعشرين تكوّن عدداً كبيراً ضخماً من المكونات، يمكن خمسة أو ستة مليارات كلمة عندما تجمع حروف وتقليب الحروف يُخرجون المبلغ هذا، كنا نأخذ شيئاً مثل هذا في الإعداد اسمه التبديل والتوفيق. هذا التبديل والتوفيق عندما تطبقه
على ثمانية وعشرين يُخرج مبلغاً ضخماً جداً. المستعمل منها لا يزيد عن ثمانين ألفاً، والوارد في القرآن منها ليس كثيراً، يعني هم بالمكرر ستة وستون ألفاً، والكلمات ألف وستة. مائةٌ وعشرةٌ منهم أو عشرون أصبحت مرةً واحدةً، كل هذا تبيّن لهم ووجدوا شيئاً غريباً عجيباً وهو أن الحروف لها دلالة مهما كان موقعها، فقسّموا الكلام أولاً إلى مستعمل ومهمل. المهمل هو الذي لم تنطق به العرب وهو الأغلب، خمسة مليارات إلا ثمانين ألف كلمة نطقت بها العرب الميم
واللام. والكاف ما لا كالميم واللام والكاف ملا ك ملكة يعني ماذا؟ يعني استحواذ على الشيء من الملك. حسناً، ملك من الملك الله، إذاً هناك مُلك وهناك مَلِك. قال لك المُلك خاص، يأتي منها مالك، كما أن لدينا مالك يوم الدين، والمَلِك هذا يكون مَلِك البلد كلها، عام، مَلِك يوم الدين. هذا الملك الخاص بيوم الدين، فهل أنت مالك أم ملِك؟
قال: الملك يتصرف في ملكه الخاص، لا يستطيع الملك أن يتصرف فيه. الملك يتصرف في ملكه الخاص ولا يستطيع الملك أن يتصرف في هذا الملك الخاص. والملك له سلطان وله مؤسسته دولة ودنيا، لا يستطيع الملك أن يتدخل فيها ولا يتصنع أن تكون لكل جهة قوة، فالمالك له جهة قوة والمالك له جهة قوة. قاموا بوضع قاعدة، وماذا فعلوا فيها؟ قالوا: الزيادة في المبنى زيادة في المعنى. فيكون ملك ومالك، وراقب هذا، لقد راقبوه في اللغة. هذا فصيح، الزيادة في
المبنى زيادة في المعنى. قاموا بكتابتها قاعدة لكي تفهم، وأصبحت عندنا هكذا هو نلجأ إليها أن الزيادة في المبنى زيادة في المعنى وبعد ذلك لم يتوقف عند هذا الحد، كان يفكر كثيراً الشيخ خليل بن أحمد، هذا هو الفراهيدي. الآن هذه المنطقة في عُمان، في سلطنة عُمان، فهو الخليل بن أحمد من سلطنة عُمان الآن. كان يفكر كثيراً جداً طوال عقله يفكر، لاحظ شيئًا آخر، ما هو؟ لاحظ أنك
تقول "مَلِك"، حسنًا، "لكما" ماذا تعني؟ لو أحدٌ ضرب "لكمًا" هكذا في وجهه، قال: طيب. و"كمُل"، الكمال ضد النقص، "كمُل"، قال: ما رأيك أن بينهم معنى القوة؟ فتكون الميم واللام والكاف تحمل بداخلها معنى القوة، وهذا غير موجود في أي... لغة ثانية لا في العبرية ولا في الأمهرية ولا في الإنجليزية ولا في الفرنسية ولا في أي شيء ولا في أي شيء، هي فقط اللغة العربية التي تميزت بهذا، فـ "ملك" و"لكم" و"كلم"، "كلم" تعني جرح أو تحدث، فيكون
الكلام أقوى من السكوت، و"لكم" و"كمل" كلها فيها معنى. قوةٌ لا معنى لها، قوةٌ أتفهم؟ فعندما يأتي أبو جهل ويسمع عليها تسعة عشر، فيقول: ماذا يعني؟ عشرة منا يمسكون كل واحد منهم من التسعة عشر ونقضي عليهم. عليها تسعة عشر. فذهب منزله وقال له: ماذا؟ "وما جعلنا أصحاب النار إلا ملائكة". أول ما سمع أبو جهل كلمة "ملائكة". سكت جيري وصمت لأنه يعرف أن
"ملائكة" تعني شيئاً قوياً جداً. من أين يعرف ذلك؟ من الميم واللام والكاف، إنه يعرفها. لقد سرقها هكذا، فأول ما سمع عنها "ملائكة" و"وما جعلنا أصحاب النار إلا ملائكة" خاف. ما الذي يخيفه؟ هذا الملك في المفهوم الإنجليزي لديه هالة مضيئة وشيء جميل. هكذا نعم هذا هناك الإنجيل هذا الإنجيل بعد الفاصل نواصل بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله رأينا أبا جهل وهو يتكلم معهم على عليها تسعة عشر وظن أنه
يمكن المغالبة فأنزل الله سبحانه وتعالى أن هؤلاء من الملائكة فعرف أبو جهل بأصل لغته وسليقته أن الملائكة أقوياء أشداء، وذلك لاستعماله الميم واللام والكاف في "مالكا" والجمع "ملائكة"، فالملك والمالك والكامل وكذا. وبدأ الخليل بن أحمد يحصر لغة العرب في كتابه الماتع المانع الجامع "العين"، ورتب تلك الحروف على حروف معجم التي تخرج من فم الإنسان، والتي بدايتها حروف الحلق وهمز فهاء ثم عين. حاء مهملتان
ثم غين خاء هذه حروف الحلق فرتبها وسماها العين لأنه يتكلم بها وأي كلمة فيها عين يأتي بها سويًا وكل ثلاثة حروف يأتي بالتقاليب التي لها. صنع مثل هذا بعد ذلك ابن فارس في مقاييس اللغة وتتبع تلك المعاني التي توجد في تكوينات الحروف بعد تقليبها فوجد غالبًا كذلك ونادراً منه حرفان أو ثلاثة أو أربعة، لم يستطع أن يأتي بها، لم يستطع أن يأتي بالجامع بينهم. وأتذكر أن
باحثاً أتى له ببيت شعر من إخواننا رحمه الله، وهذا البيت فيه "ذي رهج"، "ذي رهج"، ولم يكن يعرف ما معنى "رهج"، أي ما معنى "رهج"، وكان يتحدث عن قال له: "ذر، رهج"، أشعر بشيء يتحرك، انظر كيف أنّ كلمة "رهج" تعطي إحساساً بشيء يتحرك. قال له: لأن هذه الحروف تُستعمل
في ذات الحركة. "هجر" يعني أخذ نفسه وانتقل من بلدٍ إلى بلدٍ آخر. "جهر" يعني رفع صوته، فانتقل بدلاً من الدائرة التي حوله إلى آخر الشارع ليُسمعني. "جهر"، يتحرك، كيف؟ لا أعرف، لكن لابد أن تكون هناك حركة. لماذا؟ لأن هذه الحروف هي حروف الحركة، حروف معانيها معاني ما استُعملت به الحركة. حسناً، إذاً وبعد ذلك وجد أن معناها بعد بحث وما إلى آخره،
أن النار تتحرك هكذا من الهواء مثل الرهج، والنار مثل الرهج، يعني ذات يميناً وشمالاً والهوى يداعبها هكذا يعني تتحرك، يعني إذا هؤلاء الناس فتح الله عليهم لاكتشاف هذه المسألة، لم يسكت سيدنا الشيخ الخليل بن أحمد، فقال: "يا الله"، وماذا بعد ذلك؟ إننا نتحدث العربية بالسليقة، وأهل السليقة هم من حولنا، ونرفع الفاعل وننصب المفعول وهكذا إلى آخره، وأبو الأسود الدؤلي لماذا؟ تلميذ علي بن أبي طالب كان قد بدأ في قصة النحو وبدأ يتأمل في جمل العرب وأشعارهم ليستخرج منها علم
النحو. تلميذه من؟ تلميذه كان اسمه رائحة التفاح. تلميذ من؟ تلميذ الخليل بن أحمد. ما اسمه؟ رائحة التفاح. سيبويه، والمحدثون ينطقونها كما ينطق أهل فارس فيقولون سيبويا. فسيبويا أو سيبويه ما هذه رائحة التفاح؟ تلميذه هذا رائحة التفاح. ألّف كتابًا ماتعًا جامعًا مانعًا أسماه الكتاب. لسيبويه، وجمع فيه قواعد العربية التي سأفسر بها آية القرآن والسنة، والتي أخذتها أنا من أين؟ من لغة العرب. من أي قبيلة؟ من ستة:
قيس وتميم وهذيل وكنانة التي منها قريش وأسد، وهكذا وبعض. من خلال بعض الدارسين، كانوا يأخذون منهم هؤلاء الستة هم الذين أخذنا منهم وهم الذين خدموا اللغة العربية، ليس كل واحد بملف، بل كلهم بما يخدم المحور، الذي هو الكتاب والسنة. أستاذنا عبد السلام هارون رحمه الله، الكتاب طُبع عندنا هنا في مصر، أول ما طُبع كانت مصر هي... حاضرة العالم الإسلامي، وكانت الطباعة فيها هي المتقدمة، أحد المراكز الكبيرة المتقدمة، فطبعنا الكتاب في مجلدين في المطبعة
البولاقية. بعد ذلك قلنا ما من أحد يحققه وهو يحتاج إلى تحقيق، فانتدب لذلك الشيخ عبد السلام هارون رحمه الله تعالى، فحققه وأخرجه في خمس مجلدات. وعندما جاء ليصنع له فهارس من هذه شيء يُسمى ماذا؟ شيء يُسمى فهارس الأعلام، يعني مثلاً عندما يُذكر الأصمعي أو يُذكر أبو حنيفة أو يُذكر أي شخص من الأعشى أو الأعمش أو غيرهم، وأريد أن أتذكر أن هذه الرواية جاءت عن فلان، فأذهب للبحث في فهرس الأعلام وأبحث عن كل ذلك. قبل الكمبيوتر والأقراص المدمجة، نبّه
تنبيهًا في أول فهرس الأعلام وفي أول الفهرس قائلًا: "يا جماعة، الغريب العجيب أنكم لن تجدوا اسم الخليل بن أحمد في هذه الأعلام. لماذا؟ هذا الخليل بن أحمد هو أستاذ رائحة التفاح، كيف يكون ذلك؟" قال: "لأنه مذكور في كل صفحة فلا داعي لذكره." فائدة أنا في خمس مجلدات، كل صفحة في (معجم) الخليل بن أحمد. فلو كان المجلد يحتوي على خمسمائة صفحة في خمسة (مجلدات)، سيكون المجموع ألفين وخمسمائة صفحة. فهو مذكور ستة آلاف مرة، إما مرة أو مرتين
أو ثلاثة على الأقل. هكذا سأقول لك: راجع الكتاب، راجع الكتاب لأنه لا يوجد... ولا صفحة إلا ذُكِر فيها الخليل بن أحمد، فإذا ادعى بعض الناس وقال: "يا جماعة، لا نريد أن نقول إن هذا الكتاب، كتاب رائحة التفاح، هو لسيبويه"، فلمن ينتمي إذن؟ قالوا: "إنه للخليل بن أحمد". يا رجل، إن كل صفحة فيه مكتوب: "قال الخليل، قال الخليل، قال الخليل، قال الخليل" إلى آخره، فيكون رضي الله تعالى عن الخليل. فماذا فعل الخليل؟ ضبط متن اللغة ثم عاد وضبط النحو والصرف، النحو في الإعراب والصرف
في بنية الكلمة. أيسكت بعد ذلك؟ أيكفيه هذا القدر؟ لا، بل قال: الشعر ديوان العرب. وتذكرون نافع بن الأزرق وابن عباس، فالناس بعد ذلك ستأتي وتقول... وما الذي أعلمني من أين هذا الشعر وما هي الحكاية والرواية، فلا بد أن أضع ميزاناً ومعياراً للشعر، فذهب وأسس علم الخليل. ما هو علم الخليل هذا؟ إنه العروض. في الحلقة القادمة إن شاء الله سنعيش مع هذا الرجل المبدع البديع في علم العروض، حفاظاً على اللغة العربية وسعياً لإيجاد أخيراً أستودعكم الله والسلام
عليكم ورحمة الله وبركاته،