حديث الجمعة | نظرية الشروط وعلم القواعد الفقهية

حديث الجمعة | نظرية الشروط وعلم القواعد الفقهية - فقه, مجلس الجمعة
بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. مع المحجة البيضاء التي تركها لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ليلها كنهارها، لا يزيغ عنها إلا هالك. نعيش هذه اللحظات عسى أن تتنزل علينا الرحمات وتحفنا السكينة والملائكة من عند رب العالمين. ونبدأ كلامنا بدعوة خالصة إلى الله سبحانه وتعالى أن يجازي عنا النبي خير ما جازى نبياً
عن قومه ورسولاً عن أمته، بلّغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح للأمة وجاهد في سبيل الله حتى أتاه اليقين. فاللهم صلِّ وسلم عليه في الأولين والآخرين والعالمين وفي كل وقت وحين إلى يوم الدين. تكلمنا. عن حديث جبريل وأفضنا في شرح ما سأل عنه من شأن الإيمان وأن الله وفق الأمة لأن تنشئ علماً للحفاظ على هذا الجانب منه، ثم بعد ذلك تكلمنا عن سؤاله عن الإسلام وما وفق الله به الأمة لإنشاء علم بحاله للحفاظ عليه وهو علم
الفقه وأن الله وفقهم كذلك. لعمل أسس يُبنى عليها هذا الفقه فسُمي بأصول الفقه، وكذلك معايير ومؤشرات جُمعت من هذا الفقه فسُميت بقواعد الفقه. والفرق بين أصول الفقه وبين قواعد الفقه أن الأصول سابقة على الفقه وأن القواعد لاحقة بالفقه، وكلاهما أمر كلي يندرج تحته جزئياته، ولذلك اختلف العلماء هل القواعد الفقهية التي سُميت بالأشباه.
والنظائر تتبع أصول الفقه أو أنها تتبع الفقه، فمن رأى أنها قواعد كلية رأى أنها تندرج تحت الأصول وإن كانت لاحقة بعلم الفقه، ومن رأى أنها تجميع فقهي رأى أنها أليق بالفقه لأنها ناتجة عنه، وعلى كل حال، وكل من رسول الله ملتمس غرفاً من البحر أو رشفاً من الديم. وواقفون لديه عند حدهم من نقطة العلم أو من شكلة الحكم فهو الذي تم معناه وصورته ثم اصطفاه حبيباً بارئ النسب والقواعد خمسة.
قال الناظم: خمس محررة قواعد مذهبي للشافعي بها تكون بصيراً: ضرر يزال، وعادة قد حكمت، وكذا المشقة تجلب التيسيرا، والشك لا ترفع به متيقناً، وخلوص نية إن. أردت أجور، وهذه الخمسة إنما هي تلخيص لأكثر من خمسين قاعدة كانت أكثر تفرعاً من هذه القواعد. وكان العز بن عبد السلام سلطان العلماء يقول إن هذه الخمسة يمكن أن تكون في قاعدة واحدة، وهي أن درء
المفاسد مقدم على جلب المصالح. هكذا علمونا، وللأسف لم تتعلم الإرهابية ولم يتعلم. لا يعرف الدواعش ولا النابتة مثل هذا العلم، فتراهم يصنعون الضرر الأبلغ والأعظم ابتغاء أن يتلافوا ضرراً قليلاً. والذي يُقَوِّم الأضرار ويعرف جليلها من سفاسفها إنما هو المجتهد أو من قام مقامه. ولأن هؤلاء إنما وجدوا صحفاً فقرؤوها ووجدوا ضلالاً فاتبعوه،
فإنهم قد فقدوا الطريق إلى الله سبحانه وتعالى، وظهروا ذلك وإن كان همهم في غضب الله، رأينا الخوارج وكيف أنهم عبر التاريخ كانوا إذا ظهروا يقتلون المسلمين، وذلك لأن الخوارج افتقدوا إدراك الشرط. هناك مسألة عظيمة كبيرة عند الفقهاء أغفلها الخوارج وهي قضية الشرط، فالصلاة يشترط لقبولها من الله الوضوء، فالوضوء شرط للصلاة. اذهب واقرأ في الفقه
ابتداءً من... كتاب الصلاة وليس ابتداءً من كتاب الطهارة. ابدأ من كتاب الصلاة واحفظ الكتاب وطبق الكتاب. لا تُقبل صلاتك لأنك لم تسمع ولم تعرف أن للصلاة شروطاً، وأن من شروطها دخول الوقت، ومن شروطها الوضوء، ومن شروطها استقبال القبلة، ومن شروطها ستر العورة، ومن شروطها طهارة المكان، ومن شروطها طهارة البدن. ومن شروطها طهارة الثياب، فإذا فُقدت هذه الشروط فلم تلتفت إليها لأنها لا توجد في كتاب
الصلاة، وإنما وُجدت في كتاب قبله في الأذان عند دخول الوقت في شروط الصلاة. وهكذا واقعتَ: كبّرتَ تكبيراً صحيحاً، وقرأتَ قراءةً صحيحةً، وركعتَ ركوعاً صحيحاً، وقمتَ منه إقامةً صحيحةً، فسجدتَ سجوداً صحيحاً وقمتَ منه. إقامةً صحيحةً ثم سجدتَ سجوداً صحيحاً فإن صلاتك باطلة. هذا ما يفعله النابتة، إنهم لم يدركوا الشروط، ذهبوا إلى الكتب فقرأوا كتاب الجهاد فظنوا أنهم قد خوطبوا بذلك من غير راية، وصنعوا راية عمياء من غير صبرٍ كما
صبر النبي في مكة صلى الله عليه وسلم، وصاروا خلف الراية العمياء. لم يعرفوا الشروط ولم يعرفوا أن هذا الجهاد له شروط وأن هذه الشروط مذكورة في أبواب أخرى وأن هذه الشروط إنما هي صنعة المجتهد وطبقوا ما في الكتاب تطبيقاً ليس تاماً لكنه تطبيق كلما تقول له لماذا ترتكب هذه الجريمة يقول أعوذ بالله نحن نجاهد في سبيل الله ويخرج لك. نصًا كما لو أخرج لك "فويلٌ للمصلين" مستدلًا بها على أنه من أجله ترك الصلاة، ثم يظن نفسه أنه
على خير وأنه على تقوى وأنه أفضل من الناس، وأنه من فقهاء الخنادق، وأنه لا يحب فقهاء الفنادق، وأنه يكافح كفاحًا يرضى عنه الله، وأن قتلاهم في الجنة، والنبي يخبر بغير ذلك فيقول الخوارج كلاب أهل النار، فمن نصدق: رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أم هؤلاء الذين عكس الله فطرتهم فكانوا في الفساد والكساد؟ من نصدق؟ إننا نصدق رسول الله وهو يقول: "فإن لم يكن في الأرض خليفة فالهرب الهرب"، ولم يقل: "كوّنوا جماعات" ولا
"أنشئوا أنظمة خاصة سرية". ولا تأخذ سلاحك من أعداء الله، ولا أن تكون ألعوبة في يد الكارهين لله ولرسوله وللإسلام، وأن تكون مصيبة وبلاء على قومك وأهلك. من نقاوم وكيف نجاهد ومن نصدق؟ إننا سنصدق رسول الله ونجاهد تحت الراية المعلومة الواضحة وليست الراية العمياء، ونقاوم من أمرنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلَّم بمقاومتهم، فقال: "طوبى لمن قتلهم وقتلوه". من قتلهم كان أولى بالله منهم. يقرؤون
القرآن لا يجاوز تراقيهم، يمرقون من الدين مروق السهم من الرمية. يتحدثون بقول الله ورسوله وهم منهم براء. بعد الفاصل نرى كيف ألهم الله سبحانه وتعالى المسلمين ما جعلهم على الصراط المستقيم، ومن شذَّ في بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. ألهم الله علماء الإسلام حتى ينقلوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم نقلاً
صحيحاً، وحتى ينقلوا عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نقلاً صحيحاً، وحتى ينقلوا إلينا ما كان عليه. رسول الله وخلفائه الراشدين المهديين من بعده وحتى نسير في طريق الله على الصراط المستقيم أرادوا أن يضعوا كل هذا في نظريات منها نظرية الشروط، فكل شيء له حيثية وله شرط. تصح صلاتك من حيث وضوئك لا من حيث عدم وضوئك، فإن كنت لست متوضئًا
وتتعمد الصلاة فالصلاة باطلة وإن صليتُ وأنت تجهل أن من شروط الصلاة الوضوء، فصلاتك باطلة. وشرط كل شيء في الدين يُعلم من الدرس، فعندما تجلس عند المشايخ يذكرون لك الشروط، شروط كل شيء، ويُقيِّدون بقيد سَمَّوْه بقيد الحيثية، يعني هذا الكلام من حيث شيء معين وليس على إطلاقه. وإذا قرأت الفقه الذي كتبه الإمام النووي... والإمام الرافعي والإمام السرخسي والإمام أشهب وأمثالهم من تلاميذ
الأئمة الأربعة، رأيت كيف يقيدون المطلق وكيف ينبهون في التنزيل على ذلك القيد الذي كان خفياً. مقصدهم في ذلك أن يحافظوا على المصلحة وأن يراعوا مقاصد الشريعة العليا من حفظ النفس والدين والعقل والمال والكرامة الإنسانية، يريدون أن يحافظوا على. هذه المقاصد العليا. أقرأ للإمام النووي يقول هكذا: أطلقه العراقيون والصحيح تقييده. حسناً، وأنت لو ذهبت وقرأت للعراقيين لن تفهم هذه المسألة، وإنما الذي ابتُلي بالتدريس والتأليف
ونوّر الله بصيرته وعانى تطبيق الشريعة في واقع الناس فإنه عرف أن هناك قيداً لم يذكره العراقيون. يقول: أصحابنا العراقيون من الشافعية هناك. المراوزة وهناك العراقيون عند الشافعية فيقول هكذا أطلقه أصحابنا العراقيون والصحيح تقييده وينقل التقييد عن أئمة آخرين. من يستطيع أن يرشدك هكذا في أكثر من مليون ومائتي ألف فرع؟ إنه الشيخ الذي أفنى عمره في الدرس والتحصيل والتدقيق والتحقيق والترقيق والتنميق والتزويق، هذا الشيخ هو ركن من أركان العلم
أدرك. هؤلاء الأئمة الكبار أنا أرى أن الله نوّر بصائرهم، فقال الشافعي: يا أخي، لن تنال العلم إلا بستة، سأنبئك عن تأويلها ببيان: ذكاء، وحرص، واجتهاد، وبلغة، وإرشاد أستاذ، وطول زمان. ولكن هؤلاء يسيرون على نظام ساروا عليه في الأكل السريع، يعني بعد أربعين يوماً يصبح فقيهاً، حسناً، أنا أقول له: وهو يقول لك بعد أربعين يوماً سيسير وراء من؟ وراء الهوى أربعين سنة. لماذا يعني؟ هذا عند الدكان، هذا فيه فقيه بأربعين يوماً يقول لك قال شيخنا ويذكر اسماً غريباً عجيباً، أي كلام لم نره إطلاقاً. فقلت أنا
أريد أن أبحث عن هذا الشيخ الذي أضل الأمة، فوجدته كاتباً. في ترجمته ما هي المؤهلات التي يمتلكها؟ لا شيء. جلس في البيت ونقل تفسير "في ظلال القرآن" لسيد قطب بخط يده في نحو عشرين سنة. واللهِ إنه مجنون! ألا يباع كتاب سيد قطب في الأسواق؟ نعم، وحرام أن تُنفَق فيه الأموال. ثلاثمائة صفحة يكفِّر فيها المسلمين. هذا هو الفرق. في الخوارج، ما هم الخوارج؟ إنهم يقاتلون المسلمين فيكفرونهم. هذا هو تعريف الخوارج إذاً، الذين يكفرون المسلمين. نعم، ألا تسمعني؟ لقد عرّفتك
بهم. لماذا تنقل هذا بخط يدك؟ قال: لأنه يتعلم منه، كأنه يدرسه. وأنت درست يعني في هذا المكان أو ذاك. هذا سيد ليس له شيخ، وهو أصلاً ليس العلماء وليس من الجهلاء، وحياته هذا ماحٍ في جميع النواحي. أصبح شهيداً؟ شهيداً بموجب ماذا؟ هل قتَلَ المشركين؟ هذا رجل أنشأ منظمة للخروج على المسلمين، فقبضوا عليه وأعدموه. والله لقد وصلنا إلى ما نبه إليه رسول الله. سأل حذيفة: "أرأيت لو أن المنكر صار معروفاً والمعروف منكراً؟" قال: "أوذلك يكون؟" يا رسولَ اللهِ، أمعقولٌ؟ قال: وأشدّ منه يكون. وقد
كان أصبح الخارجيُّ هو المُصدَّق، وأصبح المقتول في قصاص هو الشهيد. إذاً هذه، بلوى معناها أن العقل قد سُلِب. أومعهم عقولهم يومئذٍ يا رسول الله؟ في حديث أبي موسى الأشعري قال: يومئذٍ يسلب الله عقول أهل هذا الزمان. وقد كان. وسلب الله العقول وأصبح شيء غير قابل للتفسير. الواضحات الجليات الحلوة الواضحة الجلية أصبحت مشتبهة. كيف
هذا؟ لا، ما هم هؤلاء الذين كانوا يكافحون ضد الحاكم الظالم. الحاكم الظالم النبي قال لك كافح ضده. أنطيعكم أم نطيع النبي؟ ابحثوا لنا عن حل. الحاكم الظالم الذي قال النبي فاتبع الإمام. ولو ضرب ظهرك وأخذ مالك الحاكم الظالم هذا الذي يضرب ظهري لكي يأخذ مالي، والذي يأخذ المال عادل، يعني هذا الرجل ليس ظالماً، وقال لي اسكت، أأسكت أم أتكلم؟ هذه هي القضية. ماذا تنوون؟ سيدنا النبي قال أسكت لأن السكوت أفضل من الخروج عليه، فالخروج
سيسبب فتنة ودماء وقتلاً وستُقتل. واحد مسلم، ما أشد حرمتك على الله! ولا دم امرئ مسلم أشد عند الله حرمة منك، يعني الكعبة تُهدم ولا أن تعتدي على مسلم. إذن كيف حال الذين يقتلون المسلمين ليلاً ونهاراً؟ إن هذا سوء تقدير وضلالة ما بعدها ضلالة، كل هذا لافتقاد نظرية الشرط، إنهم لا يفهمون بالقدر الكافي. الحيثية أن الناس يقولون: "حسناً، ها هم قارئون، الرجل جلس عشرين سنة يخط". حسناً، هذا يؤكد أنك لا تتبعه. هذا مغفل، فلماذا لا يذهب ويشتري النسخة ويخطط فيها وينهي العشرين
سنة التي يريدها؟ ثم أين شيخه؟ حسناً، أرى المنبت هذا. إلى لقاء آخر، أستودعكم الله والسلام عليكم. ورحمة الله وبركاته