#حديث_الجمعة | أسس فهم الكتاب والسنة

بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. مع الحبيب المصطفى والنبي المجتبى صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم، نعيش هذه اللحظات فيما بعد انتقاله الشريف إلى الرفيق الأعلى صلى الله عليه وسلم. أظهر الله قبره حتى
نذهب إليه ونسلم عليه (ولو أنهم ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله تواباً رحيماً) والنابتة تنكر المجيء إلى قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهو أمر مأمور به في القرآن وفي السنة لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبر بأنه ما من رجل يسلم علي إلا رد الله علي فأرد عليه السلام، ولأن الأمة لا تنقطع من السلام عليه صلى الله عليه وسلم، فروحه الشريفة على حال اتصال دائم بهذا القبر المنيف. تركنا
بلا وحي وترك لنا الكتاب والسنة وأهل البيت الكرام، وترك لنا الاجتهاد والمنهج، واستخلص علماء المسلمين من ذلك سبع خطوات. الخطوة الأولى: الحجية، ما الحجة؟ الخطوة الثانية: التوثيق، هل هذا الحديث وارد بصيغة صحيحة سليمة أم أنه قد تلوعب الأمر الثالث: الفهم، هذا هو الكتاب وهذه هي السنة، كيف نفهمه؟ قد تختلف الأنظار ولكن
بأسسٍ سُميت بعد ذلك بأصول الفقه، أسس الفهم. "أُمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداً". رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة فمن فعل ذلك فقد عصم مني دمه وماله وأمره إلى الله. داعش تقول لك أُمرت أن آقاتل الناس، يعني أُمرنا أن نقاتل العالم، الناس كلها هكذا. عندما تذهب إلى علماء الأزهر الذين درسنا عليهم، قالوا: لا، هو قال أُمرت وليس قال أُمرنا، قال أُمرت. هل يعني ذلك أنه لا يوجد قتال بعد النبي عليه الصلاة والسلام؟ لا، لكن هو
الذي أمر. حسناً أمر، لماذا؟ انظر، البحث العلمي في الهدوء في جلسات العلم، لماذا أمر؟ قال لأنهم اعتدوا عليه في بدر، ثم جاءوا فاعتدوا عليه في أحد، ثم جاءوا فاعتدوا عليه في الخندق، ثم جاءوا فحاصروه خيبر فوق مكة تحت مسيلمة في المشرق، فأمر حينئذٍ أن يدافع عن نفسه. قال تعالى: "وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين". هذه هي الحكاية؛ أمر صلى الله عليه وسلم بالدفاع عن نفسه ذوداً عن تبليغ الدعوة إلى الناس من غير نكير كان في مكة وقال له سعد بن أبي وقاص وعبد الرحمن
بن عوف وغيرهم: "انتصر لنا، واستعرض بنا الوادي، نقاتل هؤلاء الناس، فهم يضربوننا كل يوم"، فقال: "لم أُؤمر بهذا". ولما جاء ليكلم الصحابة من الأنصار في العقبة قالوا: "غداً نميل ميلةَ رجلٍ واحد على أهل المشهد في منى فنذبحهم". قال ما أُمِرْتُ بهذا لكن عندما يضرب مرة والثانية والثالثة والرابعة ويريدون القضاء على الدعوة، لا بد أن ندافع عن أنفسنا وهذا أمر لو عُرِضَ على العالم لأقره في كل الأوقات. الدفاع عن النفس حق مشروع، فقد ضربنا من المشركين ومن
اليهود، وضربنا من فارس والروم، وضربنا من الصليبيين والتتار، ونحن نُضرَب طوال عمرنا، ونحن نُضرَب. ضُرِبنا في الأندلس وفي قبرص وفي مالطا وصقلية وفي الهند. آخر من تولى في الهند من المسلمين كان السلطان محمود سنة ألف وتسع مئة وستة وثلاثين. ضُرِبنا فدفاعٌ عن النفس، ولكن النبي صلى الله عليه وسلم يأمرنا ألا نكون منفردين هكذا أو تحت راياتٌ يلعب بها العدو فسمَّاها الرايةَ العميةَ، ونهى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أن تُقاتل
تحت رايةٍ عميةٍ، يعني تُقاتل تحت الجيش المصري. نعم، فقال لما أورد الفتن: فإن كان في الأرض خليفةٌ فالزم الخليفة. بيني وبينكم الخليفة. ظالمٌ الخليفة، منحرفٌ الخليفة، لكنه هو خليفة. قال: ولو ضرب. ظهرك وأخذ مالك، نعم، هذا يعني وحدة الأمة، هذا يعني القوة، وفي رواية "فالزم الإمام وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك". الإمام، إمامنا الذي يمثل الدولة، هو قائد الجيوش، هكذا يجب أن نفعل. النبي قال هكذا، سيدنا قال
هكذا. ما شأني إذن بما قاله سيد قطب، هل نتبع سيدنا ام نتبع سيد قطب أنا لا أعرف يقول لك لا هذا مجتمع جاهلي اخرج عليه وأحدث فوضى ما هذا؟ في العدالة الاجتماعية وفي المعركة بين الإسلام والرأسمالية ثم في معالم في الطريق ثم في الظلال المعدل حتى الجزء السادس عشر قرأنا ففزعنا والغريب العجيب وأنا أقولها مرات للباحثين. أنه لم يذكر محمد رسول الله، دائماً يقول لا إله إلا الله، لا إله إلا الله، لا إله إلا الله، ولا يُكمل الشهادتين. نريد أن نعرف لماذا؟ قد يكون ذكرها مرة أو مرتين على استحياء للمقام، لكن
ما هذه النفسية التي إذا أرادت أن تتكلم تكلمت بشهادة واحدة؟ أنا... أريد أن يحلل لنا علماء النفس هذه القضية، وأن يجلس الباحثون للبحث، لأنني لم أرها عنده إلا مرة واحدة في كل الكتب أنه قال "محمد رسول الله"، غير ذلك لا يقول. لماذا فعل هذا؟ ما هذه النفسية؟ إذا الحجية والتوثيق والفهم ستختلف بعد الفهم القطعي والظني في أمور حرام صلاة الظهر أربعة الوضوء قبل الصلاة الخمر
حرام الزنا حرام الذي وهكذا لم نختلف والنصوص أحياناً تكون قطعية وأحياناً تكون ظنية لكننا لم نختلف أبداً في هوية الإسلام هذا هو المتفق عليه لكن في أمور ظنية اختلفنا فيها حتى أن ابن حمدان في كتاب الرعاية الكبرى أورد ثمانية عشر قولا للإمام أحمد في مسألة تخيل غير رأيه ثمانية عشر مرة. تسع مسائل في مسألة، تسع آراء في مسألة، لو أنك تصلي والإقامة قامت لصلاة الجماعة ماذا تفعل؟ تسعة أقوال. بعد الفاصل نواصل، بسم
الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. أقر الناس بالإجماع لأنه يعبر. عن الجزء القطعي في الشريعة وهو الأقل، والجزء الذي هو محل اجتهاد هو الأكثر. مليون ومائتا ألف فرع فقهي لدينا في التراث الإسلامي. القطعي والظني لا بد لك أن تعرف الحجية ثم التوثيق ثم الفهم وأدوات الفهم، ثم القطعي والظني، ولا تدَّعِ أنه قطعي وهو ليس كذلك كثير من العلماء. يقع في هذا من يدّعي أنه قطعي وهو ليس قطعياً ولا شيء،
ويتشاجرون مع بعضهم. لا، تتشاجر، هذا ليس قطعياً. ما دام أحضر لك واحداً فقط حول هذا، قد يكون هناك اتفاق بين الأربعة مثل الوصية الواجبة. الوصية الواجبة ليست عند الأربعة، لكن يؤخذ بها، لماذا؟ لأنه أحد علماء قال بها لا يوجد إجماع مثل ولاية المرأة، هل يجوز للمرأة أن تكون رئيسة للجمهورية أم لا. عندما جاءت فرنسا تقدمت امرأة لتنافس سركوزي، فسركوزي يأتي إلينا ليقول لنا أليس هذا حراماً؟ أليس تولي المرأة رئاسة الجمهورية حراماً؟ يا الله! هل أنت تعرف الحرام يا سركوزي من الذي ليس حرامٌ، طيب يا ساركوزي، ألا تكون
المرأة رئيسة للجمهورية لأن المرأة التي هناك كانت تقف مع العرب والمسلمين، وساركوزي ضد العرب والمسلمين، فإذا قلتَ كفقيه: نعم هذا حرام صحيح، تكون قد أضررت بالمسلمين المقيمين في فرنسا، إذاً لا بد أن يكون المفتي واعياً ومنتبهاً مَن الذي قال هكذا ابن أبي ليلى، قال هكذا الطبري، قال هكذا محي الدين بن العربي، قال هكذا، فليكن، نوليها هذه الولاية ولا يحدث شيء لأنه رأي إسلامي. النوع الخامس الإلحاق الذي هو القياس. النصوص متناهية فعددها ستة آلاف
ومائتان وستة وثلاثون آية زائد ستون ألف حديث بما فيهم الضعيف. والأحداث كثيرة، واحد يهرش في رأسه، وآخر يضرب أخاه على قفاه، أحداث كثيرة. ما حكمها؟ اذا نلجا للقياس، الإلحاق رقم ستة. عندما دخلنا في هذه المعمعة، وجدنا تعارضاً وترجيحاً. هذه الآية تقول كذا، والحديث هذا يقول كذا. كيف نحلها؟ ماذا نفعل؟ فهذا يسمونه التعارض والترجيح. هذه الخطوة رقم ستة. الآية تقول ماذا؟ "كُتِبَ عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيراً الوصية للوالدين". طيب، الوالدان
هؤلاء ورثة، والحديث يقول: "لا وصية لوارث"، فماذا أفعل؟ قال لك: اجمع بينهما. قال: كيف أجمع يا مولانا؟ الكتاب يقول أعطِ وصية لأبيك وأمك، والآخر يقول لك لا تعطِ. وصية لأبيك وأمك، أأوصي أم لا أوصي؟ يعني لا تحيرني. قال: إن الآية محمولة على الوالدين من غير المسلمين، والحديث محمول على المسلمين. أبوك وأمك مسلمان؟ نعم، سيرثان، إذن لا توجد وصية. أما إذا كان أبوك وأمك غير مسلمين، كانا يهوديين أو مسيحيين أو أي شيء آخر، فلن يرثا لان اختلاف الأديان لا يورث عندنا، فالآن يجب أن تكتب لهم وصية،
فقد كُتب عليكم، أي أنه فرض، يعني إذا حضر أحدكم الموت وترك خيراً فالوصية للوالدين أولاً. هذا الأمر يتخذ أشكالاً مختلفة، وتظهر فيه تفسيرات متنوعة، فيقول هذا رأي وذاك رأي آخر، وإذا اختلفت الجهة انتفى التناقض، وظهر وجه آخر. وقال هذا ضعيف، انظر من التوثيق فأنا سآخذ الآية ولن آخذ الحديث. نعم، هذا نوع من أنواع الترجيح. أحدهم يقول لي: "أنا سأجمع بينهما"، والآخر يقول لي: "لا، أنا سأقدم الآية على الحديث". هذا جائز وذاك جائز. نُعلّم الطلاب في الأزهر هكذا، ليعمل عقله بهذه الطريقة، ولذلك لم يخرج منهم إرهابي. لم يخرج منهم ولن يخرج لأن هذا منهج
يُتعلَّم. الذي يصعب على المرء أننا نصف المشكلة بشكل خاطئ فنسير في طريق خاطئ، فلا تُحل المشكلة. لن تُحل هذه المشكلة بل ستزداد تعقيداً، وأنا أريد حلها. لذلك يجب علينا عندما نتحدث أن نتحدث بطريقة هادئة لكي نرى ما هي القصة بالضبط. هل انشا ما في صحيح البخاري جماعة إرهابية؟ لا لم يحدث، بل هناك أدوات للفهم سنتعامل معها. يأتي ويقول لي: "هذا في صحيح البخاري، أن النبي عليه الصلاة والسلام أمر بحرق الناس. في صحيح البخاري." قلت
له: "أين هذا في صحيح البخاري؟" ذهبنا وفتحنا الكتاب فوجدنا أن النبي عليه الصلاة... والسلام كان أناس يتصرفون بتكبر شديد، فقال لهم: اذهبوا إلى هذين الاثنين، وإن وجدتموهما فأحرقوهما. حسناً، وبعد ذلك عندما جاءوا وتجهزوا، قال لهم: انتظروا، لقد قلت لكم كلمة سريعة بعض الشيء "أحرقوهما"، إياكم أن تحرقوهما. هل أنت منتبه؟ يعني لدينا في أدوات الفهم شيء يسمى الحقيقة والمجاز. سيدنا كان يتحدث بالمجاز لا بالحقيقة، يعني أن نحرقه مثلما فعل الدواعش - لعنة الله
عليهم - عندما أحرقوا الطيار الأردني الشهيد. لا، كان ذلك مجازًا، كأن يقول لك: "اذهب يا أخي، ربنا يحرقك". هل تفهم؟ يعني أنه غاضب منه، وليس أنه سيحرقه فعلًا أو يشعل فيه النار بالكبريت. حسنًا أنت لا تفرق بين الحقيقة والمجاز وتريد أن نشطب الحديث، وكل شيء لن تفهمه ستشطبه. ما خطورة ذلك؟ خطورته أنك يا أستاذ ستحذف من القرآن. وهذه هي النهاية التي وراء أولئك الذين في إنجلترا. وهذا ما وراءها، أن في النهاية القرآن مليء بهذا. فإذاً أنت تهيئ نفسك لأن تحذف من الفقه أولاً، وبعد ذلك تحذف من السنة فتكون الخطوة الثالثة الحذف من القرآن
"فاقطعوا أيديهما" احذفها. "إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله" احذفها لأن فيها تصليب وقطع وهكذا. العقل هو المهم. ماذا نفعل نحن؟ لا، نحن محافظون على الكتاب ونقول إن له نظارة لكي يُقرأ بها، ومحافظون على السنة ونقول إن هناك نظارة سيُقرأ بها. ومحافظون على الفقه ونقول إن هناك نظارة سيُقرأ بها فينتج شخص واسع الصدر يراعي المآلات وما تؤول إليه الأمور، محقق للمقاصد الشرعية المرعية، محقق للمصالح للعباد والرفاهية للخلق،
يحقق تعمير الأرض لا تدميرها، يحقق السلام العالمي، يحقق التعايش بين خلق الله. لكن لو فصلنا النص عن المفهوم وخلعنا النظارة ورميناها ستكون كتصرفات الأعمى، ماذا نفعل حتى نحل المشكلة؟ أبحرق التراث أم بحرق بعض التراث أم بتغييره وتحريفه أم بالتعامل معه؟ فالأزهر مستمر منذ ألف سنة بالتعامل معه، أمسك بزمام الدعوة في العالم من سنة ألف وثمانمائة وعشرة، من أيام الشيخ عياد الطنطاوي عندما أرسلناها إلى لنينغراد، وإلى ألف وتسعمائة
وثلاثة. وسبعين لم يحدث شيء، كل العالم سُرَّ من الأزهر وتفكير الأزهر، أرسلنا بعثات إلى ستين دولة رغم قلة مواردنا. كان الوضع ضيق قليلاً، ثم تزايدت الأموال، والأموال بدون علم انتشرت في العالم واستحوذوا على كل المراكز. تقريباً خمسة وعشرون سنة لم تزد، ووقعت أحداث الحادي عشر من سبتمبر، والأزهر غاب لقلة الموارد. وتصدر المشهد آخرون، وعندما تصدر
المشهد آخرون فهذا بالكاد ربع قرن. نحن مكثنا مائة وخمسين سنة، وهذا مكث ربع قرن فقط، خمسة وعشرين سنة، فجهز للتدمير لا للتعمير. ماذا ظهر إذاً؟ إياكم أن تصفوا القضية خطأً وتبذلوا مجهوداً في الخطأ، فلا تصلون إلى شيء، ستصلون إلى الخطأ المركب وأثناء هذا بدلاً من إزاحة الفساد ستزيلون الحق، والحق لا يزال. إذاً يجب علينا أن نفكر، نحن نعلم الناس كيف يتعاملون مع الواقع الذي لا يرتفع،
وبعضهم يرغب رغبات صبيانية في بعض الأحيان وعاطفية في بعض الأحيان مع حسن الظن أن يدمروا أو يزيلوا، والواقع لا يزال. ولذلك نحن معنا الأداة التي بها الفهم، والآخرون عندهم عاطفة ليس بها الفهم. إلى لقاء آخر، أستودعكم الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.