#حديث_الجمعة | العقلية القارقة عند علماء الدين

#حديث_الجمعة | العقلية القارقة عند علماء الدين - التفكير المستقيم, مجلس الجمعة
بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. مع سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أن انتقل إلى الرفيق الأعلى وتركنا على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك، تكلمنا أن هناك عقلية تُبنى عند أهل الحق أهل. السنة والجماعة من الأشعرية والماتريدية والأزهر الشريف، وأن هذه العقلية بنت فينا البحث
عن الحجية ثم التوثيق ثم أدوات الفهم ثم القطعي والظني ثم كيفية الإلحاق بقواعد متينة ثم التعارض والترجيح ثم شروط الباحث، وعرفنا أنهم أيضاً رتبوا الدرس وعلمونا العلوم المساعدة التي تخدم في خدمة النص، وتبين معنا أن تصير اللغة العربية ملكة لدينا نفهم بها العبارات ونفهم بها الألفاظ وندرك بها التراكيب ونستنبط منها بواسطة اللغة من ناحية وبواسطة أصول الفقه من ناحية أخرى ما هو أقرب بعد بذل الجهد منا إلى حكم الله سبحانه وتعالى حتى يرضى عنا
وعرفنا أننا على دين أصيل وأن هذا الدين الأصيل أمامنا سيدنا لا نفرق بين أحد ممن انتسب إليه، كلمته هي التي نتبعها. "لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا". "وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا". وعرفنا أن حب رسول الله فيه حب لله. "قل إن كنتم تحبون". الله فاتبعوني يحببكم الله، إذًا فنحن أمام دين أصيل واضح الحجة، فيه رسول الله، وكذلك نفزع إليه صلى الله عليه
وسلم، نبحث عن المحجة البيضاء التي تركها لنا حتى نقيس بها الأمور، وحتى نعرف الحق من الباطل، ونعرف القيم من الغث. تعلمنا في هذا النموذج الهرم المعدول بترتيب يوقع الآيات. في أماكنها ويجعل عندنا نوعًا من الرحمة ومن الحب ومن الصبر ومن الأناة، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول للأحنف: "فيك خصلتان يحبهما الله ورسوله: الحلم والأناة". وألّف العلماء في زين الحلم وعين العلم، فالحلم والعلم
إذا كان الإنسان حليمًا جزء لا يتجزأ من الإدراك والمعرفة، وليست القضية هي المعلومات عرفنا في هؤلاء الخوارج الدين الموازي، وعرفنا في هؤلاء الخوارج القلب الهرم المقلوب، وعرفنا أن ذلك يعكر صفو إدراك المحجة البيضاء التي تركها لنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. علمونا ما يسمى بالعقلية الفارقة، أن أئمة الدين من الأتقياء الأنقياء الأولياء الظاهرين والأخفياء كانت عقليتهم فارقة يفرقون.
بين المعاني يفرقون بين العبارات فعرفنا الفرق بين الدين والتدين وأن الدين علم يحتاج إلى علماء وإلى أركان العلم الخمسة: الطالب والأستاذ والمنهج والكتاب والجو العلمي. أما التدين فهو لكل أحد حتى قال قائلهم: خذ بفتواه لأنها نشأت عن علم دين ولا تعمل بتقواه لأنه قد يكون مقصراً في حياته. وأنتَ أيها السائل أفضلُ منه عند الله، مثل الطبيب الذي ينصحك بأكل كذا وترك كذا، وأنه لا بدَّ عليك إلا أن يزيدَ وزنك وهو في
منتهى السمنة. فخذ بفتواه ولا تعمل بتقواه، لأن كلامه في الطب صحيح وإن غلبته نفسه على الأكل فأكل فسمِن. هكذا عِشنا وفهمنا أن الأمر مختلف عقلية فارقة بين العلم والمعلومات، فوجدنا الخوارج عندهم معلومات كثيرة يا أخي جاءت من الإنترنت والفيسبوك، إنما ليس عندهم ناظم يفهم تلك المعلومات. معهم نص ويخرجون لك أشياء مثل الساحر، ويتعجب أحدنا: ما هذا؟ ما هذا الهراء؟
ويبحث فيجد المعلومة أولاً بسند ضعيف، إذاً فهو قد افتقد التوثيق، وثانياً فهمها. ليس هكذا مصيبة في هؤلاء يصدق فيها قول الله تعالى: "لِمَ تلبسون الحق بالباطل وتكتمون الحق وأنتم تعلمون" ويصدق فيها قوله تعالى: "أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض فما جزاء من يفعل ذلك منكم إلا خزي في الحياة الدنيا ويوم القيامة يردون إلى أشد العذاب وما الله بغافل عما تعملون" علمونا. في الأزهر الشريف أن هناك فارقًا بين القضاء وبين الفقه، وأن هناك فارقًا بين القضاء وبين الحياة. فالقاضي
يحكم عند النزاع لكنه يحدث قوم بعد توثيق، ومن هنا فارق القضاء الفقه وفارق القضاء الحياة أيضًا. فممن نأخذ حياتنا من سيدنا، وهل هناك في الفقه ما يكر عليه بالبطلان أبدًا، وهل هذا الفقه يُطبق بحذافيره أبداً، لماذا؟ لأنهم عَلِموا ما يُسمى بالأحكام الوضعية. هذه هي النظارة التي نلبسها عند قراءة المحجة البيضاء، ولو تركت هذه النظارة لاختلط علينا الحال وزاد
الخلاف وتناقضت آيات القرآن بعضها مع بعض. إياكم وأن تضربوا بعض آيات الله ببعض، ولذلك وهي من صفة الخوارج الأولين ضرب. بعض آيات الله هكذا، عندما أرسل سيدنا علي ابن عباس، سأل سيدنا علي: "أنا ذاهب إليه"، قال: "أخاف عليك منهم"، فقال: "لا تخف"، قال: "إذاً فعليك بالسنة، فإن القرآن حمّال أوجه، تأتي له بآية هكذا، يأتي لك بآية هكذا، فيتشتت المستمع ويقول: ماذا يعني الله".
نحن لسنا فاهمين الآن، فهذا موجود وذاك موجود وذلك موجود. نعم، صحيح، النصوص هكذا. اللغة لها عشرة احتمالات، وهذه الاحتمالات العشر تخرج عن القطعية، ولذلك لا بد من ضبطها بقضايا القطعي والظني وبقضايا اللغة نفسها تُضبط وبقضايا الإجماع. إذاً إذا كنت تتكلم، فهذه مصيبة، أنت ستهدم الدين على رؤوس. المتدينون ما الفارق؟ الفارق هو أننا نفهم هذا النص من خلال الفرق بين القضاء والفقه، الفرق بين القضاء والحياة، الفرق بين الحياة والفقه، الفرق بين الدين والتدين، الفرق بين العلم والمعلومات. نفهم هذا التراث وهذا
المقدس من الكتاب والسنة، نفهمه من خلال الحجية والتوثيق وأدوات الفهم، وكذلك بالعموم والخصوص والمطلق. والمقيّد والناسخ والمنسوخ نفهم هذا بالتعارض والترجيح، نفهم هذا بترتيب الأدلة. أنت افتقدت كل هذا، افتقدته، وجئت تدخل إلى الدين وكأنه رحلة سياحية. ماذا نفعل؟ أنت الآن أمام مصيبتين: إما أن تستمر في غيّك، وإما أن تهدم الدين على رأسك ورأس الذين أيدوك. بعد الفاصل نستمر. بسم
الله الرحمن الرحيم. الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. هناك أيضاً تعلمنا في الأزهر الفرق بين المناهج والمسائل، فالمناهج أمر ينظم الفكرة والمسائل أمر متصل بالزمان. ولذلك ونحن نقرأ القراءة المتأنية التي تفرق بين هذه الفروق لا نجد إشكالاً، نجد إشكالاً عند هؤلاء العلمانيين وعند هؤلاء الخوارج. لأن كلاً منهم يقرأ بلا أداة فيصلون إلى نفس النتيجة، إلا
أن العلماني يقول: "الإسلام يقول" ولذلك فأنا لا أتبعه، والخارجي يقول: "الإسلام يقول نفس الشيء" ولذلك سوف أفسد في الأرض باسم الله. كلاهما ضد النص ولم يصل إلى معناه لأنه افتقد النظارة التي يقرأ بها، فالعلمانية والخوارج وجهان لعملة واحدةٌ وهنا يتبين لنا لِمَ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في شأنهم: "الخوارج كلاب أهل النار" بالرغم من أنهم مسلمون. قال عليٌّ رضي الله تعالى عنه وهم يسألونه: أكفارٌ هم؟ قال: "هم مسلمون إخوةٌ لنا بَغَوْا علينا". لم يكفرهم حتى لا يقع
في نفس الخطيئة التي وقعوا فيها تكفير المسلمين بعد أن أنشأوا الدين الموازي وجعلوا هذه الجماعة جماعة المسلمين وكل من خارجها يستحق القتل، ولذلك يضعون المتفجرات في أي مكان. لماذا يضعون المتفجرات؟ لأن الكل كافر، وهذا كلام سيد قطب. كان السيد رحمه الله لا يصلي الجمعة، فلما سُئل في هذا: "أنت لا تصلي الجمعة أم ماذا؟" قال: "لا، هذه ديار كفر أصلاً. كيف تُصلى الجمعة؟ والنبي صلى الجمعة في مكة، ثم بعث مصعب بن عمير إلى المدينة ليصلي الجمعة هناك. لكن هذه ديار كفر لا تُقام فيها صلاة الجمعة، صلِّها ظهراً". فكان في بيته في حلوان دائماً يصلي الجمعة ظهراً ولا يصلي الجمعة. إنا لله وإنا راجعون
ومثل هؤلاء يتصدرون المشهد ويصبح معهم شهادة شهيد "أنا شهيد تعالوا اتبعوني" وهو ليس معه أي شهادة، لا شهادة شرعية ولا شهادة دنيوية. أنت تحارب سيد قطب وقد بذل نفسه! ما هو لم يبذل نفسه، هذا رجل قام بانقلاب فقبضوا عليه وقتلوه. أتستهين به؟ هل ستظل العقلية هكذا متخلفة؟ إلى هذا الحد المعروف أصبح منكراً والمنكر أصبح معروفاً. نعم، قتل بإذن سيدنا رسول الله، قال: "إذا كنتم جميعاً على رجل فخرج أحدهم يريد أن يفرق جماعتكم فاقتلوه
كائناً من كان". لماذا قال كائناً من كان؟ ماذا يعني؟ كلنا متفقون على هذا الرجل هكذا، هل هو ظالم أم لا؟ ماذا؟ الذي هو عبد الناصر ظالم، تنزُّلاً، نعم ظالم. النبي عليه الصلاة والسلام يقول لك هكذا، ولو ضرب ظهرك وأخذ مالك، ما المشكلة في ذلك؟ ماذا تريدون؟ أنتم تأتون في الأزمة وتتركون سيدنا رسول الله هكذا. ضرب ظهرك لأنك رجل مجرم حاولت قتله. قبض عبد الناصر على ثمانية عشر ألف شخص. من الإخوان المسلمين في نصف ساعة حقّق معهم، تبيّن أنهم لا يعرفون شيئاً. الجريمة: محمود عبد اللطيف أخذ المسدس
من هندوي دوير وإبراهيم الطيب، وذهب إلى الإسكندرية وأطلق النار على عبد الناصر في المنشية. لم يستطع قتله. قبضوا على محمود، وجاء هندوي دوير الذي كانت زوجته من المنيا، فأخذها بسرعة تركها عند أهله وذهب ليسلم نفسه في شرطة إمبابة. عندما سلم نفسه في شرطة إمبابة قال لهم: "أنا أعترف بكل شيء". قالوا له: "تعترف بماذا؟" قال: "أنا الذي أعطيته المسدس، وأنا الذي فعلت به، وأنا الذي قمت بكل شيء". فاعتبروه رجلاً يعني معترفاً، اعتبروه كذلك هو. وقدم هندوي دوير وقدم إبراهيم الطيب وقدم محمود عبد اللطيف، لكن عندما جمع ثمانية عشر ألفاً في نصف ساعة، هؤلاء هم كل ما كان الإخوان المسلمون الذين نسميهم الآن إرهابيين. ثمانية
عشر لم يكونوا إرهابيين، ثمانية عشر كانوا أناساً على باب الله، يظنون أنهم يخدمون الله ورسوله، يظنون هم. عندما يذهبون ليُغلقوا المساجد، يبنون لهم مستشفى، يقيمون لهم كذا، هذا عمل خير، والله تعالى يقول: "فافعلوا الخير لعلكم تفلحون". استمر في السجن ألفان وسبعمائة، والباقي خرجوا. ألفان وسبعمائة من ثمانية عشر ألفاً، كم المتبقي؟ خمسة عشر ألفاً وثلاثمائة خرجوا، ذهبوا إلى بيوتهم بعد شهر، بعد شهرين، بعد أربعة، بعد اذهبوا إلى بيوتهم، انتهى التحقيق، وأُعدم من أُعدم، وحدث هكذا، والباقي ألفان وسبعمائة، بعضهم لديهم أحكام، حوالي ثلاثين أو أربعين شخصاً لديهم أحكام، والباقون في الاعتقال. ابقوا هنا إذن، ألفان وسبعمائة من كم؟ من ثمانية عشر ألفاً، من كم شخص؟ كنا
حينها قد اقتربنا من ثمانية عشر مليوناً أو تسعة هذا ظلم، أي ظلم؟ ما الذي يُعتبر ظلماً؟ أهو الظلم أن تذهب وتقتل رئيس البلاد؟ أم الظلم أن تُنشئ جماعةً وأنت غير مستعد لحلها؟ أم أنه ظلم أن شخصاً من الجماعة ارتكب خطأً فنريد التأكد كيف ارتكبه؟ أم أنه ظلم أن يُجري تحقيقاً؟ حتى يعرف رأسه من رجليه وأخرج الخمسة عشر ألفاً وثلاث مئة. أين أنا من الذي ظلم الألفين وسبع مئة؟ هذا ليس ظلماً. هل كلهم كانوا يعرفون؟ لا، لم يكونوا يعرفون، لكن كلهم مصممون على أن تبقى هناك شيء اسمه جماعة الإخوان المسلمين. لم تفكوها، رفضوا أن يفكوها. وسيد غضب لأنه في
أمريكا ظنوا أنهم سُعداء بحسن البنا، فما دامت أمريكا مسرورة بحسن البنا، فهل يعني ذلك أن حسن البنا على صواب؟ لا، نحن لا نقيّمه هكذا. فلو أن العالم كله غضب من حسن البنا، فإننا نقيسه بسيدنا رسول الله، هل هو على صواب أم لا؟ وإذا كان قد فعل شيئاً لك فإن لم يكن في الأرض خليفة فالهرب الهرب. ما قال لك اعمل جماعة حسنًا، ولم يقل له أحد ذلك. وجد الشيخ محمد عبد الوهاب الحصافي فقال له: من الذي قال هكذا؟ هو في مذكرات الدعوة والداعي التي طُبعت سنة ألف وتسع مائة وخمسين، وكان أول واحد يُقدم لها أبو... الحسن الندوي، إذاً نحن في ورطة يا أبناء، إنه لا يوجد أحد راضٍ أن يصدق وهو أمامه ينكر ما يرى ويصدق ما يسمع. إذاً هذا تلاعب بالفكر
الإسلامي، ليس بالفقه فقط ولا بالشريعة فقط. السيد طيب، كان رجلاً طيباً يا رجل، ماذا، وماذا إذن أبو محمد العدناني الذي... لماذا يأتي داعش منه؟ لماذا إذاً الصلابي الليبي صاحب فجر ليبيا قد كتب رسالة الدكتوراه الخاصة به في النصرة والتمكين عند سيد قطب؟ لماذا إذاً يقول جمال سلطان أن لحمي ولحمتي ودمي من سيد قطب؟ ولماذا يكذب على المواقع؟ ما هذه المصيبة! يجب علينا أن نتكاتف. جميعًا نُنهيها نحن على قدَم سيدنا علي رضي الله تعالى عنه وأرضاه. لا نُكفِّر
الخوارج ولكن نُخَطِّئُهم، ونقول للأعور إنك أعور في عين، ولكن نُبيِّن لهم خطأهم بالعلم. رجع مع ابن عباس ألفان، وأربعة آلاف لم يرجعوا مع حَبْر الأمة. الألفان هداهم ربنا ووجدوا الكلام سليمًا، أما الأربعة آلاف [فلم لم يعودوا إلى مشربهم، هكذا أمر الله فيهم، "إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء". هيا بنا نتأمل المحجة البيضاء التي تركها علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم. تعلمنا ألا نفصل النصوص بعضها عن
بعض، ولا نضرب النصوص بعضها ببعض. أمر كامل، وتعلمنا أن هناك أحكاماً. سارية وأحكام زمنية إلى آخر ما تعلمناه، والحمد لله رب العالمين. إلى لقاء آخر، أستودعكم الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.