حقائق حول الأمة الإسلامية | المبشرات | حـ 1 | أ.د علي جمعة

على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد، فإن المتابع لأحوال المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها حالياً يجد الصعاب والمشاكل والمآسي في أفغانستان وفي العراق وفي مشارق الأرض ومغاربها، ولكننا أمة التبشير، يقول رب العزة تبارك وتعالى: "يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهداً ومبشراً". ونذيرًا وداعيًا إلى الله بإذنه وسراجًا منيرًا، والحبيب صلى الله عليه وسلم يقول: "بشروا ولا تنفروا، ويسروا ولا تعسروا". قناة الرسالة مع فضيلة الإمام الدكتور علي جمعة مفتي الديار المصرية تبدأ مجموعة حلقات في شهر رمضان المبارك، حلقات المبشرات. أهلاً ومرحبًا بك يا مولانا. أهلاً وسهلاً، وكل عام وأنتم بخير. أهلاً وسهلاً يا مولانا، تفضل حضرتك. الآن من يرى أحوال المسلمين يشعر بالحزن، وهناك أناس يقولون إن القيامة اقتربت وعلامات الساعة بدأت، وهناك نوع من أنواع الاكتئاب. فنحن نريد أن نبشرهم بماذا يا مولانا؟ بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة
والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. هناك حقائق تغيب عن الناس فتجد أن الإنسان قد دخل في المشكلة وأنه استهلك نفسه فيها، وهذه الحقائق واضحة بَيِّنة متفق عليها، إلا أنها تُنسى، وفي خلال نسيانها يشعر الإنسان بحزن زائد ويشعر بهمٍّ زائد على الحالة التي وُضع فيها. النبي صلى الله عليه وسلم عليه الصلاة والسلام يقول... بُعِثتُ والساعةُ كهاتين - ويشيرُ بإصبعِهِ صلى اللهُ عليه وسلم السبابةِ والوُسطى - يعني شيءٌ قريبٌ جداً، وربُّنا سبحانه وتعالى يقول: "اقتربتِ الساعةُ وانشقَّ القمر"، يعني
إذا كان النبيُّ صلى اللهُ عليه وسلم وهو خاتمُ النبيين والمرسلين، والقرآنُ وهو الكلمةُ الأخيرةُ والعهدُ الأخيرُ من اللهِ للناسِ أجمعين إلى يومِ الدين، يُؤذِنُ بقُربِ الساعة. ولكن ألف وأربع مائة سنة والساعة لم تقم بعد، فالقضية أنه قرب نسبي، وأن يوماً عند ربك كألف سنة مما تعدون، تعرج الملائكة والروح إليه في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، فاصبر صبراً جميلاً، إنهم يرونه بعيداً ونراه قريباً، إذ الإنسان لا يتخيل نفسه أن الدنيا سوف تُهدم وأنه... يجب عليه أن يدخل في دور إحباط وفي دور اكتئاب وفي دور انتهاء كمن ليس واثقاً بالله سبحانه وتعالى وعلم أن أجله قد دنا
وأنه سوف يأتي حالاً. مثلاً المؤمن يحب لقاء الله أي ويستبشر بلقاء الله سبحانه وتعالى. حقيقة بسيطة جداً وهي أن الساعة قد قربت، الساعة قد... قربت ليس معناها أن غداً ستكون الساعة، إنما علامات الساعة أولها كما يقول العلماء بعثة النبي صلى الله عليه وسلم عليه الصلاة والسلام. الحقيقة الثانية أن هذه أمة جهاد، الجهاد الأصغر والجهاد الأكبر. ما الذي حدث؟ وكلها حقائق وكلها يعلمها المسلمون عندما أرسل الله نبيه إلى مكة وإلى مشركيها لم... يكذبه المشركون وحاربوه وضيقوا عليه الأمر كله وهم يضعون عنده
أماناتهم وودائعهم، يأتمنونه رغم أنهم يكذبونه، ويسمونه الصادق الأمين حقاً. ويقول لهم: "أنا النذير العريان، لو أخبرتكم أن وراء هذا الجبل جيشاً يغزوكم، أتصدقونني؟" قالوا: "نعم، نعم، لم نجرب عليك كذباً". كذباً وبالرغم من ذلك العناد والمصالح والدنيا، يعلمون ظاهراً من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون، تُغشى أعينهم وقلوبهم ويحاربون النبي صلى الله عليه وسلم وصحبته ويعذبونهم. كلنا نعرف ما الذي حدث في سمية أم عمار وفي عمار وفي أبيه وفي بلال وفي كذا وكذا، كلنا نعلم ما الذي حدث فجعل الصحابة يتركون مكة إلى الحبشة في هجرتين ويتركون مكة إلى المدينة حتى
أن النبي صلى الله عليه وسلم قد هاجر أيضاً إلى المدينة. إذاً فهذه أمة يُعتدى عليها منذ النشأة، يُعتدى عليها منذ النشأة، هذه حقيقة تغيب عن كثير من الناس ويظن الناس أن البلاء الذي نعيشه في فلسطين وفي العراق وفي أفغانستان وأن البلاء الذي نعيشه هنا وهناك أنه جديد ليس جديداً، هذا من البداية وبصورة مستمرة، نعم وهذه حقائق لأنها تاريخ لأنها وقائع يعني ليست رأياً ولا خيالاً ولا توقعاً ولا مستقبلاً ينتظر أبداً، هذه حقائق نعيش فيها وعشنا فيها وهي أخبار ما الذي حدث ذهب. النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة. أين
بدر؟ هل بدر هذه في مصر أو في اليمن أو في العراق أو في الهند؟ هل بدر هذه في البدينة على بعد كيلومترات بسيطة من المدينة؟ أقرب من المدينة منها إلى مكة. أين أحد؟ هذا جبل المدينة. أين غزوة الخندق؟ أين؟ وقعت هذه المعركة، معركة الخندق، وهي خندق نار على المدينة. صحيح أن الرجل وأتباعه والمؤمنين به المسلمين، وجوههم لله، يصمدون في مكانهم، فهم لم ينتقلوا هنا أو هناك. هم مُعتَدى عليهم. بداية المعارك عندنا في المدينة وليست في مكة. لسنا نحن من نعتدي، بل هم الذين هنا في... المدينة المدينة ضرب شغال في المدينة، فالواقعة الأولى والثانية والثالثة والرابعة والخامسة، ما هذا؟ وأحاطوا بهم ودبروا لهم التدابير حتى اتفق المشركون واليهود،
المشركون في الجنوب في مكة واليهود في الشمال في خيبر، أن يطبقوا على المدينة من الشمال والجنوب وأن ينهوا المسألة وتنتهي الدعوة. مَن الذي...؟ وهذه أولى المبشرات. مَن الذي جعل المسلمين ينتصرون مع قلة العدد والعُدّة في بدر؟ مَن الذي جعلهم ينتصرون في الخندق؟ مَن الذي جعلهم ينتصرون ولا يستغرب الناس في أُحُد؟ نعم، على فكرة، هؤلاء انتصروا في أُحُد، ليست هزيمة ولا تعادلاً حتى، ليست هزيمة ولا تعادلاً. نعم، لأن النبي صلى الله عليه وسلم وهو يعلمهم الهمة ويعلمهم كيف يدافعون عن القضايا. بعد أن رجعوا، سمع أن أبا سفيان
يريد أن يعود إلى المدينة مرة أخرى ليقضي على المسلمين. نعم، ما الذي حصل في أُحد؟ انتصار للمشركين في أول الأمر، ثم عصيان للرماة فنزلوا من الجبل، فحدثت هزيمة للمسلمين وضرب موجع لهم، ثم بعد ذلك... ذلك رحل المشركون. حسناً، يا الله، إذا كنتم منتصرين فلماذا لم يهجموا علينا؟ لماذا لم تهجموا وتقضوا على المسلمين هؤلاء؟ نعم، لأنهم لم يكونوا منتصرين الانتصار الذي يؤهلهم لذلك. هؤلاء كانوا راجعين في حملة تشبه الثغرة التي حدثت سنة ثلاثة وسبعين. بعض الناس يظن أنها هزيمة، أبداً، هذا... ردّ فعل، فالذي حدث في أُحُد هو ردّ فعل للهزيمة التي هُزِمها المشركون، لكنهم بعدما انصرفوا من المدينة
رجعوا إلى أنفسهم وقالوا: لماذا لم نضربهم وهم مجروحون وهكذا. فاستمع النبي إلى هذا الخبر، فجعل الذين قاتلوا وضُرِبوا وجُرِحوا لا يضعون أسلحتهم، وقال لهم: هيا وراء هؤلاء الرجال. فذهب المنهزمون في... الصورة المنتصرين ورفض أن ينضم إليهم غيرهم الذين لم يكونوا معنا، ولن يأتي نفس الذين حاربوا يوم أُحد. هم سيخرجون معي. الشباب الذين ضُربوا هم الذين سأضرب بهم، هم الذين سأضرب بهم. هذه هي الهمة، هذه هي الفروسية، هذا هو النبل. اخرج وراءهم، اخرج وراءهم، اخرج وراءهم. هذا يعني في الصحراء، اخرج مجاهداً وأنت مصاب. ومجروح، مجروح، ومجروح له فترة، وليس هناك غرز ولا غرز ولا مضاد حيوي ولا أي شيء. خرجت أجري وراءهم، فجروا وراءهم، فلحقوا بهم
في حمراء الأسد. حمراء الأسد هذه قريبة من مكة، فدخل المشركون مكة في فزع شديد. انظر كيف يعني، تخيل أن الجيش عائد يا عيني لكن ليس... مسرور من الانتصار الوهمي الذي حصلوا عليه، لماذا هم خائفون من أن المسلمين وراءهم؟ هذا هو التصميم والإصرار على الحق، والتصميم والإصرار على الهمة. من الذي فعل هذا؟ ألم يكن من الممكن أن يذهب المسلمون وأن يندثروا في مثل هذه المعارك المستمرة المتتالية؟ كان يمكن ذلك، ولكن الله بشر ووعد وصدق وعده. وَصَدَقَ وَعْدَهُ وَإِلَى يَوْمِنَا هَذَا الَّذِي نَحْنُ فِيهِ. مَا الَّذِي حَدَثَ بَعْدَ ذَلِكَ؟ مُنَاكَفَاتٌ
وَمُنَاوَشَاتٌ مِنَ الرُّومِ وَتَهْدِيدَاتٌ مِنَ الْفُرْسِ اسْتَوْجَبَتِ الصَّدَّ وَالرَّدَّ. أَيُّ إِمْبِرَاطُورِيَّةٍ ضَخْمَةٍ تُسَمَّى الرُّومَانَ ذَاتُ تَدْرِيبٍ عَالٍ وَتَنْظِيمٍ عَالٍ وَإِدَارَةٍ عَالِيَةٍ، وَكَذَلِكَ الْحَالُ فِي الْفُرْسِ. إِذَنْ فَالْهُجُومُ مُسْتَبَقٌ قَبْلَ أَنْ نَتَكَلَّمَ فِي مَوْضُوعِ الْفُرْسِ يَا مَوْلَانَا. الفاصل قادم، سنذهب إلى الفاصل ونعود ونستكمل الحوار مع مولانا الدكتور علي جمعة مفتي الديار المصرية، فاصل نعود إليكم فابقوا معنا. بسم الله الرحمن الرحيم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، عدنا إليكم من الفاصل. الحلقة الأولى من حلقات برنامج المبشرات مع فضيلة الإمام الدكتور علي جمعة مفتي الديار المصرية، كنا في الجزء. في الجزء الأول من الحلقة السابقة، أخبرنا مولانا أن الإسلام دين يتعرض للهجوم منذ بداية نشأته، وأننا نتعرض للهجوم منذ بداية البعثة النبوية الشريفة. وقد أوضح
لنا مولانا أننا في غزوة أحد لم ننهزم ولم نتعادل، بل نعتبر أننا انتصرنا، وأخبرنا مولانا أن سيدنا النبي عليه الصلاة والسلام أمر. جَرْحُ المسلمين في غزوة أُحُد أن يهاجموا مشركي مكة، ومشركو مكة هربوا. وهذا تفسير الآيات المعروفة: "الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيماناً وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل". وكنا قبل أن نذهب إلى الفاصل، كان مولانا يتحدث إلينا عن التنظيم أو الفرق بين الفرس والروم في... النظام العسكري تفضل يا مولانا، بعد ذلك جاء التتار وجاء الصليبيون قبل التتار، بعد ذلك جاءت فترة استعمارية هوجم فيها العالم الإسلامي. كل هذا ونحن جالسون في مكاننا، نحن لم نر ولم نعرف عنه، نحن نتعرض للهجوم. بعد ذلك وفي أواخر القرن العشرين وبدايات الحادي والعشرين رأينا المآسي التي في فلسطين. وفي الشيشان وفي أفغانستان وفي العراق وفي وفي وفي وفي... بعد ذلك نحن جالسون في مكاننا
ونتعرض... نحن... نحن هوجمنا، ولذلك فمن المبشرات صدق الوعد. من الذي أبقى على هذه الأمة تزداد بهذه الكيفية التي سوف نتحدث معها خلال هذا الشهر كله فيها؟ الله صدق وعده ونصر عبده وأعز. جنده وهزم الأحزاب وحده، وإلى يومنا هذا، ما حدث في أُحُد هو الذي يحدث الآن في فلسطين، وهو الذي يحدث الآن في أفغانستان، وهو الذي يحدث الآن في العراق. نحن أمة كانت لنا الريادة، وكانت لنا القيادة، وكانت لنا الحضارة. هذه الحضارة ضُربنا فيها وأُخذت منا ونحن نلوم أنفسنا. قبل أن نلوم الناس، وجب علينا أن نرجع إلى أنفسنا قبل أن نرجع إلى الناس، ولكننا في مبشرات
دائمة سوف نُحاسب عليها أمام الله سبحانه وتعالى. الله سبحانه وتعالى جعل من المبشرات أشياء كثيرة جداً سنتكلم فيها بعد ذلك بالتفصيل. هل هناك من يقول بعد دراسة تاريخ الأمة الإسلامية من بدايتها وإلى... يومنا هذا أن تبقى وقد هلكت الهنود الحمر صحيح وهلك السكان الأصليون لأستراليا وهلكت قبائل بأكملها في أفريقيا عندما أُريد لها الإهلاك، أمة تُضرب بمثل هذا الضرب فتبقى مليار وثلاثمائة مليون، هذه من المبشرات. تُضرب فتزداد لا تنحل أو تندثر، يعني أمة عجيبة، يبقى كتابها هذه من. المبشرات: كيف يبقى الكتاب إلى الآن محفوظاً محاطاً بمجموعة كبيرة من العلوم
بعد كل هذا الهجوم الشرس عليه من كل جانب؟ كيف تبقى القراءات المتواترة تُتلى غضةً طريةً في المنابر وفي المحاريب وفي الخلوات وفي الجلوات وإلى يومنا هذا؟ كيف يحدث أن يكون هناك كتاب - هذا الكتاب - يحفظه أجنبي اللغة؟ التركي والملايو والفارسي يحفظون كلاماً هم لا يعرفون كيف يحفظه الصغير والكبير، وليس هناك كتاب قد حُفِظ بهذه الطريقة لا من دواوين الشعر ولا من النثر ولا بأي لغة كانت، من العجائب الغرائب المبشرات التي يمكن أن نفيض فيها أن هذا الكتاب العجيب الغريب لو تُرجمت معانيه إلى أي لغة وقد... تُرجمت
معاني القرآن إلى أكثر من مائة وثلاثين لغة، مائة وثلاثين لغة، وتُرجمت مرات كثيرة، فمثلاً في اللغة الإنجليزية تُرجم أكثر من مائتين وتسعين مرة، نعم مائتين وتسعين ترجمة. فلا يستطيع أحد من البشر أن يحفظ المترجم، صحيح، لكن يحفظ الكتاب. إنما سبحان الله يحفظ الكتاب الأصلي، سبحان الله. الله ما هذا، هذا ليس في مقدور المسلمين ولا في مقدور سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم، ولا في مقدور أحد من المخلوقات أجمعين. هذا فعل الله وهذا تبشير الله سبحانه. الحمد لله، أين قبور الأنبياء؟ قبور الأنبياء لا علم لنا فيها على وجه القطع، نعم، ويعني أكثر شخص... قبره يكون يعني قيل أنه هو سيدنا إبراهيم
في الخليل، في الخليل سيدنا إسحاق وسيدنا يعقوب وسيدنا يوسف مدفونون معه، ويقولون لا ليس هم، من أين أتوا؟ من الذي نقلهم؟ هذا كلام محل جدل في التاريخ. الوحيد هو قبر النبي صلى الله عليه وسلم فقط لا غير، والمؤكد المتأكد منه، يعني فحفظ. كتابه وحفظ قبره وحفظ أمته وحفظ قبلته وحفظ كل شيء، شيء غريب! إن المؤمن والكافر يقولون أن تحت القبة الخضراء هو محمد بن عبد الله، آمن به أو كفر. صحيح! فيوجد في التاريخ سيدنا النبي هنا وسيدنا عمر وسيدنا أبو بكر، وسيدنا أبو بكر لا جدال فيه. البرتغال في... في القرن السادس عشر حاولوا سرقة جثمان النبي المصطفى الطاهر الجسد الشريف من أجل أن يغيظوا المسلمين، فقبض عليهم العثمانيون وحموهم،
فعُدّت في مآثرهم. يعني يقول لك ماذا فعل هؤلاء الأتراك؟ لقد فعلوا لنا الكثير. كيف ذلك؟ لقد ضربوا البرتغاليين عندما جاؤوا في البحر الأحمر وحاولوا أن يغزوا القبر الشريف. من أجل أن يُخرجوه إغاظةً للمسلمين، من الذي فعل هذا؟ الذي فعل هذا هو الله. لماذا؟ هو يبشرنا، يبشرنا في الآلاف. سبحان الله، النبي صلى الله عليه وسلم رأى أولاده الصبيان كلهم ماتوا أمام عينيه، ورأى بناته مُتن كلهن، نعم، زينب الكبرى ورقية وأم كلثوم، ودفنهن هو صلى الله عليه وسلم. وسلم يعني دُفنوا في حياته، والباقية فقط السيدة فاطمة. يقوم بمحادثتها فتضحك. فالسيدة عائشة يعني استحلفتها
قائلة: ماذا قال لك قبل أن ينتقل إلى الرفيق الأعلى؟ قالت: السؤال إنكِ أقرب أهل بيتي لحاقاً بي. يعني كان يعلم أنها ستموت، فماتت بعده بستة أشهر. الله! طيب عندما تعلم أن هؤلاء الناس ستموت كلها. ما الذي يدفعك لقول: يا رسول الله تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبداً، كتاب الله وعترة أهل بيتي؟ مبشرات، نعم هذه بشرى. من الذي قال إن أهل البيت سيبقون بعد كل هذا البلاء الذي حدث لهم من تقتيل ومن حرب ومن كذا واستشهاد؟ سيدنا الحسن استشهد بالسم واستشهد سيدنا الحسين في كربلاء وما إلى ذلك، قتلوه هو وأولاده، نعم، خلاص، لم يبق أحد صحيح، فلم يبق من النسل الشريف إلا علي زين العابدين من
الحسين والحسن المثنى وزيد الأبلج من الحسن، ومن هؤلاء الثلاثة انتشروا من طنجة إلى جاكرتا، ومن غالية إلى فرغانة. هذه مبشرات أم ليست مبشرات؟ هذه آيات أم ليست آيات؟ هذه بيد أحد يعني بيد الحسن أو الحسين أو بيد المسلمين أو بيد سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم أنه يصنعها؟ في الحقيقة إنها آيات ومبشرات وشيء يُسعد القلب ويفرحه لا يحزنه بالرغم من كل المشكلات التي وقعنا فيها وبالرغم... من كل الضرب تحت الحزام وفوق الحزام وبجميع أنواع الضرب القذر في الأمة الإسلامية والتصفية الجسدية التي حدثت أمامنا في البوسنة والهرسك وكل هذا العناء والبلاء الذي نجده أمام تركيا بعد أن أعلنت أنها علمانية وبعد أن نصت
على ذلك في الدستور وبعد أن أعلن الجيش حماية هذه العلمانية وبالرغم من هذا لا يريدونها أن تدخل الاتحاد الأوروبي لأنها مسلمة، ما هذا؟ إنها مبشرات ضخمة جداً لو تأملنا وتدبرنا وتعاملنا مع الأمور بحقائقها. نحن الذين أحببنا آل البيت، نحن الذين حفظنا القرآن. حفظ القرآن من أنزله: "إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون". حفظ أهل البيت وأكثر منهم وأظهرهم من خلقهم. حفظ هذا من صدق وعد نبيه صلى الله عليه وسلم وهو الذي قد أرسله مبشراً وهو الذي قد أرسله نذيراً وهو الذي قد أرسله رحمة للعالمين فنحن في لقائنا هذا في المبشرات نريد
أن نقرأ الحقائق على ما هي عليه ونمسك بكل حقيقة ونفيض فيها ونرى ما آثارها وكيف. نعيشها ونفرح بها لأن البشرى ماذا تعني؟ البشرى تعني أنك تفرح لا تحزن، لا تحزن. حسناً، كيف يفرح الإنسان وهو يُضرب بمثل هذا الضرب القذر المستمر العاتي غير الشريف غير النبيل؟ يفرح عندما يعلم الحقيقة، عندما يعلم أن الدنيا ليست هي غاية المراد من رب العباد، بل إنها جسر إلى... الآخرة يفرح عندما يعلم أن الأمر لا ينتهي هنا إنما في يوم آخر سنعود فيه إلى ربنا نرجو وجهه ونرجو رحمته ونرجو جنته ونرجو رضاه. فيه
نفرح عندما نعلم الحقيقة أننا على الحق وإن حاربنا الناس. نفرح عندما نعلم الحقيقة أننا نعبد رباً ونذكره قد وصف لنا نفسه بجلاء ووضوح. إن كثيرًا من الناس يعبدون ما لا يعلمون من البشر، وعلى فكرة، إن أهل الديانات السماوية كلها يمثلون ثلث البشر، والثلثان الباقيان ما زال كثير منهم على الوثنية، وما زال كثير منهم على الأوهام المطلقة، وكثير منهم على الإلحاد المطلق. فإذًا، نحن نقول بالليل والنهار: الحمد لله الذي جعلنا مسلمين. الذي جعلنا
من أمةٍ تسجد لله وحده سبحانه وتعالى، لا يوجد أحدٌ يسجد لله الآن إلا المسلمون. من أمةٍ بُشِّرت بأنها كُلِّفت، انظر إلى التكليف؛ قد يقول لك إن فيه مشقة، لكنه وجد أن التكليف فيه تشريف أيضاً، تكليف وتشريف. سبحان الله يا أخي، ليس المشايخ وحدهم هم الذين يصلون وبقية الأمة. أي تعيش حياتها، فهناك أديان هكذا، نعم، ليس الرجال فقط هم الذين يصلون والنساء لا يصلين، وليس الشيوخ فقط هم الذين يصلون أو كبار السن دون الشباب. سبحان الله، رجال ونساء وكبار وصغار يصلون، وليس مرة واحدة في الأسبوع، بل يصلون خمس مرات في اليوم، وليس أن يصلوا. وما يعبدوا غيره مجدداً، كفى
هكذا. لا، هذا الذكر لا يزال لسانك رطباً بذكر الله. جميل جميل يا أخي، كل هذه من المبشرات، والمبشرات كثيرة جداً وهي مفرحة، وعلينا أن نأخذها واحدة واحدة ونعيش فيها. حسناً، نحن هنا يا مولانا، وقت الحلقة انتهى. الحديث مع فضيلتك مشوق والوقت يمضي بسرعة فضيلة. مولانا الدكتور علي جمعة قال لنا أنه مهما كان البلاء الذي نتعرض له، فهذا البلاء نوع من أنواع الارتقاء، لأن الأمة الإسلامية نحن لن نحيا في الدنيا فقط، فالدنيا مطية للآخرة، وإن شاء الله ننتظر الجزاء الأوفى يوم القيامة. إن شاء الله في الحلقات القادمة من برنامج المبشرات سنستمر في الحوار. مع مولانا الدكتور علي جمعة ونتابع البشرى والمبشرات في التاريخ الإسلامي وفي الحقائق الإيمانية ونتعرف مع مولانا على جيل النصر الموعود ما هي مواصفاته، كل ذلك إن شاء الله في الحلقات القادمة من برنامج المبشرات. انتظرونا وإلى ذلك الحين نستودعكم الله والسلام
عليكم ورحمة الله وبركاته وحفظ الله ورحمة الله.