حكم الإحتفال بمولد سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم أ.د علي جمعة

حكم الإحتفال بمولد سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم أ.د علي جمعة - فتاوي
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. نجيب على أسئلتكم التي ترد إلينا، وكان منها: هل يجوز الاحتفال
بمولد النبي صلى الله عليه وسلم أم هو بدعة؟ الاحتفال بالنبي صلى الله عليه وسلم بمولده الشريف جائز وله أصل من الدين وإن لم يكن شائعاً بتلك الصورة التي هي عليها اليوم من إدخال السرور على الأطفال وعلى الأسرة بالحلوى المشهورة كما هو جارٍ العمل به في مصر وفي الشام وفي تركيا وفي إندونيسيا وفي سائر بلاد المسلمين أو ذكر الله سبحانه وتعالى أو القيام بالدروس التي تستخرج العبر من السنة المشرفة أو الصلاة. على النبي صلى الله عليه وسلم وكثرة الصلاة عليه في
هذه الأوقات، كل ذلك لم يكن معهوداً قبل الملك المظفر. ولما جاء الملك المظفر سأل العلماء أنه يريد أن يُظهر الفرحة برسول الله صلى الله عليه وسلم في مولده، فألّف له العلماء بجواز ذلك وبتأصيله الشرعي، منهم ابن دحية وبعد. ألَّف في ذلك الإمام ابن حجر والإمام السيوطي المقصد في عمل المولد، واستدلوا بأدلة لجواز ذلك، منها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحتفل بيوم مولده بالصيام، وكان يقول عندما سُئل عن صيام يوم الاثنين: "هذا يوم وُلدت فيه"، وكأنه يحتفي بهذا اليوم من أجل مولده. احتفى النبي صلى الله عليه وسلم بمولده بذبح
كبشين أقرنين عقيقةً عن مولده الشريف. النبي صلى الله عليه وسلم لما دخل المدينة فوجد اليهود يصومون عاشوراء، فسأل لماذا يفعلون هذا، قالوا: هذا يوم نجّى الله فيه موسى، فقال: نحن أولى بموسى منهم، فصامه وأمر أصحابه بصيامه، وظل يوم عاشوراء يُصام على هذه الصفة. إلى أن نزل فرض رمضان، فلما نزل فرض رمضان ترك المسلمون فرضية عاشوراء، وظل صيام عاشوراء سنة، حتى قال فيها النبي صلى الله عليه وسلم أن من صام عاشوراء كفر الله عنه سنته التي مضت، وكان يقول من وسع
على أهله ليلة عاشوراء أو يوم عاشوراء وسع الله عليه سائر. سُنَّتُهُ النبي صلى الله عليه وسلم أنه احتفل بنصرة موسى، إذاً ينبغي أن نحتفل أيضاً بأيام الله، وقال الله تعالى: "وذكِّرهم بأيام الله". وكان النبي صلى الله عليه وسلم يُجيز الاحتفال بأيام النصر مثلاً لأنها من أيام الله، ولذلك لما دخل أبو بكر عليه فوجده نائماً وعنده جاريتان تضربان بالدف وتغنيان. بغناء بعاث، بعاث هذه معركة بين أهل المدينة وبين أعدائهم، وانتصر فيها أهل المدينة من الأوس والخزرج.
قال: "دعهما يا أبا بكر". إذاً فالغناء بأيام بعاث وإن كانت في الجاهلية وقبل دخول المسلمين الإسلام في المدينة، إلا أن النبي قد أجاز لهم ذلك. إذاً فالاحتفال بمولد النبي مؤصل شرعاً ومعمول به. به عرفاً وهو من الأشياء التي تحبب النبي في قلوب الناس وتقرها في قلوب أطفالنا وأبنائنا ثم أحفادنا، ولذلك ينبغي علينا جميعاً أن نفرح بمولد النبي صلى الله عليه وسلم. إلى لقاء آخر، أستودعكم الله، والسلام عليكم
ورحمة الله وبركاته. شكراً.