حكم العمل بالبنوك | ا.د علي جمعة

حكم العمل بالبنوك | ا.د علي جمعة - فتاوي
يقول هل يجوز له أن يعمل في البنوك؟ مصر انتهت من قضية البنوك هذه وتحدثنا فيها كثيراً. عندما أُنشئ البنك، كان له مفهوم وهو أنه وسيط بين الادخار والاستثمار، يجمع من الناس أموالاً ثم يعيد استثمارها. وقد أصبح البنك ضرورياً مع وجود العملة الورقية (البنك نوت) في التعامل بين الناس. وعدم التعامل بالنقود السلعية، ولذلك سُمِّيت نقوداً ائتمانية،
وتجد محافظ البنك المركزي موقعاً عليها. وقديماً في مصر، أول بنك ظهر كان بنك الأهلي، وهذا البنك الأهلي كان بنك مصر، وكان البنك المركزي. وبعد ذلك نضج الجهاز المصرفي وتطور عندما فهموا الشيخ المهدي العباسي كما يقول طلعت حرب وهو يُنشئ. فهموا بنك مصر الادخار والاستثمار وسألوه عن الحلال والحرام، فقال: إنه حلال. وتحدث بهذا طلعت باشا حرب في أول افتتاح لبنك مصر، ونقل فتوى الشيخ المهدي العباسي رضي الله تعالى عنه بأن البنك بهذه الصفة لا شيء فيه. وعندما سُئل الشيخ محمد
عبده وعرف حقيقة ما هنالك، وكان السؤال من السودان، فإنه أجازه. ثم بعد ذلك توالت التفسيرات والأحداث والتدخلات، ولأن البنك ليس من إنشائنا في حضارتنا وإنما نحن مستعيرينه من الغرب ومن الشرق، فإننا نأخذ بالتطورات، فكل يوم صورة جديدة. فحدث خطأ في الترجمة وخطأ في المفاهيم وخطأ وهكذا، وجلس العلماء يبحثون في هذا ويقولون: هل هذا حلال أم حرام، وجلسنا في جدل مع الجهاز
المصرفي إلى سنة ألفين وأربعة، وفي سنة ألفين وأربعة صدر القانون الموحد للجهاز المصرفي المصري منذ سنة ألفين وأربعة، وأصلح كثيرًا من الخلل، فلا يسمي العلاقة بين البنك وبين المودع المدخر ولا بين الآخذ المستثمر قرضًا، بل يسميها تمويلًا، فانضبط الحال بين الواقع وبين مصطلحات الفقه. الإسلامي وأصبح الجهاز المصرفي المصري يعمل طبقاً لهذا القانون والأصل فيه الحِل إلا
إذا خالف مدير بنك هذا القانون أصلاً وحينئذٍ يكون خطأً محدداً محدوداً في واقعة بعينها كمخالفة للقانون، وعليه فيجوز أن نضع أموالنا في البنوك وأن نأخذ منها أرباحها وأن نموِّل من البنك ما يمكن أن نخدم به الزراعة. والصناعة والتجارة والخدمات، وأن نأخذ من البنك ونعطي ونعمل به وفيه وله، لأن الأصل تعدل في سنة ألفين وأربعة قبل هذا، وفي الثمانينيات خرجت فكرة إنشاء بنك يسير على النمط
الإسلامي، فظهرت بنوك اسمها البنوك الإسلامية، وهي لا بأس بها لأنها تعمل تحت هذا الجهاز المصرفي بعينه، ويجوز وضع الأموال. فيها وتدويرها وهكذا إلى آخره، ولكل واحدة منها رقابة شرعية تبحث في جزئيات ما يُحدثه البنك من عقود أو ما يُحدثه البنك من استثمارات. وعلى ذلك فيجوز لك أن تعمل في البنك، والعمل في البنك ليس حراماً. وكل ذلك إنما نتكلم عن الجهاز المصرفي المصري الذي بُذل فيه كل ما بذل مما ذكر