حكم قول بعضهم إنا لله وإنا له عاشقون ونحوها من محاكاة للقرآن الكريم | أ.د علي جمعة

حكم قول بعضهم إنا لله وإنا له عاشقون ونحوها من محاكاة للقرآن الكريم | أ.د علي جمعة - فتاوي
يسأل أحدهم فيقول: انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي والإعلام من يكتب منشورات فيها محاكاة لبعض آيات القرآن الكريم، وحتى يبين السائل مراده فيقول: فيكتبون "ربنا أفرغ علينا عشقًا وتوفنا مع العاشقين"، أو يكتبون "إنا لله وإنا إليه عاشقون" أو "محبون". فهل
هذا جائز؟ هذا حرام وعدّه مشايخنا من الكبائر ونهوا عنه. عنه بل عن حكايته إعزازاً وتقديراً للقرآن الكريم، وهذا التلاعب ليس فيه من الاقتباس شيء، فالاقتباس هو أن تورد لفظاً قرآنياً في مقام يتناسب معه، كأن تقول: "إنا لله وإنا إليه راجعون"، أو تقول: "وعلى الله فليتوكل المؤمنون"، أو تقول: "وعلى الله فليتوكل المتوكلون"، ونحو ذلك
من الآيات القرآنية التي تصوغها في سياقاتك دون إخلال أو نحو استهزاء أو غير استهزاء، فهذا النوع من المحاكاة لا يجوز لأي غرض كان، سواء أراد أن يتبرك بالقرآن أو أراد أن يلعب مع القرآن، أو سواء كان هناك غرض سياسي خلف هذه المهزلة أو غير ذلك. ولقد حاول كثير من الناس عبر التاريخ. أن يفعلوا هذا المحرم وتلك البلية ففشلوا وكان ذلك مثار سخرية من الجميع
من المسلمين وغير المسلمين، وعدَّ الأستاذ مصطفى صادق الرافعي في كتابه "تحت راية القرآن" محاولات سبعة تمت تمثل هذا الاتجاه الخبيث، منها محاولة مسيلمة الكذاب، ومنها محاولة سجاح، وكانت سجاح تدعي النبوة فهلكت، وتزوجها مسيلمة على أن يسقط عنها وعن قومها فرضين أو ثلاثة من الصلوات الخمس فتتزوج على ذلك ويكون مهرها إسقاط الصلاة، فهذا العبث إنما هو
بالإضافة إلى أنه حرام فهو سخف وقلة أدب وقلة حياء وقلة ديانة. فهذا الذي يصنعونه وإن كان بحسن نية فنحن ننهاهم عن ذلك أشد النهي ونقول لهم أن هذا لا يجوز بل لا يجوز حكايته وفي فترة من حياة الأستاذ بيرم التونسي كان متحرراً حراً طليقاً، ففي هذه الفترة سبَّ كثيراً من الناس حتى سبَّ الملك فؤاد فنفاه إلى باريس، فألَّف
فيها الأستاذ وزوجته في باريس وفي هذا الوقت الذي هو يحكي فيه عن نفسه أنه كان في أزمة نفسية. شديدة، حاكى القرآن في نحو سبع قطع، وكان يريد منها السخرية السياسية لأنه كان ضد حزب الوفد وضد الملك وضد الإنجليز وضد كل أحد، ففعل هذا وصنع ضرباً للأمثال ليس إلا، سورة أسماها سورة الوفد، وبدأها محاكياً
للقرآن "سين عين دال"، يعني "سعد"، فمثل هذا كبيرة من الكبائر وعظيمة. من العشائر، ولما رجع الأستاذ بيرم وجده كان مفتياً لتونس، وهو من عائلة طيبة غلبت عليه فطرته، فتاب إلى الله. وتاب إلى الله بتلك الرائعة التي تغنى بها الناس. ناداني إلى باب بيته، حتى باب بيته. هذه الرائعة التي غناها المغنون وانتشرت كانت بداية لتوبته ورجوعه إلى الله سبحانه
وتعالى، وعرف. بدا الجرم الذي وقع فيه فكان يقول إلى أن مات رحمه الله تعالى: "لا أجعل في حل من يروي عني هذا البلاء"، ومات، ولكن المثقفين ممن لا يراعون الله ولا يلتفتون إلى الأحكام الشرعية ولا يهمهم ثوى الآثار قبل الأنار، نشروا ما قاله في الأعمال الكاملة وفتشوا عنها تفتيشاً حتى... حصلوا عليها من مطبوعات سابقة قديمة ونشروها في تسع مجلدات، ونشروا هاتين الصفحتين الثلاث التي حاك
فيها صور القرآن، نشروها أيضاً في الأعمال الكاملة لبرم التونسي، وإنما الحكم فيها أنها حرام وأنها من نوع الكبائر التي تستوجب لعن صاحبها، وأنها من الأمور التي يجب عدم حكايتها وتداولها ولا نشرها. إطلاقاً وأنها يجب التوبة منها ويجب التنبيه عليها لأن ذلك لا يتناسب مع جلال كلام الله سبحانه وتعالى، وهذا يشتمل على سخرية دفينة، أما أن تكون بقصد فيكفر صاحبها، وأما أن تكون بغير قصد فيقع
في الحرمة. وعلى ذلك فليتنبه المتلاعبون بأن هذا الأمر جلل وأنه لا يُسمح بمثل هذا. أبداً وأنه لا يقبل من أحد أبداً لأي غرض كان
    حكم قول بعضهم إنا لله وإنا له عاشقون ونحوها من محاكاة للقرآن الكريم | أ.د علي جمعة | نور الدين والدنيا