داعش واﻹسلام أ.د/ علي جمعة

داعش واﻹسلام  أ.د/ علي جمعة - المتشددون, فتاوي
بسمِ اللهِ الرحمنِ الرحيم، الحمدُ للهِ والصلاةُ والسلامُ على سيدنا رسولِ اللهِ وآلِه وصحبِه ومن والاه. سأل سائلٌ: الدواعش، والعياذُ باللهِ تعالى، خوارجٌ يعتمدون على أحاديثَ وعلى وقائعَ، فهل هم على الحق؟ السؤال وردَ هكذا، والإجابةُ أنهم على الباطلِ والحمدُ لله. الخطيبُ اليومَ أيضاً أشارَ إليهم وإلى باطِلِهم وأنَّ هذا. نوع من أنواع النفاق إذا حدَّث كذب، وإذا اؤتمن خان، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر. وليس
هكذا كان منهاج النبوة، ولا هكذا تركنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. فما الذي حدث، وما الرد على هذا، وما الذي افتقدوه عبر القرون؟ ظهور أهل البدع والانحراف عن جماعة المسلمين. والتي قال فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا رأيتم اختلافاً فعليكم بالسواد الأعظم، ومن شذ شذ في النار"، وبيَّن لنا: "لا تجتمع أمتي على ضلالة"، ولما
سألوه: "من يا رسول الله؟" قال: "ما أنا عليه وأصحابي" من العقيدة والشريعة الصافية، وربنا قال: "بسم الله الرحمن الرحيم"، وقال: "وما... أرسلناكَ إلا رحمةً للعالمين، وقال سيدنا: "إنما أنا رحمةٌ مهداةٌ"، وقال: "الراحمون يرحمهم الرحمن تبارك وتعالى، ارحموا مَن في الأرض يرحمكم مَن في السماء"، وقال صلى الله عليه وسلم: "يا عائشة، إنَّ الرفقَ ما دخل في شيءٍ إلا زانه، وما نُزِع من شيءٍ إلا شانه"، فهؤلاء لم يتعلموا هذا.
النصوصية تعلموا أن يأخذوا بعض القرآن وأن يتركوا بعضه، والقرآن كالآية الواحدة كما يقول الراغب الأصفهاني، كالآية الواحدة. قال تعالى: "أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض فما جزاء من يفعل ذلك منكم إلا خزي في الحياة الدنيا ويوم القيامة يردون إلى أشد العذاب وما الله بغافل عما تعملون"، وقال تعالى: "لم تلبسون الحق بالباطل وتكتمون الحق وأنتم تعلمون، وهؤلاء يتخيرون
ويردون ويقبلون ما يوافق هواهم، ولذلك تراهم ينكرون على أكابر الأمة كأبي حنيفة والشافعي ومالك وأحمد والبخاري وغيرهم. لماذا؟ لأنهم يريدون أن يسيروا في تكفيرهم للمسلمين كما يريدون لا كما أراد الله، وهذا شأن إبليس عندما عصى الله في الأمر بالسجود. فأمره أن يسجد لآدم فأبى إلا إبليس أبى واستكبر وكان من الكافرين وادعى التوحيد الخالص "لا أسجد إلا لك" فأصبح رجيماً مطروداً ملعوناً مرجوماً
فإنا لله وإنا إليه راجعون ولذلك سماهم النبي صلى الله عليه وسلم بالخوارج وقال "الخوارج كلاب أهل النار" لماذا؟ لأنهم يشوهون صورة الإسلام بالإسلام فقال "تحقرون". صلاتكم إلى صلاتهم وصيامكم إلى صيامهم، يمرقون من الدين مروق السهم من الرمية. لا يرتد حتى لا يرجع، حتى يرتد على فوقه. السهم يسير هكذا في اتجاه واحد، هل سيعرف كيف يرجع؟ ألقيت حجرًا من أعلى الجبل وعندما كان في منتصف الطريق
إلى الأرض أمرته أن يصعد، هل سيصعد أبدًا؟ هكذا هم لا. يرجعون حتى يرتد على فوقه حتى يرجع مرة أخرى من مكانه وهذا لا يمكن فهو مستحيل، ولذلك لما ذهب إلى الأوائل منهم فإنهم ظهروا أيام النبي، وقال: "سيخرج من ضئضئ هذا قوم يحسنون القول ويسيئون الفعل، طوبى لمن قتلهم وقتلوه"، وقال: "لئن أدركتهم لأقتلنهم قتل عاد"، وقال: "أحداث الأسنان سفهاء الأحلام". يقولون من كلام خير البرية لا يجاوز إيمانهم تراقيهم حناجرهم، حذرنا منهم وحذرنا من تلبيسهم
ومن إيقاع الفتنة والقتل، حتى أن الله سبحانه وتعالى وضع لهم علامة أنهم يقتلون الناس، فقال: "ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألد الخصام وإذا تولى". سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد، وإذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالإثم "أنا الخليفة، كيف أتقي الله؟"، فحسبه جهنم ولبئس المهاد، ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله والله رؤوف بالعباد، يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة ولا لا تتبعوا
خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين، كلام واضح، تركتكم على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك. قال سيدنا الرسول في حديث حذيفة: "فإن كان في الأرض إمام فالزم الإمام ولو ضرب ظهرك وأخذ مالك". ظالم فاسد، ليكن، فلألزم الإمام. سيدنا أمرنا بهذا، هل أذهب أنا؟ للإمام لكي يكون تقياً، وإلا فلماذا أصبح إماماً إن لم يكن تقياً؟ لو كان تقياً للزم بيته، لكن الله خلقه ليتولى مسؤولية المسلمين ويدعوهم، وندعو الله أن يوفقه لأنه
يملك نفسية قادرة على تحمل هذا البلاء، فالإمامة بلاء، هذه هي نفسيته، أما لو كان تقياً نقياً عبد القادر. كان الجيلاني جالساً في البيت، وعندما وجّه الرئيس السيسي كلامه إلى وقت هذا الحزب، قال له: "اتركوها لنا، نحن سنعرف كيف نديرها، وأنتم لن تعرفوا. لكنكم لن تدركوا الواقع وستظلون تقولون لي: أصل أنا يتهيأ لي أن الله سيخضع". نعم، اجلس الآن وتأمل فيما أقامه الله. يؤتي الملك من يشاء وينزع الملك ممن يشاء، هو الإمام عبر التاريخ. أي أنه بعد الخلفاء الراشدين كانوا
متقين عن تقوى، يعني المهم أن يعدل في الناس، وإذا عرف نقول له: "اتق الله". عندما يسمع وأنا أقول له: "اتق الله"، يعرف أنها صادقة. اتق الله، اتقوا الله. ما استطعتم فإن لم يكن إمام فاعتزل تلك الفرق كلها، ذهب يقول لك: اصنع جماعة لكي تصطدم بالناس، فيكون ذلك أمرًا مشروطًا بوجود إمام أم لا؟ هناك من يتبعون ملك السعودية، ورئيس مصر، وملك المغرب، وملك الأردن، نتبعهم هكذا. فيلزم الإمام، وحديث أحمد: "فإن لم يكن..." في الأرض خليفة قال،
فالهرب اهرب الآن، لم يعد في الأرض خليفة، فالهرب الهرب، هرب الهرب. تفسرها حديث: "من كان له أرض فليلحق بأرضه، ومن كان له بقر فليلحق ببقره". ليعد كل شخص إلى بلدته بدلاً من القاهرة ذات الاثنين والعشرين مليوناً، ثلاثة أرباعهم ليسوا من القاهرة، كل واحد. يعود إلى بلده إذا كان لديك أرض في الفيوم تعود إلى الفيوم، وإذا كان لديك أرض في كفر الشيخ يعود إليها، إذا كان لديك بقر في المكان الفلاني فاذهب إليه. قال: كن حلساً من أحلاس بيتك. والحلس هو قطعة سجادة
توضع عليها الملابس مثل الخزانة، أي كن قطعة أساسية في بيتك، بمعنى لا تتحرك. ليس لك شأن بذلك، قال: إذا رأيت هوى متبعًا وإعجاب كل ذي رأي برأيه، وشُحًّا مطاعًا، ودنيا مؤثرة. فأصبح الناس يكفر بعضهم بعضًا، وهذه كلها معاصي ومساوئ أخلاق، سوء الأخلاق والشقاق والنفاق. قال: فاعتزل ذلك كله، وعليك بخاصة نفسك، ودع عنك أمر العامة. والحديث الثاني: فعليك بخويصة نفسك، اجعل معك أصحابك فقط والذين حولك. هكذا كما نحن فاعلون الآن، وبعد ذلك سيأتي زمن يقول فيه الواحد: "يا سيدي، لا شأن لي بكم ولا لكم شأن بي". زمنٌ يشتد فيه الأمر، ما هذا؟ ما هذا الفساد؟
أين درسوا هؤلاء؟ وأين تعلموا؟ وما إلى ذلك. إذاً الحكاية واضحة، هذا ما يسمونه... ما هذا المشروط؟ الحالة التي... نحن فيها مشروطة خطاب والوضع شرط، إذا جاءك أنه لا يوجد خليفة فيجب وجود الإمام، وإذا لم يكن هناك إمام فيجب أن تلزم بيتك. حسناً، ألا تأتي لنجتمع هكذا ونفعل ما لا أعرفه ونحارب من؟ ستصطدم بصخرة القدر، فلا يوجد شيء. ماذا تفعل؟ تضيّق على الناس أرزاقها، وتضيّع أعراض الناس، وتهلكها. أموال الناس في رقبة من؟ كل هذا يوم القيامة: تعتدي على دماء الناس، تشوه
صورة الإسلام، تصد عن سبيل الله بغير علم، تكون حجاباً بين الخالق وخلقه. المسلم الآن يعني إرهابي في العالم كله. أنت مسلم؟ نعم، ويفعلون بك هكذا. من أين جاءت لك هذه [الفكرة]؟ من الإعلام. حسناً، هو سيدنا... قال لنا رسول الله: "الزم دارك". لماذا؟ لأنك ستكون ملعوباً بك، مفعولاً فيك وليس فاعلاً ولا لاعباً. إنك ستكون مضحوكاً عليك. لماذا نرجع للواقع هكذا؟ لأنك لا تصنع السلاح. هل أنت تنتج
سلاحاً؟ هل تصنع الطائرة والدبابة؟ لا. إذن فلتسكت. من الذي يصنع السيارة والطائرة والدبابة؟ أمريكا والغرب. هم الذين يمنحونها سيعطونها لك ولا يقدمون لك قطع الغيار، سيعطونها لك لتحقيق مصالحهم لا مصالحك، سيعطونها لك ثم يسحبونها منك، سيعطونها لك ويمنحون عدوك ما هو أقوى منك. فالنبي عليه الصلاة والسلام يعرف كل هذا، فيقول لك: اختف وانسحب، فيقول له: لا، أنا لا حول ولا قوة، لا حول ولا قوة. إلا بالله من كنوز العرش كما في البخاري. الناس عميت قلوبها، اليوم قتل
وذبح وحرق وتشويه وإفساد وفساد. وفي النهاية ماذا تفعل؟ تحقق غرض الكافرين بتقسيم المنطقة لمصلحة إسرائيل. قسموها حفظكم الله، وحتى يتم التقسيم، سيُقتل الملايين. كلاب النار الذين في سيناء مجموعة من المجرمين كانوا ستة. مئة وكانت أسماؤهم مدونة هكذا في دفتر صغير في مبحث أمن الدولة، ستة مئة. الرجل الذي يُحاكم الآن لن
نصفه، دعه هكذا إلى أن يحاكمه ربنا يوم القيامة. جعلهم أربعة عشر ألفاً لماذا؟ حتى يسحب هؤلاء من أفغانستان لأن أمريكا تعبت وتريد أن تغادر. فقال له كرزاي: "هل ستتركوننا وحدنا؟" فقالوا له. لا، سنسحب منك الإرهابيين. "حسناً، أين ستضعهم؟" سنضعهم هنا. "لماذا؟" لكي نأخذ غزة وجزءاً من سيناء وتصبح الدولة الفلسطينية ونحل المشكلة. "لكن هذا الكلام لن يوافق عليه الجيش المصري". قال: "اضربوا الجيش المصري". "سنضربهم؟" نعم، حسناً. فظهر لهم الشيخ عبد الفتاح السيسي كالمسمار. هل أدركت
كيف أرسله إليهم؟ لا، أنا مع عبد الفتاح. لماذا؟ لأنه مع وطني، إنه مع ديني، إنه مع أهلي. ما المشكلة؟ هو مرة كان يمشي في الشارع وضرب شخصاً، أضربه بالحذاء. هو لم يضرب ولا شيء، وإنما ضرب شخصاً، ماذا يعني؟ أنت تستهين بالناس وحقوق الناس؟ لا. لا أستهين بحقوق الناس، وأنت تستهين بالوطن، تستهين بالدين، تستهين بمستقبل الأولاد وأرزاق الناس وأعراضهم ودمائهم. هذا
ما نحن فيه بسبب الخوارج. في البداية كانت كلمة حق أُريد بها باطل. هذا ما نحن فيه، كيف يفكر هؤلاء الناس؟ نصوص لا علاقة لها بنموذجنا. نحن تعلمنا على أيدي المشايخ فعرفنا كيف نفسر وعرفنا كيف نضع. كل شيء في مكانه، فهو يأتي بنص "أُمِرتُ أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله". فهل علينا أن نقاتل أم نبدأ بالقتال؟ والنبي قاتل في مكة، أم لم يقاتل في مكة؟ فعبد الرحمن بن عوف جاءه
وقال له: نريد أن نقاتل. قال: ما أُمِرتُ بهذا. في العقبة قالوا له: غداً نهاجم أهل منى ونذبحهم. فقال: ما أُمرت بهذا، إذن هؤلاء عصاة لأبي القاسم، ما أمرته بهذا. ذهب إلى المدينة، ولما وصل إليها كانت معركة بدر، فأين هي؟ في المدينة. وأين كان أحد؟ في المدينة. والخندق أين؟ في المدينة. أي أنه كان يدافع، أي أنه مكث في مكانه مكتفياً بخيره. وشره وجاءوا هؤلاء ليضربوه فبدأ يدافع عن نفسه فقال: أمرتم أو لم
تأمروا، أمرته وهو لم ينتبه إلى أمرته وأمركم، لم ينتبه أنها هي هي. أنا ليس عندي هي هي. أمرته نتوقف عندها. أمرته، هذا هو السبب. فهو صلى الله عليه وسلم ينبغي أن ترى حالته كيف هي، كيف حالته أنه... تضرب عندما تتعرض للضرب، فهل أمرت بفعل مثله؟ أم أنك أمرت بضرب الناس دون سبب؟ هل أمرت في حالتي هذه أن أقاتل الناس؟ لنعُد إلى موضوع هؤلاء الناس، من هم مشركو العرب؟ من
الذي يقول إنهم مشركو العرب؟ مئة شخص من الشُرَّاح، فهل يصح أن أقول "الناس" وأقصد بها مشركي العرب؟ نعم، يصح. القرآن هكذا: "الذين قال لهم الناس" الذي هو نعيم بن مسعود "أن الناس" الذين هم المشركون من العرب "قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيماناً". مَن الناس الأولون؟ يمكننا أن نقول "ناس" ونقصد به واحداً، هذا جائز لأنه من قبيل العام المراد به الخصوص، فهناك عام قد خُصِّص وعام أُريد. ما يخص الخصوص، يوجد فرق بين العبارتين: العام الذي أريد به
الخصوص هو ذلك عندما أقول "ناس" وأقصد منها شخصاً واحداً، أو أقول "ناس" وأقصد منها قبيلة. هذا الدرس هو العلم الذي يُقصد به هكذا، قرأه في الكتاب من غير شيخ يوجهه ويفهمه ويقول له هذه متى وهذه متى. ولذلك نُعيم بن مسعود ناس، ومشركو العرب ناس. وعموم الناس في العالم كله هؤلاء أناس معنى الحديث ماذا؟ "أُمرت أن أقاتل الناس"، لا، إنه "أُمرت أن أقاتل مشركي العرب الذين يريدون إبادتي وإبادة أصحابي، ويريدون قتل الدعوة في مهدها، ولا
يريدون أن يتركونا، أن يتركونا سالمين آمنين نبلغ عن الله". أُمرت أن أصدهم وأن أقاومهم حتى يشهدوا أن. لا إله إلا الله، وحتى يشهدوا أن لا إله إلا الله. هذه تعني "إلى أن" أي "حتى". ماذا تعني "إلى أن"؟ حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله. هذا من إرهاصات، من معجزات النبوة، لأنه يخبر عما سيكون. أنتم تريدون قتلي، مع أنني سأنتصر أصلاً، وأنتم ستشهدون، ليس في الأمر شك. إكراهٌ أم شيء ما؟ هو لا ينتبه إلى ذلك، ويظن أنه حتى نُكرههم. ولكن الله سبحانه وتعالى يقول: "لا إكراه في الدين". بهذا الأسلوب ستخلق منافقاً. هل
بُعث النبي ليُنشئ منافقين؟ والقرآن الكريم يخبرنا أن المنافقين في الدرك الأسفل من النار أبداً. والله كان يكره المنافقين والمنافقات ليعذبهم. والمنافقات والمشركين والمشركات. لماذا بُعث إذن لأجل الرحمة المهداة؟ أنت عندما تقهر شخصاً، هل سيُسلم أم سيقتلك؟ قال لك: أسلم يا روح ما بعدك روح، فيُخفي الكفر ويُظهر الإسلام. ما اسم هذا؟ اسمه منافق. هل أُمرنا أن نصنع منافقين؟ انظر إلى درجة غبائه، يريد أن يُنشئ منافقين. لا يُسْمَح
بإنشاء المنافقين، ومن هنا اتضح الحال أن رسول الله أمر أن يدافع عن نفسه بالجهاد الدفاعي حتى يصد ويرد عن نفسه ما كان قد حيك من المشركين، تحته في مكة، وفي المدينة فوقها خيبر، وعلى الشمال مسيلمة الكذاب، وكانوا سيطبقون عليه وينهون الدعوة، ولم نكن لنظهر في التاريخ أصلاً. نعرف أن هناك شخصاً اسمه محمد الذي قال الله له "ورفعنا لك ذكرك". مَن الذي أبطل كيد الكائدين؟ أليس خبر رب العالمين؟ خبر رب العالمين هو الذي سرى علينا جميعاً، وأصبح سيدنا النبي يُذكر في
الأذان في الأرض كلها. "زويت لي الأرض"، "زويت لي الأرض"، عندما تمسك الخريطة وتطويها هكذا تجد نفسك... في الأندلس وتجد نفسك في الهند في الناحية الأخرى، كأنه قد طُويت له الأرض والمسافة هذه هي العالم الإسلامي. وقد كان صدق رسول الله، لم يتكلم ولا كلمة إلا كانت صحيحة. انظر إلى الفرق بين الفهمين: "أُمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله"، تفهم أنها لحالة النبي وتفعلها أنت تشبهاً. أقسم بالنبي، عندما تقع في ذات الوضع، دافع عن نفسك وافهم منها الأخبار بمعجزة ستحدث وهي أنهم سيدخلون في دين الله أفواجاً. وقد كان:
"إذا جاء نصر الله والفتح، ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجاً"، ولم يحدث ذلك بعد، "فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان تواباً". "إنا فتحنا لك فتحاً مبيناً". وفعلاً قد كان كل ما أخبروا به قد تحقّق، ومن ضمنه حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله. هل يُمكن أن نقتل شخصاً عربياً كفَّ شرَّه عنا؟ أبداً. أين حدث هذا؟ في فتح مكة لم يُقتَل. فجاء سعد بن عبادة رضي الله تعالى عنه وقال: اليوم يوم الملحمة. فقال: كذب. سعد اليوم يوم المرحمة. مَن
الذي أراد قتل النبي واغتياله؟ أبو محذورة كان خلف النبي يسخر من الأذان، فسمعه رسول الله وقال: "ماذا تقول يا أبا محذورة؟" قال: "لا أقول شيئًا." قال: "إذًا تعال أعلمك الأذان" ما دام أنك لا تقول شيئًا. كان جالسًا يسخر قليلًا ويقول: "الله أكبر الله أكبر الله." أكبرُ، فجابَهُ ووضعَ يدَهُ الشريفةَ على قلبهِ. قال: فكان أبغضَ الناسِ إليهِ فصارَ أحبَّ الناسِ إليهِ، وعلَّمَهُ الأذانَ وعيَّنَهُ وهو
شابٌ عند واحدٍ وعشرين سنةً هكذا مؤذناً على مكةَ. هكذا وهو ما زال يسخرُ من المسلمينَ وتثقُ فيهِ هكذا. مسائلٌ ربانيةٌ ليست مسائلَ في الحسابِ، لو حدثتْ اليومَ وشخصٌ يفعلُ. هكذا تم التشكيك فيه لكن النبي لا يُشَكَّك فيه، فجعله على مكة حين غزوة حنين، يعني خرج إلى حنين وجعل هذا والياً على مكة، عيَّنه محافظاً، وكذلك عتاب بن أسيد الذي كان يريد قتل النبي، ففعل معه نفس الحكاية هكذا وعيّنه على
مكة، ومثله ومثل الله أمام المشركين قال: "من لزم بيته فهو آمن"، هؤلاء هم المشركون. فشخصٌ يشعر بالغضب وقال: "لا، أنا لا أحب محمداً"، فبقي في بيته، بقي في بيته وانتهى الأمر. وفي الصباح ذهب، ولما جاء مرَّ على الناس الذين كان معهم أبو جهل وعقبة بن أبي معيط وغيرهم، فوجدهم يسخرون منه ويستهزئون به ويشتمونه، فقال لهم ما معناه: "أنا آتيكم بأمر جاد وليس بأمر هزلي"، فقال: "جئتكم..." بالذبح، وهذه كناية في لغة العرب معناها أن الأمر حياة
وموت. معنى "جئتكم بالذبح" يعني أنني لا أمزح، فما أحضرته هو حياة وموت. يقول قوم المغفلين ماذا؟ "لا، يجب علينا أن نذبح الأسرى". فمن أصدق؟ رب العالمين الذي يقول: "ويطعمون الطعام على حبه مسكيناً ويتيماً وأسيراً، إنما..." نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا ولا نصدق أوباش الناس. لا، أنا سأصدق ربنا الله. ربنا يوصي بالأسير حتى تطعمه الطعام على حبه، يعني الطعام النظيف من الدرجة الأولى، ليس الطعام السريع هذا. من الدرجة الأولى، على
حبه يعني أفضل ما عندك تطعمه للأسير، والآخر يذبح الأسير. لأجل كلمة هو لا يفهمها. أدركتم يا إخواننا أن هؤلاء جهلة. يقول: "جئتكم بالذبح". نعم قال: "جئتكم بالذبح". يقول لهم: لا تسخروا مني، لا تأخذوا الأمر على أنه مزاح، هذا جِدّ. إنني أتيتكم بمسألة حياة وموت. إنني جئتكم بما لم تطيعوني فسوف يذبحكم الله، وقد كان في بدر. ذبح وكان وهو في مكة عارفًا أن في بدر لا يعلم الغيب إلا الله، لكن هذا ابن أبي لهب.
كان أبو لهب يحب النبي كثيرًا، وبعد ذلك خطب رقية وأم كلثوم لابنيه عتبة وعتيبة وتزوجوا. عملوا الخطوبة أو العقد، والحمد لله لم يدخلوا. أروى التي هي أم جميل التي... هي وامرأته حمالة الحطب أرادت أن تغيظ النبي فأحضرت عتبة وعتيبة ولديها ليطلقوا هؤلاء البنات لكي نغيظ محمدًا، فوافق أحدهما والآخر لم يوافق. ضغطت عليه فوافق، الحمد لله مع السلام. ثم
إن أحدهما أساء الأدب على سيدنا فقال له: "ستأكلك كلب من كلاب العرب"، فأكله سبع (أسد)، هجم عليه أسد وأكله. قطعة منه فرجع ومات بسبب إصابة ماذا؟ إصابة الأسد، لأن سيدنا ربنا يقول له الحكاية كلها. دعا عليه وهذا ممن دعا عليه رسول الله الذي هو ابن أبي لهب هذا. فيا جماعة، هؤلاء الأبناء في ورطة لأنهم لا يملكون لغة ولا أسساً للفهم ولا عندهم علم ولا تربية ولا. كان لديهم مشايخ ثم إنهم
ألعوبة بأيدي الآخرين حتى لو صدقت نياتهم. فما الخوارج كانوا صادقي النية، فقالوا لعلي: "أهم كفار؟"، قال: "بل إخوة لنا بغوا علينا". ولما قالوا: "لا إله إلا الله"، قال: "كلمة حق أُريد بها باطل". فهذه الجماعة ضلالية لأنه ليس لديهم علم ولا أدب ولا تربية ولا... أي شيء هذا نبت شيطاني خرج ليفسد فهم النصوص وينكر على أهل الذكر عبر القرون ما هنالك. كل من رأيتموه يفرح بهم أو يؤيدهم ففي قلبه مرض وعمى وضلال. لماذا؟
لأنهم لم يعرفوا الحقيقة التي جاء بها سيدنا صلى الله عليه وسلم. الحقيقة موجودة في رسالة ربنا إلينا. في القرآن أو الكلمة بسم الله الرحمن الرحيم فقط وانتهى الأمر، كل واحد محاسب نفسه، العاقل محاسب نفسه. سيدنا النبي تركنا على المحجة البيضاء، لمن فتح قلبه للمحجة البيضاء. قال تعالى في وصف الكتاب: "هدى للمتقين" وليس للمفسدين. قال تعالى في شأن القرآن:
"وهو عليهم عمى"، هو قرآن واحد شفاء لما. في الصدور وما يزيد الظالمين إلا تباراً، هو واحد، قرآن واحد هكذا، ولذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما أخاف على أمتي رجلاً آتاه الله القرآن حتى إذا ما بدت عليه بهجته غيّره وخرج على جاره بالسيف ورماه بالشرك" الذي نحن فيه الآن. قالوا: يا رسول الله، من... أحق بها الرامي أمير المرمى؟ قال: بل الرامي الذي يُشرِّك المسلمين ويتهمهم بالكفر، هو الذي ستأتي
على رأسه. هذه هي القضية. ولكننا في عصر فتن، ففي حديث أبي موسى: "سيأتي على الناس زمان يكثر فيه الهرج"، قالوا: "وما الهرج يا رسول الله؟" قال: "الكذب والقتل". الفيسبوك والتويتر وإسالة الدماء والكذب. والقتل قالوا أكثر مما نقتل. قال: ليس بذاك، أنتم تقتلون المشركين، ويومئذٍ يقتل الرجل أخاه وابن عمه وجاره. قالوا: أومعهم
عقولهم يومئذ يا رسول الله؟ قال: يومئذٍ يسلب الله عقول أهل هذا الزمان، حتى يحسب أحدهم أنه على شيء وليس على شيء، حتى يحسب أحدهم أنه على شيء وليس على شيء. شيء هو أنه إذا رأيت هوىً متبعاً وإعجاب كل ذي رأي برأيه وشحاً مطاعاً ودنيا مؤثرة فعليك بخاصة نفسك ودع عنك قوله ودع عنك أمر العامة. هؤلاء كان سيدنا علي يقول: "خاطبوا الناس على قدر ما يعرفون، أتحبون أن يكذب الله ورسوله؟" فهؤلاء
يأتون من السنة بما جعل الناس يكذبون. الله ورسوله، كما قال رسول الله: "تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا أبداً بعد، كتاب الله وسنتي". نعم، قال هكذا. وما هي الحقيقة؟ هو كعينة أن الكتاب والسنة موجودان، ونحن لو اتبعناهما سيعرفون الدين الصحيح الذي يتبعه الأصحاب. صحيح، أليس هذا ما نقوله منذ الصباح؟ نعم يعني. نحن الذين أحدنا ما لسنا نحن الذين عندنا لأنهم أصحاب هوى. أفرأيت الذي اتخذ إلهه هواه؟ أرأيت الذي اتخذ إلهه هواه؟ أفأنت تكون عليه وكيلاً؟ أفأنت الذي هو من؟ سيد الخلق. أناس اتخذت إلهها هواها، ماذا ستفعل؟ فقط خلاص، هذا قدر، هذا أمر الله فيهم. اللهم يا ربنا اغفر ذنوبنا. واستر عيوبنا ويسر
غيوبنا واشرح صدورنا واحشرنا تحت لواء نبيك يوم القيامة واسقنا من يده الشريفة شربة ماء لا نظمأ بعدها أبداً ثم أدخلنا الجنة من غير حساب ولا سابقة عقاب ولا عتاب. نسألك المدد المستمر من عندك، حبب لنا الإيمان وزينه في قلوبنا وكره لنا الكفر والفسوق والعصيان واجعلنا من الراشدين ومن المتقين ومع القوم الصادقين يا أرحم الراحمين كن لنا ولا تكن علينا فارحم حينا وميتنا وحاضرنا وغائبنا وأدخلنا الجنة يا رب العالمين ومتعنا بالنظر إلى وجهك الكريم وأعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك، اللهم يا ربنا اغفر ذنوبنا واستر عيوبنا ويسر غيوبنا واهدنا في من هديت وعافنا. في مَنْ
عافَيْتَ وتَوَلَّنا في مَنْ تَوَلَّيْتَ، اشْفِ مَرضانا، وارْحَمْ مَوْتانا، واغْفِرْ لنا ذُنوبَنا يا أرْحَمَ الرَّاحِمين. اللهمَّ صلِّ أفضلَ صلاةٍ على أسعدِ مخلوقاتِكَ سيِّدِنا محمَّدٍ وعلى آلِهِ وصحبِهِ وسلِّمْ عَدَدَ معلوماتِكَ ومِدادَ كلماتِكَ كلَّما ذَكَرَكَ الذَّاكرونَ وغَفَلَ عنكَ الغافِلون. اللهمَّ صلِّ أفضلَ صلاةٍ على أصحابِ مخلوقاتِكَ سيِّدِنا محمَّدٍ وعلى. آله وصحبه وسلم عدد
معلوماتك ومداد كلماتك كلما ذكرك الذاكرون وغفل عن ذكرك الغافلون