دورة أصول الفقه جـ5 | بتاريخ 18-10-1994 | أ.د. علي جمعة

الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه، لقد رأينا ما أسميناه بالنظريات التي حكمت في الفكر الأصولي، وكيف تسلسلت عند الأصوليين بطريقة منطقية مرتبة. فاهتم بنظرية الحجية، ما هي الحجة التي يستطيع أن يتعامل معها كمصدر من مصادر بحثه، المصادر التي يستطيع أن يثق بها. منها حكم الله سبحانه وتعالى
في الواقعة، ثم في نظرية الثبوت كيف تثبت تلك الأدلة والحجج والبراهين، وكيف تصل إلينا من غير تحريف ولا تصحيف ولا تبديل ولا تغيير، كيف نطمئن إلى هذا الثبوت، ثم بعد ذلك إذا ما اعتبرنا الحجية واطمأننا إلى الثبوت، كيف نفهم هذه الأدلة وهي مرحلة فبنى بذلك نظرية الدلالة بمكوناتها الدقيقة التي استطاع بموجبها أن يفهم النص الذي أمامه، ثم بعد ذلك رأى أن هناك اختلافاً
كبيراً سيحدث وأن هناك تعارضاً كائناً في الظاهر بين تلك الفهوم بتلك القواعد، فابتنى لنفسه نظرية القطعية والظنية التي استطاع بها، خاصة من مدخل الإجماع، أن يتبين طريقه. في مساحة كبيرة من الظني الثبوت الظني الدلالة أو القطعي الثبوت ظني الدلالة، يُستطاع أن يُتفق عليها وأن يُمنع الخلاف فيها، ثم بعد ذلك وبعد أن استقر ما يمكن أن نسميه بهيكل الدين، بأساس الدين، بذلك الذي يكون
به الإنسان مسلماً، ويُعاب عليه من كل المسلمين إذا ما هو خالف من هذا الهيكل الأساس وذلك عن طريق الإجماع، وذلك هو المقدار اليقيني من الدين، أو هذا هو الجانب القطعي فيه. فإنه أراد ألا يخرج عن منهج الله سبحانه وتعالى في التشريع. وحيث أن النصوص الشرعية محددة ومعدودة ودعونا أن نطلق عليها محصورة كما أطلق عليها الأصوليون، وإن كان معناها بالكلمة عندهم هي أنها محدودة، فمعي كتاب فيه
عدد محدد من الآيات، ومعي أيضاً عدد محدد من الأحاديث التي وردت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، والتي لا تزيد عن الستين ألف حديث بأي حال، والتي يختص نحو الألفين منها فقط بجميع أحكام الشريعة الإسلامية أو بالفقه في أحاديث لا تتجاوز بأي حال من الأحوال ثلاثة آلاف حديث من مجموعة ستين ألفاً، والباقي يقعون في الكلام على العقائد وعلى الأخلاق. هذا الكمّ الذي نعيه سواء الستين ألفاً كلها أو سواء الستة آلاف كلها، كل هذا كان محدّداً معدوداً له عدد
وحصر، وهذا معنى أنها محصورة عند الأصوليين في. حينما تكون الأحداث والحوادث متجددة دائمة التغير في كل يوم وكل ساعة، فإن فعل الإنسان يحتاج منا إلى أن ننظر إليه ونعرف حكم الله فيه أو في مثله حتى لا نخرج عن المنهاج الإلهي، المنهاج الرباني، في الحكم على الأفعال. فأنا بين أمرين، الأمر الأول هو القول. بأصحاب الأصل، والأمر الثاني هو الإلحاق، فلو
فرضنا أن الله سبحانه وتعالى بأصل الخلقة ولأنه خلقنا فإن جميع أفعالنا مباحة، لأنه هو الذي أذن لنا أن نكون في هذا الكون، فكل حركاتنا وسكناتنا وأفعالنا الصادرة منا سواء كانت متعلقة بأنفسنا أو بالآخرين تكون الأصل فيها الإباحة حتى القتل حتى السرقة. كل هذا مباح، إنه فعل من الأفعال الكائنة في هذا الكون وهو فعل قد صدر منه بناءً على أنه مخلوق لله سبحانه وتعالى، فلا بد أن
هذه الأشياء مباحة. ولا أفرق بين ذبح إنسان وذبح دجاجة، فهذا ذبح وهذا ذبح، وتكون أفعال الإنسان كلها مباحة، ثم تأتيني الشريعة على لسان الكرام فتقول لي لا تفعل كذا وتمنعني من فعل مساحة من هذه الأفعال، فعندما فكَّكتُ الشريعة وجدت أنها نهتني عن مساحة من الأفعال ثم سكتت عن الباقي، لأنني معي ستة آلاف آية وألفا حديث، فأذهب لأرى متى قال الله لي فيها لا تفعل وأمتنع، فقال: "ولا تقتلوا أولادكم
خشية إملاق". ولا تقتلوا ولا تقربوا الزنا ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا تأكلوا مال اليتيم إلا بالذي هو أحسن ولا تقفوا ما ليس لكم به علم ولا تمشوا في الأرض مرحاً وهكذا. امتنعوا عن هذه الأشياء، ثم باقي الأفعال تكون مباحة بأصل الشرع، فمثلاً لو جاء وقال. لا يَسْعَى أحدكم إلى البيع على بيع أخيه ولا يَتَقَدَّم لخطبة امرأة خُطِبَت من قبل، حتى يتركها الخاطب الأول، حتى يتنازل، حتى يترك، حتى يأذن له. وفي الروايات المختلفة: حتى يدع، حتى يذر، حتى يأذن. فلقد قال: لا تبع
على بيع أخيك، وأيضاً لا تتقدم لخطبة مخطوبة، لكنه لم يقل فإن كلمة "تستأجر" هذه ليست من المنهيات، لم ترد لا في القرآن ولا في السنة، وهنا اصطدم الأصولي بوضع عجيب، وهو أنه جالس وأتاه أحد المسلمين يستفتيه ويقول له: لي أخ مسلم ذهب يستأجر بيتاً، فذهبت أنازعه على استئجار هذا البيت. خطر في بال الفقيه أن هذا شيء لا يدوم. حاك في قلبه هذا ما
الذي جعله يشعر ويميل: التربية الإسلامية التي نهته عن أن يبيع على بيع أخيه، وأن يخطب على خطبته، وأن ينازع الناس، وكأن الدين قد أتى لرفع النزاع والخصام والقتال بين الناس. يريدنا أن يحترم بعضنا بعضاً وأن نكون إخواناً لا تحدث ضغينة في القلوب. من أثر أفعالنا إلى آخر هذا التصور الذي يستشعره في الكتاب وفي السنة في قوله "وكونوا عباد الله إخوانًا" وفي قول "إنما المؤمنون إخوة" وفي قوله "ولا تنازعوا" وكذا هكذا فهموه. هذا من الدين، لكنه إن طبق هذا وهو
قضية استصحاب الأصل، أن الأصل في هذه الأفعال أنها لم ترد. ولم ينه عنها في كتاب ربنا ولا في سنة نبينا، إذاً فهي من المسكوت عنه، والمسكوت الأصل فيه الإباحة، إذاً فالتنازع على الشقق جائز. هو لمّا طبق هذا وجد نفسه أمام نتيجة لا يرضاها قلبه، فاستفكر وفكر: ما الفرق بين النزاع على شقة والنزاع على سلعة في البيع؟ الفرق هو الجامع الذي يجمع النزاع على سلعة والنزاع على امرأة يتزوجها. القضية هنا ليست هي مشابهة الشقة للسلعة أو للمرأة،
بل القضية هنا هي النهي عن النزاع والخصام وإقرار المودة بين الناس وإقرار صورة معينة للمجتمع المسلم من التواد والتراحم والأخوة وما إلى ذلك. هكذا يبدو لي الرأي وهكذا قضية القياس في ذهن الأصولي أن ذلك الفرع غير المنصوص عليه بذاته بنفسه هكذا، وهي قضية الإيجار شبيهة، وهنا ابتدأت قضية الإلحاق الصحيحة في ذهنه بقضية البيع. شبيهة في ماذا؟ شبيهة في ذلك الوصف الذي من أجله
أخذ هذا الأصل ذلك الحكم. الأصل هو البيع، الأصل هو الذي ورد في... الشريعة وحكمها الحرمة وسبب هذه الحرمة النزاع على البيع حرام، وسبب ذلك هو أنه يفضي إلى التنازع والخصام بين الناس. لو تأملنا في ذلك الفرع، والفرع هو هذه الحادثة الجديدة التي لا أراها موجودة بذاتها وبنصها في الكتاب والسنة وفي النص الوارد تحت يدي، ومعي أرى نفس العلة. هذه والعلة هو ذلك الوصف القائم بالأصل الذي من أجله قد شُرع الحكم، فأصبح لدى
الفقيه رؤية أن هذا الوصف موجود أيضاً في الفرع. إذا ما دام الله حكم على النزاع على بيع من حرام، وعرفت أنا بظني وعقلي وتدبري في المسائل أن ذلك إنما هو من أجل النزاع. من أجل أن ذلك يفضي ويؤدي إلى النزاع، ورأيت النزاع متحققاً في فرع لم ينفع، فإنني وباطمئنان ألحقت وشبهت هذا الفرع بذلك الأصل لأن هناك جامعاً بينهما وهو ذلك الوصف الذي
يمكن أن أسميه السبب أو العلة. في ذلك والسبب في ذلك هو هذا الوصف، ومن هنا. تراءت للأصول أربعة أركان استطاع بها أن يصف ذلك الحادث الجديد بأنه حرام، فقالوا له يا بني أو يا أخي أو نحو ذلك: إن النزاع على الإدارة حرام، وذلك لأنه يؤدي إلى التنازع. ها هنا تشبيه كأنه يشبه شيئاً ممسكاً هو به في يده اليسرى بشيء آخر ممسك به في... يده اليمنى كالنزاع على البيع، فالنزاع على البيع إنه حرام لأنه يثير التنازع. فلما رأينا
أن هذا الحادث الجديد فيه ما في هذا المنصوص عليه القديم، تجاوزنا وانتقلنا وجعلنا هذا يتعدى مثل الفعل المتعدي هكذا، تعدينا ذلك الحكم إلى ذلك الفرق فحكمنا على أنه حرام. ما للأصول وما الذي تفعله ما هذا ما هذه الآلة التي تقوم بها أنت الآن تقوم بآلة معينة في ميكانيزم معين أنت تقوم به فما ما تسميه قال أسميه القياس لأن قاس يقيس قياسا ووقتا أي قاس النعل بالنعل أي ساواه به وقاس المتر بذراع
أي قدره به ويبدو أن ما أفعله فيه نوع مساواة وتقدير كما أُقدّر الثوب بالمكر وكما أُساوي بين أمرين فيقال في اللغة أنني قد قِستُ بينهما. ما حقيقة القياس إذاً؟ قال: هو تشبيه فرع. وعرفنا الآن ماذا يعني هذا الأصل بالفرع وذلك الحادث الجديد بأصله، وعرفنا أنه هو المنصوص عليه في حكم تشبيهه في الآية. في حكم لعلة جامعة بينهما، يعني بين الأصل والفرع، قلت
له: إذاً فأركان القياس أربعة: الأصل، وحكم الأصل، والعلة، والفرع. إذاً فما بال حكم الفرع؟ فقال لي: حكم الفرع هذا ثمرة القياس، وثمرة الشيء ليست هي الشيء. فعندنا الشجرة وعندنا الثمرة. فالمانجو مثلاً، ثمرة المانجو غير شجرة المانجو. فنحن عندما... نعرف إنما نعرف القياس وتعريف القياس بهذا الشأن يجعلني في إطار الأركان الداخلة في حقيقة الشيء وهي الأصل والفرع وحكم الأصل والعلة الجامعة بين ذلك الأصل والفرع. لو توفرت لدى المجتهد هذه الأربعة فإنه يستطيع
أن يقوم بعملية تسمى عملية القياس وحقيقتها أنه يلحق أو يشبه فرعاً بأصل لاشتراكهما في العلة هذا الإلحاق والتشبيك يتم للحكم وذلك وبذلك تتم عملية القياس. أنا أشعر الآن بالرضا لأنني أسير مع المنهج الرباني في رفع النزاع والخصام، لأنني لا أقف عند النصوص الجامدة جامداً بطريقة حادة صلبة، بل إنني أتفهم مراد الشارع سبحانه وتعالى وأحاول أن أطبقه بيننا بين الناس. وأنا
إذا لم أفعل ذلك فأتوصل إلى نتائج، هذه النتائج ساذجة أو غير محترمة أو أنها تعارض مبادئ وأصول كلية، ومن هنا يحدث عندي وفي قلبي عدم رضا عما أقول به. أنا لم أكن راضياً تماماً أن أفتي لهذا الذي يسألني عن النزاع على شقة أن أقول له: ولا يهم، لم يرد. في الشرع ليس هناك ما يتعلق بالشقق أو البيوت أو الإيجار، اذهب فافعل ما شئت. ومن هنا
فإن جماهير الأصوليين قد قالوا إن هذه العملية، وهي من درجة تحت الجواز العقلي، هي جائزة. أهي لأننا فكرنا فيها فهي جائزة عقلاً؟ هي واجبة شرعاً. ولماذا هي واجبة؟ قالوا لأنها تحدث عند... المجتهد يظن ظناً راجحاً أن هذا هو حكم الله سبحانه وتعالى في تلك المسألة. ولماذا تحدث هذه الحالة؟ لأن المجتهد يشعر من نفسه أنه قد استقرأ وتتبع الشرع الشريف، وعرف ما فيه من النصوص، ولم يقف عند فهمها الظاهر فقط، ولا عند صلابة ألفاظها فحسب، بل
أدرك الحكم والمعاني والمقاصد الشارع من هذا التشريع ثم أنه أيضاً مطمئن إلى أنه قد قام بعملية أخرى وهي عملية إدراك الواقع وهو الفرع والحادث الجديد وأنه قد استوعبه تماماً وعرف ما سوف يؤدي إليه من أمور ورأى فيه ومن خلاله وصفاً جعل له الشارع مناطاً وسبباً وعلة للحكم في الأصل المنصوص عليه وأنه أيضاً قد قام بعملية مقارنة بين هذه العلة التي في الفرع وتلك العلة التي في الأصل واطمأن إلى أن بينهما اشتراكاً، وانظروا إلى كلمة اشتراك ولم يقل تماثل لأنهم وجدوا عندما
فكروا في هذا أن العلة في الفرع قد تكون أعظم منها في الأصل أو قد تكون مساوية لها وهي المسرح أو قد تكون أقل منها وعلى ذلك فالقياس عندهم ثلاثة أنواع أو أقسام أو درجات: قياس الأولى وهو ما كانت فيه العلة في الفرع أظهر وأبين منها في الأصل، وقياس مساواة وهو ما كانت فيه العلة في الفرع مساوية للعلة في الأصل، وقياس أدنى وهو ما كانت فيه العلة. في الفرع أقل وأدنى من العلة في الأصل. إن هذه العملية تُطعم المجتهد أنه استوعب دقائقها وأنه استطاع بذلك أن يُرضي نفسه وأن يطمئن مما يحدث له وفي
ذهنه ظناً راجحاً أن هذا هو حكم الله في هذه المسألة. نفترض هذا، فلماذا يصبح ذلك واجباً؟ نعم، القياس يحدث كما رأينا. اطمئنانٌ في نفس المجتهد يجعله يظن ويرجح أن هذا هو حكم الله سبحانه وتعالى في تلك المسألة. فلماذا يكون واجباً؟ قال: لأن العمل بالظن واجب. وكيف هذا؟ قال: المجتهد عندما يفكر في تلك الأمور فإنه يكون أمام احتمالات أربعة، ثلاثة منها غير معقولة، والرابع هو المعقول. كيف هذا؟ سألتني في... حكم إما
أن أقول لك فيه نعم وإما أن أقول لك فيه لا وإما أن أقول لك فيه لا نعم ولا لا وإما أن أقول لك فيه نعم لا. هذه هي القسمة العقلية الناشئة من موقف الشرع من فعل معين. هل يقبل ما ويركبون إما نعم فأقول وإما لا يعني. رفض؛ هل يُتصوَّر في فعل من الأفعال أن يقف الشارع فيه فيقول افعله ولا تفعله في نفس الوقت؟ هذا مستحيل، وهذا هو الجمع بين النقيضين، والجمع بين النقيضين نوع من أنواع المحالات. لا يمكن للشرع أن يقول لي
صلِّ ولا تصلِّ في نفس الوقت ونفس الزمان، هذا لا يمكن أن لا تصلِّ صلِّ، فهي هي. إذ هناك احتمالان وهما: لا ولا نعم، ونعم ولا في نفس الوقت. لسنا متوهمين بالعقل. عقل كل عاقل على وجه الأرض، مسلم أو كافر، يمشي هذا، يركض هذا، يتبقى له احتمالان: نعم ولا، نعم اذهب ونازع على المسكن، لا تذهب ولا تنازع. على المسكن أنا القياس، ثمن قلبي ورجّحه بذلك الاطمئنان، جعله يميل ميلاً.
عندي احتمال واحد فقط، وهو ألّا تفعل هذا، وهذا هو الذي يطمئن إليه قلبي. أقول له: هل هذا سمعته من ربك أو من رسولك؟ أقول له: لا، لم أسمع عدم النزاع على الشقق لا في الكتاب ولا في... سمعت أن عدم النزاع على البيع وعدم النزاع على الخطبة، أما حكاية الشقاء فهي ولكن تربية على أوامر الله ورسوله. عقلية في أمور تتشابه مع بعضها في كثير من الأمور التي شرحناها الآن تجعل قلبي مائلاً إلى أن أقول لك:
لا تفعل هذا، فهذا من جنس ما حرّمه الله. علينا وإن لم يحرمه بذاته وعينه ونصه وفصه هكذا قالوا إذاً، فلو أن القياس يؤدي إلى الظن والرجحان فقط وليس إلى اليقين والقطعية، إلا أنه يجب العمل به لأن العمل بالظن واجب. هذا الكلام هو لأن العمل بالظن واجب. لماذا هو واجب؟ لا، وماذا أفعل؟ ماذا أفعل هذا؟ أنا لا بد أن أفعل الصحيح، وأن أقوم بالظن دائماً هكذا. لا بد عليّ أن أفعل الظن لأنني دائر بين الجمع بين النقيضين، وأن أتبع المرجوح أو أتبع الراجح. الثلاثة أحلاهم مر
ومرفوضين. أبقى في تناقض، والتناقض ممنوع، واتباع المرجوح ممنوع. إذا توافقوا عليّ فهذا واجب. عليَّ شرعاً أن أتبع الرجل، وبدأ الأثينيون من هذه الآلة التي أسموها في القياس، بدؤوا في دراسة كل جزء وكل ركن من أركان القياس، ووضعوا لهم ضابطاً، ووضعوا له كيفية عمل، وتوسعوا جداً في كيفية استنباط العلة، كيف نستنبط العلة، وكيف نحققها في الفرع، وما هي الأمور التي تشوش علينا. ذلك الاستنباط،
وما هي أنواع تلك العلل، وأن بعضها منصوص وبعضها مستنبط، فما هي المسالك؟ يقولون هكذا مثل المسالك التي تؤدي بنا - يعني الطرق التي تؤدي بنا - إلى العلل وإدراك العلل، كيف نفهمها؟ كيف نستنبطها؟ وهكذا. فمثلاً عندما تكلموا على ما ذكرناه من الأنواع الثلاثة للقياس، قالوا: نحن إن الله سبحانه وتعالى قال: "ولا تقل لهما أفٍ ولا تنهرهما وقل لهما قولاً كريماً". فلا تقل لهما "أف"، وهنا له وفي منطوقه الألف والفاء التي تخرج من الفم تعبيراً عن التذمر والضيق، "أفٍ"
إذاً. حسناً، لم أقل لهما "أفٍ"، ولكنني أمسكت بعصا صغيرة وضربتهما فقط، فأجيب للوالدين وكبار السن أنهم قد خرفوا، أنهم يعني يأمروننا بأوامر ويوجهوننا إلى نواحٍ عيب، هكذا فقط. الحمد لله تمت السكتة وأنا أضرب لا أقل من ألف، أبداً هذا حرام. الأستاذ يضحك والأخت تضحك وكلنا قد ابتسم على وجهه. لماذا؟ لماذا هذه الابتسامة التي حدثت؟ إنه غير معقول. هذا السبب ما هو؟ يحتاج فكرة لماذا لأن العلة وهي
إيذاء الوالدين التي من أجلها حرّم الله كلمة "أف" أن تصدر من الابن لوالده أو لوالدته، هذا الإيذاء إيذاء بسيط. يعني لو أجرينا هكذا إحصائية: من منّا لم يقل لأبيه وأمه "أف"؟ يعني ستكون النتيجة إما عدم وجود أحد أو عدد قليل جداً. عدم يا أما من عدم، والأب والأم عندما يرى الولد والمزاعق يحاولون من أجل إثارة شفقته عليه، يعني لا تؤذِ أيضاً. لا يتراجع الأب والأم في كثير من الأحيان عن ذلك الأمر الذي قد توقف ابنهما أو ابنتهما عنه، يعني كأنه أيضاً الحكاية فيها ماذا؟ لا يبدأ
يعني يُزال هذا الذي لا يكاد يُذكر به من الواقع هكذا أنه لا يكاد يُذكر أمام هذه المصيبة التي لا تكاد تُتصور أن يضرب ابنٌ والعياذ بالله أباه أو أمه. هذا إجرام أشد من إجرام كثير، الشرك بالله وعقوق الوالدين هذه كبيرة لدرجة أنه لا يمكن. أن يقارن بينهم، إذاً فهذا ما يمكن أن يسميه قياس الأولى، وبعض الإسلاميين وصل به الأمر إلى أن يقول: قياس في معنى النص وقياس كلمة. يعني عندما يقول لي الله أن أكظم الغيظ في موضع ما، فهذا هو الطريق، ولا أقول له "أف"، فلا أقول له "أف" أبداً. يقول لي نعم، تَرَكَ
ولكن ضرب لأنني أريد أن أضرب. فأقول له: انتظر، في معنى النصح كأنه نصحٌ من شدة توفر العلة في ذلك الفرع الحادث المسكوت عنه الذي لم ينص عليه، بمرحلة كبيرة ضخمة بينه وبين المنصوص عليه، وهي كلمة "أفٍ"، ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن أشد [أو] لا تأكلوا مال اليتيم. إن أكل مال اليتيم [محرم]، فالله سبحانه وتعالى جعلني وليًا وصيًا على ذلك اليتيم وماله، فأذهب وآكل منه وأتمتع به، آكل كل يوم كبابًا وتفاحًا وأستمتع من مال اليتيم، وأُطعمه أيضًا معي: "تعال يا
ولد، خذ قطعة طعام هكذا، ليس هناك مانع". ويكبر اليتيم نَفِدَ المالُ وضاعَ، فبدلاً من أن يَجِدَّ ويجتهد ليحصل على ما يُغنيه من ميراث أمِّه أو أبيه أو أهله أو ما شابه، إذا به يبحث ولا يجد شيئاً، أو يجد الشيء ناقصاً. حذَّرَ الله من هذا تحذيراً كبيراً، لكن يبقى أن هذا الآكل - والعياذ بالله - أو المُضَيِّع هو أحضر طعامه مرة أخرى، والله تعالى يقول له: احذر أن تفعل ذلك. حسناً، هذا كان يمتعه حقاً، لكن أصبح مكروهاً أنه رجل حقوق ذهب
فأحرق المال وأشعل فيه النار. قال: لكي لا يجد هذا الطفل الصغير شيئاً عندما يكبر في صورتين، سواء أكله وغذّى به نفسه، أو أشعل فيه النار. موقف: ما هو العائد من هذين التصرفين على الولد؟ فواحد في الأولى الولد لم يستلم ماله، وفي الثانية الولد لم يستلم ماله. الحقيقة أن النتيجة واحدة، ولذلك ضربوا هذا المثال مثالاً للقياس بالعلة المتساوية، فإن في الأصل نهانا ربنا عن الأكل بعدم تضييع المال على اليتيم وفي الفرع. قد ضاع المال على اليتيم، فضياع المال في كلتا الصورتين متساوٍ. قد تكون
العلة في الفرع أقل منها في الأصل فنسميه قياس الأدنى. وصورة ذلك مثلاً أن النبي عليه الصلاة والسلام حرّم فقال: "الذهب بالذهب والفضة بالفضة"، يُحرم ربا الفضة، فيقول: "الذهب بالذهب والفضة بالفضة والبر بالبر". الذي هو القمح يعني والشعير بالشعير والتمر بالتمر والملح بالملح مثلاً سواء بسواء، فمن زاد أو استزاد فقد أربى. هذا حديث، هل يُسر رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما
حرّم في هذه الأشياء، حرّم فيها فقط في الستة الأشياء هذه فقط كما يقول ابن حزم الظاهري الذي ينكر. القياس أو أنه قد حرمها لمعانٍ وذلك أن الذهب والفضة كانا وسيط التبادل بين الناس وأراد ألا يحدث خلل في التعامل فيحدث اضطراب في قيم وسيط التبادل وأراد أن يحفظ على الناس أقواتها أو مطعماتها أو أنه أراد أن يحفظ على الناس التماثل فيحدث الخلل في البيع والشراء
ذهب إلى كل واحد من هذه العلل فريق من العلماء لأنه عندما فكروا اختلفوا، فقال الإمام مالك هو يريد أن يحفظ على الناس أقواتها، وقوت البلد هو القوت المدخر، يعني إذا نزلنا مصر مثلاً الآن نجد قوت البلد هو الفول المدمس الذي يفطر به الناس ويصنعون منه طبق الشعبية وغير ذلك. ما هذا؟ والأرز الذي يأكل منه غالبية القاهريين إنه من الشمال وليس سويسرياً، والقمح الذي يعتمد عليه غالبية أهل الصعيد في قوتهم. تجد أن الصعيدي لا يفطر عندما يكون هناك أرز، بل لا بد أن يأكل خبزاً. وهكذا، هذا هو قوت البلد. لكن المارونجلا سيدي ليست من
قوت البلد بدرجة فروة عندما نضعها في قليل من السكر هكذا، فهذا ليس من القوة، هو مُطعَّم نعم، يُكسِل نعم، لكنه ليس من القوة، ولذلك جاء عبد الناصر ومنع استيراد هذه الأشياء ولم يشعر أحد، يعني لم يتأذَّ أحد كثيراً بأن المورينجلوسي لم يعد موجوداً في البلد، فهو ليس ضرورياً. ما ماورينجلوسي موجود، لكن لو أُزيل القمح أو الأرض أو الفول من البلاد، فماذا سيكون؟ ستكون الحاجة أزمة حقيقية، لأن الناس قد تعودت على تناول هذه الأشياء يوميًا، بل وفي وجباتها كلها. سيحدث عدم شبع، إذ تعوّد
الجسم المصري منذ قديم الأزل أن يأكل القمح في صورة الخبز. يأكل الأرز أو يأكل الشعير أو يأكل الزرع أو يأكل الفول أو يأكل غير ذلك. لو أننا قلنا له: اكتفِ بالبقول مثلاً والخضار المعتاد، لا يشبع. لا يحدث ذلك. لا يشبع وتحدث أزمة كبيرة. إذاً، مالك يفكر ويقول: يريد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يحفظ الأقوات على الناس يريد لاعباً فيها ولا زيادة وكذا بحيث لا تحدث مضاربات حولها وعليها، يبقى في تسوية عليها هكذا، يجعلها كما هي هكذا. طيب، الإمام الشافعي قال: "لا، نوسعها قليلاً"، لأنه كان هناك أناس أيضاً يؤثر في نفسها
الهامش قليلاً، وعندما مُنعت تضايقت وقالت: "الله يعني يجازي الثورة". ها أن منعت المارينجليسيه، كنا في الماضي، ويحكي لك عن الماضي، كان ما أجمل الملبنة المخلوطة بالقشطة من عند الحاج بكر، والمارينجليسيه من عند جروبي. فأنتم حرمتمونا الآن من هذه الأشياء اللطيفة. في الحقيقة، يعني كأنه يعامل الأطعمة كلها معاملة واحدة. فَفَهْمُ الشافعي كان هكذا، لكن ذهن أبي حنيفة كان قال لا، هو يريد المماثلة في الجنس والقدر، فهناك أشياء يضربها رسول الله صلى الله عليه وسلم كمثال لأنه أيضاً لم يعد التراب بالتراب ولا اللآلئ الرصاص باللآلئ الرصاص، وإنما مثلاً بمثل وهكذا حتى تستقر المعاملات ويتحقق العدل،
وأنت في غرر وفي أكله، وهنا ستختلف الأقيسة عند هؤلاء الأئمة إذا وسُئل سؤال: هل يدخل معنا مبادلة بعض الأمتار بأمتار أخرى أم لا؟ فسيقول مالك: لا، بِعْ عدداً من الأمتار بعدد آخر من الأمتار كيفما شئت، فإن الأصل هو القوت، أو الأصلي هو البُر أو القمح، وعلة ذلك هي كونه قوتاً. أما الأمتار فليست قوتاً، إذاً فبِعْها كيفما شئت، إذ ليس الحصن ثلاثة في عملية القيادة، لكن الشافعي يقول: لا، علة التحريم في القمح هي الطعم، أي أنه مطعوم، أي أنه
يؤكل بالفم. فالتمر يؤكل بالفم، والنتيجة أن الزيادة فيه حرام مثل القمح تماماً. عند النظر إلى علة الطعم التي استنبطها الشافعي، هل هي علة يقينية قطع بها الله؟ لو كانت بين شائعة أبي حنيفة لو كانت قطعية لاتفقوا عليها، لكن هذه أمور تعتبر باطلة وأمور معقدة أخرى فاختلفوا فيها، فاختلفوا في النتيجة. هم متفقون على قضية القياس وآلياته، لكن عندما نأتي لنطبق نجد أن هذا قال العلة هي الطعم وهذا قال العلة هي الفوز، وحينئذٍ نقول له هناك ربا في... الفاكهة
هذه وإن لم تكن مقتصدة لأن القضية قضية الصعوبة، هذا مذهب وهذا مذهب، إذاً فهذا المذهب أو هذا اختلاف المذاهب، هذا يدل على أن العلة ليست كشأن الضرب قياساً على التنفير ولا حتى كشأن الإحراق قياساً على الأكل، إنما هذه علة في القلب منها شيء في الاستنباط فيها اختلاف. بل وقد يكون في التحقق فيها خلاف لأنه من الممكن أن تأتي له مادة هي مشتركة في الأكل بين الإنسان والبهيمة،
فهل تدخل معي في الطعم أم لا تدخل معي في الطعم؟ هنا سيحدث بيني وبين أخي المتمذهب بمذهب الشافعي والمقتنع بكلامه خلاف، والخلاف هنا لم يكن في علة الأصل توافر هذه العلة في الفرع، فهل هذه العلة متوافرة في الفرق أيضاً؟ حدث في مكة قبل خمسين سنة أن ازدحم الناس، ولمدة قصيرة كان البرتيل كعصير القطع والبرتيل، ولا أرى أحداً قد حاول أن يتذوق عيدانه، إلا أن
فيه مادة سكرية كاملة، يعني هو أشبه بعصير الجزر. عصير الجزر فيه من السكر الطبيعي فإذا ما عثر البروتين وهو مادة خضراء كأي مادة أخرى فيها من الفيتامينات ومن المركبات ما في أي مادة أخرى، ولكن شاع في الاستعمال هذه النبتة في أكل البهائم وليس في أكل الإنسان، فلو أنها كانت صالحة لأكل الإنسان لأن الإنسان إذا ما أكل إنسان لا يدري. بل ينتفع بل قد يتلذذ أيضاً وينبسط، وكثير من الناس في هذه الفترة أقبلوا وتهافتوا على عصير
البرسيم، يشربونه لأنه رخيص ومفيد وطعمه لذيذ. ومن الممكن جداً أن نصنع إعلانات له ونضع سياسة تمنع التقاط الصور حتى لا يُقال إن المصريين يأكلون طعام البهائم، ولم يُمنع لا من جهة الصحة من قبيل التقزز أو الاشمئزاز ولا من قبيل كذا وكذا، بل صورة أشد واقعية من هذا، وهي قضية الفول المدمس، فإن الفول المدمس في إيطاليا مثلاً لا يأكله إلا البهائم والعصافير، ويتعذبون تعذباً شديداً ويصلون إلى حالة الاشمئزاز والتقزز لو أنهم قد أُخبِروا بأن أحداً من البشر يأكل مثل
هذا. النبل إذا هذه الفول أو البرسيم أو غيرها إلى آخره، وأنا أضرب هذه الأمثلة حتى نبين أنه قد يكون هناك شيء واقع في التعامل وفي التهم ما بين الإنسان والحيوان، فماذا يكون الحال؟ هل هذا يُقَوَّم بكذا ويُحاسَب على كذا إلى آخره أو أنه لا يُقوَّم؟ إذا اختلفوا فاتفق. مع صديقي الشافعي هذا أن الفول يدري فيه لأننا نحن الذين اعتدنا عليه، متفقين، وندرك أنه توجد أقوام أخرى لا تتصور أكله للبشر لأنها لم تجرب هذا ولم تتعود عليه. وسأختلف مع صديقي الشافعي الآخر في قضية البرسيم فهو يرى أنه طعام وأنه لا
بأس به وما الذي يمنعه. إلى آخره وأنا أرى أن العرف حاكم وغالب على أنه ليس من طعوم البشر، وأنه ينبغي أن نفك عنه أسرى التفاضل الذي نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذه الأصناف، ونجعله خارجاً عن هذه القضية، فلا نقيس على الربويات، بالرغم من أننا نحن الاثنين نقول إن الطعم... هو علة الرابع اختلفنا في تحقيق هذه العلة في الفرع وليس في الأصل ومن هنا كان القياس ظنياً أيضاً. هل هذا الحكم بإزائه هذه العلة فعلاً؟ أظن ذلك. هل هذه العلة متحققة في الفرع؟ أظن ذلك. هذه
مجموعة الأمور تجعل القياس في مجمله ظنياً وإن وجب العمل به لأن الظن. يجب العمل به، وقد توسع الأصوليون في شروط الأصل وشروط حكم الأصل وشروط العلة وشروط الفرع، بحيث تتم عملية القياس بطريقة منضبطة مفهومة واضحة، تحاول أن تبتعد عن مواطن الغموض، وتحاول أن تبتعد عن التكلف وعن المفارقة بين ذلك الفرع وهذا الأصل، إلا أن بعض الناس أنكروا القياس. هذا فقه جيد إلا
أن بعض الناس أنكروا القياس، يعني سنقول شعرًا إن شاء الله، إن شاء الله، لكن اصبر عليّ قليلاً، وقالوا: من قاس كما تقولون أيها الجمهور فقد شرع وأوجد حكمًا لشيء مسكوت عنه، وهذه الأمثلة التي قلتموها لنا نرد عليها. تقولون قِسنا النبيذ على الخمر، فالخمر... حرامٌ لأنه مُسكر، والنبيذ مُسكر فهو حرام. الخمر في اللغة
هو عصير العنب، لكن عصير التفاح المسمى بالشامبانيا لا يسمى خمراً في اللغة، وعصير البصل المسمى بالويسكي لا يسمى خمراً في اللغة، وعصير التمر أو غيره المسمى بالعرقي مثلاً أو الأنبذة المختلفة كنبيذ الذرة أو نبيذ الشعير لا يسمى في... اللغة خمراً بل يسمى مسكراً وقد يتم بأسماء أخرى، فالخمر قد ورد لها تسعون اسماً في لغة العرب لأن العرب كانت إذا أحبت شيئاً أو خافته أكثرت من أسمائه، فتجد الأسد له سبعمائة اسم وتجد البحر له ثلاثون اسماً وتجد الخمر له تسعون اسماً وهكذا حتى قام أحد العلماء.
وهو الفيروزابادي فقد جمع كتاباً سماه "المثلث في جمع ما له اثنان أو ثلاثة أسماء". وهذا يعني أن بعض الأشياء كان لها ألف اسم في لغة العرب. فالخمر - وهي بحروف الخاء والميم والراء - كانت تُطلق على نوع معين من المُسكر، وهو عصير العنب المتخمر الذي ظهرت فيه صفة يقيس الويسكي على الخمر ويقول إنه حرام، ويقيس الشامبانيا على الخمر ويقول إنها حرام، ويقيس البيرة على الخمر ويقول إنها حرام. فجاء منكرو القياس وقالوا: "حسناً، أنت في الحقيقة تفعلون شيئاً لا حاجة لنا به، لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: كل مسكر خمر"،
انتهى الأمر بهذا القول. أصبح للخمر معنى في الشرع أوسع منه في اللغة، وحينئذ كان الويسكي والشامبانيا والعرقي ومشروبات البلد وكذا من أنواع المسكرات تكون مندرجة. هذا كلامه، وهذه الكلمة التي يستغنون بها عن قضية القياس أن تكون هذه الأشياء مندرجة تحت الخمر، فكل مسكر هو خمر، وكل خمر حرام، خلاص، والنبي صلى. الله عليه وسلم يقول ما أسكر كثيره فقليله حرام. ها هو فتحها، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول ما أسكر ملء الكف منه فالجرعة منه حرام.
لا، العكس: ما أسكر الجرعة منه فملء الكف منه حرام. هذا صحيح، يعني لو أن سائلاً بحجم البنك المعتاد عندنا الآن شربته فأسكرت، شربت. البيانو فأسكرت فإن ملء الكأس منه هكذا يكون حراماً. حسناً، وهل يوجد أحد سيشرب هذه الكمية الضخمة حوالي مائتي لتر؟ مائتي لتر فإن الكوب منه يصبح حراماً. ملء الكف يعني كوباً تقريباً، كوب صحيح. إذاً هذه النصوص تندرج تحتها هذه الأفراد من غير حاجة لنا للقياس. تقول الإيجار قيس على ألم ينهنا الله عن التنازع والتخاصم وأمرنا بالأخوة؟ أليس من المفترض أن
تصبح هذه الأشياء من سلوكيات أفراد هذه الكلية التي أنتمي إليها؟ النزاع يجعلك تقول "أف"، والله قال بعدها "ولا تنهرهما". هنا نعتبر الضرب من النهر. ثم إن هذا من بلاغة العرب وكلامهم، فلو قلت: "ليس في جيبي مليم كان في الماضي أحمر ليس في جيبي مليم، يعني ليس في جيبي أكثر منه، فتصبح مسألة سخيفة أن يكون في جيبي مائة جنيه ثم أدخل على السامع وأقول ليس في جيبي قرش صاغ. فَهِمَ الناس هذا أننا في القليل، وزننا في الأكثر. عندما أقول ليس معي قرش، فمعناه أننا... مثلث ليس في جيبي شيء وهذا يصح
عند الناس. أنا أقول لك بعد قليل أُخرج المائة جنيه من جيبي، وبعدها أقول: أنا نفيت وجود القرش، أنا قلت ليس في جيبي قرش، لكني لم أقل أنه ليس في جيبي مائة جنيه. هذا النوع من التفكير وهذا النوع من اللغة غير معهود. بين الناس، بل إن السامع سيتهمني حينها بالكذب. كلمة لا تقول لهم هو أفضل، يعني إذا كان أفضل تلك الأذية التي لا تكاد تُذكر، التي عادة ما يعفو عنها الأب والأم لطفها، فما بالك بما هو أكبر منها وتقول أنه أكل مال اليتيم، لا يوجد عليه العذاب. أي عذاب هذا؟ هذان اسمان وليس اسماً واحداً لأن الأكل هنا يندرج تحت كل إهلاك، وواضح من العبارة، لأن ظاهر
العبارة أيضاً أنني أمسك المال نفسه وآكله هو نفسه، فكيف آكل الذهب والفضة أو كيف آكل الأرض؟ معنى العبارة أنني أتصرف فيها من غير قياس ولا شيء، لن أحرق أي شيء لكن معنى... العبارة أنه لا بد أن أتصرف فيها. فالحقيقة أن قلبكم بالقياس هذا يعني لا حاجة لنا بهم. قلنا لهم إن اختلافنا إنما هو اختلاف لفظي فقط، وكلامنا أشد ضبطاً وانضباطاً من كلامكم لأننا قد توصلنا جميعاً إلى نفس الأحكام، وهذا الذي نريده. فإحراق مال اليتيم حرام، وضرب الوالدين حرام، والربا.
في المعاملات الفلانية حرام، قال لي: "كفى، كفى، لا، ليست حراماً، هذا فقط في الستة فقط، هو في الستة فقط"، لأن مسألة الطعم والقوت وما شابه ذلك ليست مستوعبة في ذهني، وليست مثل مسألة الخمر والضرب والإحراق والأشياء التي كنا نتمسك بها الآن، ولذلك سأقف على الستة فقط ولا في سوى هذه الستة قلت له إذا بدأنا في الخلاف الحقيقي وأن كلامي أقرب إلى التمنهج بمنهج الله من كلامك لأنني أبحث عن المقاصد والعلل والحِكَم وهذه الأشياء لن نختلف فيها كثيراً. هذه الأمثلة، ها نحن قد أتينا بمثال وهو الربا، اختلفنا لأن منهجي
مضطرد في الفهم. الشرع ومراده ومحاولة التطبيق عندك وكلامه أكثر تفصيلاً، أكثر دقة، أكثر بياناً، أقدر على نقله بين الأستاذ والتلميذ، أقدر على توصيله. علة تعبدية، ماذا تعني العلة؟ تعني أنني عندما يُسأل عن لماذا، لا أستطيع أن أجيب. إذاً هذا هو التعدد وهناك علة واضحة يمكن أن أعدها قضية هامة جداً ينبغي أن نركز عليها وأن نستوضحها تماماً وهي تفرقة الأصوليين بين العلة والحُسن، فهناك فارق عندهم بين ما يمكن أن نسميه بالحكمة
وما يمكن أن نسميه بالعلة، في حين أن كل من العلة والحكمة إنما قد ورد في الإجابة على السؤال "لماذا" عندهم، فالعلة فيها. صفتان، أنها ظاهرة منضبطة والحكمة ليست كذلك. يعني يمكن أن تكون ظاهرة غير منضبطة، ويمكن أن تكون من ضمن ليست ظاهرة ولكنها منضبطة إلى آخره، لكن العلة ظاهرة. ومعنى الظهور الرؤية بالعين، يمكن رؤيتها بالعين، هذا معنى الظهور. منضبطة أي أنها محددة حادة
واضحة هكذا بيّنة لا اختلاف فيها وضد. اقتصاد، ما هذه الخفية المتربة؟ الظاهر ضد الخفي، والمترب ضد المنضبط. فمثلاً ما علة العقد؟ لماذا شرع الله سبحانه وتعالى آثار عقد البيع أو عقد الزواج أو عقد الإيجار بين المتعاقدين؟ لماذا؟ الإجابة على ذلك: التراضي، هناك رضا بيني وبين الطرف الآخر، لأن العقد في حقيقته هو توافق.
هو اتفاقٌ وتوافقٌ حدث بين إرادتين في رضا بالاثنين: البيع والمشتري، الزوج والزوجة، المؤجِر والمستأجر إلى آخره. أين الرضا هذا؟ هذا في القلب، إذاً فهو ليس بظاهر لأنني لا أراه. إذاً الله يصلح الرضا أن يكون علة بالرغم أنه قد وقع في إجابة السؤال: لماذا؟ لماذا أحل الله هذا؟ أو لماذا بنى الله آثار العقود عليها لأن في رضا، لكن هذه حكمة الرضا هنا. فالرضا أمر باطن في القلب لا اطلاع لأحد عليه، وعلى ذلك فهو خفيف كما أنه مضطرب. يتبين ذلك أنني
إذا ما أردت أن أبيع ملكي هذا، أمتلك شيئًا وأريد أن أبيعه لكنني أحب. هذا الشيء أحبه حباً جماً ولا أريد أن أبيعه، لكنني سأبيعه لأنني محتاج إلى نقودي. لكنه عزيز عليّ، وهكذا الحقيقة. يعني إذا ما سألتني: "هل تريد أن تبيعه؟" نعم، أريد أن أبيعه، ولكن لا أريد أن أبيعه. يعني معناه هكذا: لو كان عندي مال لما بعته. أنا بائع، أتشعر بالاضطراب؟ هل يوجد أحد يكرهك أبداً؟ لقد أمسكت بيدي وذهبت إلى المشتري وتوصلت معه إلى أن يشتري لأنه في أزمة. حسناً،
إذا سألت هذا الإنسان: هل أنت راضٍ؟ في الحقيقة، هو لا يستطيع أن يجيب، إذ إن الرضا مسألة مضطربة، في حين أن شخصاً كان يقول لي: إن الله رزقك أخذها وحملوها بجنيه، فصارت تساوي عشرين جنيهاً، وهو فرحان أنه تم البيع والآخر فرحان يقول: انظر إلى الساذج، أخذ البقرة (أو السلعة) بخمسين جزءاً، أخذها منه بعشرين، كلاهما فرحان. لكن عندما هذا رضي وهذا رضي، فأين المكسب الحقيقي من هذه الألفاظ "بعتك واشتريت"؟ الألفاظ محسوسة يمكن لك أن تشهد أما بالسمع وإما بالبصر وإما في محسوس، تقول: "نعم، سمعت هذا يقول
لهذا: بعتك هذا بثمن كذا"، وهذا يقول له: "قبلت فاشتريت منك". سمعتهم بفمي مثلاً شهادة يزيد عليها الشهادة، فالثاني يقول: "نعم، أنا فعلت هكذا"، لكن يعني قلبي مكان حذائي. أقول له: ما أنا لم أطّلع على ما في قلبك والضوء أيضاً يقول له: ليس هذا هو مناط المسألة. نعم، الرضا هو السبب الحقيقي الأساسي الذي من أجله شرع الله البيع بين الناس، ولذلك بيع الإكراه لا يجوز. لكن لا تلخصها هكذا يا محمود. طيب، فهذا أمر خفي، هذه التجربة إنما لها آثار خارجية وُجدت لما كانت يعني... مندمجة في قضايا
القياس والعلة، حسناً، إذا فعندي الرضا أمر خفي مضطرب، ولكن الألفاظ أمر ظاهر منضبط. فما هي العلة وما هي الحكمة؟ الألفاظ هي العلة، وهكذا الحكم يدور وجوداً وعدماً مع علته. اكتبوا القاعدة، مَن هم؟ الحكم يدور وجوداً وعدماً مع علته لا مع حكمته، لا مع حكمته الحكم. يدور وجوداً وعدماً مع علته التي هي الظاهرة من دونه لا مع حكمته، فقد تتخلف الحكمة ولكن أيضاً الشيء يظل بحكم. لماذا حرم الله الخمر؟ لأنها
تغيب العقل الذي به العبادة والعمارة مقصود الكون، وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون. لن يعرف عابدهم، ولا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا. لا تقولوا إنني جاهل في الأرض خليفة لن أعرف كيف أخلف. هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها، لن أعرف كيف أعمر الأرض. فالعقل الحقيقي هذا لا بد من الحفاظ عليه حتى يتحقق مكتوب الخلق. حسناً، ما رأيك أنني سأشرب كأساً وكأسين من الشامبانيا ولن أسكر، والحاصل هكذا أن جميع أصحاب فيها الكأس والاثنان ويخرجون بعدم أهلية القيادة، وعدم أهلية القيادة هذا ليس في حالة سُكْر بَيِّن،
ولذلك في القانون عندما حرَّموا قالوا ما هو السكر البَيِّن، يعني هناك فرق بين السُكْر والسُكْر البَيِّن. السُكْر البَيِّن هو الذي يترنح، خلاص أصبح في حالة الفتوى المسموحة، لكن هكذا المشكلة كانت شرب شامبانيا مخففة لدرجة أنه يستطيع أن القليل من العربية هي مراوحة، حسناً هذه المصيبة التي نواجهها، فهذا الذي يسرق أو يحلف كذباً هذا حرام قطعاً. حسناً، إنه لم يفقد عقله، لأن فقدان العقل حكمة. وهنا ما أقوله لكم أنه من المهم جداً أن نفرق بين العلل والحكم لأن هذا مدخل من يقول لك أن الله حكم بأن الأحكام متعلقة بحكمتها، ويقول لي عقلك لا يذهب، وأنا لن أذهب عقلي، وأنا سأشرب كأسين فقط وانتهى الأمر مجاملة، فهذا هو الحرام. إن الذي حرم هو السكر الواضح، ولذلك لا، إن
الله حرم الكثير منه والقليل مما أثر كثيره وقليله وهو حرام. هذه من حكم بدون جبن عدم مع العلة والعلة، الأذكار. كونوا مسكر، كونوا مسكرة. هذه الشمانية هذه مسكرة فيها كحول، والكحول هذا مسكر. قلة النسبة أو كثرة النسبة هو مسكر وهو حرام بغض النظر عن الحكمة. السفر اقصر الصلاة جائز، ما تختصر في رمضان لماذا؟ للمشقة تخفيفاً من ربكم ورحمة. يقول قال الله صلى الله عليه وسلم: "تلك صدقة قد تصدق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته". إذا ما فيه يعني نوع من أنواع هذه المشقة، هذه لا تختلف باختلاف الأجساد
وباختلاف المسافات وباختلاف البلدان وكيفية الطرق فيما بينها. فالسير في الصحراء ليس كالسير في الطرق المأهولة التي فيها استراحات وغيرها. أتعلم ما الذي أشعر به عندما أسير في الطريق الصحراوي؟ يوجد أمان في محطات بنزين مينو وغيرها، لكن عندما أسير في طريق البحر الأحمر، لا يوجد أمان مثل ذلك، مما يسبب الخوف، وهذا الخوف يؤثر في جسدي ويسبب المشقة. لا يوجد فرق بين سفر الصعاليك وسفر الملوك، فليس لدى الملوك الرئيس يركب فيه مكيف الهواء، يعني يذهب ربما دون أن يعرف أنه ذهب إلى الإسكندرية مثلاً، بخلاف الطريق العام الذي يقف في كل محطة من هنا إلى الإسكندرية،
ويمكث في الطريق سبع ساعات أو ثمان ساعات، وقبل أن يصل الإنسان إلى هناك يكون قد تحول إلى إنسان آخر من كمية الذي حدث له، أليس السفر في الشتاء مختلفاً عن السفر في الصيف ومختلفاً عن السفر في الربيع؟ أليس سفر الكبير مختلفاً عن الصغير، والغني مختلفاً عن الفقير؟ أي يعني هذا ما هي المشقة؟ كيف تُفضل وهي المنضبطة في الحقيقة؟ هذا قد يكون السفر متعة من المتع، وقد يكون عذاباً والعياذ تقول السيدة عائشة: "هذا حديث لولا أني سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: السفر قطعة من العذاب، لقلت: العذاب قطعة من السفر". نعم، وحتى الآن، حتى السفر بالطائرات يُحدث تغييراً في الساعة البيولوجية في الجسم، يجعل
الإنسان لا يشعر بنفسه وهو في مشكلة سواء كان السفر إلى ولا الغرب ولا الليل صار النهار ولا حتى نفس السفر في حد ذاته صعب. فالطائرة وهبوطها فيه مشقة، وحمل الحقائب والفحص فيه مشقة، وهناك شعور نفسي بأن هذا كله مشقة. إذاً فهذه الأمور كلها متغيرة من شخص لآخر، فقد يكون الإنسان متعباً نفسياً من هذا، وإنسان آخر مرح يضحك ويكون أنه الشروط انقطعت وأن بعضها ضاع إلى آخره، إذا المشقة تختلف، لكن الذي لا يختلف هو المسافة. فالمسافة من هنا إلى الإسكندرية محسوبة بالصمت، وليس بالمسك،
من مركز البريد إلى مركز البريد. يعني العلامات التي ترونها في الطرق هذه تبدأ من مركز البريد بالعتبة إلى مركز البريد في الذي أنت ذاهب فيه في نجد على الطريق الزراعي محسوب، يتبقى على الإسكندرية مائة وثلاثين كيلومترًا، هم مائة وثلاثون بالضبط ومحسوبة في قسم الجيوديسيا في المساحة، يقيسونها ويضعونها في الطرق وما إلى ذلك. في الطريق الصحراوي كذلك بالضبط، إذا كانت ظاهرة محسوبة، يمكن أن آتي وأعود لأراهم، وعداد السيارة أمامي، خاصتهم صدق وعند العلامة بالضبط العدادات تنزل بالدفع محسوسة ظاهرة ومنضبطة نعم فتصلح أن تكون علة سأقول تقصر الصلاة وتفطر عندما
تمشي تسعة وثمانين كيلومتراً، تسعة وثمانين كيلومتراً بالضبط، تسعون تُحتسب في تدخل في الرخصة ثمانون وثمانون لا، نعم هذا من ضبط الصحيح هذه إذاً فهي العلة وإن كانت الحكمة. هي المشقة وهكذا الأحكام تدور مع علتها لا مع حكمتها. هذه إطلالة سريعة على نظرية قد استُعملت في ذهن الأصولي، أدت وظيفة معينة بطريقة معينة، هي نظرية الإلحاق. وبذلك نكون قد أكملنا خمس نظريات: نظرية الحبية، نظرية السدود، نظرية الدلالة، نظرية القطعية والظنية، ونظرية الإلحاق. وتبقى لنا نظريتان.
نظرية الاستدلال وفيها الأدلة التي اختُلِف فيها والتي احتاج إليها الأصولي ليكمل بها منظومته، ونظرية الإفتاء وهي كيفية تطبيق هذه المعلومات وفك التعارض وحصر قضية المقاصد وإدراك الواقع، وهذا ما سنقرؤه إن شاء الله في المحاضرتين الثلاثين وبها تتم الدورة. ومن أراد منكم أن يسأل شيئاً فليتفضل، حسناً هنا
ثم الذين جاء الفصم العام على بعض أفرادهم أو تصديق القاعدة العامة أو إلحاق الفرع بحكم الأصل لتشابك الأولى، ولكن الذي حصل أولاً في لم يحصر، أي بقي الخلاف كما هو وظل القياس الذي هو بالمعنى الضيق هو الأمر السابق، يعني نعم حضرت ما في مصحك هكذا ولا قبل. الآن لم يرد لنا من المخالفين لنظرية القيادة ما يساوي حجمها وثقلها وخدمتها. قد يكون هذا لأن تلك الأفكار أفكار لم تُخدم، وقد يكون هذا لأن نظرية القواس هي نظرية أقوى بكثير جداً مما يواجهها، لكن
يدوم له كل ما يقولونه سواء إجراء المجد العام أو قضية جريان النص على. أفراده من درجة اختلاف هذا يا حضرتك، يعني ما فهمت ما قلته حضرتك. قلت نظرية تلحق بحيث أن القياس يكون مثلاً ثلث النظرية، لا وتدخل فيه. لا، أنا سميتها الإلحاق حتى لا أجعل من يقول بجريان النص خارجاً عن الأصوليين، ولا من يقول بجريان النبأ العام خارجاً عن... الأصوليون بل هم من الأصوليين، إنما الأدلة يستعملونها في الإلحاق غير الأدلة التي يستعملها الجمهور. لكن في النهاية ماذا يفعلون؟ يفعلون ما يمكن أن نسميه بالإلحاق. فليس الإلحاق مكونًا من ثلاث شعب،
بل الإلحاق استُخدِم لأجل الوصول إلى ثلاثة أساليب: فأسلوب القياس، وأسلوب المبدأ العام، وأسلوب جريان النفس على أفراد. الواقع الحاصل حضرتك في القرن الثاني بالنسبة لمسألة تعليم الأحكام يعني أنا قرأت في الرسالة الخاصة بالماجستير من القاضي الدكتور رحمة الله عليه أن العلماء توسعوا في مسألة تعليل الأحكام حتى أنهم وجدوا عللاً للأحكام التعبدية، فهناك ذُكر أن التخطيط أن تظل الأحكام التعبدية ليست لها علل ولكن هو... حتى قال إن ابن القيم من العلماء الذين توسعوا في مسألة إيجاد حدٍّ لكل أمر سواء في المعاملات أو في الأمور التعبدية. هنا الموضوع دقيق وهو أنهم يخلطون
بين كلمة تعبُّد وبين العبادات، لأن تعبدية تعني كونه منسوباً إلى العبادة، فظنوا أن تعبدية معناها هذا لا التعبد. قد يكون موجوداً في كتاب العبادات أو في المعاملات أو في الجهاد أو في أي شيء، ويكون قصد كلمة التعبدي هنا هو ما لا يُدرك له إلا معقولية المعنى. معقولية المعنى يدركها العقل بنفسه، يستطيع أن يستنبطها، أن يعرف لماذا، يجيب عن السؤال لماذا. لكن في كتب الفقهاء هناك... عدة كثيرة لأمور متعلقة بالصلاة وأمور متعلقة بالزكاة وبالصيام وما إلى ذلك، وهناك أقيسة كثيرة، وباب الصلاة وحده في
كتب الشافعية يمثل ثلاثة أرباع الحياة. فعندما قرأ الأستاذ كلمة أن الأمور التعبدية لا علة لها، ظن أن الأمور التعبدية هنا معناها العبادات، وهذا ظن متسرع فيه شيء من التسرع. الأمور ليس معناها العبادات بل معناها الأمور التي لا يستطيع العقل أن يدرك لها معنى معقولاً، ولذلك نقول إنها غير معللة، لأن العلة هي الوصف الظاهر المنضبط المشتمل على ما يناسب شرع الحكم عنده على معنى يناسب شرع الحكم عنده. هذا يدركه الإنسان بعقله وتأمله وتفكيره وضم هذه الأشياء بعضها مع بعض الناس عندما نظر في الكتب فوجد أن
الأمور التعبدية لا علة لها، ظن أن العبادات لا علة لها، ثم بعد ذلك ذهب فوجد الفقهاء يعللون العبادات، فحدث عنده تعارض. هو بالطبع في الواقع ليس هناك تعارض، لأنه قادم من حمله لهذه اللفظة على هذا المعنى. الحمل هو الذي أوقعه في هذا، وإننا نجده كثيراً في كتب المُحدثين أنهم يخلطون كثيراً في مثل هذه المواضع. خذ قضية الإكراه واختلاف الحنفية مع الجمهور، هذه أشياء تُضحك الثكلى ويشيب منها الأقرع، فهكذا هذا خلط كبير ما بين المسائل التعبدية. هنا يعني لا يستطيع الإنسان، وليس معناها العبادات. نعم، حاضر. المدبر معناه أيضاً، وأيضاً يكون في تكرار
لأنه أيضاً إنما هو مصدر من قاض يئذ أيض أيضاً وآضى هنا يعني صار وتكرر وكذلك. فأيضاً طُبق على الأمس، ها ليس الأمس بل أول أمس، أول أمس. نعم، المرة الثانية، المرة الثانية. طيب بحضراتكم يا مولانا، هي بالنسبة للكلمة أن الجمهور راجح عقلاً وكذا كذا هذا واجب شرعاً جائز عقلاً أو جائز عقلاً واجب شرعاً واجب شرعاً واجب لأن العمل بالظن واجب نعم حيث إن هذه ليس عليها يعني القرآن يقول أن الظن لا يغني من الحق شيئاً مصطلحات كيف تعسف معنى الظنية الظن يطلق ويراد منه اليقين الظن يُطلق على الإدراك ظن، وهذه
تُطلق على مسألة فيها إدراك للإنسان. إدراك الإنسان هذا قد يكون إدراكاً يقينياً، وقد يكون إدراكاً متساوياً، وقد يكون إدراكاً للراجح، وقد يكون إدراكاً للمرجوح. بالنسبة المئوية، يُصطلح على حالة الإدراك اليقيني بأنها مائة في المائة، يعني أنت متأكد مائة في المائة من المعلومة. الظن ومن خمسين إلى تسعة وتسعين يكون الشك، والوهم أقل من تسعة وأربعين إلى صفر في المائة أو واحد، لأن الصفر يعني أنك لم تدرك، فيكون جهلاً. وهنا الظن، فكلمة "ظن" تُطلق ويُراد بها في مصطلحنا الذي نتحدث به الإدراك الرابع من واحد وخمسين إلى تسعة وتسعين. طيب النصف القريب، الظن يُطلق في القرآن على
الوهم، ويُطلق على الشك، ويُطلق على اليقين. "الذين يظنون أنهم ملاقو ربهم" بيقين، إذ أن بعض الظن يتعلق بالوهم، وقد يكون بالشك، وهكذا. إذاً، فهذا استعمال قرآني لغوي، لكن استعمال هؤلاء استعمال اصطلاحي فني، كلام الأصوليين باصطلاحات فنية، وكما قلنا قبل ذلك قد سلّمه من استعمالها اللغوي إلى استعمال شرعي إلى استعمال عرفي خاص بأهل فن معين كالتوبة أو كما لا أعرف الهندسة أو الفقه أو أي فن من الفنون. قضية الظاهرية وابن حزم الذين لم يأخذوا بالقياس، ابن حزم بالذات، يعني كيف يقع في هذه الأقوال الحياة السخيفة،
الحياة السخيفة، الحياة هو رجل لا يوجد من هو موثوق مثله في حجته ومسائله وثباته وما إلى ذلك. هو رجل واسع الإدراك، قوي الحجة، بليغ العبارة، وهكذا. كيف يُعقل أن هذا الكلام لا يصح؟ هل كان مقتنعاً بهذا الكلام أم أنه مجرد تجربة بسبب الخلاف الذي كان بينه وبين فقهاء عصره؟ في هذا الوقت وهذه القضية بالذات، أي أن الإنسان قد يتغير وليس على حالة واحدة دائماً، وكل هذا جائز. يمكن أن يكون قد استُدرج إلى أن أفتى بهذا في شبابه وهو لم يكمل المرحلة وأكمل حزنه. فالقرطبي في تفسيره يقول: "وسيأتي تفصيل ذلك في سورة كذا"، فعندما يصل
إليها يقول... وَقَدْ طَبَّقَ تَفْصِيلَهُ فِي صُورَةِ كَذَا وَهُوَ لَمْ يَذْكُرْهَا لَا هُنَا وَلَا هُنَاكَ، هَذِهِ الْأَشْيَاءُ لِأَنَّهُ أَلَّفَ التَّفْسِيرَ فِي عِشْرِينَ سَنَةً وَهُوَ أَلَّفَ الْمُؤَلَّفَ فِي عِشْرِينَ سَنَةً وَهَكَذَا، وَالْإِنْسَانُ يَنْفَعُ وَالْإِنْسَانُ يَضْعُفُ وَالْإِنْسَانُ يُغْمَى عَلَيْهِ لِأَنَّهُ إِنْسَانٌ. اِبْنُ حَزْمٍ أَخْطَأَ أَخْطَاءً كَثِيرَةً جِدًّا لِأَنَّهُ لَمْ يَحِدْ مَثَلًا فَقَالَ أَشْيَاءَ فِي... الحج طبعاً هو خطأ محض من دون أن يذهب الإنسان ويجيء ما بين الصفا والمروة فتُحسب له واحدة. لم يقل أحدٌ بذلك إلا ابن بنت الشافعية لأنه لم يذهب إلى الحج ولم يتصور المناسك: أين الكعبة؟ أين مقام إبراهيم؟ أين زمزم؟ أين الحجر؟ أين نسير فيه؟ إنه لا يتصور المناسك. محمد عبده لم يحج، والناس
الكثيرون لم يحجوا، والشيخ الكوثري ذهب ولم يحج، وهكذا فعلماء هم كبار وفضلاء وغيرهم، لكنهم لم يحجوا، فيأتون في الحج ليفيضوا منه جميع العوارض البشرية. هو بشر، ولذلك نحن نتحرر من هذا ونحتكم إلى العلم، فما كان يؤيده العلم والبرهان والدليل فندعه. ونحوه وما كان غير ذلك فبغض النظر أيضاً على حد إفصاح الثبوت هذا الأمر إلى هذا العالم الأبناء لأن هناك قراءات كثيرة منسوبة لعلماء كثيرين وهم منها براء، فكل هذه الأشياء لا تشغل ذهنك عن أن تتجاوزها لأن البشر بالجنة ومن جهنم الذي هو في المجمل صحيح معتمد نعم. هو ثقة بدون شك وعالم بدون شك لكن الإنسان تعرض عليه العوارض والله
سبحانه وتعالى يثبت البشرية بإظهار النواقص. الجاحظ وهو من أشد من عرفه التاريخ حفظاً نسي اسمه أو كنيته عدة أيام، هذه من آيات الله. إن الإنسان يحفظ هذا الحفظ الرهيب العجيب، يعني غير المعقول، ثم بعد ذلك... يقول مات يتيم، مات في ثلاثة أيام وهو متوفى في الدار، لا يكتب ولا يفعل شيئًا ولا كذا. يقول مات يتيم يسميه - ماذا؟ - الجاحظ. نسي كلمة الجاحظ، كان اسمه عثمان، لكنه نسي كلمة الجاحظ. دائمًا هو يعني الجاحظ، لا تجعلها "دائمًا هو"
لكنه نسيها. ويقال أن ابن مسعود الله تعالى عنه وكان من القراء المعتمدين مثل المعوذتين وكل ما يفكرون به يتأملون فيه يقولون أوهذا من القرآن فنعم سبحان الله إذًا هذا التسبيح هو أن ننزه ربنا من النقص هو هذا إننا في حالتنا نعم بالنسبة لمسألته الأخيرة لمسألة العلة والحكمة وضرب مثلاً. هل يتعلق القصر في السفر بالمشقة، أي هل المشقة هي سبب القصر، أم المسافة، أم النفقة؟ لا، العلة هي المسافة والحكمة هي المشقة. العلة هي المسافة نعم، والعلة هي المشقة والحكمة هي المشقة. حسناً، نجد مثلاً في الواقع أيضاً في المسألة ستجد مثلاً مذكوراً
في المسافات أقوال الصحابة. السبعون والفقهاء لديهم حوالي عشرين أو أربعين قولاً، وفي النهاية يخلص إلى أنه يقول لك: لا، هذا القصر فيما يتعدى مجال المدينة أو نحو ذلك. حسناً، هذا ونحن لدينا هنا خلاف حول ماهية السفر. لكنك هكذا تناقش في أمر آخر. لا، خذ أن الرد: العلة قد تظهر وقبل. تظهر والحكمة تظهر وتظهر قد ولا لا الحكم يدور وجوداً وعدماً مع علتها مع علتها وليس مع حكمتها. نعم لأجل أن نصحح يقولون إنه يدور وجوداً وعدماً مع وجود علتها وعدم وجودها. لا هذه قضية، هذه قضية ثانية. نعم الثلاثين قول أو الأربعين قول أو الذي كما وإن كنت لا أعرف، أي أنك قللت منهم قليلاً. يعني عشرة كثيرة، ثم جعلتهم في بداية كلامك عشرين، ثم جعلتهم أربعين. فعلمت أنك لا
تقصد، لأن العدد لا مفهوم له. فأنت رجل قصصي في طبعك، فهذه الأقوال كلها في مساحة واحدة، شخص يقول تسعين وآخر يقول مائة. وواحد يقول تسعة وثمانين وآخر يقول لا خمسة وسبعين مسافة. انظر إلى كلامي: المسافة ظاهرة من الضبط. بغض النظر عن كون المسافة كم، فالمسافة كم هذه قضية ثانية. كون العلة هي المسافة هذه قضية، وكون المسافة كم هذه قضية ثانية. فابن حسن يقول إن السفر يُطلق في اللغة على. الخارج من المدينة يكون المسافة تُحدَّد بأنه تجاوز حدود المدينة، وسنسأله: ما هي المدينة يا ابن حزم؟ سيقول: المدينة تُعرف بحدودها كما حددناها سابقاً.
وهذا تعريف غير دقيق لأنه تكلم عن شيء من تحديد محسوب وهو ما هية المدينة. إذاً كيف نعرف المدينة في عصرنا الحاضر؟ نعرفها بالمواصلات الداخلية، نعرفها
بالمرافق، بالهواتف. فالمدينة أصبحت تختلف عن مدينة أخرى باختلاف الرقم، باختلاف المفتاح. هل المدينة لها مفتاح أم لا؟ إذاً حلوان وشبرا الخيمة من القاهرة لماذا؟ لأن هاتفهم واحد. لكن سبحان الله، لو خرجنا على الطريق الزراعي، ولم نذهب إلى حلوان على الطريق الثاني، فإننا نجد المنوات. خذ السفر ثلاثة عشر، وللسفر أحد عشر. نعم، هذه انتهت، إذاً خرجت والحوامدية خرجت، بالرغم من أنها متصلة على الخريطة بما بعد المعادي. فإذا خرجت من طريق الصعيد من المنيب، تقصر الصلاة عند ابن حزم وعند الجميع لأنك... وإذا خرجت من طريق المعادي، فلا تقصر الصلاة إلا بعد... التجديد
هذا نصوص وماذا كلام منضبط. يقول لك البوابة الآن وقفت عليها الشرطة العسكرية سواء كانت في طريق شبرا الخيمة أو غيره إلى آخره. فعلاً توجد بوابات للمدن إلى الآن وإن لم تكن بالطريقة القديمة المعهودة وما إلى ذلك. فالقضية أن هناك فرقاً بين المسافة. وبين كم هذه المسافة فنحن نتكلم عن العلة المنضبطة بأكبرها ما هي المسافة وليست الشيء غير المنضبط هو المشقة فهناك فرق بين المسافة وبين المشقة. الرابع في التشريع هل لابد أن
يكون الفقيه مجتهدًا حتى يستطيع أن يقوم بمسألة القياس أم لا؟ هل لا بد أن يكون الفقيه... مجتهداً يعني مشهوداً له بالاجتهاد والرأي وكذلك حتى يستطيع القيام بالقياس، بعملية القياس، يعني يستنبط الحكم من النصوص وكذلك، نعم، ومن الذي لا يستطيع أن يقيس من الناس؟ يعني من يقيس ومن لا يستطيع أن يقيس. المفروض أن القياس من عمل المجتهد، القياس من عمل من الأعمال. المجتهد وليس من عمل غيره ولكن من هو المجتهد؟ المجتهد عمل كمجتهد مطلق عنده القدرة على أن يفتي في كل المسائل، وقد يكون مجتهداً جزئياً يعرف في جانب كالمعاملات. الآن هناك بعض
الناس متخصصة في المعاملات المالية، وصلوا من التبحر وإدراك الواقع ومقاصد الشرع في هذا الجانب ما مكنهم من. أن يفتوا للدول الإسلامية مثلاً فتاوى بعض الناس هكذا لكنه غير قادر على أن يفعل نفس الشيء في باب الصيام مثلاً أو في باب الأحوال الشخصية، وهناك مجتهد مستقل له مذهب في الأصول، وهناك مجتهد مذهب مقيد في أصوله لإمام معين ومستوعب أصول ذلك الإمام ويعرف كيف يشغلها تشغيلاً جيداً. إلا أنه ليس مستوعباً لباقي الأئمة ولا لباقي المدارس الفقهية، ولا يستطيع أن يشغل كل الأصول في كل
ذلك إلى آخره، وليس له رأي مستقل بالأصل المستقل. فهذا نسميه مجتهد المذهب، وهذا نسميه مجتهد مطلق، وهذا نسميه مجتهد جديد، وهذا نسميه مجتهد مستقل، وهكذا. وقد تكون التجزئة إلى أن... يجتهد في مسألة واحدة، والقدر الأقل في ذلك المجتهد هو أن يكون عالماً بالكتاب، عالماً بالسنة، عالماً بمواطن الإجماع، عالماً بكيفيات القياس، عالماً باللغة العربية، عالماً بطرق ووسائل التفكير المسمى بالمنطق. وهذه المعلومات تكون في صورة متكاملة مستحسنة، وليس معنى هذا أن يكون متبحراً في كل جانب من هذه الجوانب. بل يكفي أن يُلم بأصول هذا الجانب
ويعرف مداخله ومخارجه فيكون بذلك مجتهداً ولو في مسألة واحدة. والعلم لا يُقاس بالزراعة ولا بالمسجد، فالعلم فتوحات ربانية وأعراض تأتي وتذهب وهكذا إلى آخره. وليس كل أحد في كل حال على نفس الدرجة من الاستحضار والعلم والتنبه واليقظة، وهذا مُشاهَد في أنفسنا غيّرنا وكذا مشاهد في الناس جميعاً أن أحوالهم مختلفة، وكم جلسنا إلى شيخ ندرس عليه، فإذا به يفسح الله عليه سبحانه وتعالى بما لم يفسح عليه من قبل، وما لم يفتح عليه من بعد، فنعيد عليه الدرس فإذا يُغلق عليه، إلى أن درسنا على بعضهم ما كتبه بيده وأملاه. بلسانه فلم يعرفه، قال:
"أنا لا أفهم"، فهو لم يفهم ما كُتِبَ إلى أن فهمنا نحن وهو لم يفهم، هذا شهدنا بأعيننا. فهذه أحوال إما لكِبَر سن، وإما لملل، وإما لتعب، وإما لأن الله أغلق عليه في هذا الوقت. وشهدنا الأئمة الكبار يخطئون في أشياء بسيطة، وأنا أتذكر أنني كنتُ في مجلس أحد الأساتذة وهو يُدرِّس لنا، فسأل: "ما هو موعد الأضحية؟" فسكت الناس، فسألني: "الأضحية جائزة إلى متى؟" قلتُ له:
"هي جائزة إلى عصر اليوم الثالث من أيام التشريق". فقال لي: "يا شيخ! شيخ عليك! واعٍ! هي جائزة إلى مغرب يوم العيد". قلتُ له: "لعل هذا قول". آخر لكن الذي أعرفه في المذهب هو هذا. قال: "لا، الذي أنت تعرفه خطأ ومثلك لا يقع أبداً في مثل هذا الخطأ البسيط، وأنا كنت على صواب". وهذه أمور مثل أن الوضوء شرط، الذي يعني مثل هذا هو الشخص الذي يشرح لنا في أمور غاية في الصعوبة والتعقيد والتركيب وهكذا. ولنا معهم سنوات وهو إمام كبير لا يشك في إمامته أحد لكن عندما أصل إلى هذه النقطة ينسى البديهيات.
هذا ليس غريباً لكن الغريب هو ما سيأتي، فأنا صغير في السن حدث في قلبي شعور بأنني أعلم شيئاً لا يعلمه الشيخ وأن الشيخ قد أخطأ وأنا - والحمد لله - لم أخطئ وذهبت لأتأكد من معلومتي حتى أعتز بنفسي، فوجدتها صحيحة ولا خلاف فيها وليس فيها قولان. والكعب هو إلى نهاية يوم السائل ما بعد العصر وكذا إلى المغرب. نعم، ليست هذه القضية هي المشكلة، القضية أنني جلست أدرس بعد أسبوع واحد وسُئلت نفس السؤال.
حسبي أن أقول له إلى مغرب يوم العيد وأقسم على هذا، وهذا من العجائب التي لا أعرف كيف حدثت وما الذي حصل له، فكان الله سبحانه وتعالى يريد أن يعلمني انقص مكانك، يعني عيب عليك عندما تفعل هكذا ولو في قلبك، ولو هذا الذي حدث مع شيخ بهذه المرتبة من أو كذا إلى آخره، المهم الحاصل أن هذا حدث هكذا ويحدث أمثال هذا، فهنا المجتهد ليس هو على حالة واحدة. البشر صفاتها التقصير والقصور، ولكن كل واحد يُؤخذ من
قوله ويُرد. وكم من هذا يُقال له: "وهذا سبق قلم" أو "المجتهد غلب". فإذاً من الذي يجتهد؟ ومتى يجتهد؟ وكيف يجتهد؟ سندرسه في المحور الأخير، لكن بالإجمال هذه القضية فيها فتح من الله سبحانه وتعالى، وقضية الاجتهاد متعلقة أيضاً بجانب كبير منها بالتقوى، وليست فقط أموراً آلية يتعلمها كل أحد فيستطيع في كل وقت أن يفعل كل شيء. ليست هكذا، ليست بهذه الحدة، إنما الإنسان يخطئ ويصيب. ويتذاكر مع إخوانه ويدعو الله سبحانه وتعالى أن يقيه الزلل ويقيه الخطأ، ثم يخطئ فلا يصمم على خطئه ويرجع عنه، وهكذا كان الأئمة يصلون ركعتين - لا أعرف - لكل حديث يضعونه في الكتاب ويصلون
إلى آخره، كانت المسألة فيها اتصال بين العلم وبين التقوى في وجود هذا الشأن في أيضاً بخصوص الحكمة والعلم، حضرتك استخدمت مثالاً في البداية من الحديث الذي هو: لو أحد سألني أنا أعطيه كم، وكل مرة لا تأتي بثواب ولا قرش ثابت، وأنا ما سألتك أنا جميل، فبالتالي لا تخبره. أنا أعطيه معلومة أنا أعرف أنها في باله وليس شيء آخر، فما سيكون مخالفاً للحقيقة باطلُ يَدين، يعني مثالان من السُّنة ومن السيرة. الأول: عندما كان الرسول عليه الصلاة والسلام ماشياً هو وسيدنا أبو بكر وقت الهجرة، وفي الطريق قابلهم رجل من الكفار يسأل أبا بكر: من الذي معك؟ لا
أعرف ما قاله الرسول عليه الصلاة والسلام. فقال لهم: إنه يهديني الطريق. كان في ذهنه أي أنه يهديني إلى طريق الله. هم وصلوا من هم دليل، من دليل، أي بالله في السحرة. ومثال آخر أيضاً، الرسول عليه الصلاة والسلام كان المسلمون في حرب مع الكفار، وقابل واحداً من الكفار وسأله: "أين موقعهم الآن؟" فكيف سأله: "من أنت؟" فقال له: "قل لي بعد". هكذا أنا سأحوّل مواقعهم المشهورة في المنطقة كذا وكذا وفي النهاية قال لهم، وفي النهاية ذهب وقال له: أنا ابن ماء. فهناك يعني العلم، أي كانت الحكمة، يعني هو مثلاً في الحكمة من واقف الرسول عليه الصلاة والسلام هذا أنه كان في قطر، كان. أي أنه كان يجب أن نقوم بالإبراء من أجل ماذا؟ من أجل أن ينقذ نفسه، لكن هنا لا نحكم بالحكم بل نحكم بالعلة. في هذه الحالات الثلاث: المسح والحريق، استُخدمت في الاستحواذ في الحادث. فأين
هذه الأمور؟ أي أن المعلومة وصلت بطريقة مخالفة للحقيقة، وهنا يكون الذي يقول: ما شرعية ما الذي يجعله يقف معي فيكون تدليساً أن يقف معي من ورائه مثل هؤلاء الواقفين؟ طبعاً لم أستعمل المثال في العلة والحكمة، ذكرتها مضافةً. والذي ذكرناه إنما كنا نتكلم فيه عن نفي الأقل من نفي للأكثر. لا علة ولا حكمة هنا أصلاً. انظر الفرق بين المسافة والمشقة. انظر الفرق بين الألفاظ والرِّبة، انظر الفرق بين الانكسار وذهاب العقل، انظر الفرق بين "آه" وأمور هي، انظر الفوارق بين هذه الأمور المحسوسة المنضبطة وهذه الأمور التي ليست منضبطة وليست
محسوسة، إذاً هذه غير هذه تماماً، لكنك أشرت إلى قضيتين: القضية الأولى هي قضية المعاريض وعلاقتها بالكذب وهذا... هو ما فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما قال هو وأبو بكر "هذا يهديني الطريق". هو لم يكذب، وعدم الكذب هنا جاء من أنه قد استعمل المشترك، حمله على معنى فحمله السامع على معنى آخر، وقال: "أنا من ماء" فقال: "والله لا أدري أمن ماء العراق". هو أُم من ماء مصر، فالنبي صلى الله عليه وسلم حمله على "وجعلنا من الماء كل شيء حي" وهو حمله على النهر أنه يعني جاء من مكان فيه نهر، لأن "ماء"
تطلق ويراد منها هذا وذاك، و"هاجم" تطلق ويراد منها هذا وذاك، لكن النفي بالأقل يستلزم النفي بالأكثر، فهذه قضية. وهذه قضية أخرى، هذه قضية فيها اشتراك لغوي، وهذه قضية فيها مفهوم بالموافقة. عندما أقول: "ليس معي درهم"، فلا يكون معي أكثر، هذه قضية مفهوم الموافقة. عندما أقول: "ليس"، ولا تقل له "ما أفها"، هذه قضية مفهوم الموافقة. لكن في الناحية الثانية، هو لا يستعمل المفهوم الموافق أو المخالف هذا. يستعمل المشترك فيما يجعله، فهذا ليس كذبًا إطلاقًا، لكن إنكار المفهوم هنا قد يكون تدليسًا. فاعل
ما لم أعرف ماذا به، ولا قفز، أي قفز، وفي ذهني أن القفز هو تلك القطعة المعدنية المستديرة. لو فعلتِ هذا لم تكوني كاذبة، ما كنتِ كاذبة، وإنما يكون هناك استهجان من الناس لكِ. لأن التدليس أيضًا مستهجن، وهذا التعريض الذي فعله أبو بكر ورسول الله عليه السلام كان لغرض معين. وكان النبي يمزح ولا يقول إلا حقًا، فقال: "لا يدخل الجنة عجوز" لامرأة كبيرة في السن، فحزنت. فقال: "علموها أنها تدخل الجنة شابة"، يعني هكذا كان يريد أن يمازحها فلم تفهم. لكنه
لم يقل إلا حقاً حيث أنه لا يدخل الإنسان الجنة على هيئة الكِبر هذه التي كانت على المرء، فكل هذه الأشياء وهي المتبادرات إلى الذهن من الكلام لا كذب فيها لأنها موافقة للواقع، والكذب هو ما خالف الواقع، لكن قضية العلة والحكمة شيء آخر، هنا قضية تدليس ومعاريض. تورية، كذب، هذه قضية استعمال المشترك في غير ما وُضع له، لكن القضية الثانية قضية التحديد وعدم التحديد، أن الصفة المحددة اسمها علة، والصفة غير المحددة اسمها حكم، وهذه الصفة لها ارتباط بشرع الحكم. لماذا حرم الله الخمر؟ لماذا أحل الله البيع؟ لماذا أجاز الله القبر؟ لماذا؟ أباح الله الإفطار لمن وهكذا، ولكن قل لماذا؟
لماذا في كل الأشياء؟ وتأتي الإجابة. إمكانية الإجابة في صورة محددة سميتها علماً، أو غير محددة سميتها حكمة. خذ المخصوص لكي أسكت. وأنا أقول له: لو سأكتب لماذا حرم الله التبليد، لماذا حرّمه؟ لأنه يوصل معلومة أو يعني... تصبح أنك لا تنظر إلى المعلومة الحقيقية، بل أصبح الحكم وخلفه الحقيقة، فهي أيضاً يعني أمين. على فكرة، التدليس ليس حراماً في كل وجه، إنما التدليس حرام إذا وقع في الآية وحرام إذا وقع فأنشأ ضرراً، فهو حرام لغيره وليس لذاته، لكن الكذب حرام لذاته. ومن هنا كان عمر بن في المعاريض مندوحة عن الكذب، أي إذا اضطررنا إلى أننا لابد
علينا أن نلجأ إلى المعاريض فهذا أفضل من الوقوع في الكذب، لأن المعاريض لا وصف لها إلا من حيث ما يترتب عليها من ضرر. فالتدليس المحرم هو التدليس الذي ينشأ عنه ضرر، لكن الكذب حرام سواء نشأ عنه ضرر لكن التدليس حرام إذا نشأ عنه ضرر فهو حرام لغيره، ففي فارق كبير بينهم. وإذا نشأ عن التدليس مصلحة فقد يصل إلى درجة الواجب، كما لو أنقذت نفسي من عدوك، مثلما فعل رسول الله، ومثلما فعل أبو بكر حين أنقذ نفسه من عدوه. هذا هو الواجب. يظهر عكس ذلك، فالتدليس ليس حراماً لذاته بل هو حرام لغيره، فإن لم يتحقق هذا الغرض لم تتحقق الحرمة، فيصبح التدليس حلالاً، بل قد يكون مندوباً إليه، بل قد يكون
واجباً. مفهوم، طيباً، شكراً لكم.