دورة في مقدمة اصول الفقه ج1 | بتاريخ 2-10-1994م | أ.د. علي جمعة

دورة في مقدمة اصول الفقه ج1 | بتاريخ 2-10-1994م | أ.د. علي جمعة - أصول الفقه, ندوات ومحاضرات
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه ومن اتبعه بإحسان إلى يوم الدين. هذه هي الجلسة الأولى من حلقة تدريس أصول الفقه. وأصول الفقه علم فيه شيء من الصعوبة من جهتين، الجهة الأولى أنه علم مركب بمعنى أن إدراكه والتعمق فيه يحتاج إلى كثير من العلوم. المساعدة حتى
أن بعض العلماء اعتبروه من العلوم البينية أي أنه مكوّن من فصول من علوم مختلفة. هذه العلوم هي علم اللغة وعلم الأحكام الشرعية وعلم العقيدة. فلو نظرنا إلى المباحث التي يتحدث عنها علم أصول الفقه لأمكننا أن نرى تلك العلوم فيه، ولكن كثيراً من العلماء أيضاً رأوا أن علم أصول الفقه إنما هو علم مستقل بذاته وُضع باستقلال، وإن كان في حاجة إلى علوم أخرى حتى يستفيد
منها وحتى يستمد منها مسائله. والجهة الأخرى من جهات صعوبة هذا العلم أنه قد صيغ بعبارات فيها نوع تركيب، لأنه يعبر عن معانٍ عميقة يحتاج الإنسان حتى يدرك معناها أن يستوعب. كثيرًا من المعلومات، ويزيد الأمر صعوبة أننا قد انفصلنا في واقعنا وفي طريقة تفكيرنا وفي طريقة الاطلاع على العلوم وتلقي المعلومات عن طريقة السلف في الصياغة. سأحاول في هذه اللقاءات إن شاء الله تعالى ألّا تكون قاصرة على علم أصول الفقه، بل أن تكون
ممتدة أيضًا لقراءة كل التراث الإسلامي. حتى نضع سوياً مركّزين على أن علم أصول الفقه بالأساس طريقة لفهم ما كتبه الأقدمون من السلف الصالح، إلى أن نصل إلى درجة نعي فيها أننا قد فهمنا أو أننا لم نفهم، فالوعي بعدم الفهم نوع من أنواع الوعي، لأننا إذا لم نفهم طلبنا الفهم، وما هي الطريقة التي يمكن أن... نتوصل بها إلى التأمل والتدبر والوصول إلى ذلك الفهم. كانت لديهم خلفيات لا يكتبونها في الكتب لأنها
كالمسلَّمات في الجو العلمي الذي كانوا يعيشون فيه. هذه المسلَّمات كانت تُنقل عن طريق الدرس، وعن طريق التفاعل بين الأستاذ والتلميذ، أو كانت تُذكر كمقدمات ومداخل في علوم أخرى، ولكنك إذا ما ذهبت... لتقرأ في أصول الفقه أو في الفقه أو في المنطق أو في النحو أو غيره لن تجد هذه الخلفيات لديك وأمامك بصورة واضحة، بل ستجد معلومات تحتاج إلى معرفة تلك الخلفيات، وسأحاول أيضاً في هذه اللقاءات أن ألقي كثيراً من الأضواء على كثير
من تلك المقدمات والخلفيات والمبادئ التي بُثت. في الكتب أو التي كانت تُنقل عن طريق الدرس أو التي كانت من المسلمات التي لا تحتاج إلى نقاش ولا إلى مزيد من السؤال لأن الجميع يدركونها ويعرفونها ويسيرون عليها وعلى هديها بدون إعادة نظر فيها، كانوا ابتداءً إذا ما أرادوا أن يدخلوا في أي علم من العلوم فإنهم لا بد عليهم أن يتعرّضوا لما أسمَوْه بالمبادئ العشرة، وكانوا يعتبرون المبادئ العشرة هي مقدمة كل علم. والمبادئ العشرة إذا عرفها الإنسان عن العلم، وإذا عرفها
طالب العلم عن ذلك العلم، تشوقت نفسه لطلب ذلك العلم، وبدونها يكون ذلك العلم بالنسبة إليه من المجهول المطلق الذي لا تتشوق إليه النفس. النفس لا تريد أن تطلع عليه ولا أن تعرف ما هو. فلو أنك تجهلين علمًا معينًا لا تعرفين اسمه ولا موضوعه ولا مسائله ولا ماذا يفيد ولا ما علاقته بالعلوم الأخرى ولا من أين يستمد مسائله ولا ما هو حكمه الشرعي ولا فضله إذا كان علمًا نافعًا أو غير نافع. لا تعرفين شيئًا إطلاقًا، فعلى ماذا تتطلعين؟ إلى لا شيء، إلى المجهول. ولذلك كانوا يحرصون دائمًا على ذكر تلك المبادئ العشرة. هذه المبادئ العشرة، وحتى لا ينساها
الطلبة، كانوا عادة يصيغونها في صورة شعر منظوم. والفرق بين النظم والشعر أن الشعر فيه عاطفة، إلا أن النظم ليس فيه إلا... الوزن والإيقاع حتى يكون سهلاً على الحفظ والاسترجاع، فالعاطفة هي التي تفرق بين الشعر وبين النظم التعليمي الذي ظهر في تراثنا، فيقولون: "ومن أراد أن يكتب فليكتب، لأنني سأنسى بعد ما سأذكر". "من رام" أي من أراد ورغب، "من رام فناً" أي علماً، "فليقدم أولاً" أو الحاجة يقدمها فليقدم أولاً. علماً بحدِّه وموضوعِه يُتلى، يعني أولاً يُعرَف حدُّ هذا العلم، تعريف هذا العلم، ثم بعد ذلك
يُعرَف موضوع ذلك العلم، وواضعه، يُعرَف أيضاً واضع العلم بحدِّه وموضوعه يُتلى وواضعه. البيت الثاني في الشرح في النص: وواضعٌ ومن استُمِدَّ منه وفضله وحكمٌ معتمد. البيت الثالث يقول: واسمٌ وما أفاد. والمسائل فتلك عشر للمنى وسائل فتلك عشر للمنى وسائل، وبعضهم فيها البيت
الرابع أصبح أيضاً ليس يعطي فقط هكذا، بل إنه أيضاً يضيف فلسفة وطريقة ومنهجاً للتدريس، وبعضهم فيها على البعض اقتصر، يعني بعض العلماء عندما يتحدث عن فن من الفنون أو علم من العلوم يتحدث عن بعض تلك العشرة. وليس على كلها، وبعضهم فيها، أي في العلوم، اقتصر على البعض، ومن يكن يدري جميعها انتصر، أي انتصر في المنافسة بينه وبين زملائه، أو في المنافسة بينه وبين العلماء الآخرين في كيفية تدريس هذه المبادئ العشرة. كل علم، أي علم، لنقل لهم مرة أخرى حتى إذا فات أحدهم شيء فعليه. أَنْ يَسْتَكْمِلَهُ، ماذا يقولُ النَّظْمُ:
مَنْ رَامَ فَنّاً فَلْيُقَدِّمْ أَوَّلاً عِلْماً بِحَدِّهِ وَمَوْضُوعٍ تَلَا، وَوَاضِعٍ وَنِسْبَةٍ وَمَا اسْتَمَدَّ مِنْهُ وَفَضْلِهِ وَحُكْمٍ مُعْتَمَدْ، وَاسْمٍ وَمَا أَفَادَ وَالْمَسَائِلِ، فَتِلْكَ عَشْرٌ لِلْمُنَى وَسَائِلُ، وَبَعْضُهُمْ فِيهَا عَلَى الْبَعْضِ اقْتَصَرْ، وَمَنْ يَكُنْ يَدْرِي جَمِيعَهَا انْتَصَرْ. إِذاً فَلَا بُدَّ عَلَيْنَا أَنْ نَعْرِفَ حَدَّ أُصُولِ الْفِقْهِ تَعْرِيفاً. أصول الفقه، وهذا سيجعلنا ملمين بماهية أصول الفقه. ولا بد علينا أن نعرف الموضوع الذي يتحدث عنه أصول الفقه. رأوا أن كل علم لا بد أن يكون له موضوع. ما هو الموضوع؟ كانت لديهم فلسفة في
أذهانهم حول ما يمكن أن نسميه بالجملة المفيدة. درسناها في النحو، الجملة المفيدة مكونة... عن شيءٍ أتحدث عنه وهو المسند إليه، وشيءٍ أُخبِرَ به عنه وهو المسند، بغض النظر عن الألفاظ والمصطلحات وما شابه، فالمسألة سهلة. الشجرة مثمرة، والقاعة متسعة، والشباب متيقظ، وهكذا. مبتدأ عمّا أتحدث: عن الشجرة، بماذا وصفتها؟ وصفتها بأنها مثمرة، وبأن القاعة ضيقة أو متسعة، وبأن الهواء حار أو بارد، وهكذا. مثاله بسيطة أن يأتي لشيء أتحدث عنه، هذا الذي أتحدث عنه اسمه الموضوع. فلو تأملنا في
الفقه مثلاً، ما هو موضوع الفقه، لوجدنا أنه ينبغي علينا حتى نصل إلى موضوع الفقه أن نذهب إلى مسائل الفقه، جمل الفقه، الجمل التي نجدها عند الفقهاء. ماذا يقولون؟ يقولون: الصلاة واجبة، أكل... البصل النيء مكروه، البيع والشراء مباح، الربا حرام، الجهاد، وهكذا. عقد الزواج ينعقد بالصفة الفلانية، الطلاق يتم بالطريقة العلانية، وهكذا مبتدآت. أي أننا نخبر عنها بأخبار. طيب، لو تأملنا وجردنا تلك المبتدآت، تلك الموضوعات كلها، ذلك المسند إليه، وجردناها، كيف نصفها؟ نصفها بأنها من أفعال الإنسان، لأن
الصلاة فعل والزواج... فعلٌ والبيع فعلٌ والشراء فعلٌ والجهاد فعلٌ وهكذا. إذًا يمكن أن نقول إن موضوع علم الفقه هو فعل المكلف، فعل الإنسان. هكذا كانوا يفكرون بهذا العمق أو بهذه الدرجة من التحليل. إذًا فهناك عمود في الفقه يتكلم عنه، ما هو هذا العمود الذي دائمًا يتكرر بصور مختلفة؟ هو فعل المكلف والأخبار. حكم الله حرام حلال مندوب مكروه مباح وهكذا. ومن فعل المكلف الذي يمكن أن نضعه في أيدينا اليمنى وحكم الله الذي يمكن أن نضعه في يدنا اليسرى تتكون مسائل الفقه.
إن علم الطب موضوعه جسم الإنسان من حيث الصحة والمرض، تقول من حيث الصحة وإياك أن تقول الصحة لأجل حيث. تُضاف للجُمَل، نعم، من حيث الصحة والمرض، وحيث أيضاً. حيث أنّ لا تقولوا "حيث أنّ"، فهذا عيب وخطأ. فإذا كانت الصحة والمرض في جسم الإنسان، نعم، كل المسائل يمكن أن نتصورها في الطب على هذا الوضع. فنذهب ونقول إن جسم الإنسان، ها هو مبتدأ، ها هو يمرض إذا أُصيب بالشيء الفلاني، ويخف لو أنه حصل. الشيء الفلاني ويتأخر في نيل الصحة إذا حدث كذا وكذا وكذا، كله يتكلم عن
جسم الإنسان من حيث الصحة والمرض. إذًا، فما هو حد علم أصول الفقه؟ وما هو موضوع علم أصول الفقه؟ ما دمنا قد عرفنا ما معنى الموضوع، لأننا لو عرفنا معنى الموضوع عرفنا المسائل مباشرةً. أي أنه إذا عرفنا موضوع علم الفقه ونعرف أخباره ونعرف على امتداد مسائل علم الفقه وأنها تدور حول وصف أفعال الإنسان أو أفعال المكلف، قالوا إن حد علم أصول الفقه عرّفوه بالآتي: أصول الفقه هو معرفة دلائل الفقه إجمالاً وكيفية الاستفادة منها. هذا يعني أنك عالم كبير،
وحال المستفيد والمتقن علامة واضحة. ليست للتأنيث، لا، إنها لنقل الكلمة من الوصفية إلى الاسمية، مثل "خاتمة" و"خاتم"؛ هذه صفة هكذا، ولكن عندما وضعنا التاء فيها، حوّلناها إلى عَلَم على آخر الكتاب. "مقدمة"، "مقدم" هو اسم فاعل، صفة يعني، ولكن عندما وضعنا التاء جعلناها كأنها عَلَم، كأنها اسم لشخص، هذا الشخص عبارة عن الورقتين. الذين يكونون في أول الكتاب، علّامة وعلَّام، هذا يعني صيغة مبالغة للصفة، ولكن عندما وضعنا التاء، يقول ابن ملك إنها
للمبالغة، لكن أبو حيان قال إنها لنقل الكلمة من الوصفية إلى الاسمية. تعرف الثلاثة، يقول هو معرفة دلائل الفقه والمال وكيفية الاستفادة منه وحال المستنير. غريب! حسناً، فهنا معرفة الدلائل.
الفقهي إكمالاً كيفية الاستفادة منها حال المستفيد. قالوا إن أصول الفقه ثلاثة أشياء، ولذلك سموها أصول الفقه ولم يسموها أصل الفقه. جمعوا كلمة أصل على أصول لأن أصول الفقه يتكون من ثلاثة مقاطع، من ثلاثة أجزاء كبيرة، وهي: معرفة دلائل الفقه الإجمالية، وكذلك كيفية الاستفادة من هذه الأدلة، وكذلك من هو الذي يستطيع أن يجتهد وأن ينظر في الأدلة وأن يستنبط الأحكام الشرعية، وهو الذي قرأ حال المستفيد. فالغريب أن هذا تعريف البيضاوي. لقد اخترنا البيضاوي في القرن السابع الهجري، أي حوالي القرن الرابع
عشر أو الثالث عشر الميلادي. أخذه من الرازي، والرازي توفي سنة ستمائة وستة هجرية، أي أنه عاش حياته الواعية في... أواخر القرن السادس الهجري بمعنى أيضاً أنه القرن الثالث عشر الميلادي. هذه الصيانة الدقيقة لعلم أصول الفقه لفتت نظر روجر بيكون وهزت كيانه إلى درجة أنه حاول أن يأخذ منها المنهج العلمي الذي فيما بعد تكلم عنه ابن أخيه فرانسيس بيكون. وكذلك لأن المتأمل في هذا التعريف يجد أنه يتكلم. عن المصادر إذا جرّبناها هكذا: من أين يأتي الفقه، دلائل الفقه أي من أين يأتي الفقه.
ويتحدث ثانياً عن طرق البحث، مصادر البحث وطرق البحث، من أين يأخذ المعلومة وكيف يأخذ المعلومة. ويتحدث ثالثاً عن شروط الباحث، وهذا هو الذي نصّ عليه روجر بيكون بأنه أساس المنهج التجريبي أو العلمي. أو كذا إلى آخره، إذا أراد أن يصل إلى الحقيقة، إلى العلم الصحيح، فلا بد عليه أن يحدد أولاً ما هي المصادر التي يأخذ منها. لا بد عليه أن يحدد ثانياً كيف يتعامل مع هذه المصادر لينال المعلومة. لا بد
أيضاً، وهذا أمر مهم جداً، أن يبين ما هي شروط. الباحث الذي يستطيع أن يحصي تلك المعلومة، ولكن الذين وضعوا هذا العلم، علم أصول الفقه، كانوا يأخذون معرفتهم من أمرين: من الوحي المنزل ومن الواقع والوجود المعاش. ولكن هؤلاء الناس عندما أرادوا أن يطبقوا نفس الشيء إنما طبقوه على الوجود المعاش فقط لأنهم لا يؤمنون ولا يريدون أن يؤمنوا بالوحي. فنحن قضية الوحي وطبقوا نفس المنهج ولكن على جانب الوجود فقط، في حين هنا كان مطبقاً على الوجود والوحي. في
بعض الكتب، خاصة كتب المتأخرين بعد القرن الخامس والسادس الهجري، بدأت المسائل تأخذ تعمقاً أكثر في التعامل مع الألفاظ حتى يكون عند الطالب ملكة البحث والتأني، ولم يكن ذلك عبثاً. بل كانت محاولة منهم لأن يقف طالب العلم عند كل لفظ ويتذوقه، وذلك لأنهم لاحظوا أن الناس قد ضعفت ملكاتهم اللغوية وأصبحت من الضعف بمكان يُخشى عليهم أن يفقدوا الصلة مع كتاب الله وسنة رسول الله التي نزلت باللغة العربية، والتي لا يمكن
أن نفهمها على الوجه الصحيح إلا بالتمكن منها. بدرجة معينة من التمكن في لغة العرب فبدأت تظهر قضية الحواشي واشتدت هذه الحواشي في القرن التاسع وازدادت في القرن الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر وبدأت تخف في القرن الرابع عشر وها نحن قد انتهينا منها في القرن الخامس عشر فلا نجد ابتداءً من ألف وأربع مائة إلى الآن في هذه الخمسة عشر سنة لا نجد أحداً أبداً ألّف حاشية على شيء مطلقاً. كانت مهمة هذه الحواشي هي أن تُحدث الملكة اللغوية التي كادت أن تخبو في نفوس الطلبة وفي نفوس الناس وفي الحياة العلمية، تُحييها مرة أخرى. كثير من الناس لا يعي ذلك، وكثير من الناس أيضاً لم يدرك.
تلك الحكمة فوقف عند هذه الحواشي حتى قيل من فرع الحواشي فما حوى شيء يعني ما يحتوي شيئًا. إنها من شدة التعقيد والوقوف عند الألفاظ والتدقيق في كل حرف وليس في كل كلمة أصبحت ثقيلة وأصبحت تُغشي على المقصود وتُغشي على أن ينطلق الإنسان بفكره ويصل إلى مقصوده من أقرب طريق أنا أتعرض هنا إلى شيء مما يُذكر في الحواشي حتى نتجاوزه إن أردنا أن نتجاوزه، وحتى إذا ما قرأتم شيئًا في كتب السلف والأقدمين أمكن لكم أن تدخلوا في العلم من غير أن تغرقوا أو أن تيأسوا أو أن تكرهوا هذه الطريقة قبل الوصول للمقصود، وهذا
الذي حدث. مع كثير من الطلاب أنهم ينفرون نفوراً شديداً من تلك الكتب التي توصف بأنها صفراء وحمراء وخضراء وما إلى ذلك، وأنها خلاص انتهى الأمر فيها، لأنهم لا يدركون ماذا يقرؤون وما هذه الطريقة العجيبة التي يتخذونها، فاضرب مثالاً يتعلق بكلمة رسول الفقه، وأنتم تقومون بالقياس على مثل هذه المعلومات، فكلمة رسول الفقه. لم يتركوها في حالها هكذا سهلة بسيطة كما قالها الراضي والبيضاوي بأنها معرفة دلائل الفقه إجمالاً وكيفية الاستفادة منها وبيان معنى ومعرفة حال المستفيد، ومسألة سهلة. لا، قالوا: لا، هذه أصول الفقه. أصول الفقه كلمتان، هاتان
الكلمتان لا بد علينا أن ندرك معناهما في اللغة العربية في القاموس وندرك معناهما. أيضاً في الاصطلاح، لأن الألفاظ لها معانٍ في اللغة ولها معانٍ أخرى في الاصطلاح. كل الألفاظ لها معانٍ في اللغة، لكن قد يطرأ عليها اصطلاح جديد فيكون لها معنى جديد ليس هو المعنى المقصود في اللغة. هذا الطروء قد يأتي من قبيل الشرع، وقد يأتي من قبيل العرف، وقد يأتي... من قبل طائفة معينة من أهل العلم المختصين، وهذا ما نسميه اصطلاحًا، والثاني نسميه لغةً. فأصبح
لدي أربعة أشياء: كلمة أصول وكلمة فقه، في اللغة وفي الاصطلاح، اثنان في اثنين بأربعة. إذًا أريد أن أعرف الأصول في اللغة، والأصول في الفقه، والأصول في الاصطلاح، والفقه في اللغة، والفقه في الاصطلاح، وما هي فائدة ذلك. ما هذا كله! قال "الشيء بالشيء يذكر". انظر إلى الكلام الذي يغيظ، إنه أمر مغيظ بالفعل. أنحن متفرغون؟ "الشيء بالشيء يذكر" هنا هو في الحقيقة أنه يدرب الطالب على عدم القراءة السريعة التي يمكن أن نسميها القراءة الصحفية الآن. تقرأ الجريدة وأنت في المكان، وأنت نائم، وأنت في الحافلة، وأنت في... العربية وسرعة استيعابها كلها لا، هذا يريد أن يحدث مَلَكَة، والمَلَكَة كيفية راسخة في النفس بها تدرك النفس المعلومات، وكيفية راسخة لا تتأتى إلا بزمن طويل ومعاشرة طويلة وتقليب طويل. لأنك تقف عند أصول
ثم تتعمق فيها وتقول إن أصول هذه جمع، والأصول، حسناً هذه لغة، ما معناها؟ حسناً اصطلاحاً؟ ما معناها؟ لا تقل لغة وتمضي وتكتفي بهذا، لا، ولكن ما معنى الاصطلاح؟ حسناً، ما معنى فقه؟ وما معناه في الاصطلاح؟ هل انتهينا الآن؟ قال: أبداً، نحن لم نتكلم بعد. هؤلاء الأربعة باعتبارهم أضافوا - أضاف إليه أصول فقهي - مثل باب الحجراتي هكذا كلمة وربط وغطاها، لكن هذا هو أصول الفقه الذي نحن... نعرفه هنا غير أصول الفقه الذي هو مكون من قسمين. كيف قال هذا مضاف ومضاف إليه فيكون اسمه المعنى الإضافي، لكن الثاني معنى لقبي، معنى عَلَمي. لست أفهم شيئاً. قال كلمة عبد الله، عبد الله، عبد الله هذه مكونة من كلمتين:
عبد ولفظ الجلالة الله. أنا عبد لله، أنا عبد. الله لكن ليس اسمي عبد الله في الشهرة الميلادية، لكن هناك شخص اسمه عبد الله. فما الفرق بيني وبينه؟ الفرق بيني وبينه أن "عبد الله" في حقه إنما هو على المعنى الإضافي، وفي حقه إنما هو المعنى العلمي؛ لأنه علمٌ عليه، اسمٌ عليه، يعني شخص اسمه هكذا، وعلى ذلك. فعبد الله لها إطلاقان، قد تُطلق على شخص بالمعنى الإضافي، وقد تُطلق على شخص آخر بالمعنى الإضافي والعالمي. المعنى واضح: عبد الله. فكذلك أصول الفقه، معناها الإضافي غير معناها العالمي. معناها
الإضافي شيء، وسنرى أنه سيتكون بهذا الشيء معنيان: واحد في اللغة وواحد في الاصطلاح، والمعنى العالمي شيء آخر. وهو هذا الذي كتب معرفة دلائل الفقه إجمالاً وكيفية الاستفادة منها وحل المستفيد. هذا هو المعنى اللقبي، هذا هو المعنى العلمي، هذا هو العلم الذي يدرسه والذي اسمه أصول الفقه، هو هذا. أما إذا أردنا أن نبحث عن الألفاظ فعلينا أن ندرك المعنى الإضافي. فما شأن طالب الأصول بمعرفة المعنى؟ الإضافي ليس شيئاً يُذكر، أي زيادة علم تعني تربية للملكة فقط لا غير، وليس له أي فائدة. أن أعرف ما معنى "أصول" في اللغة - الأصول في اللغة معناها أسس، والفقه في اللغة
معناه الفهم. ما معنى ذلك؟ أن معنى هذه الكلمة في اللغة أسس الفهم، أصول في... الاصطلاح في الأصل يُطلق على خمسة معانٍ، على واحد من خمسة معانٍ. ويُفضّل أن يتكلم في الحاشية عن الخمسة معانٍ. ما هو الشيء بالشيء؟ يذكر، فيكون العلم الذي بهذا القدر سنجعله كبيراً هكذا. حسناً، وما الفائدة؟ ليس عبثاً وإنما تربية للملكة، فهي أصول معناها ماذا؟ قال في الاصطلاح: الأدلة. والفقه قال العلم بالأحكام الشرعية. حسناً، دعنا نوضحها: الفقه في الاصطلاح يكون معناه أدلة علم الفقه. يعني كل هذا على أساس أنها مركب إضافي. أما على أساس أنها علم، فتُطلق على هذه المعاني أو على هذا التعريف المحدد بالذات.
كل هذا يُذكر في المقدمات حتى نمضي إلى صفحة عشرين. وثلاثين ونحن يعني ضاعت منا المسائل في كثير من الأمور. طبعاً هذا كان شيئاً لذيذاً جداً أثناء شرحه في أيامها، لكننا نريد أن نتشارك. حسناً، وبعد ذلك أريد أن أتكلم عن أصول فقهية، ما هذا؟ وتُعلّمني لأصبح مجتهداً مباشرةً هكذا؟ نخرج بعد الدورة ذات الثماني مرات هذه مجتهدين! ما شاء الله، حسناً، لكن خاصةً إذا كان الموقع حازماً. لماذا؟ أعني أقول لك أنت ستخرج إن شاء الله هكذا، لأنك -يعني- حسناً، أو نهائياً في المختصر وما شابه أو هكذا. فإذاً هنا نجد
كل هذه المساحة مذكورة في صفحات كثيرة جداً، لكن ينبغي علينا أن ندرك ونفصل بين المعلومات. حتى نصل إلى الفهم الصحيح أن وصول الفقه يُطلق بإطلاقين: يُطلق كلقب كمعنى لقبي، وكمعنى إضافي. وأنه في المعنى الإضافي له معنى في اللغة وله معنى في الاصطلاح. معناه في اللغة أسس الفهم، ومعناه في الاصطلاح أدلة الفقه. أما معناه اللقبي وهو المهم وهو الذي سندرسه. عليه ومعرفة دلائل الفقه إجمالاً وكيفية الاستفادة منها وحال المستفيد، ولذلك سُمِّي بالأصول ولم يُسَمَّ بالأصل؛ لأنه يشتمل على ثلاثة مباحث كبيرة: المبحث الأول في معرفة المصادر، المبحث الثاني في طريقة التعامل والاستفادة من هذه المصادر، المبحث الثالث
في شروط ينبغي أن تتوفر في ذلك المستفيد أو ذلك المجتهد الذي سيتعامل مع النصوص أو المصادر ثم بعد ذلك يدخلون في تعريف كل كلمة من هذه الكلمات وما هي علاقتها مع ما قبلها وما بعدها وما هو عمق كل كلمة من هذه، فيقولون المعرفة والعلم مترادفان، لماذا قلنا معرفة ولم نقل علم، ونجد مذهبين، مذهب يقول أن المعرفة والعلم. يمكننا القول إنَّ العلم بدلائل الفقه أو معرفة دلائل الفقه هي نفسها. وهناك مذهب يقول: لا، العلم لا يستدعي سبق الجهل، أما المعرفة فتستدعي سبق الجهل. ما الدليل؟ قالوا: لأن الله نصفه بأنه
عالم، والله لا يسبق علمه جهل، والعلم لا يستدعي سبق الجهل. ردَّ عليهم الفريق الثاني وقال... قل لهم: إن العلم والمعرفة واحد، ولكننا لا نقول عن الله أنه عارف لأنه لم يرد في الصفات التي وردت في الشرع ما يصف ربنا بأنه عارف. فقط لا غير، ليس لأن المعرفة تستدعي أو لا تستدعي، إنما القضية أن أسماء الله سبحانه وتعالى توقيفية، لا بد علينا أن نسمع. الشارع القرآن أو السنة يصف الله سبحانه وتعالى أو يسميه باسم فنطلق هذا الاسم على الله، وإذا لم نجد هذا الاسم ولم نجد المادة أيضاً - المادة يعني مثلاً نسمي الله
ناصراً ونسمي شخصاً عبد الناصر، الناصر هو الله، لكن كلمة ناصر لم ترد في الكتاب ولا السنة، إنما الذي ورد. إن تنصروا الله ينصركم. وردت المادة في الفعل "ورد". فهو لم يرد في الكتاب والسنة أن نسمي الله حبيباً، لكن وردت المادة "يحبهم ويحبونه". لم يرد في القرآن أن نسمي الله مثلاً "عارف" كما هنا، لم يرد "عارف"، فهل يمكن أن نسميه "عارف"؟ نبحث فلا نجد المادة، لا نجد مادة. لكلمة "ما فيش" أنه يعرف الله مثلاً (كذا). لو كانت جاءت، كان من الممكن أن نُطلق عليه سبحانه وتعالى أنه عارف، كما أطلقنا عليه أنه ناصر وأنه حبيب وأنه كذا، مما لم ترد - مما لم يرد فيه الاسم، لكن وردت
المادة. والدلائل جمع دليل، ويعرفون الدليل. اكتبوا تعريف الدليل هكذا. لأنه مهم قالوا: هو ما يُتوصل بصحيح النظر فيه إلى مطلوب خبري. ما يُتوصل بصحيح النظر فيه إلى مطلوب
خبري. كلمة "مطلوب خبري" هذه تعني جملة مفيدة، أي مبتدأ وخبر. الدليل هو الشيء الذي أفكر فيه فأتوصل من هذا التفكير إلى مسألة يقينية، كما حين أقول: الله هو الخالق. الكون هو جملة مبتدأ وخبر، مطلوب خبر. يعني درسنا في المرحلة الثانوية شيئاً اسمه الأسلوب الخبري والأسلوب الإنشائي، وذكرنا أن الخبري هو ما احتمل الصدق والكذب لذاته، لكن الإنشاء لا يحتمل الصدق والكذب لذاته. جملة "أنا كنت اليوم في الكلية" يمكن أن تكون صدقاً ويمكن أن تكون كذباً، لكن "اسقني ماءً" ليس فيها صدق وكذب. هذا طلب في الإنشاء، وهو الطلب شيء الذي
لا يحتمل الصدق والكذب، لكن الخبر هو الذي يمكن أن يكون صدقًا وكذبًا. "الله موجود" يمكن أن تكون صدقًا وكذبًا، إذا طابقت الواقع فهي صدق، وإذا خالفت الواقع فهي كذب. هذه الجملة في ذاتها هكذا يمكن أن تحتمل الصدق والكذب. العالم الذي حولنا هذا هو. الدليل على وجود الصانع لأننا نتأمل فيه، ونتأمل فيه تعني أننا ننظر فيه، وننظر فيه تعني أننا نفكر في أحواله. وبعد أن نفكر في أحواله يتضح لنا أنه متغير، أي أن له بداية ونهاية. فهذه المروحة كانت متوقفة ثم بدأت تعمل، إذاً كان لها بداية، ثم توقفت مرة أخرى، إذاً لها نهاية. ما له بداية فهو حادث، فالعالم حادث. هذا بالنظر (أنني) جالس أفكر فأقول: العالم حادث،
حسناً، من الذي أنشأه؟ من الذي أوجده؟ من الذي أحدثه؟ إذن كل حادث لا بد له من محدث، فالعالم لا بد له من محدث، فالعالم لا بد له من محدث. هذا مطلوب خبري مبتدأ وخبر، هو هذا. وصلت إليه كيف؟ وصلت إليه بالنظر. ما هو النظر؟ هو ترتيب أمور معلومة للتوصل بها إلى مجهول. رتبت جملتين ووصلت منهما إلى جملة ثالثة: العالم حادث، هذه جملة. كل حادث يحتاج إلى مُحدِث، هذه جملة ثانية. فنتج أن العالم يحتاج إلى مُحدِث. فكلمة "دليل" يشرحون فيها صفحتين أن الدليل هو... ما يتوصل بصحيح النظر فيه إلى مطلوب خبري، وأن أدلة الفقه، ما
هو الفقه؟ يقولون أن الفقه هو العلم بالأحكام الشرعية العملية المكتسب من أدلتها التفصيلية. العلم بالأحكام الشرعية العملية، العملية تعني التي نقوم بها: صلاة وصوم وبيع وشراء وجهاد وعقود وإيجار وهكذا، أعمال وأفعال الإنسان. وهذا العلم مكتسب. من الأدلة التفصيلية: أقم الصلاة، وآتِ الزكاة، وصم رمضان، وافعل، واترك، وهكذا. فهذا هو الفقه. هذه الدلائل إجمالية وليست تفصيلية. معرفة دلائل الفقه إجمالاً: الكتاب، السنة، الإجماع، القياس، وهكذا من الأدلة التي نأخذ منها الفقه. كيفية
الاستفادة منها: كيف نستفيد من هذه الأدلة بأن ننظر إليها وننظر إلى الأوامر والنواهي. في الكتاب والسنة، ثم بعد ذلك نرى ما مرتبة هذه الأوامر والنواهي وكيف تتم هذه العملية. هذا هو أصول الفقه، ثم بعد ذلك يتحدث عن شروط المجتهد وعن أحوال الاجتهاد وعن أنواع الاجتهاد وهكذا. أريد بعد هذه المقدمة أن نتحدث سريعاً عن موضوع أصول الفقه. كل هذا هو حد. أصول الفقه يُعرَّف علماً بحدِّه وموضوعه. فما هو الموضوع؟ إنه الأدلة. إذاً أدلة الفقه هي الموضوع الذي سأتحدث عنه في الفقه كله. فأقول: الكتاب هو
كذا، والسنة هي كذا. يمكن استنباط الحكم من الكتاب بالطريقة الفلانية. وإذا عُرِضت السنة على الكتاب، فإننا نقدم كذا. والكتاب إذا... ما عَرَضَ الكتابُ أن يكونَ هناك نسخٌ أو لا يكونَ هناك نسخٌ. الكتابُ تحدَّثَ كثيراً جداً في جملٍ كثيرةٍ جداً في أصولِ الفقهِ. لو تَتَبَّعْتَ ما تحدَّثَ عنه لوجدتَهُ هو الأدلةُ، لا من حيثُ حفظُها ولكن من حيثُ إثباتُها للأحكامِ الشرعيةِ. ليسَ الكتابُ من حيثُ أنَّني أحفظُهُ أو... انساه ليس السنة من حيث أنني أثبتها أو أنفيها، لا من حيث حيثية معينة وهي كيفية الاستفادة من هذه الأدلة لاستنباط الأحكام
الشرعية التي سأصف بها أفعال الإنسان حتى أُخرِج علم الفقه، لأن علم الفقه قلنا أنه عبارة عن جمل المبتدأ الخاص بها هو فعل الإنسان والخبر الخاص بها هو حكم الله سبحانه وتعالى هكذا بعد ذلك. المبادئ العشرة سهلة، ذكرناها كلها في هذه الجلسة تقريباً. عندما أقول نسبة هذا العلم إلى العلوم، هو من العلوم الشرعية. فضله هو أنه خير العلوم كلها، أفضل العلوم. حكمه فرض كفاية على المسلمين أن يتعلموا علم أصول الفقه حتى يصلوا إلى مرتبة. الاجتهاد وحتى تتم إصدار الأحكام الشرعية من أدلتها التفصيلية بمنهج واضح مستقر مستديم واسمه
أصول الفقه. يُستمد منه مسائله من علم الكلام الذي هو العقيدة وعلم اللغة والأحكام الفقهية. فائدته معرفة الأحكام الشرعية بطريقة منضبطة، وهكذا فبقيت المبادئ العشرة مسائل سهلة يمكن أن ندركها، انظروا طول.
انظروا طول انظروا طول انظروا طول انظروا طول انظروا طول انظروا طول انظروا طول انظروا طول انظروا طول انظروا طول انظروا طول انظروا طول انظروا طول انظروا طول انظروا طول انظروا طول انظروا طول انظروا طول انظروا طول انظروا طول انظروا طول انظروا طول انظروا طول انظروا طول انظروا طول انظروا طول انظروا طول انظروا طول انظروا طول انظروا طول انظروا طول انظروا طول انظروا طول انظروا طول انظروا طول انظروا طول انظروا طول انظروا طول انظروا طول انظروا طول انظروا طول انظروا طول انظروا طول انظروا طول انظروا طول انظروا طول انظروا طول انظروا طول انظروا طول انظروا طول انظروا مدى انظروا مدى انظروا مدى انظروا مدى انظروا مدى انظروا مدى انظروا مدى انظروا مدى انظروا مدى انظروا مدى انظروا مدى انظروا مدى انظروا مدى انظروا مدى انظروا مدى انظروا مدى انظروا مدى انظروا مدى انظروا مدى انظروا مدى انظروا مدى انظروا مدى انظروا مدى انظروا مدى انظروا مدى انظروا دائمًا انظروا دائمًا انظروا دائمًا انظروا دائمًا انظروا دائمًا انظروا دائمًا انظروا دائمًا انظروا دائمًا انظروا دائمًا انظروا دائمًا انظروا دائمًا انظروا دائمًا في كل كتب أصول الفقه تقريبًا يسيرون على هذا التعريف وهذا النمط فيذكرون أولًا الأدلة فيقولون الكتاب الأول في الكتاب يعني القرآن يعني الكتاب الثاني في السنة الكتاب
الثالث في الإجماع، الكتاب الرابع في القياس، فيذكرون هذا وهي أدلة شبه متفق عليها بين جماهير الأمة، إلا أن الظاهرية أنكروا القياس، وبعض الناس كالنظّام والمعتزلة والشيعة أنكروا الإجماع أو قالوا بإجماع خاص. وهناك أدلة مختلف فيها غير الأدلة الأربعة المشهورة المحفوظة: الكتاب والسنة والإجماع والقياس، هذه الأدلة. المختلف فيها مثل قول الصحابي ومثل العرف ومثل شرع من قبلنا، هل هو شرع لنا، ومثل الاستحسان ومثل الاستصحاب ومثل المصالح المرسلة وهكذا. بعضهم
أوصل هذه الأدلة إلى خمسة وثلاثين دليلاً، لكن الشائع منها حوالي سبعة أو ثمانية أدلة تُذكر غالباً في الكتب، لكن بعضهم اعتبر الرؤية المنامية أحد الأدلة. الأصوليون بعضهم اعتبر القول بأخف ما قيل أحد الأدلة الأصولية، وبعضهم اعتبر سد الذريعة أحد الأدلة الأصولية، وهكذا. ولكنني لا أريد أن أدخل معكم في ذلك، ولقاءاتنا محدودة؛ لأن علم أصول الفقه طويل. أنا أريد أن أسلِّمكم المفاتيح التي تتعلق بذلك العلم،
بحيث إذا سمعتم أي معلومة يكون في... بإمكانكم إلحاقها بإحدى النظريات التي سيتحدث عنها هذا العرض. أصول الفقه ليس مطروقاً ولا معروفاً عند علماء الأصول، فعلماء الأصول يتكلمون بما يعرفونه فيقولون: الأدلة هي الكتاب والسنة والإجماع والقياس، ثم يتحدثون عن أدلة مختلف فيها، وبعد ذلك يبينون في أثناء ذلك كيفية الاستفادة من هذه الأدلة، وفي النهاية يأتون. بفصل يتحدثون فيه عن المجتهد، هذا هو الذي ستجدونه في كل كتب أصول الفقه، يتحدث عن الأدلة ثم يتحدث عن التعارض والترجيح وكيفية الاستفادة من هذه الأدلة، ثم يتحدث بعد ذلك عن المجتهد بالضبط كما عرّفه في الأقسام الثلاثة التي وضعوها للتعريف.
أنا أريد أن نترك هذا ولا ننساه ولكن. نذهب لننظر ما هي النظريات الضابطة والحاكمة لهذا العلم، وكيف نستطيع من خلال تلك النظريات أن نفهمه وأن نتفهمه، وأن يكون لنا موقف من كل هذا الذي ذُكر. فالنظريات التي أعتقد أن أصول الفقه يُبنى عليها، وأرجو أن تكتبوها لأنني أيضاً يمكن أن تسقط مني نظرية بعد ما قررت. أولاً ما يمكن أن هذا الكلام أنا الذي
أقوله، ولذلك هو جديد، لكن نظرية الحجية، بعد ذلك تأتي نظرية الثبوت، وبعد الثبوت تأتي نظرية الدلالة أو الدلالة أو الدلالة كما الدال جزافاً هكذا يعني نتخطاها كما نريد، كله وارد في اللغة، وبعد نظرية الدلالة تأتي نظرية. القطعية والظنية هذه النظريات ندّعي أنها هي التي سيطرت على العقل الأصولي فأنتج ما أنتج، وأننا بالرجوع إليها يمكن أن نستوعب الأصول بطريقة قوية وبطريقة تُحدِث
عندنا توجهات واختيارات في هذا العلم. النظرية التي بعدها هي ما يمكن أن نسميها بنظرية الإلحاق، والنظرية التي بعدها يمكن أن نسميها بنظرية
الإفتاء. وبعد الإلحاق وهي نظرية الاستدلال، نظرية الاستدلال لأنها سبعة، نظرية الاستدلال، ونجعل الإفتاء آخر واحدة. نحاول أن نتكلم عن هذه النظريات إجمالاً أولاً حتى نرسم صورة لذلك العلم، ثم بعد ذلك في كل لقاء نأخذ نظرية من هذه النظريات بالتفصيل. لا أعرف إذا كنت قد تعبت أم ما زال ذهنك حاضراً. حاضر، لن أتعب، سأصلي بكم قبل الفجر إن شاء الله، لكنني أنا الذي سأصلي بكم، لم أقبل أن يصلي بكم أحد. فالجماعة هنا جيدة
إن شاء الله، وأنا متوضئ، لا تخف، فالمهم الأصول. يفكر: أريد أن أعلم حكم الله سبحانه وتعالى في مسألة من المسائل، فما هي؟ المصادر التي تُعدُّ حجة في هذا المضمار عندما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أظهرنا نسأله، وكما يرشد وكما يبين وكما يأمر أو ينهى نطيع. ورسول الله صلى الله عليه وسلم في
ذاته ليس مشرعاً، بل هو نبي ورسول يتلقى عن ربه ويتلقى ما علّمه ربه ويبلغه للناس. انتقل رسول الله وانقطع الوحي، فمن أين أستطيع أن أعرف وأن أتأكد من شرع الله سبحانه وتعالى ومن مراده لنا بافعل ولا تفعل؟ من أين لنا هذا؟ لا بد علينا أن نبحث عن مصادر، وأن تكون هذه المصادر حجة في ذاتها، ومن هنا سيتكلم أصول الفقه عن الكتاب والسنة لأن...
الكتاب والسنة حجتان على الإنسان في أفعاله، ومن هنا أيضاً سيفصل أصول الفقه قضية الحجية، ما هو الحجة في القرآن، هل في القرآن شيء قد نُسِخ وزال حكمه ولم نعد في حاجة إليه، هل القرآن مقسم إلى قسمين: قسم فيه آيات للأحكام وقسم ليس فيه آيات للأحكام، أو أن... القرآن كله محل لاستنباط الأحكام. هل القرآن
يفيد لدينا يقيناً وحجةً أو أنه لا يفيد ذلك، أو يفيد في بعضها ولا يفيد في بعضها الآخر؟ وتبدأ نظرية الحجية في الاكتمال بأن الحجة هي كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، بعدما يحدد الفقيه لنفسه هذه القضية. بدأ عليه وقد حدّدها إجمالاً بمعنى أنه قال إن الكتاب والسنة هما الحجة لكنه لم يقرأ لا الكتاب ولا قرأ السنة ولا عرف ما فيهما، وقال المصحف هذا والكتاب هذا المروي فيه حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم هما الحجة. هذه نظرية يفصّلونها
بالتفصيل ويتكلمون عنها ويوردون مسائل وأشياء. حول هذه القضية، قضية إيمانية، ولكن كيف وصل إليّ هذا المصحف؟ كيف وصل إليّ هذا الكتاب؟ أنا لم أسمع هذا المصحف من فم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم أسمع هذا الحديث من فم رسول الله صلى الله عليه وسلم. إذًا، فقد جاءت نظرية الثبوت، نظرية كيف. تثبت هذه الأشياء وكيف لا تثبت، كيف أستطيع أن أتأكد أن هذا هو القرآن الذي نزل على محمد، وأن هذه هي السنة التي صدرت منه، وما درجات هذا التأكد، وكيف نستفيد من هذا التأكد في المسائل المختلفة، فتراهم
يتكلمون عن القرآن ونقله وعن القراءات الشاذة التي لم تنقل بطريق التواتر. وعن السنة وعن كونها مقسمة إلى آحاد، سنة آحاد منقولة عن طريق سلسلة من الرواة المفردين، ولكن هناك سنة متواترة منقولة عن جمع غفير عن جمع غفير، وكيف أن الآحاد قد يعتريها ويعتري أسانيد السنة فيها ما يعتري البشر من خطأ أو من قصور أو من كذب حتى ولو بان. لي صادقاً وعلى ذلك فهي تحدث عند الإنسان نوعاً من أنواع الثقة الظنية في حين أن المتواتر يحدث عند الإنسان نوعاً من أنواع العلم اليقيني. يتكلمون عن هذه القضية ويوسعون
فيها الكلام وهي ما يمكن أن نقول عنه أنه نظرية الثبوت أو الإثبات. كيف نثبت أن ما تحت أيدينا من شيء مما اعتبرناه حجة أنه فعلاً هو الذي كان موجوداً في هذا العصر الأول، عصر رسول الله صلى الله عليه وسلم. فإذا ما ثبت عنده أن الكتاب والسنة حجة، وأن فعلاً الذي بين أيدينا هو فعلاً المضمون والذي يطمئن إليه القلب، إما يقيناً وإما ظناً أنه من... الكتاب والسنة، فيأتي السؤال الثالث عندهم وهو كيف أفهمه؟ كيف أفهم هذه الألفاظ وهذه التركيبات؟ وهنا
تأتي نظرية متكاملة ما بين اللفظ والمعنى وتسمى نظرية الدلالة.