رحلة المصحف | حـ 5 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة

فمع القرآن الكريم نعيش هذه اللحظات والمصحف الذي بين أيدينا والذي شاع الآن وانتشر بطريقة الدرك نار وهي الصفحة التي تبدأ بآية وتنتهي بآية عدد سطورها خمسة عشر سطراً كل جزء في عشرين ورقة وهو الذي طُبع به مصحف الملك فهد ثم شاع بعد ذلك بين الناس هذا كانوا يسمونه لدينا في مصر هنا كلمة "دركنار" كانوا يستعملها العثمانيون قديماً في وصف المصحف الذي بهذه الصفة، ووُضِع كذلك من أجل الحفظ، فيحفظونه بطريقة معينة تحدثنا عنها من قبل. خدمة الكتاب مرت
بمراحل؛ الحجاج بن يوسف الثقفي قال: "أريد أن أقرأ القرآن في أسبوع"، فذهب وجمع العلماء وجعلهم يعدّون الحروف التي القرآن بعدما عدُّوا حروف القرآن قسَّموه سبعة أجزاء، كل جزء يكون سُبعاً؛ ليقولوا هنا ينتهي السُبع الأول، هنا ينتهي السُبع الثاني، فيقرأ حصته من القرآن كل يوم السُبع الخاص به. بعد ذلك أصبح بين أيدي المسلمين عدٌّ لحروف المصحف، فجاء أحد القراء. والمهتمين بكتاب الله وكان اسمه
أبو بكر بن عياش، وأبو بكر بن عياش قال: "حسناً، وما شأننا بالحجاج؟ الحجاج رجل يستطيع أن يختم القرآن في سبعة أيام، لكننا معنيون بعموم المسلمين". فقسّم القرآن إلى ثلاثين جزءاً، وهو التقسيم الموجود حتى يومنا هذا. وقد كان هذا الأمر في القرن الثاني الهجري. طبقاً للحروف، يمكننا القول إن كل جزء من الأجزاء الثلاثين مساوٍ للجزء الثاني في الحروف. هذه الأجزاء متساوية في عدد الحروف غالباً أو تقريباً، لأنه من الممكن أن تأتي الوقفة في عد الحرف، فيكمل الصورة ويجعل الجزء من أول الصورة التي بعدها، أي يكمل
الآية لأنه من الممكن أن تقف. يبدأ العد في نص الآية فيجعلك تكمل الآية أو تكمل السورة. ففي بعض الأجزاء ستكون أكثر من أجزاء أخرى وأقل من غيرها، لكنها أمور بسيطة. الفكرة الأساسية أن كل جزء يساوي الجزء الثاني في عدد حروفه، وبذلك نستطيع إذا جعلنا حصتنا كل يوم جزءاً أن نحن نُنهيه في شهر، ثم جاء الناس على نفس الفكرة بعد أبي بكر بن عياش. أبو بكر بن عياش صنع ماذا؟ صنع حكاية الثلاثين جزءاً هذه، فقام بعده الناس وقالوا: "حسناً، نحن نريد أن نعمل حصة في الصباح وحصة
في الليل". كانت فكرة أذكار الصباح والمساء مسيطرة على الجو العبادي كله، له عبادة، وبالليل يكون له عبادة. أذكار الصباح والمساء، وكان المؤلفون يؤلفون ويقولون: ما هي أعمال اليوم والليلة؟ للإمام النسائي مثلاً "عمل اليوم والليلة". ما هو عمل اليوم والليلة؟ يعني ماذا ستفعل في النهار، وماذا ستفعل في الليل، لأن اليوم مقسم إلى قسمين كبيرين، وهما: النهار والليل، فذهبوا مقسمين الجزء. إلى حزبين، وكلمة "حزب" هذه تعني أن ما تقرأه في الصباح هو نفسه ما تقرأه في الليل وفقاً لماذا؟ لعدد الحروف. إذ أنهم يملكون المفتاح، فقد انتهى الأمر، لأنهم عدّوا الحروف أيام الحجاج وفقاً لعدد الحروف. وأيضاً
يكون غالباً لأنه من الممكن أن يأتيني في منتصف الآية، ممكن كذا. إلى آخره، وبعد ذلك قالوا: طيب، كم ركعة في هذا النهار نقرأ فيها بعد الفاتحة؟ قال لك: الظهر والعصر. قال: حسناً، ألا يعتبران أربعة؟ هما الظهر والعصر، فكم يكونان؟ أربعة. وبالليل قال: المغرب والعشاء. قالوا: حسناً، إذاً علينا أن نقسم الحزب أربعة أرباع لكي نقرأ ربعاً في كل ركعة. أتنتبه جيداً؟ طبقاً للحروف أيضاً، طبقاً للحروف أيضاً، وعلى نفس القاعدة أنه إذا رأى نصف آية أو شيئاً ما نكمل الآية.
فذهبوا وعملوا الأرباع، فتفتح المصحف تجده مقسماً إلى ثلاثين جزءاً، كل جزء مقسم إلى حزب أول وحزب ثانٍ، كل حزب مقسم إلى ربع أول وربع ثانٍ وربع ثالث وربع ما هو أن الله أربعة أرباع وأصبح القرآن فيه ثلاثون جزءاً وفيه ستون حزباً وفيه مائتان وأربعون ربعاً، حسناً فماذا عن صلاة الفجر؟ إن هذه الصلاة تحتاج قراءة طويلة نوعاً ما، فنقرأ مثلاً حزباً كاملاً ونعيده، نعيد هذا الحزب هنا وهناك. قالوا: حسناً، إذا سنسير على... اعتمدوا هذه الخطة وارتضوها، وساعدهم ذلك في جانب آخر أيضًا غير العبادة وغير التلاوة في الصلاة وغير التلاوة أثناء النهار
وما شابه، وهو موضوع الحفظ. فأصبحت أخطط لأن أحفظ الجزء فقط، أحفظ كل أسبوع جزءًا أو كل شهر أو كذا، وهكذا أصبحت متقنًا ومعي الآية. لقد حققوا إنجازًا. اسمها ربعة. ما هذه الرابعة؟ هذه الرابعة هي مصحف مُجزَّأ إلى ثلاثين جزءاً موجود حتى اليوم. تذهب وتقول له: أريد مصحفاً مُجزَّأً، فتجد كل جزء مطبوعاً وحده، مجلداً وحده. فكان يمسك الرجل من هؤلاء الربع هذا الذي هو الجزء، يعني الذي هو واحد من ثلاثين، ويبقى معه حتى ما... يحفظه ويعيده للربعة الرابعة، وهي عبارة عن صندوق نضع فيه المصحف ذا الثلاثين جزءاً. وقد سموها أيضاً "رابعة"، فالصندوق نفسه اسمه "رابعة". حالياً
يضعها لك في شيء كالفيبر أو البلاستيك أو شيء حديث مماثل، لأنه كان قديماً صندوقاً خشبياً كبيراً نظراً لأن القرآن كان يُكتب باليد قبل الطباعة. إذا لا بد أن نلتزم الدقة عندما يقول لك أحدهم "ربعة قرآن"، فلتعلم أن الربعة هذه تعني مصحفاً مجزءاً إلى ثلاثين جزءاً، متجلداً في ثلاثين مجلداً، وكل جزء مثل أخيه في الحروف. كل جزء منها مقسم إلى حزبين، وكل حزب إلى أربعة أرباع من الدار كنار. لدينا جزء يحتوي على أصبح كنار في تقسيم آخر يساعد في الحفظ أيضاً ويساعد كذلك في التلاوة خاصة في التراويح وهو الصفحة. ما هي الصفحة؟ فيها خمسة عشر سطراً.
ما هي الصفحة؟ لو قرأتها في الركعة تكون صفحة، وفي عشرين ركعة تكون قد أتممت الجزء، فيصبح تقسيم الدار. وقد أضاف كنار إليها شيئاً آخر الأجزاء وغير الأحزاب وغير الأرباع، وهي قضية ما هي الصفحة، تقرأ صفحة وتكون بدايتها ما هي ونهايتها ما هي، فلا تضطرب في التلاوة وفي الاسترجاع وأنت حافظ صفحة، كل ركعة تكون عشرين ركعة. الجماعة الهنود قالوا: لا، إن لدينا فكرة أخرى. قلنا لهم: ما هي الفكرة الأخرى؟ قالوا: ما رأيكم، عدد آيات القرآن برواية حمزة ستة آلاف آية، وبرواية حفص ستة آلاف ومائتان وستة وثلاثون
آية، أي ستة آلاف وجزء صغير. هذه الستة آلاف سنقسمها عشرة ونسمي كل عشرة آيات ركوعاً. ما معنى الركوع هنا؟ يعني أننا نركع. وهنا دخل في تقسيمة الآيات وليس بتقسيمة لا الحروف ولا الكلمات. هذه تقسيمة آيات، عشر آيات. أنا عندي كم ركعة في اليوم؟ قلنا له: سبع عشرة ركعة. قال: نقرأ في كم ركعة منهم؟ قلت له: أقرأ في عشر ركعات، بعد الفاتحة نقرأ سورة صغيرة هكذا. عشر ركعات، ركعتان في كل فرض من الفروض الخمسة. قال: عشرة في عشرة، قلت له. بمائة قال لي: "والسنن كم؟" قلت له: "سبعة عشر أيضاً، نقرأ في عشرة أيضاً". قال لي: "عشرة في مائة ومائة". قلت له: "مائتان". قال
لي: "مائتان في ثلاثين". قلت له: "ستة آلاف". قال: "إذن هكذا، ستقرأ القرآن في كل شهر مرة، ولذلك تجد المصحف الذي طُبع في..." في الهامش مكتوب عين، يعني ماذا؟ عين تعني ركوعًا، عين رقم كذا، عين رقم كذا، عين رقم كذا، أي ركوع، وتكون في كل عشر آيات. فإذا تفنن المسلمون في التقسيم من أجل الذكر والعبادة. وإلى لقاء آخر، نستودعكم الله، والسلام عليكم ورحمة الله.