زكاة الفطر | أ.د علي جمعة

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. يسأل سائل عن زكاة الفطر، وزكاة الفطر صاع من حبوب أو من التمر أو من الزبيب مما كان يسمى بقوت البلد، والقوت هو ما يستقل به الإنسان فيحيا، يعني إذا استقل به حيا، وهذا. يتمثل في القمح والشعير والفول والذرة ويتمثل في الماش ويتمثل في التمر وفي الزبيب
ونحو هذا. الصاع عندما قدَّرناه وجدناه اثنين كيلو وأربعة أعشار، فلكي نحفظ نقول اثنين كيلو ونصف، فأنا أُخرِج اثنين كيلو ونصف عن كل فرد من الأفراد الذين أصرف عليهم، والذين أصرف عليهم سيدخلون في ذلك. السائق والخادم وأبناء الخادم، لو كان الأمر كذلك، أي لنفترض أنني أملك بيتاً وفيه بواب وزوجته وأولاده، فسأؤدي عنهم الزكاة ما داموا يأكلون من البيت. فكل من يأكل من البيت، ولو كانت عائلة كبيرة،
أي كلهم يأكلون من مطبخ واحد، فعلى الجميع ستخرج الزكاة، فهذا أحسن. أنا وزوجتي وابنايَ الاثنان وحفيدايَ الاثنان، فكم يكون المجموع؟ ستة. والخدم أربعة، فيصبحون عشرة. فماذا أُخرِج عن عشرة أشخاص؟ أُخرِج ماذا إذن؟ أُخرِج أي شيء من هذه الأصناف، ما هي؟ أي شيء، وهو كيلوان ونصف من هذه الأصناف. فلو ذهبت إلى السوق ستجد هذه الأصناف مختلفة الأسعار. القمر أرخص من... الأرز والأرز أرخص من الفول، والفول أرخص من التمر، والتمر أرخص
من الزبيب، وهكذا يبقى. إذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لنا: "أخرج على حسب استطاعتك"، فهناك شخص لو أخرج على الأقل كفاية، ولو كان غنياً أراد أن يزيد، فليزد اثنين كيلو ونصف قمح بكم؟ اليوم نزلنا إلى الأسواق وسألنا وزارة الزراعة ونزلنا عند الفلاحين. الأسعار مختلفة لأن الفلاح عندما يبيع لك القمح يختلف عن العطار عندما يبيع لك القمح لتصنع به الفريك أو البليلة، فإذا كانت هناك أسعار نأخذ المتوسطات، وقالوا إنها اثنا عشر جنيهاً، فيكون اثنا عشر جنيهاً هو الحد الأدنى
لهذه القضية لو... حاسبتها على الرز، الرز اليوم بتسعة جنيه. تسعة وتسعة ثمانية عشر، وأربعة ونصف يصبح اثنين وعشرين ونصف. انظر كيف لو اشترينا قمحًا باثني عشر جنيهًا، ولو اشترينا أرزًا سيصبح اثنين وعشرين جنيهًا ونصف، ولو اشترينا زبيبًا سيصبح مائة وخمسة وعشرين جنيهًا، لأن كيلو الزبيب أصبح بخمسين جنيهًا النوع الذي ليس فيصبح إذا الحكاية واسعة لمن أراد أن يوسع وكل بحسب طاقته. هذه هي طريقة حساب الزكاة. هل يجوز أن نخرجها نقداً؟ طبعاً ووضعاً وقطعاً، هل أنت منتبه كيف؟ نعم، لأننا نوصلها عن طريق ما
أقره الشارع من الإغناء: "أغنوهم عن السؤال في هذا اليوم"، والصوم معلق بين السماء والأرض. لا يرفع إلا بزكاة الفطر، وزكاة الفطر فرض على كل المسلمين، على الفقير وعلى الغني، يعني الفقير يتلقى الزكاة ويعطي الزكاة. فالزكاة ليست منّةً ولا تعالياً، إنما هي نوع من أنواع التكافل الاجتماعي والتعاون على البر والتقوى، ونوع من أنواع العبادة لله رب العالمين. ولذلك يأخذ الفقير الزكاة، فإذا كان عنده قوت يومه في آخر يوم أخرج الزكاة لمن؟ لفقير مثله، ليس لفقير أفقر منه، لا، هو لا يوجد أفقر منه أحد
إلا إذا كان معدماً ليس معه شيء، فيكون انتهى الأمر، أو كان محسوباً مثل التابع الذي ذكرناه، والتابع تابع، أي الذين هم موجودون المحسوبون عليك. هذه هي حكاية الزكاة. وعرفنا فيها قيمتها وأن لها حداً أدنى وليس لها حدٌ أقصى وأنها تُخرج على الأفراد وأنها تكون لأهل البيت ولأتباعهم وأنها يجوز أن تُخرج في عصرنا بالنقود قطعاً وأنها أدناها اثنا عشر جنيهاً في مصر الآن ولو اكتفى بها الغني لكفت. لكن أحد المليارديرات قال: "لا، وما شأني أن أزيد عليها أكثر؟" من اثني عشر جنيهاً إلى اثني عشر جنيهاً، أهم شيء البخل،
البخل، بخِل على نفسه لأن هذا بينه وبين ربنا، فبخِل على نفسه فلم يحدث له شيء، سقطت عنه الفريضة وأخرج الفُل، لكنه فُل لا رائحة له. تجده أبيض هكذا وجميل لكن لا رائحة له، لأنك ملياردير، مالتي ملياردير. لك يا أخي، شيء مثل هذا. إليك الحكاية: طيباً، إن مقدار زكاة الفطر اثنا عشر جنيهاً وتزيد. أما موعد إخراجها فمن أول رمضان، ووجوبها يكون بغروب شمس آخر يوم من رمضان. بمجرد أن نسمع فضيلة المفتي يقول: "يا أبناء، غداً العيد"، تكون زكاة الفطر قد وجبت.
نخرجها نخرجها إلى متى؟ من أول رمضان ووجبت بأذان المغرب من آخر يوم، وجبت الأولى، وتظل جائزة جائزة جائزة إلى أن يؤذن الأذان، حينها انتهى الوقت، فيجب عليك إخراجها. الإمام مالك رضي الله تعالى عنه قال: إلى الصلاة، إلى صلاة العيد. الشافعية قالوا: لا، إلى... المغرب لأنه قال أغنوهم في هذا اليوم، وما دام قال في هذا اليوم فيعني إلى المغرب من يوم العيد. نُخرج الزكاة، ومن لم يُخرج الزكاة يُدرك ويُخرج. وحتى على مذهب الإمام الشافعي رضي الله تعالى عنه أنه إلى
المغرب، وليس كما عند سيدنا مالك. سيدنا مالك قال إلى متى؟ إلى الصلاة. طيب افترض أنهم أخّروا الصلاة، قال: إلى غاية الصلاة، يعني لو أخّروا الصلاة فلا يوجد مانع، لكن إلى غاية الصلاة. لكن الشافعي وسّعها قليلاً، وسّعها من عنده هكذا. لا، بل وسّعها من منطوق الحديث: "أغنوهم في هذا اليوم"، ما دام في هذا اليوم، فيكون اليوم كله. واليوم سينتهي متى؟ ثم أتموا الصيام إلى... الليل يكون الليل الذي هو المغرب، يكون هو هذه العلامة. لا، كان مجتهداً عظيماً، نعم، ليس أبو حنيفة فقط يعني، لئلا يظن بعض الناس. طيب، لدي خادمة وسائق وكذا، قلنا أن هؤلاء من التوابع. زوجتي حامل، فهل
أُخرج عن الجنين الذي في بطنها؟ لا، نحن في المغرب، انظر كيف هو العلامة واحد. أحد أفراد الأسرة - أطال الله في أعماركم - توفي قبل المغرب، لا تجب عليه زكاة الفطر لأنه عندما أذن المغرب لم يكن موجوداً. شخص وُلد قبل المغرب، عليه زكاة الفطر. وشخص توفي بعد المغرب، تجب عليه زكاة الفطر لأنه عندما أذن المغرب كان موجوداً وكان
ينطق بالشهادتين. أما الطفل الذي وُلد بعد المغرب فيكون... ليس عليه زكاة لأنه عندما أُذِّن للمغرب لم يكن الأستاذ قد وصل بعد، لم يكن موجوداً. فتكون الولادة والوفاة عكس بعضهما، فمن مات قبل المغرب أو وُلِد بعد المغرب لا زكاة عليه، ومن وُلِد قبل المغرب أو مات بعد المغرب عليه الزكاة. إذن الوفاة والميلاد متعاكسان في هذا الحكم قبل المغرب. وبعد المغرب، ما وجوب الهمزة في "الله أكبر" الخاصة بأذان المغرب؟ "الله أكبر"، حسناً. لنرَ،
مَن الحاضر؟ مَن مات قد مات، ومَن وُلِد قد وُلِد، ومَن لم يمت بعد لم يمت، ومَن لم يولد بعد لم يولد. إذن الجنين الذي في بطن زوجته لا زكاة عليه. لأنه إذن مغرب آخر يوم وهو غير موجود وهو ما زال جميلاً