زوج يسأل هل ظلمتُ زوجتي؟ | أ.د. علي جمعة

زوج يسأل هل ظلمتُ زوجتي؟ | أ.د. علي جمعة - فتاوي
كان ابني متزوجاً منذ ستة أشهر، وحدث خلاف بينه وبين زوجته، ولم يعد هناك تفاهم بينهما. فأمها لم تُفهِمها الحياة، أي أن أمها هي التي لم تُفهمها الحياة، لكن أمه هو التي فهمته. حسناً، ربما أمه لم تفهمه هو أيضاً، أو أن أباه لم يفهمه الحياة. دائماً نلقي باللوم على الضعيف. يعني ربما الرجل هو المخطئ، وما الذي عرفناه؟ أصل أمها لم تفهمها الحياة وفهمتك أنت. حسناً، دعنا نتجاوز هذا الأمر. انظر، لا بد لها أن تستمر، ولا بد لي أن أتحمل. هذا ما فهمته هكذا، ولا بد لي أن أتحمل، يعني حضرتك تجلس وتقفز
مثل حبة الفول في... النار ومع ذلك تتحمل ما الذي تريده الآن؟ ولأجل ماذا؟ يعني ماذا؟ قل لي هكذا، قمارة هكذا، ماذا؟ لأجل ماذا؟ يعني ماذا؟ خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهله. وكان يشارك في مهنة أهله، يعني إذا كانت تغسل يغسل معها، وإذا كانت تطبخ يطبخ معها، وإذا كانت ترتب الأشياء يرتب معها. هذا سيد الخلق، ليس مجرد ابن أمه، لا، إنه شيء آخر. تثير الغيظ والله شيء يثير الغيظ، يجب عليها أن تتحمل، لماذا تتحمل؟ لماذا؟ حسناً، فلتتحمل أنت ولنجعلها مشاركة جميلة هكذا، وبعد ذلك النبي قال لك هكذا، ألم يقل النبي لك: "النساء شقائق الرجال"، وسيدنا النبي يقول: "خيركم خيركم
لأهله، وأنا خيركم لأهله"، يعني انظروا ماذا أفعل أنا، الرجل الذي جاء وتكلم في الصلاة. يقول: "فما رأيت أرفق من رسول الله صلى الله عليه وسلم به، والله ما سبني ولا نهرني ولا ضربني". انتبه للحالة النفسية، فقد كان القوم ينتظرون أن يضربه النبي لما فعله. يبدو أن هناك نوعاً من التصرفات يستحق الضرب، ويبدو أنه كان هناك ضرب، وأنا مستعد أن يضربني. فلا سبَّه ولا أهانه ولا ضربه، ولو كنت فظًا غليظ القلب لانفضوا من حولك، فبطبيعته يعني تتحمل على كل حال. دعنا نرى ماذا يريد أن يقول. الحقيقة أنني متضايق من هذا السؤال والله، وغيظي من هذا السؤال لأسباب من
ضمنها أن ثلاثة أرباعنا هكذا، نعم انتبهوا، حاولت أن أنصحها كثيرًا. لكن للأسف لم تسمع وتركت البيت بعد خلاف مستمر، وبعد شهرين أراد زوجها أن يعيدها، فذهب لكي يرجعها فرفضته. وهو يسأل: هل ظلمها؟ أظن نعم، يبدو لي كذلك، يبدو أنه كذلك. يعني المرء يستنتج هذا من ورائه. أنا طبعاً الله عالم الغيوب، لا أعرف إن كان ظلمها أم لا، لكن هو... حتى وهو يسأل معناه أنه قد حاك في صدره أنه ظالمها فيسأل الشيخ: "هل أنا ظلمتها أم لا؟" تقريباً هكذا، يبدو أنك ظلمتها. أم أنه قد أدام عليه تجاهها، مثلما كان عندي شخص في الماضي يعمل، وبعد
ذلك تحدثنا في نحو هذا الكلام منذ أربعين سنة، فقال لي: "يا الله، هل أنا؟" لا آكلها ولا أشربها، والله هي ليست قطة، إنها إنسان ومكلفة على فكرة. انتبهوا، النساء مكلفات، لا تظنوا أن النساء غير مكلفات. النساء في دين الإسلام مكلفات، عليهن الصلاة والصوم والزكاة والحج وكل الفرائض التي عليك هي عليهن أيضاً، فبموجب أي شيء؟ يعني تتكبر عليها، أنا لست أدري ما يقوله. أعطيت ما عليّ، أحضرت لها الطعام والشراب، ماذا تريد أيضاً؟ أتفهم؟ كان لدينا رجل زجّال عظيم اسمه حسين شفيق المصري رحمه الله تعالى، وكان
ينظم ما كانوا يسمونه الشعر الحلبنتيشي. وهذا الشعر الحلبنتيشي كان عبارة عن شيء، يعني ماذا، ماذا من... آيات الله فيه فصنع شيئاً اسمه المُشَعْلَقات السبع على وزن المعلقات السبع التي هي خاصة بالجاهلية وسُميت معلقات لأنها عُلقت على الكعبة، وهي أمر مهم جداً. فامرؤ القيس يقول: "قفا نبكِ من ذكرى حبيبٍ ومنزلِ بسقط اللوى بين الدخول فحوملِ فتوضح فالمقراة لم يعف رسمها" إلى آخره، وطرفة بن العبد.
ابن العَبد وكذا ووَقَفَ وتَمَسَّكَ بشره وما تَمَسَّكَ بشره، سبع قصائد وقيل عشرة. العشرة المعلقات فهو كان يعمل المعلقات. نعم، فيقول مثلاً لزينب دكان، "لزينب دكان بحارة منجدي، تفوح به أقفاص عيشي المقددي". يعارض القصيدة الدالية هذه فعمل قصيدة "أظن المرأة غاضبة وما كنت أقصد إيذاءها، أتى رمضان فقالت..." أحضروا لي حقيبة نقل فأحضرنا لها، ومن قمر الدين أحضرنا ثلاث لفائف فتعبت لأجلها، وأحضرت صفيحة سمن وأحضرت لوازم لم يطلبها غيرها. أخبروني لماذا تشكو
ابنة الحسناء إلى أهلها حالها إلى آخر القصة. فهذا الرجل ذكّرني بالمعلقات السبع.