سائل يسأل هل يجوز تعيين سكرتيرة امرأة لي ؟ | أ.د علي جمعة

سائل يسأل هل يجوز تعيين سكرتيرة امرأة لي ؟ | أ.د علي جمعة - فتاوي
أحدهم يسأل ويقول إنه مدير في شركة كبرى أو صغرى، لا يهم ذلك، ولكن السؤال: هل يجوز تعيين سكرتيرة امرأة له؟ النبي صلى الله عليه وسلم نهانا عن الخلوة، والخلوة كما نصَّ عليها العلماء إنما هي انفراد رجل بامرأة في الحياة الخاصة، انفراد رجل بامرأة في الحياة الخاصة، فقالوا...
ما هي الحياة الخاصة وما هي الحياة العامة؟ الحياة الخاصة ما يُطلب فيه الاستئذان بالنظر والدخول، غرفة مغلقة عليك وعلى امرأة أجنبية، انفراد رجل بامرأة أجنبية. في الحياة الخاصة ما هي الحياة الخاصة؟ أنكم في مكان يُستأذن للدخول إليه، للنظر إليه. هذه هي الحياة الخاصة، ولذلك فإذا كان هناك غرفة مغلقة بينك وبين... هذه المرأة التي يفترض أن تكون صاحبة حجاب وأن تكون ملتزمة بشرع
الله وأن تكون أنت كذلك، فلا يجوز إغلاق الباب، باب واحد عليكما. قال رسول الله: "ما خلا رجل بامرأة لا تحل له إلا كان الشيطان ثالثهما". وما هي الحياة العامة التي لا تحتاج إلى الإذن والنظر إليها في الدخول؟ مثل ماذا؟ مثل سيارة الأجرة، رجل يقود وامرأة يوصلها أمام الناس جميعاً. لا يوجد أحد يضع ستائر في سيارة الأجرة حتى لا يرى أحد من بالداخل أو من بالخارج. مثل المصعد (الأسانسير)، ركبت المصعد
فركبت امرأة معك، أي شخص يستطيع إيقاف المصعد في أي طابق من الطوابق لكي يركب. مثل المسجد، أنا إمام مسجد وجاءت امرأة تصلي ونحن وحدنا في المسجد، ولا الشيطان له علاقة بيننا، ليس له علاقة لأن أي شخص يأتي يدخل في المسجد، أي شخص في أي وقت، انتبه، لا يوجد سر، لا توجد خصوصية، لا يوجد استئذان بالنظر. السوبر ماركت أنا واقف عند الصندوق. السوبر ماركت هذا أو الكاشير أو الخزينة والمرأة داخلة لتشتري، وأي شخص يدخل في أي وقت، فهذه تعتبر حياة
عامة حتى لو حدث فيها انفراد، فإنها لا تستوجب التحرز. المسجد والطريق والأماكن المفتوحة وغيرها إلى آخره، كل هذا ليس فيه خلوة شرعية منهي عنها، فصاحبنا يريد أن يكون. يجب أن تكون له سكرتيرةً وهو في شركة كبرى، حسنًا. يجب أن تكون ملتزمة بالآداب الإسلامية. ثانيًا، لا يجب ولا ينبغي ولا يجوز إطلاقًا أن تنفرد بها في حياة خاصة، تجلس وتدخل، وبعدها تضيء اللمبة الحمراء. ماذا تعني لمبة الحمراء؟ تعني أنه ممنوع الدخول. نعم، هذا يحتاج
إلى إذن، هذا يحتاج إلى إذن إذن. حياة خاصة لكن ما يوجد حياة خاصة يبقى فيه زواج، لهذا يقول: "أم يبقى رجلاً دفعاً للشبهة"، حسناً، يبقى رجلاً دفعاً للشبهة. أنت بالذات لأنك هذه مسألة تبقى في... يجول في خاطرك شيء، في واحد ليس آتياً في ذهنه إطلاقاً، وفي واحد آخر ولا دفعاً للشبهة، يعني طيب يا... أخي، لقد أثبتت المرأة دقتها وقدرتها وعطاءها في كثير من الوظائف أكثر من الرجل، ولذلك ستأتي برجل ثم بعد قليل تقوم بفصله وتذهب لتُحضر امرأة، وبعدها تقول: "لا، بالتأكيد من الحرام
أن أفصلها وأحضر رجلاً"، فيخرب بيتك، وهكذا. يعني دعنا من هذا الأمر، ولنبقَ مع الله بقلوب متضرعة ولا نفكر في ذلك. هكذا يا إخواني، الأسئلة نفسها أسئلة تجعل، يعني تجر الفقيه إلى دوائر أخرى غير الضراعة إلى الله سبحانه وتعالى. والله لو تعلق قلبك بالله لعشنا كما عاشت الصحابة في مكة وفي المدينة وفي القرون الأولى الفاضلة. وكان ابن حجر العسقلاني لديه اثنان وخمسون شيخاً كان يدرس عليهم، كيف كان يجلس؟ كيف لديهم في المسجد أو في البيت أو في غير ذلك إلى آخره قلوب متضرعة إلى الله، ولذلك فتح الله عليهم. أصبح ابن حجر
أمير المؤمنين في الحديث، شيء عجيب غريب في تتبعه وفي دقته وفي النور الذي ينظر إليه وينظر به، فيكتشف تلبيسات الرواية والأسانيد، يكتشفها ويقول لك هذا. لا يوجد هنا كذا ولا هنا علة. ما هذا النور؟ إنه يفوت على أي واحد. لا، ولكن هنا قلب متضرع لله سبحانه وتعالى. عندما نقول هذا الكلام، الشباب المتشددون أدخلوا الناس في "نعم" و"لا" و"حلال" و"حرام" و"يجوز" و"لا يجوز" حتى أصبح هذا الكلام غير قادر على الوصول. إلى قلوب الناس يا جماعة، القلوب
الضارعة هي التي تتلقى ما أنزله الله سبحانه وتعالى فتحسن تطبيقه. من ناشل القلوب الضارعة لله المتعلقة بالله كثيرة الذكر بالله. إنما فضلنا تجزئة ديننا وتفكيكه حتى أصبح مجموعة من الأحكام لا رابط بينها وبين تقوى الله. لاحظ أريدك من قديم من القرن. الخامس والسادس الهجري الإمام الغزالي توفي سنة خمس مائة وخمسة، أي في أوائل القرن السادس، فأنشأ كتابه المشهور إحياء علوم الدين، وكانت علوم الدين قد بدأت تخبو وتموت، فأنشأ لها إحياءً ينفخ فيها، ينفخ فيها ماذا؟
الضراعة لله. عليك بالقلب الضارع، فهذه الأسئلة أسئلة جيدة لأنها تمكننا ليس في الإجابة عنها وإنما... في البحث عن ضوابطها نبحث عن تطبيقها كيف نطبقها وسيرجع الأمر كله إلى الذكر والفكر إلى طريق الله إلى مرتبة الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فهو يراك المراقبة إذا فعلت هذا هان عليك الأمر وقل سؤالك لا تسألوا عن أشياء تبدبد لكم تسوؤكم اتركوني ما تركتكم سمى السورة سورة البقرة لماذا؟ لما خصص البقرة؟ لماذا لم يسمها التوحيد؟ لماذا بني إسرائيل؟ أو مثلاً كان
سماها الشريعة أو سماها مثلاً الإسلام؟ يعني شيئاً كهذا. سورة كهذه لأنها مليئة سماها البقرة. يلفت نظرك إلى أن تعاملك مع الدين هو قصة البقرة: اجعلها سهلة، لا تجلس تتعمق وتتتبع وتسأل أسئلة. تتلو أسئلة وكلما سألت شدد عليك، فاجعلها سهلة هكذا مع الله. متى ستكون سهلة؟ والله بالقلوب الضارعة، عندما يتعلق قلبك بالله. من دون ذلك سنتحول إلى أمر لا يريده الله، لم يرده الله سبحانه وتعالى. لم يرد الله سبحانه وتعالى منا الإكثار على أنفسنا من السؤال ومن التشدد. ومن التعمق
ما أرفض هكذا، هذا شيء سهل جداً. اذبحوا بقرة. يوم يذهبون ليذبحوا بقرة، ولكن ما لونها؟ ما هي؟ وفي كل مرة يشدد عليهم. فهذا سر التسمية. انتبهوا إلى أن دينكم تتعاملون معه بمفتاح، وهو أن هذا الدين على الحنيفية السمحاء، فإن مع العسر يسراً. وإن مع العسر يسراً، إنما بُعثت بالحنيفية السمحاء، شيء جميل هكذا، شيء سهل، ليس شيئاً صعباً. وهذه السهولة هي العميقة، هي التي فيها مفهوم الطاعة الصحيح، وفيها مفهوم العبادة الصحيح. هكذا يكون الأمر.