سورة الفاتحة | حـ 10 | آية 1 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة

سورة الفاتحة | حـ 10 | آية 1 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة - تفسير, سورة الفاتحة
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. بسم الله الرحمن الرحيم، الباء حرف جر يفيد المصاحبة، فيعني لا بد من تقدير فعل يتعلق به حرف الجر هذا. ما حكاية التعلق؟ حكاية التعلق أن العرب تكلمت بالفعل والفاعل والمفعول، مثل: زرع الفلاح. الحقل لي طيب، ونُعرب الحقل إعرابياً كيف؟ المفعول به، مفعول به ماذا؟ الفعل زرع، الزراعة، هذه الزراعة لا
بد أن تتم على شيء وهو الحقل، ومن الذي قام بالزراعة؟ الزارع أو الفلاح. زرع الفلاح الحقل، إذن هنا مفعول به. وهناك شيء يسمى المفعول المطلق المؤكد، مثل: أكله أكلاً. تأكيد أي أنهم يسمونه المفعول المطلق. قمتُ احتراماً للأستاذ، ويسمونه المفعول لأجله، أي لماذا قمتُ؟ قلتُ: لأجل الاحترام. القيام لذوي الفضل، "قوموا لسيدكم فأنزلوه". قال: هل سيدنا سعد؟ قال: عندما جاء سعد كان على الدابة، فقال للأنصار: "قوموا لسيدكم فأنزلوه". قيام هكذا احتراماً ورحمةً. حسناً، إذن
يوجد مفعول به. ومفعول مطلق ومفعول لأجله وهكذا. حسناً، هل يوجد في اللغة العربية شيء اسمه مفعول إليه؟ يعني "ذهب الطالب المدرسة"؟ قال: لا، يوجد. فالعرب قالوا: حسناً، ما دام لا يوجد هنا مفعول إليه، فلنأتِ بلفظة حرف يتعلق بذلك الفعل ويوصل إلى المفعول، فنقول: "إلى المدرسة". وضعت الكتاب. على الطاولة، لا يوجد شيء اسمه مفعول عليه، ولا يوجد شيء اسمه مفعول إليه، ولا يوجد شيء اسمه مفعول منه، ولا يوجد شيء اسمه مفعول وهكذا، فأحضروا الحروف
لتحل محل المفعولات: الحقل أو الأكل أو غيره إلى آخره، هو عبارة عن مفعول بمعنى أن الفعل قد تلبّس. به ارتبط به وقع عليه ولذلك المدرسة هي التي ارتاحت والطاولة هي التي عليها الكتاب ومن أجل ذلك تعلقت الحروف بالأفعال فيصبح أول ما أرى أمامي حرفاً لابد أن أقدّر فعلاً، فعندما يقول لي بسم الله الرحمن الرحيم يجب أن آتي بفعل قبلها فأقول ماذا؟ أقرأ بسم الله الرحمن الرحيم. هل يجوز أن أقول أبدأ بسم الله الرحمن الرحيم؟
هل يجوز أن أقول بسم الله الرحمن الرحيم أبدأ بسم الله الرحمن الرحيم؟ أقرأه قال نعم، إذاً يمكنني أن آتي بفعل عام فأقول بسم الله الرحمن الرحيم وأنا آكل، يعني أبدأ أكلي، أو أبدأ بسم الله الرحمن الرحيم، أو أقول آكل. بسم الله الرحمن الرحيم، إنه فعلٌ أيضاً، لكنه فعلٌ خاص، ويمكن أن يكون قبلها ويمكن أن يكون بعدها. إذاً، عندما تقرأ "بسم الله الرحمن الرحيم" هذه، تستطيع فعلاً أن تُقدّر أن هذا الفعل قد يكون مقدماً أو مؤخراً، عاماً أو خاصاً. حسناً، إذاً "بسم الله الرحمن الرحيم" سأبدأ
بها في... كل أمر ذي بال وأنا آكل وأنا أشرب وأنا أتزوج، لكن لا نبدأ بها في الحرام كما نرى ذلك في الأفلام. الحرام هو يقول بسم الله وهو يفتح الخزنة، لا، هذا حرام، هذا سيُعاقب عقابين: عقاب أنه قال بسم الله هنا، وعقاب أنه كذا. الغزالي قال لا يقول. بسم الله، لكنه لا يقصد أن يبدأ لعله ينتهي، يعني يذكر ربنا لعله يتوب، ربما يأتي ساحباً المفتاح من الخزنة وينصرف سيكون هذا كمن رأى القلب وقال: لا، دعه يذكر ربه، ربما الذكر يوقظه، ربما الذكر يذكّره بأن الصلاة تنهى عن الفحشاء
والمنكر ولذكر الله أكبر. ذكر الله أكبر من الصلاة لأنها تنهى عن الفحشاء والمنكر، وأيضاً إذا مسهم طائف من الشيطان فذكروا، أي أنهم يذكرون الله هكذا، فإذا هم مبصرون. فيكون لعل الله سبحانه وتعالى أن يمنَّ عليه بالعودة من هذا الذل. فعندما تقول "بسم الله" فماذا يعني ذلك؟ يعني أبدأ باسم الله، أي أقرأ. بسم الله، وأيضاً ماذا يعني أن أقرأ بسم الله؟ قلنا أن كل حرف له معنى. أقرأ بسم الله يعني مصاحباً اسم الله وأنا أقرأ، قد صحبت باسم الله، أو متبركاً بسم الله، يعني أنا أبدأ القراءة
وأنا أتبرك بأن أذكر أول ما أذكر اسم الله. كل هذا الكلام موجود أمامي. ها موجود في الباء هذه، موجود في الباء لأن الباء حرف من حروف المعاني، وحرف المعاني لا بد له من متعلق بفعل. أصل اللغة هكذا، فلا بد أنك تقدر فعلاً، ولك أن تقدره خاصاً أو عاماً. فتقول: ابدأ بسم الله، أين "ابدأ"؟ "ابدأ" ما ربنا ما ذكرها ولا "اقرأ" قالوا. نعم كما قيل، هذا الذي ذكرتَه، ولذلك هذه فائدة أن هذا القرآن عربي، يعني لا بد أن نقرأه بلغة العرب حتى نتمتع به. ما الذي جعل هذا القرآن يبني أهل العربية الأولى أكثر مما قد بنانا؟
العلم بالعربية، لأنهم كانوا علماء في العربية يعرفونها ويعرفون معانيها، فتلذذوا بالقرآن فعرفوا قيمته فآمنوا وكلما جهل الناس اللغة كلما ابتعدوا عن كتاب الله سبحانه وتعالى. اسم، هذا الاسم همزته همزة وصل تسقط في الوصل. عندما نأتي لنصلها هكذا. عشر كلمات في اللغة العربية همزتها همزة وصل. ماذا تعني همزة الوصل؟ أي أننا نقول ماذا؟ باسم وليس بِاسم. باسم الله، أين ذهبت الهمزة؟ سقطت عند الوصل وهذا كثير في العربية، عشر
كلمات فقط، عشرة أسماء فقط، لأنها موجودة في الفعل وفي الحرف، في حرف واحد فقط الألف واللام. قال: "الحمد لله"، أين ذهبت الهمزة؟ نحن عندما ننطقها في البداية نقول: "آه الحمد لله"، وعندما نصلها نقول: "الحمد لله"، إذاً الهمزة ذهبت. أين ذهبت؟ لماذا سقطت؟ لأنها في الألف واللام التي هي حرف، وهو حرف واحد فقط تسقط فيه الهمزة، مع أنها كلها موجود فيها الهمزة إلا حرفاً واحداً فقط الذي هو الألف واللام. الأسماء العشرة، لكن سبعة موجودة منهم في القرآن وثلاثة غير موجودين. حسناً، هات التي في القرآن. الاسم ها هذه تسقط همزة التوصلات: اثنان واثنتان، ابن
وابنة، امرؤ في "إن امرؤ هلك"، وامرأة. فإذا هذه السبعة موجودة في القرآن، والثلاثة التي ليست موجودة في القرآن هي: ابنم واست وايمن، وهذه مع أي لغات مهجورة انتهت بالفعل. القرآن نظم