سورة الفاتحة | حـ 12 | آية 2 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة

بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. مع كتاب الله نعيش هذه الدقائق المعدودة مع الفاتحة الأساس، الشافية الكافية، التي هي ركن من أركان الصلاة عند كثير من أئمة المسلمين، والتي بدأ الله سبحانه وتعالى بهذه
الفاتحة كتابه المبين. والتي قال فيها العلماء إن الله قد جمع فيها علوم الأولين والآخرين، وكأنهم يعنون بذلك أنه قد جُمعت فيها قضايا الإنسان، وهدف الإنسان في الحياة، وطريقة مخاطبة الإنسان لربه. ففي بعض الأديان يقول المرء: "الحمد لله الذي خلقتني ذكراً ولم تخلقني أنثى"، أي أن المرأة لا تصلي عندهم في بعض هكذا مكتوب في كتبهم هكذا وفي الصباح يقولون هكذا، لكن الفاتحة شيء سامٍ جداً، يقرؤها الصغير والكبير، والمرأة والرجل، والقوي والضعيف، والفقير والغني، ويشعرون
فيها بأحاسيس ومشاعر ربانية. نبدأ قراءتنا مصاحبين على سبيل التبرك: بسم الله الرحمن الرحيم، لأنه قد غلبت رحمته غضبه، وسبقت رحمته عذابه، وهو سبحانه وتعالى. وهو يكلمنا ويخاطبنا ويكلفنا بالرحمة لا يكلفنا بالعنت ولا بالضيق ولا بالحرج "ما جعل عليكم في الدين من حرج ملة أبيكم إبراهيم هو سماكم المسلمين من قبل". إذاً بسم
الله الرحمن الرحيم، أول كلمة ماذا إذن؟ الحمد لله رب العالمين، الحمد لله رب العالمين. الحمد هو الثناء، والعرب كانت تحب أن تكون اللغة خاصتها واسعة ولها جرس، فيقول لك: الثناء هو المدح بخير، والنثاء هو المدح بشر (الكلام بشر أو الذم بشر)، فيكون ثناء - الثاء أولاً ثم النون. وعندما تضع النون أولاً يكون نثاء. النثاء عكس الثناء. سبحان الله! كانوا يحبون أن تكون لغتهم لطيفة هكذا بخصائص
قد لغة غيرها وإذا وجدت باهتة، ومن أجل هذا لسعة اللغة العربية ولتمكنها ولجذورها وللاشتقاق الكبير فيها ولأحوالها النحوية والصرفية والأسلوبية أنزل الله الكتاب بها، الكتاب الخاتم، بالإضافة إلى أنها لغة المخاطبين الذين جاء منهم النبي صلى الله عليه وسلم، وكلفهم الله فيما كلفهم بالدعوة: "ادع إلى سبيل ربك بالحكمة الحسنةُ، فالحمدُ هو الثناءُ بالجميل. فيقولُ ماذا؟ الحمدُ. فأنتَ لكي تقرأَ القرآنَ وتفهمَهُ، يجبُ أن تقفَ عندَ كلِّ حرفٍ فيه. لا تقرأهُ كقراءةِ الصحيفة أو المقالة من أولها إلى آخرها هكذا، وأنتَ
تنظرُ إليها وأنتَ سائر، وتُنهيها وتعرفُ ما فيها. هذا يُنشئُ عقليةً هشةً، هذه الطريقة. لكنَّ الطريقةَ الثانيةَ هي كل كلمة وكل حرف. قال: وتأتي واقفاً، ما هذا؟ قال: هذه هي قواعد اللغة العربية. يقول لك: قال في... هذه وظيفتها التعريف. الكلام منه: حمد والحمد، حسن والحسن. تعرف إذاً أن هذه نكرة وهذه معرفة. حسناً، هذه الوظيفة الخاصة بها، ما معناها إذاً؟ قال: والله من الممكن أن نراها تفيد له: يعني ما الاستغراق؟ قال: الاستغراق يعني أن تزيلها وتضع مكانها "كل". هو السكي له كتاب اسمه "كل" وما
تدل عليه "كل" ألف كتاب في الحرف، كل هذا في موضع اللفظ، كل هذا. فيقول ماذا؟ قال: بمعنى "كل" تكون للاستغراق، تفيد الاستغراق. حسناً، قل هنا هكذا: "الحمد لله كل لله يمشي بها يعني كل أنواع الحمد لله. طيب هل الحمد له أنواع؟ قال: نعم، فما هي؟ حمد ربنا لذاته يكون حمداً قديماً لقديم. ربنا يمدح ذاته سبحانه وتعالى، فيكون هذا حمداً أم لا؟ نعم، إنه حمد. وحمد قديم لحادث مثل سيدنا محمد، ربنا مدحه، فيكون ربنا عندما يمدح الحادث الذي هو الرسول صلى الله عليه وسلم يكون مدحاً قديماً لحادثٍ حادث، يعني كان بعد أن لم يبقَ،
وحمدٌ حادث لقديم كما تقول أنت. ها هو الحمد لله، ما هو صادر منك حمدٌ لربنا، ثم حمدٌ حادث لحادث. إنها الأربعة هكذا: حادث وقديم، فيكون إذاً أمام حادث وقديم. ستأتي معك القسمة أربعة: قديم حادث قديم حادث قديم. لا تأتي إلا هكذا. فتكون أنواع الحمد هكذا. الحمد لله، يعني كل حمد لله يصلح ويجوز. وقد تكون للاستغراق، أي استغرقت أنواع الحمد، يعني كل الحمد لله. وهي حلوة جميلة تناسب ما يليق به سبحانه وتعالى. أن كل حمد لك يا رب سواء صدر مني أو صدر من أي
شخص، حتى عندما أشكر زميلي فإنني أحمدك أيضاً، فالحمد الأصلي لك أنت. وقد تكون [اللام] للجنس، وما هو هذا الجنس؟ قالوا: يعني مادة الشيء، مادة الشيء، فمثلاً هذه الجبة، ما هي مادتها؟ قماش، فهي ليست مصنوعة من... ورق ليس مصنوعاً من حديد وليس مصنوعاً من خشب، حسناً، وهذا الكرسي، ما المادة التي صُنع منها؟ خشب. فالجنس معناه مادة الشيء هكذا. حسناً، أقول: مادة الحمد، القماشة التي صُنع منها الحمد، القماشة التي فُصّل منها الحمد. فالحمد منه كثير ومنه قليل، ومنه طارئ ومنه مستمر، ومنه منقطع، ومنه أحوال للحمد
قماش الحمد هذا لله، أي جنس الحمد هو لله. تصلح "جميلة" أيضاً. فتكون "ال" قد تكون للاستغراق، وقد تكون للجنس. انتبه أن ما سنقوله في "ال" هذه موجود في كل ألف لام القرآن، لكن أحياناً تصلح للاستغراق مرة، وتصلح للجنس مرة، وتصلح للأشياء التي سنذكرها لاحقاً. مرة وهكذا فنحن ونحن نؤسس الآن يمكن أن نمكث مع الفاتحة مدة قليلة لكن سيكون معنا قواعد نفهم بها القرآن كله. الألف واللام هذه لا تنساها أنها قد تكون للاستغراق وقد تكون للجنس. وقال قد تكون للعهد، وقد تكون للعهد. ما هذا العهد؟ الذي بيني وبينك أنت.
لستَ تعرف أن الرجل الذي قابلناه بالأمس، قلتَ لي: نعم، قلتُ لك: إنّ هذا الرجل يكون الألف واللام هنا للعهد. العهد يعني ماذا؟ يعني ما عهِدتَه، وعهدتَه يعني الذي بيننا وبين بعضنا. ألسنا كنا نتحدث الآن عن رجل معين؟ إذن الألف واللام عندما نستعملها هنا تفيد الرجل الذي... في ذهني وذهنك الذي نعرفه عندما قلت لك فلان فعل وصنع وترك وبعد ذلك دخل علينا شخص فقلت لك هو الرجل هذا، لم أُرِد أنا أن أذكر اسمه أو يكون الرجل هنا، أي المعهود المفهوم بيني وبينك، أنا لا أريد غيري وغيرك أن يعرف مثلاً، فالألف واللام قد تأتي للعهد العهود نوعان: عهد حضوري أي حاضر بين أيدينا الآن،
وعهد ذهني في عقلي وعقلك. الشخص عندما يكون حاضراً يكون عهد حضور، وهذا الشخص يعني الذي أمامي وأمامه، وعندما يكون غائباً يكون عهد ذهني. إذاً العهد على أربعة أنواع، كما أن الألف واللام هذه على أربعة أنواع، إما أن... تكون للاستغراق وتكون للجنس وإما أن تكون للعهد الحضوري أو الذهني. حسناً، هيا لنقول هكذا: العهد الذي بيني وبينك في الحمد لله هو لله وحده. تمضي وتمضي فيصبح الألف واللام يمكن أن تكون على كل هذه الأنواع معنا هنا في "الحمد لله" و"الحمد لله رب العالمين". وإلى لقاء آخر نستودعكم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته