سورة الفاتحة | حـ 23 | آمين وأول البقرة | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة

سورة الفاتحة | حـ 23 | آمين وأول البقرة | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة - تفسير, سورة الفاتحة
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه مع كتاب الله نعيش هذه اللحظات وقد انتهينا من تفسير الفاتحة والحمد لله رب العالمين وبعد تلاوة الفاتحة وفي الصلاة وليس من القرآن يقول المصلون آمين أي اللهم استجب وهذا يدل على أن المسلمين قد نقلوا الكتاب نقلًا تامًا بحروفه وتشكيلاته وكلماته وآياته وسوره كما هو، فلما كانت البسملة آية من الآيات في قراءة عاصم أثبتوها آية، ولما كانت
"آمين" ليست من القرآن في شيء لم يثبتوها، ولو كانوا يقولونها كل ركعة "آمين"، لو كان كذلك لكان بعض الناس يكتبون "آمين" تحت هذا. فدل الأمر على أن هذا النقل سنة متبعة، ما معنى سنة متبعة؟ أي لا نستطيع أن نزيد فيها من عند أنفسنا ولا أن ننقص. فعلوا كما فعلت الصحابة، والصحابة فعلت كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم، فلم يذكروا كلمة آمين عندما قاموا بطباعة المصحف، مصحف الملك فؤاد سنة ألف. وتسع مائة وواحد وعشرين ألفاً وثلاث مائة واثنين وأربعين هجري في المطابع الأميرية، وقلنا من قبل أنه كان أجمل خط
كُتب به مصحف في التاريخ خاصة في الطباعة، أي في مجال الطباعة. طبعاً في التاريخ يوجد ابن البواب وابن مقلة وأمور أخرى، ولكن في الطباعة كان أجمل خط طباعي. في مصحف الملك فؤاد كتبوا سورة الفاتحة سبع آيات، وكُتِب في السورة من هذه مكية أو مدنية، وكُتِب نزلت بعد كذا، يعني كأنه ترتيب النزول يأخذونه من السور نزلت بعد كذا. فاعترض قوم على أن تكتب هذه الأشياء حتى في المصاحف. ما هذه الأشياء عبارة عن، يعني ماذا، تكملة. حول المصحف ليس فيه وإنما حوله حتى هذا اعترضوا
عليه، ولما جاء أحمد باشا زكي ليضع علامات الترقيم - وكان يُسمى شيخ العروبة وكان مهتماً بتطوير الحرف المطبعي - ذهب وترجم علامات الترقيم من اللغات الأجنبية الإفرنجية الفرنسية والإنجليزية، علامات الترقيم التي هي الفاصلة التي كانوا قديماً يسمونها الشولة، والنقطة. علامة الاستفهام، علامة التعجب، وكتب كتابًا اسمه علامات الترقيم، ذكر فيه وقال: إن علامات الترقيم هذه لا تصلح للكتاب المبين، لا تنفع عندنا. الكتاب المبين له خلاص، هو ذكر هكذا. أنا أقول لكم الآن أن الكتاب المبين له علامات أخرى: "جيب" يعني الوقف جائز، "صلي" يعني الوصل أولى، "قلي" يعني الوقف. أولى (طب)
يعني الوقف، طيب (لا) يعني احذر أن تقف، (ميم) يعني لازم تقف، ممنوع التوصيل، (كاف) يعني الوقف، الوقف كافٍ. علامات الترقيم أيضاً، لكنها تتفق مع اللغة العربية. لا يوجد شيء اسمه فصل تام هكذا، قد يكون الوصل أولى ويجوز الوقف، وقد يكون الوقف أولى ويجوز الوصل، وقد لا. يجوز هذا لكنه يجوز هذا بل يجب هذا، لكن لا، هذه قضية ثانية متسقة مع مفاهيم ودلالات مفاهيم اللغة ودلالتها، ولذلك نريد باحثاً يدرس لنا المقارنة بين علامات الترقيم في اللغات الأجنبية وعلامات الوقف
في كلام الله سبحانه وتعالى، فجاء الشيخ أحمد أحمد باشا زكي. الذي هو شيخ العروبة وقال في الكتاب: "لا تصلح هذه العلامات للكتاب ولا للسنة". وفعلاً الكتاب والسنة، الكتاب نعم، لكن السنة كثير من الناس وضعوا فيها علامات الترقيم. لكن أحمد باشا يقول: "لا يصلح أن نضع علامات في كلام الله المعجز الذي وصلنا كما هو"، فلما وجدت الصحابة الكرام بسم الله الرحمن الرحيم. في سورة البقرة وليست آية منها كتبوها كما تركها رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يجعلوا فيها آية، جعلوها آية من الفاتحة. تفتح الفاتحة تقول لك: "بسم الله الرحمن الرحيم"، واحدة، هذه
آية، وبعدها على الفور البقرة. "بسم الله الرحمن الرحيم" ليست آية. ونأتي في سورة التوبة التي هي... براءةٌ وليس فيها بسم الله الرحمن الرحيم مطلقاً، فهل إذا كتبتُ هنا بسم الله الرحمن الرحيم وبعدها آية، هل أكتب هنا بسم الله الرحمن الرحيم أم أعيدها؟ ولماذا لا أكتب أيضاً بسم الله الرحمن الرحيم في هذه؟ قالوا للأتباع: استلمنا هكذا! ياه! إلى هذه الدرجة؟ أليس هناك أحد؟ أي بمعنى أنه يؤلف من عقله شيئاً ويضعه ويقدمه. قال: لا، ليس عندنا، ليس عندنا هذا التأليف. نحن عندنا كما قال هو. فقال أحدهم: على مَن قرأتَه؟ قال: أنا قرأته على الشيخ إسماعيل الهمداني رحمه الله تعالى، والشيخ الهمداني قرأه
على الشيخ الزيات، والشيخ الزيات قرأه على الشيخ الجنيني. والشيخ الجنيني قرأها على الشيخ المتولي كبير، والشيخ المتولي كبير قرأها، وهكذا إلى أن نصل به إلى سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقال لكم هكذا، نعم والله، كنا مثلاً نجلس وأقول له: حسناً لنبدأ، فيقول: نتوكل على الله، ثم يقول: الحمد لله رب العالمين، فأقول له: ما هذا؟ أين البسملة؟ اقرأ. بسم الله الرحمن الرحيم. أقول له: حسناً، حاضر، بسم الله، الله، لأنها آية من التي قرأتها الآن، إذاً يجب أن أضعها هكذا وهكذا. فيكون إذاً، نعم، استلمنا هكذا هو كما هو، وكذلك القراءات العشر، القراءة من هذه تكون وضعاً والقراءة الثانية وضعاً، استلمنا هذه هكذا وهذه هكذا مما يؤكد بقاء. المصحف
على ما كان عليه وعلى ما تركه لنا سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وصدق الله: "إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون". بسم الله الرحمن الرحيم، من سورة البقرة. وسورة البقرة سميت بذلك لأن الله قد ذكر شأن البقرة التي كانت في قوم موسى، وهو شأن عظيم. يبين لنا حال هؤلاء الناس ومدى طاعتهم لله ومدى عصيانهم لأمر الله وما الذي نستفيده من هذا كله، إننا نستفيد كيفية المعاملة مع الله رب العالمين كما سنرى عندما نأتي إلى القصة. ربنا لا يريد منا أن نسأل أسئلة
كثيرة فنشدد على أنفسنا، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: "اتركوني". ما تركتكم وربنا يقول: "لا تسألوا عن أشياء إن تُبدَ لكم تسؤكم"، ويقول أيضاً: "قد سألها قوم ثم أصبحوا بها كافرين"، يعني بسببها كافرين. ويقول لنا سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لقد ضل الذين من قبلكم لكثرة ترددهم على أنبيائهم"، "البقرة هذه ما لونها؟"، "حسناً، ما شكلها؟"، "حسناً، هي..." صفتها؟ وفي كل مرة يشدد عليهم. ولذلك يا أيها المؤمن، لا تكن كأولئك الذين شددوا على أنفسهم فشدد الله عليهم. الدين يسر، اتركوا الأسئلة. يقول لك: "لا، أنا أريد أن أتأكد". حسناً، تفضل
تأكد وتفضل تكلف، ويجب عليك أن تنفذ الآن. فكلما ضيقت على نفسك حوسبت، فنحن هكذا نريد أن نربي الناس. تربية أخرى أنهم يقتنعون بما لديهم ويتقنونه ولا يسألون ولا تخف، فجهلك بالشيء وبالحكم لا يجعلك مسؤولاً عن هذا الحكم. هذه صورة البقرة، فالبقرة لم تأتِ هكذا لأنها بقرة، وإنما جاءت من أجل أن تُعلِّم كيف يتعامل المؤمن مع ربه، كيف يكون مرضياً عليه عند الله. أشد الناس عذاباً يوم القيامة شخص سأل فحرم الله من أجل مسألته هذا
الشيء، يعني ضيَّق على الأمة. هذا طبعاً حينما كان ينزل الوحي. هذا الحال مستمر إلى يوم القيامة. الله يريد منك اليسر ولا يريد منك العسر، ويريد منك الهمة ولا يريد منك الكسل، ويريد منك أن تفعل وأن تتقن عملك فيما تعرف. وإلا يكن عندك شهوة للمعرفة فيما لا تقدر عليه، سددوا وقاربوا، لا يكلف الله نفساً إلا وسعها. هذا الشأن لا يفهمه كثير من الناس، ويعتقدون أنهم إن لم يسألوا ويفتشوا ويدققوا ويزدادوا في الأسئلة يكونون مقصرين. يجب علينا أن نربي أبناءنا على هذا المعنى الذي جاءت به سورة البقرة والذي... لقاء آخر نستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    سورة الفاتحة | حـ 23 | آمين وأول البقرة | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة | نور الدين والدنيا